تعليق: جرائم الولايات المتحدة في العراق لا تزال دون عقاب رغم مرور 20 عاما على غزوها الفاضح

رغم مرور 20 عاما على قيام الولايات المتحدة بغزوها الفاضح لدولة العراق ذات السيادة، فإن العدالة لم تتحقق لهذا البلد العربي وشعبه، إذ لا يزال الكثير من العراقيين يعانون من الألم الذي سببته الحرب الجائرة.

وأثناء الحرب التي استمرت أكثر من ثمانية أعوام، فضلا عن سنوات العنف التي تلت الانسحاب الأمريكي في 2011، فقد قُتل أكثر من 200000 مدني، ونزح أكثر من 9 ملايين آخرين في العراق. كما جرى تدمير جزء كبير من البنية التحتية للبلاد خلال القصف المستمر الذي شنه التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة.

ونتيجة لتلك الحرب، تحول العراق، الذي كان غنيا قبل الغزو الأمريكي، إلى بلد فقير، ولا يزال غارقا في الفقر والفوضى بسبب عدم الاستقرار السياسي والصعوبات الاقتصادية الناجمة عن ذلك الغزو وتأثيره.

وبررت الحكومة الأمريكية غزوها للعراق بالإشارة إلى الأكاذيب الملفقة حول امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، ولكن لم يتم العثور على أي أثر لهذه الأسلحة حتى اليوم. وتدين واشنطن للعراق وللمجتمع الدولي بتقديم شرح واف بشأن هذا الأمر.

ولم يتلق العراق أي اعتذار رسمي من واشنطن بسبب غزوها غير القانوني أو يحصل على تعويض مالي جراء الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية للبلاد والجرائم التي ارتكبتها القوات الأمريكية ضد المدنيين العراقيين.

في غضون ذلك، لم يتم تقديم أي من أولئك المسؤولين الأمريكيين الذين اتخذوا قرار غزو دولة ذات سيادة في انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة، إلى العدالة. كما لم تتم مقاضاة أي من أولئك الذين شجعوا أو ارتكبوا جرائم حرب بشعة ضد المدنيين في العراق.

والأسوأ من ذلك هو أنه إذا تمكن أولئك الذين ارتكبوا جرائم مثل غزو دولة ذات سيادة من الإفلات من العقاب، فإنهم سيرتكبونها مرارا وتكرارا. طالما استمرت الولايات المتحدة في سياسات الهيمنة والعدوانية، فلن ينعم العالم أبدا بالسلام.

وفي الواقع، تعتبر الولايات المتحدة، التي لم تُعاقب على جرائمها السابقة، نفسها فوق ميثاق الأمم المتحدة والأعراف الأخرى التي توجه النظام الدولي. وتميل واشنطن دائما إلى تكرار مثل هذه الجرائم لخدمة مصالحها الخاصة، وهو ما يتضح من شنها غارات جوية على ليبيا وسوريا بعد فترة قصيرة من حرب العراق.

ويصر الساسة الأمريكيون حتى اليوم على أن غزو العراق والإطاحة بحكومته كان الفعل الصحيح. ولا تزال واشنطن تهدد بسهولة باستخدام القوة للتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى ترفض الانصياع لأوامرها، ولهذا لا يزال العالم يعيش في ظل الحرب وانعدام الأمن.

وأثبت التاريخ أن الولايات المتحدة، التي تزعم أنها "محبة للسلام"، هي بالفعل "إمبراطورية حرب". ومنذ تأسيسها عام 1776، قضت البلاد 93 بالمئة من وجودها في حروب. وقد اعترف الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بأن الولايات المتحدة بلا شك هي الدولة الأكثر خوضا للحروب في التاريخ.

ورغم أنه لا يمكن فعل الكثير الآن لمعاقبة دعاة الحرب والمجرمين الأمريكيين بسبب أن الولايات المتحدة لا تزال القوة العظمى الوحيدة، فمن المعتقد أن وقت الحساب سيأتي في النهاية.

فمن الممكن أن تتأخر العدالة ولكنها لن تغيب إلى الأبد. 

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق