تحقيق إخبارى: خطاب شي الملهم في ذاكرة مواطنين روسيين ينتميان إلى جيلين

كان أناتولي توركونوف، رئيس معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، متحمسا للغاية وهو يتذكر الخطاب الذي لا يُنسى الذي ألقاه الرئيس الصيني شي جين بينغ في الجامعة الروسية قبل عقد من الزمان.

"ما زلت أتذكر كيف كانت القاعة مليئة بالمعلمين والطلاب"، هكذا قال توركونوف، في إشارة إلى الخطاب الذي ألقاه الرئيس شي في 23 مارس 2013، خلال أول زيارة دولة له إلى روسيا منذ انتخابه رئيسا للصين.

وذكر توركونوف أن خطاب شي كان ذا معنى وعميقا وباعثا على التأمل ويكتسب أهمية بالنسبة لأي جامعة، وخاصة تلك التي تركز على العلاقات الدولية والسياسة العالمية والاقتصاد، مضيفا بقوله "كما كان ذلك فرصة ليس للاستماع مباشرة فحسب، بل للشعور بالسياسة".

وأضاف أن "الرئيس شي لم يتحدث فقط كزعيم لدولة كبيرة، وإنما أيضا كمعلم لأن المحاضرة لم تكن ذات مغزى سياسي فقط، بل كانت أيضا ذات مغزى من المنظور الأكاديمي".

استمع ألكسندر بوبروف (30 عاما)، الذي يشغل الآن منصب مدير كلية الحكومة والشؤون الدولية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، أيضا إلى خطاب الرئيس الصيني قبل 10 سنوات، عندما كان طالبا في الجامعة.

"لقد كان حدثا كبيرا بالنسبة لنا. وسعدنا للغاية برؤية الزعيم الصيني، الذي تحدث كثيرا عن تطور العلاقات الثنائية، وأبدى معرفة كبيرة بالثقافة الروسية"، حسبما قال بوبروف.

وأكد توركونوف قائلا "إنه شخص قوي للغاية ذو إرادة وشخصية وكاريزما عظيمة".

وفيما يتعلق بطرح شي لمفهوم مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية في خطابه، قال توركونوف "نحن فخورون بأن أول طرح لهذه الفكرة من الناحية المفاهيمية تم في جامعتنا".

وتذكر توركونوف أن شي قال إن ارتباط البلدان ببعضها البعض واعتمادها على بعضها البعض بلغا مستويات لم يسبق له مثيل، وإن البشر، الذين يعيشون في نفس القرية العالمية، أصبحوا بشكل متزايد مجتمعا ذي مستقبل مشترك ترتبط فيه مصالح الجميع ببعضها البعض بشكل وثيق.

ولفت رئيس معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية إلى أن العديد من الأشياء في الحياة السياسية في الصين اليوم مرتبطة بطريقة ما بالتاريخ الصيني الذي يعود لقرون وآلاف السنين وهي مستمدة من تعاليم الفلاسفة الصينيين العظماء.

ويرى توركونوف أن الصين تلتزم بشكل أساسي بهذا المفهوم وتستخدمه في الممارسة العملية -- في تنمية البلاد.

وذكر توركونوف أن هذا المفهوم، مقارنة بالنظريات الأخرى التي تدور حول العلاقات الدولية، لا يؤثر فقط بشكل عميق على العديد من الجوانب المهمة للحياة الوطنية، بل يتضمن أيضا المعنى الحقيقي للتنمية للجميع.

وقال توركونوف إنه "بغض النظر عن حجم اقتصاد أي بلد بعينه، فمن الضروري أن تُبنى العلاقات مع التأكيد على المساواة، ومن الضروري السعي إلى إيجاد حل سلمي لأي قضية".

"لقد مرت عشر سنوات لكن أهميته لم تتراجع. بل أصبح أكثر انتشارا"، هكذا أشار توركونوف، مضيفا أن هذا المفهوم يظل مهما في وقت يشهد الآن تغييرات كبيرة.

وذكر بوبروف أن "هذا المفهوم يشير إلى أن جميع البلدان ذات الثقافات وحتى الحضارات الفريدة لم تتطور وفقا لنوع من المعايير، أو نموذج موحد، لذلك نجد أن لدينا وحدة وتنوع".

ويرى بوبروف أنه في عالم اليوم متعدد الأقطاب، تحتاج البلدان إلى إقامة علاقات دولية يمكن فيها لكل دولة تقديم مساهماتها الإيجابية في تنمية البشرية جمعاء.

وسلط بوبروف الضوء على أن "هذا المفهوم سيساهم في التطوير التدريجي للبشرية لسنوات عديدة، أو حتى لعقود قادمة".

ويتفق توركونوف وبوبروف في أن زيارة شي لمعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية والخطاب الذي ألقاه هناك قبل عشر سنوات لعبا دورا مهما في تنمية العلاقات الروسية الصينية.

وذكر توركونوف "لقد منحنا فهما أعمق لوجهات نظر الصين حول مختلف القضايا ودور الصين في الحياة الدولية الحديثة. كما حفزنا كثيرا على دراسة الصين والعلاقات الصينية الروسية".

وفي نفس اليوم الذي عبر فيه توركونوف وبوبروف خلال حديثهما مع وكالة أنباء ((شينخوا)) عن وجهات نظرهما تجاه خطاب شي، تم تنظيم حدث مخصص للثقافة واللغة الصينية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية.

لقد وجهت الدعوة لأكثر من 100 معلم وطالب من العديد من المدارس في موسكو للمشاركة في حفل تذوق الشاي الصيني وورش عمل لفن الخط وقص الورق. كما شارك طلاب معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية في مناقشات دارت باللغة الصينية.

"لدينا مجموعة كبيرة من الطلاب الذين يدرسون اللغة الصينية. علاوة على ذلك، يدرس أساتذة ومعلمون اليوم الصين بشكل نشط"، هكذا قال توركونوف.

وقع معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية اتفاقيات تعاون طويلة الأجل مع أكثر من 10 جامعات ومعاهد بحثية صينية بما فيها جامعة بكين، وجامعة الشؤون الخارجية الصينية، وجامعة الدراسات الأجنبية ببكين، ومعهد دراسات روسيا وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية. ومنذ خمسينيات القرن الماضي، تخرج أكثر من 250 طالبا صينيا من معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، وهناك حاليا 84 طالبا صينيا يدرسون هنا.

وقال بوبروف "نحن نتطلع بشدة إلى تطوير جميع أنواع العلاقات الأكاديمية مع المؤسسات الصينية. فلولا زيارة الرئيس شي في عام 2013، لكانت هذه العملية قد استغرقت سنوات أكثر، وكان علينا أن نعمل بجهد أكبر لتحقيق النتائج التي حققناها بالفعل".

كما أشار إلى أن مجموعة واسعة من الطلاب يرغبون في تعلم اللغة الصينية والدراسة في الصين.

وذكر توركونوف أن العلاقات الروسية الصينية تتطور بشكل شامل كما سيستمر تدعيم أواصر التعاون بين الجامعات الصينية والروسية، مضيفا بقوله "سنكون سعداء بقدوم المزيد من الطلاب الصينيين، كما سنرسل المزيد من طلابنا إلى الصين للدراسة".

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق