تحليل إخباري: الولايات المتحدة تواجه عقبات في الترويج لنظرية "احذر الصين"

    تزور وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين السنغال وزامبيا وجنوب إفريقيا بهدف مواصلة التأكيد على التعاون مع إفريقيا لمواجهة التأثير المتزايد لما يُسمى بالمنافسين، ومن بينهم الصين، في القارة الأفريقية. ويكون غرض هذه الزيارة مماثلا لغرض الزيارات المكثفة لأفريقيا التي قام بها المسؤولون الأمريكيون الآخرون في الأشهر الأخيرة.

    ولكن ما لا تدركه يلين هو أنها عندما تنزل من الطائرة على جسر الركاب، من المحتمل أن تتجه إلى صالة تم بناؤها من قبل شركة صينية. وفي الوقت نفسه، ستتحرك سيارتها أيضا على طريق أو جسر بناه مقاول صيني. وجدير بالذكر أن البنية التحتية الحديثة التي قامت الصين ببنائها تكون تقريبا في كل مكان بالدول الأفريقية.

    وفي الوقت نفسه، سيعزز الطريق السريع بين مطار بليز دياغني الدولي ومبور وثيس، الذي يقع على بعد 30 كيلومترا من العاصمة السنغالية داكار، ويربط بين العديد من المدن الرئيسية في البلاد، بالإضافة إلى طريق مبور-فاتيك-كاولاك الذي قيد الإنشاء في الوقت الحالي، واللذين تم تمويلهما من قبل شركات صينية، شبكة الطرق السريعة في السنغال والاتصال بين الساحل والداخل.

    ومن جانبه، سلط الرئيس السنغالي ماكي سال الضوء على مشروعين، مع توجيه الشكر للصين على دعمها المستمر لـ "كل البنية التحتية الجميلة" التي تم إنشاؤها في إطار خطة السنغال الناشئة، وهي إطار سياسي يضم عدة أهداف لتعزيز نظام الطرق في البلاد بحلول 2035.

    وأعرب سال عن شكره عند افتتاح جسر فاونديوجني الذي تم تمويله من قبل السنغال وبنك التصدير والاستيراد الصيني. ويساعد الجسر الذي يعد أطول جسر نهري في غرب إفريقيا، والذي تم بناؤه من قبل شركة صينية، في تقصير المسافة بين منطقة كازامانس الجنوبية وبقية السنغال عبر غامبيا، مما يعزز علاقات البلاد مع الدول الأخرى في المنطقة الفرعية.

    وخلال رحلتها، تباهت يلين بأن الولايات المتحدة تقدم "طريقة أفضل وأكثر موثوقية" لنمو القارة وازدهارها، بما يشمل إدارتها. كما ألقت باللوم على ممارسات الصين واستثماراتها في إفريقيا، مسلطة الضوء على ما يسمى "إرث الديون غير المستدامة".

    ومع ذلك، وفق تقرير صادر عن مؤسسة ((عدالة الديون)) البريطانية غير الحكومية، فإن ديون الحكومات الأفريقية  لمقرضي القطاع الخاص الغربيين تمثل 3 أضعاف ديونها للصين، فيما يتقاضى المقرضون الغربيون ضعف الفائدة التي تفرضها الصين.

    ويقول الباحثون والاقتصاديون الأفريقيون إن ما يُسمى بخرافة "فخ الديون" التي يزعمها الغرب، غير عادلة للصين. وقال تشارلز أونونايجو، مدير مركز الدراسات الصينية الذي يتخذ نيجيريا مقرا له إن "قضية فخ الديون لم تكن سوى تشويه سياسي،" مضيفا أن مثل هذه الادعاءات ليست سوى خدعة لإعفاء الغرب من أي مسؤولية.

    وعلاوة على ذلك، تهدف الاستثمارات الصينية في إفريقيا بشكل أساسي إلى بناء البنية التحتية ومساعدة البلدان على تعزيز تنميتها المستدامة. وفي هذا السياق، قال أديم فيتو، باحث في جامعة أرسي في إثيوبيا، إن استخدام القروض الصينية مثمر، حيث يستهدف قطاعات البنية التحتية والصحة والتعليم.

    ومن جانبه، قال وزير الخارجية الصيني تشين قانغ خلال زيارته إلى أفريقيا هذا الشهر إن الصين مشارك نشط في مبادرة مجموعة العشرين المتعلقة بتعليق خدمة الديون. لقد وقعت الصين اتفاقات أو توصلت إلى توافق مع 19 دولة أفريقية بشأن تخفيف الديون، وكانت الدولة التي علَّقت أكبر قدر من مدفوعات خدمة الدين بين أعضاء مجموعة العشرين.

    وأضاف أن الصين تشارك أيضا في حل مشاكل الديون لعدد من الدول، ومن بينها زامبيا، في إطار مجموعة العشرين.

    وإلى جانب الخبراء في العلاقات الدولية والاقتصادات، شكك مستخدمو الإنترنت الأفارقة أيضا في الاتهامات التي وجهها مسؤولون أمريكيون للصين.

    ولقيت إحدى القضايا التي أطلقوها على الشبكات الاجتماعية إجماعا واسعا: تتهم يلين بأن الصين حاصرت البلدان الأفريقية الفقيرة من خلال الديون، رغم إلغاء الصين الكثير من الديون. ما الذي قدمته الولايات المتحدة مؤخرا لأفريقيا سوى التذمر والشكوى؟

    ورغم الإدعاءات الأمريكية المتمثلة في أن القارة الأفريقية شريك رئيسي في سلاسل القيمة العالمية، فإن تجارة القارة الأفريقية تمثل أقل من 2 بالمائة من إجمالي الواردات والصادرات الأمريكية. وتشهد التجارة الأمريكية مع إفريقيا تراجعا عاما بعد عام.

    ووفقا لمكتب الإحصاء الأمريكي، انخفضت القيمة الإجمالية للصادرات الأمريكية إلى إفريقيا من 32.9 مليار دولار أمريكي في عام 2011 إلى 26.7 مليار دولار أمريكي في عام 2021، بينما انخفضت الواردات من 93 مليار دولار أمريكي في عام 2011 إلى 37.6 مليار دولار أمريكي في عام 2021.

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق