النص الكامل: التقرير عن انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في عام 2022

أصدرت الصين يوم الثلاثاء(28 مارس) ((التقرير عن انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في عام 2022)).

فيما يلى النص الكامل للتقرير:

التقرير عن انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في عام 2022

المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني

مارس 2023

المحتوى

الجزء الأول - اختلال نظام حماية الحقوق المدنية

الجزء الثاني - الديمقراطية الانتخابية على النمط الأمريكي أصبحت جوفاء بشكل متزايد

الجزء الثالث - التمييز العنصري وعدم المساواة يزدادان سوءا

الجزء الرابع - تفاقم أزمة البقاء لدى الطبقات الدنيا في الولايات المتحدة

الجزء الخامس - الانتكاسة التاريخية لحقوق المرأة والطفل

الجزء السادس - الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في بلدان أخرى والاعتداء على العدالة

المقدمة

شهد عام 2022 انتكاسة تاريخية لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة. ففي الولايات المتحدة، وهى دولة تصف نفسها بأنها "مدافع عن الحقوق الإنسان"، تتفشى أمراض مزمنة مثل سياسات المال، والتمييز العنصري، والعنف المسلح وعنف الشرطة، واستقطاب الثروة. وشهدت تشريعات حقوق الإنسان والعدالة تراجعا شديدا، الأمر الذي زاد من تقويض الحقوق والحريات الأساسية للشعب الأمريكي.

خففت الحكومة الأمريكية إلى حد كبير السيطرة على السلاح، الأمر الذي أدى إلى استمرار ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن العنف المسلح. فقد أصبح قرار المحكمة العليا الأمريكية في قضية بروين عام 2022 خطوة تاريخية إلى الوراء في مجال السيطرة على السلاح في الولايات المتحدة. وخففت قرابة نصف الولايات الأمريكية القيود المفروضة على حمل السلاح. هذا وتتصدر الولايات المتحدة العالم في حيازة السلاح وجرائم القتل المسلحة وحوادث إطلاق النار الجماعي، حيث قُتل أو أصيب أكثر من 80 ألف شخص بسبب العنف المسلح في عام 2022، وهو العام الثالث على التوالي الذي تشهد فيه الولايات المتحدة أكثر من 600 حادث إطلاق نار جماعي. ومن ثم، أصبح العنف المسلح "مرضا أمريكيا".

أصبحت انتخابات التجديد النصفي أكثر الانتخابات تكلفة في الولايات المتحدة، وفقدت الديمقراطية على النمط الأمريكي دعمها الشعبي. فقد ارتفعت تكلفة الانتخابات في الولايات المتحدة مرة أخرى، حيث تجاوز الإنفاق التراكمي لانتخابات التجديد النصفي لعام 2022 أكثر من 16.7 مليار دولار أمريكي. وشكلت التبرعات السياسية من أصحاب المليارات 15 في المائة من جميع التبرعات السياسية الفيدرالية، مقارنة بـ11 في المائة في الدورة الانتخابية لعام 2020. وتتلاعب تبرعات "الأموال السوداء" بالانتخابات الأمريكية بشكل خفي، كما أن الاستقطاب السياسي والانقسام الاجتماعي يجعلان من الصعب على البلاد التوصل إلى إجماع ديمقراطي. ولأن 69 في المائة من الأمريكيين يرون أن ديمقراطيتهم معرضة "لخطر الانهيار" و86 في المائة من الناخبين الأمريكيين يقولون إنها تواجه "تهديدات خطيرة للغاية"، بات اليأس من الديمقراطية على النمط الأمريكي شائعا على نطاق واسع.

تشهد العنصرية تزايدا مستمرا وتعاني الأقليات العرقية من التمييز على نطاق واسع. وازدادت جرائم الكراهية القائمة على التحيز العنصري في الولايات المتحدة بشكل كبير بين عامي 2020 و2022. والمذبحة العنصرية التي وقعت داخل سوبر ماركت في بوفالو، وقُتل فيها 10 أمريكيين من أصل أفريقي، صدمت العالم. يقول إجمالي 81 في المائة من الأمريكيين من أصل آسيوي إن العنف ضد المجتمعات الآسيوية آخذ في الازدياد. وبات الأمريكيون من أصل أفريقي أكثر عرضة للقتل على يد الشرطة بواقع 2.78 ضعف مقارنة بالبيض. والمعاناة الناجمة عن نهج الإبادة الجماعية والتذويب الثقافي، الذي اتبعته الحكومة الأمريكية ضد الهنود وغيرهم من السكان الأصليين على مدار التاريخ، مستمرة حتى يومنا هذا.

انخفض متوسط العمر المتوقع، ولا تزال الوفيات الناجمة عن تعاطي المخدرات في ارتفاع. فوفقا لتقرير أصدره المركز الوطني للإحصاءات الصحية التابع للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها في أغسطس 2022، انخفض متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة بواقع 2.7 عام ليصل إلى 76.1 عام في الفترة ما بين عامي 2019 و2021، وهو أدنى معدل منذ عام 1996. إن جماعات المصالح والساسة يقايضون السلطة بالمال، الأمر الذي أدى إلى تفشي تعاطي المخدرات والمواد المخدرة. فقد ارتفع عدد الأمريكيين الذين يموتون بسبب تعاطي المخدرات والمواد المخدرة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ليصل إلى أكثر من مائة ألف سنويا. وأصبح تعاطي المخدرات واحدا من أكثر أزمات الصحة العامة تدميرا في أمريكا.

فقدت النساء الحماية الدستورية للإجهاض، وأصبحت البيئة المعيشية للأطفال تبعث على القلق. فحكم المحكمة العليا الأمريكية بإلغاء قضية رو ضد وايد، أنهى حق المرأة في الإجهاض الذي ظل يحميه الدستور الأمريكي لما يقرب من 50 عاما، وهو ما وجه ضربة كبيرة لحقوق الإنسان الخاصة بالمرأة والمساواة بين الجنسين. وفي عام 2022، أصيب أو قتل أكثر من 5800 طفل دون سن الـ18 في حوادث إطلاق النار بالولايات المتحدة، وبلغ عدد حوادث إطلاق النار في المدارس 302، وهو أعلى مستوى منذ عام 1970. وارتفع معدل فقر الأطفال في الولايات المتحدة من 12.1 في المائة في ديسمبر 2021 إلى 16.6 في المائة في مايو 2022، مع وجود 3.3 مليون طفل آخرين يعيشون في فقر. وشهدت الولايات المتحدة زيادة نسبتها 70 في المائة تقريبا في انتهاكات عمالة الأطفال منذ عام 2018، وشهدت زيادة نسبتها 26 في المائة في عدد القاصرين العاملين في مهن خطرة في السنة المالية 2022.

تسببت إساءة استخدام الولايات المتحدة للقوة وعقوباتها الأحادية الجانب في حدوث كوارث إنسانية. فمنذ بداية القرن الـ21، نفذت الولايات المتحدة عمليات عسكرية في 85 دولة باسم "مكافحة الإرهاب"، ما أسفر بشكل مباشر عن مقتل ما لا يقل عن 929 ألف مدني ونزوح 38 مليون شخص. كما أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات أحادية الجانب أكثر من أي بلد آخر في العالم، ولا تزال تفرض عقوبات على أكثر من 20 دولة، الأمر الذي أدى إلى عجز المستهدفين عن توفير الغذاء والدواء الأساسين لشعوبهم. أما قضية الهجرة فقد أصبحت أداة للمعارك الحزبية، وافتُعِلت مهازل الهجرة على نطاق واسع، ما جعل المهاجرين يواجهون أشكالا شديدة من كراهية الأجانب ومعاملة قاسية. وقد بلغ عدد المهاجرين الذين تم اعتقالهم على الحدود الجنوبية الغربية للبلاد في عام 2022 حوالي 2.4 مليون مهاجر، وهو أعلى عدد تم تسجيله على الإطلاق، كما بلغ عدد القتلى من المهاجرين على الحدود الجنوبية 856 شخصا، وهو الأكبر في عام واحد.

سقطت الولايات المتحدة، التي تأسست على الاستعمار والعبودية العنصرية وعدم المساواة في العمل والحيازة والتوزيع، بصورة أكبر في مستنقع فشل النظام، والعجز في الحكم، والانقسام العرقي، والاضطرابات الاجتماعية في السنوات الأخيرة في ظل التفاعل بين ما لديها من نمط توزيع اقتصادي مستقطب ونمط اجتماعي يهيمن عليه الصراع العرقي ونمط سياسي تسيطر عليه جماعات المصالح الرأسمالية.

فقد الساسة الأمريكيون، الذين يخدمون مصالح الأوليغارشية (حكم القلة) تدريجيا إرادتهم الذاتية وقدرتهم الموضوعية على الاستجابة للمطالب الأساسية للناس العاديين والدفاع عن الحقوق الأساسية للمواطنين العاديين، وفشلوا في حل مشاكلهم الهيكلية في مجال حقوق الإنسان. إنهم يستخدمون حقوق الإنسان عمدا كسلاح لمهاجمة البلدان الأخرى، متسببين في حدوث المواجهة والانقسام والفوضى في المجتمع الدولي، وأصبحوا مخربين ومعرقلين للتنمية العالمية لحقوق الإنسان.

الجزء الأول - اختلال نظام حماية الحقوق المدنية

إن الولايات المتحدة دولة تُعرف بالعنف الشديد، حيث صار الناس مهددين بجرائم العنف والانفاذ العنيف للقانون، كما أن سلامتهم غير مكفولة. فالسجون مكتظة وصارت أماكن للعبودية الحديثة حيث يشيع العمل القسري والاستغلال الجنسي. ومن ثم تحولت الحقوق والحريات المدنية، التي نصبت أمريكا نفسها مدافعا عنها، إلى مجرد كلام أجوف.

التواطؤ بين الساسة والشركات يعمل على شل أجندة السيطرة على السلاح. فقد مارست جماعات المصالح الأمريكية ذات الصلة بمجال السلاح ضغوطا سياسية قوية للدفاع عن مصالحها. وفي تحد للرأي العام، خففت الحكومة القيود المفروضة على السلاح بشكل كبير، الأمر الذي سمح بحملها في الأماكن العامة المزدحمة مثل المستشفيات والمدارس والحانات والملاعب. في 3 يوليو 2022، ذكرت ((بلومبرغ نيوز)) أن قرار المحكمة العليا الأمريكية في "قضية بروين" الصادر في 23 يونيو قد ألغى تشريعا بشأن السيطرة على السلاح دام لنصف قرن من الزمان في ولاية نيويورك وست ولايات أخرى، وسمح لسكان هذه الولايات بحمل سلاح مخفي، وهي خطوة إلى الوراء تمثل علامة فارقة في مجال السيطرة على السلاح في الولايات المتحدة. وذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) في 28 أكتوبر 2022 أن محكمة فيدرالية في تكساس قضت بأن قانون الولاية الذي يحظر على البالغين دون سن الـ21 عاما حمل المسدسات غير دستوري. وقد خفف قرابة نصف الولايات الأمريكية القيود المفروضة على حمل السلاح. ومن جانبه، قال علي روحاني-رحبار، البروفيسور في جامعة واشنطن "لقد كانت البلاد ككل، في العقدين أو العقود الثلاثة الماضية، تتحرك بوضوح شديد وبشكل كبير نحو تخفيف قوانين حمل السلاح". وأشارت الباحثة الأمريكية باميلا هاغ، في كتاب لها بعنوان ((حوادث إطلاق النار في أمريكا: تجارة وصنع ثقافة السلاح الأمريكية))، إلى أن البنادق في الولايات المتحدة هي سلسلة صناعية "تبدأ بخط الإنتاج وتنتهي بموت الضحايا"، مضيفة أن "جذور مأساة العنف المسلح في أمريكا لها جذورها في تجارة السلاح العلمانية".

يتصاعد العنف المسلح بالترادف مع ملكية السلاح. تشير دراسة نُشرت في مجلة ((ذي بريتش ميديكال جورنال)) إلى أن تخفيف السيطرة على السلاح في الولايات المتحدة أدى إلى ارتفاع متزامن في ملكية السلاح وحوادث إطلاق النار الجماعي. فالولايات المتحدة، التي يقطنها أقل من 5 في المائة من سكان العالم، تمتلك 46 في المائة من الأسلحة المدنية في العالم. وتتصدر الولايات المتحدة العالم في ملكية السلاح، والقتل المسلح، وحوادث إطلاق النار الجماعي. ووفقا لموقع "أرشيف العنف المسلح"، ارتفع عدد حوادث إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. في عام 2022، أسفر العنف المسلح عن مقتل 43341 شخصا، وإصابة 37763 آخرين، ووقع 636 حادث إطلاق نار جماعي في الولايات المتحدة، بمعدل اثنين يوميا. إن معدل جرائم القتل المسلح في أمريكا أعلى بواقع ثماني أضعاف من نظيره في كندا، و13 ضعفا من نظيره في فرنسا، و23 ضعفا من نظيره في أستراليا. وفي مقال رأي نشرته في 25 يونيو 2022، قالت صحيفة ((ذي استراليان)) إن الولايات المتحدة "هي دولة معروفة بالعنف المفرط، في وسائل الإعلام الخاصة بها وفي شوارعها". لقد أصبح العنف المسلح "مرضا أمريكيا".

لا تزال الجرائم الكبرى مثل القتل والسرقة في تصاعد. فقد ذكرت صحيفة ((يو إس إيه توداي)) في 11 سبتمبر 2022، أنه في النصف الأول من عام 2022، زادت جرائم القتل في المدن الأعضاء في جمعية رؤساء المدن الكبرى بنسبة 50 في المائة والاعتداءات الخطيرة بنحو 36 في المائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2019. وأشارت صحيفة ((وول ستريت جورنال)) في 6 سبتمبر 2022 إلى أنه حتى سبتمبر 2022، ارتفع معدل جرائم القتل في نيو أورليانز بنسبة 141 في المائة، وارتفعت حوادث إطلاق النار بنسبة 100 في المائة، وارتفعت حوادث اختطاف السيارات بنسبة 210 في المائة، وارتفع السطو المسلح بنسبة 25 في المائة، مقارنة بنفس الفترة من عام 2019. وأفاد تقرير صدر عن مجلس العدالة الجنائية في 28 يوليو 2022 بأنه في النصف الأول من 2022، ارتفعت عمليات السرقة بنسبة 19 في المائة وارتفعت عمليات السلب بنسبة 20 في المائة في المدن الأمريكية الكبرى. وذكرت شبكة ((فوكس نيوز)) في 7 يوليو 2022 أنه منذ يونيو 2021، زاد معدل الجريمة ككل في مدينة نيويورك بنسبة 31 في المائة، وعميات السلب الكبرى بنسبة 41 في المائة، وعمليات السرقة بنسبة 36 في المائة، وعمليات السطو بنسبة 34 في المائة تقريبا، وارتفع عدد ضحايا جرائم الاعتداء بنحو 1000 كل ثلاثة أشهر. وذكر تقرير لشبكة ((سي إن إن)) في 8 يونيو 2022 أن 72 في المائة من الأمريكيين غير راضين عن سياسات البلاد بشأن الحد من الجريمة أو السيطرة عليها، ويقول المزيد من الأمريكيين إنهم قلقون بشكل كبير إزاء الجريمة والعنف (80 في المائة) مقارنة بأي وقت مضى خلال أكثر من عقد من الزمان.

يزداد عنف الشرطة سوءا. في عام 2022، توفي عدد قياسي بلغ 1239 شخصا نتيجة عنف الشرطة في الولايات المتحدة، وفقا لموقع "رسم خرائط عنف الشرطة". وخلال العام، لم يكن هناك سوى 10 أيام لم تحدث فيها عمليات قتل على يد الشرطة. هذا وتحدث معظم عمليات القتل التي ترتكبها الشرطة أثناء الإنفاذ الروتيني للقانون مثل عمليات الإيقاف أو عند التعامل مع الجرائم غير العنيفة. ونادرا ما يتم اتهام الشرطة باستخدام القوة المفرطة. وفي عمليات القتل على يد الشرطة بين عامي 2013 و2022، لم توجه تهمة بارتكاب جريمة إلى 98.1 في المائة من الضباط المتورطين. وفي 27 يونيو 2022، أطلقت الشرطة في أكرون بولاية أوهايو النار أكثر من 90 مرة على جايلاند ووكر، وهو أمريكي أعزل من أصل أفريقي يبلغ من العمر 25 عاما. ووفقا لتقرير طبي أولي، كان لدى ووكر أكثر من 60 جرحا في جسده. كان هذا ثالث حادث إطلاق نار من قبل الشرطة يقع في أكرون بين ديسمبر 2021 ويونيو 2022.

إن حياة السجناء وصحتهم مهددتان. فالولايات المتحدة لديها أعلى معدل سجن في العالم، وظروف السجون مروعة. وبحسب تقرير نشرته صحيفة ((الغارديان)) في الأول من أكتوبر 2022، يجرى احتجاز نحو 500 شخص من كل 100 ألف شخص في الولايات المتحدة، وهو ما يعادل حوالي خمسة أضعاف نظيره في بريطانيا، وستة أضعاف نظيره في كندا، وتسعة أضعاف نظيره في ألمانيا. ووفقا لمقال نشرته منظمة مبادرة العدالة العادلة في 25 أبريل 2022، يتم احتجاز السجناء في سجون ميسيسيبي في زنزانات مظلمة بدون إضاءة أو مياه نظيفة، وغالبا ما تكون درجة حرارة الغرفة شديدة للغاية. وذكرت صحيفة ((شيكاغو صن تايمز)) في 19 فبراير 2022 أن الزنزانات في سجن جوليت في إلينوي كانت موبوءة بالفئران والأطعمة الفاسدة فيما فاضت مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى المناطق العامة. ومن ثم فإن سبل معيشة السجناء غير مكفولة. وأفادت دراسة نُشرت في أكتوبر 2022 في ((الأخبار القانونية للسجون))، وهي مطبوعة عن حقوق السجناء، بأن نقص الحراس وعدم كفاية البنية التحتية في نظام السجون بولاية ألاباما أدى إلى ارتفاع معدلات العنف والوفيات بين السجناء. فقد كانت هناك 39 حالة وفاة في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022، 30 منها توفيت بشكل غير طبيعي.

السجون أصبحت أماكن للعبودية الحديثة. وفقا لتقرير صدر بشكل مشترك عن كلية الحقوق بجامعة شيكاغو والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية في 16 يونيو 2022، تسجن الولايات المتحدة أكثر من 1.2 مليون شخص في سجون الولايات والسجون الفيدرالية، حيث يعمل حوالي 800 ألف منهم بالسخرة، وهو ما يمثل 65 في المائة من إجمالي عدد السجناء. وأفاد أكثر من 76 في المائة من السجناء المستطلعة آراؤهم بأنهم أجبروا على مواصلة العمل وتعرضوا للتهديد بالحبس الانفرادي وتأجيل تواريخ الإفراج المشروط عنهم وفقدان حقهم في الزيارات العائلية إذا ما رفضوا العمل. وذكر تقرير صدر عن "مبادرة سياسة السجون" في 14 مارس 2022 أن العمال المسجونين أجبروا على تقديم خدمات الطعام وغسيل الملابس والقيام بأعمال أخرى، دون أن يكون لديهم سوى القليل من الحقوق وأوجه الحماية. بالإضافة إلى ذلك، فإن العمال المسجونين عادة ما يكسبون القليل أو لا يتقاضون أجرا على الإطلاق، وفقا لما جاء في بحث أجراه الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية في 15 يونيو 2022. وقد أصبحت السجون الأمريكية مصانع عبودية حقيقية في العصر الحديث.

التعصب الديني يزداد حدة. وفقا لإحصاءات جرائم الكراهية لعام 2021 الصادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي في 15 ديسمبر 2022، تم الإبلاغ عن إجمالي 1005 جرائم كراهية دينية في الولايات المتحدة في عام 2021، كانت 31.9 في المائة منها حوادث معادية للسامية، و21.3 في المائة حوادث معادية للسيخ، و9.5 في المائة حوادث معادية للإسلام، و6.1 في المائة حوادث معادية للكاثوليكية و6.5 في المائة حوادث معادية للأرثوذكسية. وذكر تقرير صدر عن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية في عام 2022 أن التعصب ضد الإسلام في الولايات المتحدة ازداد حدة، والمسلمون يتعرضون لتمييز شديد. في عام 2021، تلقى مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية 6720 شكوى، من بينها 308 شكاوى متعلقة بحوادث الكراهية والتحيّز، بزيادة 28 في المائة عن عام 2020، و679 شكوى تتعلق بتجاوزات من جانب سلطات إنفاذ القانون والحكومة، بزيادة 35 في المائة عن عام 2020، و1298 حادثة تمييز في أماكن العمل والأماكن العامة، بزيادة 13 في المائة عن عام 2020. وأفاد موقع ((ميدل إيست آي)) الإخباري في 23 أغسطس 2022 بأن هناك دراسة أظهرت أن المسلمين أكثر عرضة بواقع خمسة أضعاف لمضايقات الشرطة بسبب دينهم مقارنة بأولئك الذين يعتنقون ديانات أخرى.

الجزء الثاني - الديمقراطية الانتخابية على النمط الأمريكي أصبحت جوفاء بشكل متزايد

لقد حولت التبرعات السياسية الانتخابات الأمريكية إلى لعبة للأثرياء، وتحول الاغتراب بين سياسات الحزبين إلى سياسة مستقطبة، وبدأت الديمقراطية الأمريكية تفقد أساسها في الدعم الشعبي. كان الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر قد ذكر ذات مرة أن الرشوة السياسية أفسدت النظام السياسي الأمريكي. وقال كارتر "إنها مجرد أوليغارشية مع رشوة سياسية غير محدودة تأتي لتُشكل جوهر الحصول على الترشيحات لمنصب الرئيس، أو لانتخاب الرئيس".

وسجلت الأموال التي ضُخت في الانتخابات رقما قياسيا جديدا. فالانتخابات الأمريكية تمثل صميم ديمقراطيتها، ومدعومة بالمال. فقد ارتفعت تكاليف الانتخابات إلى عنان السماء منذ رفع حدود التبرعات في عام 2010 ومرة أخرى في عام 2014. ووفقا لتحليل نشرته ((أوبنسيكرتس))، فإن التكلفة الإجمالية لانتخابات التجديد النصفي على مستوى الولايات والمستوى الفيدرالي في عام 2022 بلغت ما يقرب من 17 مليار دولار، وهي أغلى انتخابات في التاريخ. وأنفق المرشحون الفيدراليون واللجان السياسية 8.9 مليار دولار، بينما أنفق مرشحو الولايات ولجان الأحزاب ولجان إجراءات الاقتراع 7.8 مليار دولار، وكلاهما يمثل رقما قياسيا جديدا. وذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 8 ديسمبر 2022 أن أغلى خمسة سباقات في مجلس الشيوخ لعام 2022 شهدت إنفاق ما يقرب من 1.3 مليار دولار خلال الانتخابات التمهيدية والعامة. وجاء في صدارتها سباق مجلس الشيوخ في ولاية بنسلفانيا، حيث تم إنفاق ما يقرب من 375 مليون دولار على السباق في هذه الدورة.

إن التبرعات السياسية تخلق أوليغارشية. ورأس المال اختطف السياسة الأمريكية وصارت هناك علاقة مستقرة "بين المال والعائد". أما فكرة "من الشعب، وبالشعب، ومن أجل الشعب" فقد أصبحت "من الواحد في المائة، وبالواحد في المائة، ومن أجل الواحد في المائة"، كما يقول شعار حركة "احتلوا وول ستريت": "نحن نمثل الـ99 في المائة، لكن يسيطر علينا الواحد في المائة". وكتبت هيلين لانديمور، وهي منظرة سياسية في جامعة ييل، في مقال نشرته مجلة ((فورين بوليسي)) في ديسمبر 2021 تقول إن الديمقراطية الأمريكية تفتقر إلى "سلطة الشعب"، وإن الأثرياء جدا، الذين يشكلون قسما ضئيلا للغاية من السكان،، يمكنهم استغلال وضعهم الاقتصادي المرتفع للغاية للدفع باتجاه مجموعة من الأولويات السياساتية التي تخدم مصالحهم.

"لقد أنفق المليارديرات الأمريكيون مبلغا هائلا يصل إلى 880 مليون دولار على الانتخابات بحلول نهاية أكتوبر، ومن المرجح أن يقترب المجموع النهائي من رقم فلكي يبلغ مليار دولار. وهذا مبلغ من المال يغير قواعد اللعبة ويؤثر بلا شك على نتائج الانتخابات التي نشهدها الآن"، هكذا كتبت مجلة ((فورتشن)) في 9 ديسمبر 2022، في تقرير بعنوان ((المليارديرات لديهم تريليون دولار إضافية للتأثير على انتخابات التجديد النصفي. انقذوا الديمقراطية الأمريكية بفرض ضرائب على الثروة المفرطة)).

وذكرت المجلة أن ثروة المليارديرات أخذت، على حد تعبير المدير التنفيذي لمنظمة ((أمريكيون من أجل العدالة الضريبية))، "تُغرق ديمقراطيتنا. فقد شكّل المليارديرات 15 في المائة من جميع التبرعات الفيدرالية السياسية المفصلة في الفترة من أول يناير 2021 حتى 30 سبتمبر 2022، مقارنة بـ11 في المائة في الدورة الانتخابية لعام 2020، حسبما أفادت وكالة ((رويترز)) في 9 نوفمبر 2022، مضيفة أن الممول جورج سوروس كان أكبر مانح فردي، حيث أنفق أكثر من 128 مليون دولار لدعم حملات الحزب الديمقراطي. ومع استخدام فاحشي الثراء لأموالهم للسيطرة على نتائج الانتخابات، أصبحت الانتخابات الأمريكية لا تتماشى بشكل متزايد مع طبيعة الديمقراطية.

تبرعات الأموال السوداء تتلاعب سرا باتجاه الانتخابات. وظلت الأموال السوداء تؤثر بشكل غير خفي على الانتخابات الأمريكية. وأفاد مركز برينان للعدالة في 16 من نوفمبر 2022 بأن أربع مجموعات من الأموال السوداء المتحالفة مع الحزبين ضخت ما يقرب من 300 مليون دولار في هذه الدورة الانتخابية من خلال التبرع للجان العمل السياسي الخارقة الشقيقة أو شراء إعلانات مصوغة ببراعة. وهناك مئات أخرى من المجموعات النشطة سياسيا التي تضخ أموالا سرية في الانتخابات.

فقد قام ملياردير بتحويل 1.6 مليار دولار سرا إلى جماعة سياسية جمهورية، وهو أكبر تبرع معروف في مجال الدعوة السياسية في التاريخ الأمريكي، وفقا لتقرير بعنوان ((المليارات من "الأموال السوداء" تؤثر على السياسة الأمريكية)) نشرته صحيفة ((الغارديان)) في 29 أغسطس 2022. وفي عام 2020 وحده، تدفق أكثر من مليار دولار من الأموال السوداء في الانتخابات الأمريكية بعد التحايل على قواعد الإفصاح الضعيفة. ومع اقتراب موعد انتخابات 2022، ازداد الوضع سوءا. إذ تم تمويل لجان العمل السياسي الرئيسية للحزبين في مجلسي الشيوخ والنواب من قبل مجموعات أموال سوداء مجهولة الهوية، غير ملزمة بالكشف عن مانحيها. فقد استولت الأموال السوداء سرا على الأحزاب السياسية والحكومة في الولايات المتحدة، وأصبح غالبية الناخبين أدوات للألعاب السياسية.

تكتيكات متعددة وتلاعب بنتائج الانتخابات. وقال جيه. آر. بول، في كتابه المعنون بـ((السعي إلى تحقيق المساواة في التاريخ الأمريكي))، إن العديد من الأمريكيين تخلوا تماما عن فكرة المساواة، وغالبا ما يكون هؤلاء الناس الذين يرفضون فكرة المساواة هم الذين يضعون القواعد التي يجب على الآخرين اتباعها. غالبا ما يتم إصدار قوانين تقيد أهلية الناخبين للتصويت. وفقا للدراسة التي نشرها مركز برينان للعدالة في 26 مايو 2022، أقرت 18 ولاية 34 قانونا تقييدا في عام 2021. وفي الدورة التشريعية لعام 2022، نظر المشرعون في 39 ولاية في 393 مشروع قانون تقييديا على الأقل، والتي أثرت بشكل غير متناسب على الناخبين من ذوي البشرة الملونة من خلال وضع سلسلة من العقبات أمام التصويت. وقد يتعرض ما يصل إلى 200 ألف ناخب لخطر إلغاء تسجيلهم بعد أن سنت ولاية أريزونا قانونا ينص على تقديم أدلة مستندية على الجنسية من أجل تسجيل الناخبين. في 4 أغسطس 2022، نشرت المنظمة العالمية لمكافحة الكراهية والتطرف تقريرا بعنوان ((مخاوف الأمريكيين من قمع المشاركة في الديمقراطية))، والذي قال إن 40 في المائة من السود و37 في المائة من ذوي الأصول الإسبانية قلقون للغاية من حرمانهم من القدرة على الإدلاء بأصواتهم. ومنعت قوانين أهلية التصويت الصارمة ما يقرب من 16 في المائة من السكان السود الذين هم في سن التصويت في ولاية ميسيسيبي من الإدلاء بأصواتهم. فولاية ميسيسيبي تمتلك واحدة من أعلى تجمعات السكان السود في البلاد، ومع ذلك لم تنتخب شخصا أسود لمنصب على مستوى الولاية منذ أكثر من قرن، حسبما ذكرت صحيفة ((الغارديان)) على موقعها الإلكتروني في مقال بعنوان ((قانون 1890 العنصري الذي لا يزال يمنع آلاف الأمريكيين السود من التصويت)) في 8 يناير 2022. وكشف تقرير صدر عن الرابطة الحضرية الوطنية بعنوان ((حالة الأمريكيين السود لعام 2022: تحت حصار المؤامرة الرامية إلى تدمير الديمقراطية)) في 12 أبريل 2022، عن أنه في عام 2021 وحده، استفادت 20 ولاية من بيانات التعداد لإعادة رسم خرائط الكونغرس. وقد حرمت وسائل التلاعب بالانتخابات هذه عددا كبيرا من الناخبين من أهليتهم للتصويت، تاركة حقوق التصويت على قدم المساواة قائمة على الورق فقط.

الانتخابات الأمريكية مصحوبة بالعنف والترهيب. وتاريخها السياسي الأمريكي لم يكن خاليا من العنف والإرهاب. تاريخيا، منعت مجموعات مثل "كو كلوكس كلان" سيئة السمعة الأمريكيين الأفارقة من التصويت من خلال العنف مثل الضرب والإعدام خارج نطاق القانون والاغتيالات، مما خلق شعورا بالخوف لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا.

وقال مركز برينان للعدالة في تقرير صدر في 28 أكتوبر 2022 إن الناخبين قد يواجهون أعمال ترهيب في صناديق الاقتراع وخارجها من جماعات القصاص الأهلي، مضيفا أنه في ولاية أريزونا، جندت الجماعات اليمينية المتطرفة متطوعين لمراقبة الصناديق، وبعضهم غالبا ما ظهر مسلحا ومرتديا لمعدات تكتيكية.

وقال المشروع العالمي لمكافحة الكراهية والتطرف في تقرير في 4 أغسطس 2022، إن هناك شعورا متزايدا بالخوف بين الأمريكيين، حيث تشعر الأقليات بقلق بشكل خاص بشأن الأمن المرتبط بصناديق الاقتراع والناخبون قلقون بشكل عام بشأن السلامة في مراكز الاقتراع. وبشكل عام، قال 63 في المائة ممن تم استطلاع آراؤهم بأنهم "قلقون للغاية" بشأن أشياء مثل العنف والمضايقة والترهيب التي تحدث في مركز الاقتراع الخاص بهم. وأصبح الظل النفسي للإعدام خارج نطاق القانون وجو الخوف عقبة كبيرة أمام الناخبين لممارسة حقهم في التصويت.

لقد أصبحت سياسات الحزبين استقطابية. وكان الاستقطاب السياسي، وخاصة استقطاب سياسات الحزبين، أحد السمات الأكثر لفتا للانتباه في السياسة الأمريكية خلال العقود الثلاثة الماضية. وأدى الانقسام الأيديولوجي الآخذ في الاتساع والخصومة بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري إلى توسيع الشرخ في المجتمع الأمريكي وتعطيل السياسة الأمريكية.

ووصف حوالي 28 في المائة من الأمريكيين "التطرف أو الاستقطاب السياسي" بأنه أحد أهم القضايا التي تواجه البلاد، وفقا لمسح أجراه متتبع استطلاعات الرأي الأمريكية "فايف ثيرتي إيت"، في 14 يونيو 2022، مضيفا أن 64 في المائة قالوا إنهم شعروا أن الاستقطاب السياسي مدفوع في الغالب من قبل النخب السياسية والاجتماعية.

ووفقا لتقرير صادر عن شبكة ((إن بي سي نيوز)) في 23 أكتوبر 2022، قال 81 في المائة من الديمقراطيين إنهم يعتقدون أن أجندة الحزب الجمهوري تشكل تهديدا، ما لم يتم إيقافه، فسوف يدمر أمريكا، بينما يعتقد 79 في المائة من الجمهوريين نفس الشيء إزاء أجندة الحزب الديمقراطي. وقال 71 في المائة من الناخبين إن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ. وقال خبير استطلاعات الرأي الديمقراطي جيف هورويت من شركة هارت للأبحاث إن "الناخبين على ما يبدو لم يعودوا يبحثون عن 'عقد مع أمريكا'. إنهم يريدون الطلاق".

وقد جعل الاستقطاب السياسي والانقسامات الاجتماعية من الصعب التوصل إلى إجماع ديمقراطي، وأصبحت مهزلة الانتخابات وفوضى ما بعد الانتخابات من السمات البارزة للسياسة الأمريكية.

وأدى استقطاب الخلافات الحزبية والخصومة الشرسة إلى انهيار الثقة السياسية وحدوث أزمة حكم خطيرة في الولايات المتحدة، كما ذكر مارك جيه هيثرينغتون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فاندربيلت وتوماس جيه رودولف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة إلينوي في كتابهما المعنون ((لماذا لن تفلح واشنطن: الاستقطاب والثقة السياسية وأزمة الحكم)).

يستغل مسؤولون حكوميون مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية. ويمكن لسياسيين رفيعي المستوى الوصول مسبقا إلى الكثير من المعلومات الحساسة التي يمكن أن تسمح لهم بتحقيق أرباح. وتبلغ القيمة الصافية المبلغ عنها لرئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، إلى جانب زوجها بول بيلوسي، أكثر من 114 مليون دولار أمريكي، وغالبية ثروتهما تأتي من استثمارات مثل الأسهم والخيارات، حسبما ذكرت صحيفة ((ذا هيل)) في مقال رأي نُشر في 24 يوليو 2022. في مارس 2021، قام بول بتفعيل خيارات لشراء 25 ألف سهم من أسهم مايكروسوفت بقيمة تزيد عن 5 ملايين دولار. بعد أقل من أسبوعين، كشف الجيش الأمريكي عن صفقة بقيمة 21.9 مليار دولار مع ((مايكروسوفت)). وارتفعت أسهم الشركة بشكل حاد بعد الإعلان عن الصفقة. وفي يونيو 2022، اشترى بول ما يصل إلى 5 ملايين دولار من خيارات الأسهم من نفيديا، وهي شركة رائدة في مجال أشباه الموصلات. وجاءت عملية الشراء في وقت كان من المقرر أن يصوت فيه الكونغرس على تشريع سيؤدي إلى تخصيص 52 مليار دولار من الإعانات لرفع مستوى صناعة إنتاج الرقائق. وخلال الفترة التي قضتها نانسي بيلوسي كرئيسة لمجلس النواب، حققت ما يقرب من 30 مليون دولار من صفقات تتضمن شركات التكنولوجيا الكبرى التي كانت رئيسة مجلس النواب السابقة تتولى مسؤولية تنظيمها. من بين 435 عضوا في مجلس النواب، قام 183 عضوا بتداول أسهم بأنفسهم أو من خلال أفراد أسرهم المباشرين في الفترة من 2019 إلى 2021، حسبما ذكرت صحيفة ((ديلي ميل)) في مقال رأي نُشر في 13 سبتمبر 2022. وأضافت أن ما لا يقل عن 97 منهم اشتروا أو باعوا أسهما أو سندات أو أصولا مالية أخرى بأنفسهم أو من خلال أزواجهم تتقاطع بشكل مباشر مع عملهم في الكونغرس. ووجد تحقيق نشرته صحيفة ((وول ستريت جورنال)) في 11 أكتوبر 2022 أن أكثر من 2600 مسؤول في وكالات من وزارة التجارة إلى وزارة الخزانة كشفوا عن استثمارات أسهم في شركات معينة بينما كانت تلك الشركات نفسها تضغط على وكالاتهم من أجل سياسات مواتية. في ما أصبح يعرف باسم فضيحة "الأطفال مقابل المال"، أغلق القاضيان السابقان في ولاية بنسلفانيا مارك سيافاريلا ومايكل كوناهان مركزا لاحتجاز الأحداث تديره إحدى المقاطعات وقبلا 2.8 مليون دولار كمدفوعات غير قانونية من إصلاحيتين ربحيتين، حسبما ذكرت وكالة ((أسوشيتد برس)) في 18 أغسطس 2022. وأضاف التقرير أن سيافاريلا دفع بسياسة عدم التسامح مطلقا التي تضمن إرسال أعداد كبيرة من الأطفال إلى هاتين المنشأتين. لقد كان العديد من كبار السياسيين الأمريكيين يقدمون وعودا فارغة للناخبين بينما يستفيدون ماليا من مناصبهم.

تستمر ثقة العامة في الديمقراطية الأمريكية في الانخفاض. وأشار الباحثون الأمريكيون توماس آر داي وهارمون زيغلر ولويس شوبرت في كتابهم "سخرية الديمقراطية: مقدمة غير مألوفة للسياسة الأمريكية" إلى أن قلة من الأمريكيين اليوم ما زالوا يعتقدون أن الحكومة تدار بطريقة تفيد الشعب. وأضاف الكتاب أن الغالبية يرون أن النظام السياسي تديره قلة من المصالح الكبيرة لمصلحتهم الخاصة، تاركين الشخص العادي منسيا وراءهم. ويعتقد 67 في المائة من الأمريكيين أن ديمقراطية البلاد معرضة لخطر الانهيار، وفقا لاستطلاع أجرته جامعة كوينيبياك في 31 أغسطس 2022. وقالت وكالة ((أسوشيتد برس)) في تقرير في 19 أكتوبر 2022، إن هناك يأسا عاما بشأن الديمقراطية في أمريكا يأتي بعد عقود من الاستقطاب المتزايد على مستوى البلاد. وأضاف التقرير أن 9 في المائة فقط من البالغين في الولايات المتحدة يعتقدون أن الديمقراطية تعمل "بشكل جيد للغاية" أو "جيد جدا"، بينما يقول 52 في المائة إنها لا تعمل بشكل جيد. وذكرت ((بي آر نيوزواير)) في 4 نوفمبر 2022 أن استطلاعا غير حزبي أجرته مؤسسة ((مور بيرفكت)) قبل انتخابات التجديد النصفي أظهر أن 86 في المائة من الناخبين قالوا إن الديمقراطية الأمريكية تواجه تهديدات خطيرة للغاية. و72 في المائة من الناخبين الأمريكيين صنفوا صحة الديمقراطية الأمريكية بأنها سيئة؛ و64 في المائة قالوا إن هناك الكثير من المال في السياسة؛ و61 في المائة يعتقدون بأن السياسة الأمريكية فاسدة؛ و58 في المائة يرون بأن هناك الكثير من المعلومات المتحيزة والمعلومات الخاطئة في الديمقراطية الأمريكية. وبحسب مسح أجرته شبكة ((إن بي سي نيوز)) في 9 نوفمبر 2022، أجمع 72 في المائة من الناخبين الديمقراطيين و68 في المائة من الناخبين الجمهوريين و70 في المائة من المستقلين على أن الديمقراطية مهددة. وتستمر ثقة العامة في الديمقراطية الأمريكية في الانخفاض، مما يثبت أن الديمقراطية الأمريكية تفقد الدعم الشعبي.

الجزء الثالث - التمييز العنصري وعدم المساواة يزدادان سوءا

وقالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري في ملاحظات ختامية حول تقاريرها الدورية المجمعة من العاشر إلى الثاني عشر عن الولايات المتحدة الأمريكية الصادرة في 21 سبتمبر 2022 إن الموروثات المتبقية من الاستعمار والعبودية لا تزال تغذي العنصرية والتمييز العنصري في جميع أنحاء البلاد. وأضافت اللجنة إنه في السنوات الأخيرة، زادت جرائم الكراهية وحوادث خطاب الكراهية في الولايات المتحدة بشكل كبير، وقفز عدد وفيات الأسلحة النارية المرتبطة بالعرق بشكل هائل، ولا يزال الأشخاص الملونون والأقليات العرقية يواجهون تمييزا منهجيا في الرعاية الطبية والتعليم والإسكان وغيرها من المجالات.

بات التمييز العنصري منتشرا على نطاق واسع. وأصبح "التفوق العرقي أو الدونية العرقية" "ملازمين للمؤسسات الأمريكية. وأظهرت مقابلات مع أكثر من 3 آلاف أمريكي من أصل أفريقي أن 82 في المائة منهم يرون بأن العنصرية مشكلة رئيسية للأشخاص السود في الولايات المتحدة، بينما أبلغ 79 في المائة عن تعرضهم للتمييز بسبب عرقهم أو إثنيتهم، في حين قال 68 في المائة إن التمييز العنصري هو السبب الرئيسي وراء عدم تمكن العديد من الأشخاص السود من التقدم قدما، حسبما ذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 30 أغسطس 2022. ووفقا لمسح نشرته مجموعة "إيبسوس" في 29 مارس 2022، أفاد 65 بالمائة من الأمريكيين اللاتينيين الذين شملهم الاستطلاع أنهم عانوا من التحيز في العام الماضي. ووفقا لتقرير صدر عن المنتدى الوطني الأمريكي للمرأة الأمريكية المنحدرة من آسيا والمحيط الهادئ في 30 مارس 2022، أبلغت 74 بالمائة من النساء الأمريكيات الآسيويات وسكان هاواي الأصليات وجزر المحيط الهادئ عن تعرضهن للتمييز و/أو العنصرية خلال الأشهر الـ12 الماضية، حيث أبلغت 53 بالمائة منهن عن شخص غريب كمعتدي و47 بالمائة عن حوادث تحدث في أماكن عامة، مثل المطاعم ومراكز التسوق.

ولا تزال جرائم الكراهية العنصرية مرتفعة. وشهدت 15 مدينة أمريكية كبرى تسجيل زيادات بنسبة مئوية مكونة من رقمين في جرائم الكراهية بين عامي 2020 و2021، وزيادة بنحو 5 في المائة في الحوادث المرتكبة بدافع التحيز حتى أغسطس 2022، بحسب دراسة أجراها مركز دراسة الكراهية والتطرف في جامعة ولاية كاليفورنيا في سان برناردينو. وفي مقال بعنوان "ارتفاع تقارير جرائم الكراهية" نُشر في 21 أكتوبر 2022، أشارت صحيفة ((شيكاغو صن تايمز)) إلى أن إدارة شرطة شيكاغو تلقت حتى 18 أكتوبر من ذلك العام تقارير عن 120 جريمة كراهية. وفي 14 مايو 2022، قتل بايتون جيندرون، وهو مسلح أبيض البشرة يبلغ من العمر 19 عاما، 10 أمريكيين من أصل أفريقي وجرح 3 آخرين في مجزرة عنصرية في متجر مركزي في بوفالو في نيويورك. كما قام القاتل بتصوير الهجوم بالفيديو للبث المباشر. ووفقا لتقرير نشرته رابطة مكافحة التشهير ومقرها الولايات المتحدة في فبراير 2023، ارتفع عدد عمليات القتل الجماعي في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي، وارتبطت جميع عمليات القتل المتطرفة التي تم حصرها في عام 2022 بالتطرف اليميني، مع ارتباط عدد كبير بشكل خاص بنظرية تفوق العرق البيض. "وليس من المبالغة القول إننا نعيش في عصر عمليات القتل الجماعي المتطرفة".

جرائم الكراهية المتفشية ضد الأمريكيين من أصل آسيوي. يكشف تقرير صدر عن منظمة ((أوقفوا الكراهية ضد الأمريكيين من أصل آسيوي وسكان جزر المحيط الهادئ)) غير الربحية أنها تلقت تقارير عن وقوع ما يقرب من 11500 حادثة كراهية خلال الفترة ما بين 19 مارس 2020 و31 مارس 2022. وأظهر استطلاع للرأي عبر الإنترنت أجرته شركة ((بيانات الأمريكيين من أصل آسيوي وسكان جزر المحيط الهادئ)) البحثية أن واحدا من كل ستة أمريكيين من أصل آسيوي على الصعيد الوطني تعرض لعنف قائم على أساس العرق في عام 2021، حسبما أفادت صحيفة ((لوس أنجلوس تايمز)) في 22 مارس 2022. وذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) في 14 مارس 2022 أن رجلا يبلغ من العمر 28 عاما اُتهم بارتكاب جرائم كراهية فيما يتعلق بموجة من الهجمات استمرت ساعتين على سبع نساء من أصل آسيوي في مانهاتن، وتوفي أربعة آسيويين من سكان نيويورك في الأشهر الأخيرة بعدما تعرضوا للهجوم. وذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 30 نوفمبر 2022، أنه رجلا في يونكرز قام بلكم امرأة آسيوية مسنة أكثر من 100 مرة، ووجه إليها شتائم عنصرية، وداس على جسدها بشكل متكرر وبصق عليها. وأفادت ((هيوستن بابليك ميديا)) بوقوع هجمات متعددة على أشخاص منحدرين من أصول آسيوية في سان فرانسيسكو في 22 أغسطس 2022. وذكرت إحدى الضحايا، وتدعي إيمي لي، أنها لا تزال ترى الجاني في حيها كل يوم تقريبا. وقالت "لقد أبلغت الشرطة بهذه القضية ولم يصلني رد...أعيش أنا وابني في خوف كل يوم".

وقال 57 في المائة من الأمريكيين من أصل آسيوي إنهم غالبا أو في بعض الأحيان يشعرون بعدم الأمان في الأماكن العامة بسبب انتمائهم العرقي أو الإثني، واتفق 81 في المائة من المجموعة في أن هناك تصاعدا في العنف ضد مجتمعات الأمريكيين من أصل آسيوي، وقال 73 في المائة إن العنف يشكل الآن تهديدا أكبر مما كان عليه قبل الجائحة، وفقا لما ذكره تقرير نُشر في مجلة ((هيلث أفيرز)) الطبية في 12 أبريل 2022. وجاء في شهادة إيريكا لي، الأستاذة البارزة في علم التاريخ والدراسات المتعلقة بالأمريكيين من أصل آسيوي في جامعة مينيسوتا حول التمييز والعنف ضد الأمريكيين من أصل آسيوي أمام جلسة استماع في الكونغرس الأمريكي أنه "على الرغم من أن هذه الحوادث مروعة، إلا أنه من الأهمية بمكان أن نفهم أنها ليست أفعالا عشوائية يرتكبها أفراد مختلون. فهي تعبير عن تاريخ بلادنا الطويل من العنصرية المنهجية والعنف العنصري الذي يستهدف الأمريكيين من أصل آسيوي وسكان جزر المحيط الهادئ".

التمييز العنصري المتأصل في إنفاذ القانون وإقامة العدل. فقد كشف تقرير ختامي للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري أن إفلات الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين من العقاب على الاستخدام المفرط للعنف ضد الأشخاص الملونين ومجموعات الأقليات لا يزال مستمرا على نطاق واسع في الولايات المتحدة. وتظهر الإحصاءات المأخوذة من موقع منظمة ((رسم خرائط عنف الشرطة)) على الإنترنت أنه في عمليات القتل على أيدي الشرطة بين عامي 2013 و2022، كان الأمريكيين السود أكثر عرضة للقتل على أيدي الشرطة بواقع 2.78 ضعف مقارنة بالأشخاص البيض، وكان الأمريكيون السود العزل أكثر عرضة للقتل على أيدي الشرطة بواقع 1.3 ضعف مقارنة بنظرائهم البيض. وفي بوسطن ومينيابوليس وشيكاغو، كان السود أكثر عرضة للقتل على أيدي الشرطة بواقع 20 ضعفا مقارنة بالبيض. وذكرت الإذاعة الوطنية العامة في 27 سبتمبر 2022 أن السود يمثلون أقل من 14 في المائة من سكان الولايات المتحدة، لكنهم يمثلون 53 في المائة من أولئك الذين أدينوا زورا بارتكاب جريمة خطيرة ثم أطلق سراحهم بعد قضاء جزء على الأقل من العقوبة الصادرة بحقهم، نقلا عن تقرير صدر عن السجل الوطني للتبرئة. وأضافت أن الأمريكيين السود أكثر عرضة بواقع حوالي سبعة أضعاف من البيض لإدانتهم ظلما بثلاث جرائم كبرى، وكان السود أكثر عرضة بواقع 19 ضعفا لإدانتهم ظلما بارتكاب جرائم مخدرات. إن نظام العدالة الجنائية الذي تتغلل فيه العنصرية "يُستخدم على نحو متزايد كبوابة رئيسية إلى نظام أكبر بكثير للوصم والتهميش طويل الأمد"، هكذا ذكر الكتاب الذي أصدرته مطبعة الأكاديميات الوطنية بعنوان ((تزايد حالات السجن في الولايات المتحدة: استكشاف الأسباب والعواقب)).

اتساع فجوة الثروة العرقية. فالعمال الملونون، الذين أجبرتهم قضبان الألوان تاريخيا على أن يشهدوا تقييد عملهم ليصبح مقتصرا بصورة حرفية على "الغسيل القذر"، اختفوا بنفس الطريقة التي تم تأطير المشكلة بها. فقد ذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 30 أغسطس 2022 أن ثلثي الأمريكيين السود قالوا إن التركيز المتزايد مؤخرا على عدم المساواة العرقية والإثنية في الولايات المتحدة لم يؤد إلى تغييرات تعمل على تحسين حياة السود. وخلصت دراسة طويلة الأجل، أجريت مؤخرا وشارك في إصدارها باحثون من جامعة برينستون وجامعة بون، إلى أن فجوة الثروة العرقية تشكل أكبر الفوارق الاقتصادية بين الأمريكيين السود والأبيض، حيث تبلغ نسبة ثروة الفرد من البيض إلى السود 6 إلى 1. واتبع تقارب الثروة العرقية بين السود والبيض بعد إلغاء الرق مسارا أبطأ ثم توقف بحلول الخمسينيات. ومنذ الثمانينيات، اتسعت فجوة الثروة مرة أخرى مع استفادة الأسر البيضاء في الأغلب الأعم من مكاسب رأس المال. وفي عام 2021، كان 19.5 في المائة من السود المقيمين في الولايات المتحدة يعيشون تحت خط الفقر، مقارنة بـ8.2 في المائة من البيض، وفقا لما ذكرته إدارة أبحاث ستاتيستا في تقرير لها صدر في 30 سبتمبر 2022. وأفادت أكثر من نصف أسر السود واللاتينيين وأكثر من ثلثي أسر الأمريكيين الأصليين أن الزيادات الأخيرة في الأسعار الناجمة عن التضخم تسببت في مشكلات مالية خطيرة لهم، وفقا لاستطلاع وطني للرأي اشتركت في إصداره الإذاعة العامة الوطنية ومؤسسة روبرت وود جونسون وكلية هارفارد تي إتش تشان للصحة العامة في 8 أغسطس 2022. وقد قال البروفيسور وليام داريتي جونيور من جامعة ديوك إن تأثير التضخم على الأمريكيين السود "مدمر للغاية"، مضيفا أنه "سيتعين على الناس اتخاذ قرارات صعبة للغاية بشأن ما إذا كانوا سيشترون الأدوية أو سيشترون الطعام أو سيتخلون عن دفع فواتير مرافقهم".

التمييز في سياسات الإسكان. قالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري في ملاحظاتها الختامية إن هناك درجة عالية من سياسات الفصل العنصري السكني المستمرة والتمييز القانوني في الحصول على السكن على أساس العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني. والفجوة بين معدلات الملكية للمنازل بين البيض والسود في الولايات المتحدة في أوسع مستوياتها منذ 120 عاما، بحسب تقرير لـ ((بي بي سي)) نُشر في 10 يوليو 2022. وتم حرمان نحو 19.4 في المائة من المتقدمين السود من الحصول على قرض عقاري في عام 2021، مقارنة بـ10.8 في المائة من المتقدمين البيض، وفقا لشركة العقارات ((زيلو)). وبالنسبة للعديد من السود من مالكي المنازل، غالبا ما يكون معدل الفائدة أعلى بالفعل من نظرائهم البيض بغض النظر عن الدخل، حسبما نقلت صحيفة ((ذا هيل)) عن دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2021 في 28 أغسطس 2022. وأفادت أن 45.3 في المائة فقط من الأسر السوداء و48.3 في المائة من الأسر من أصل إسباني امتلكت منازلها خلال الربع الثاني من عام 2022، مقارنة بـ74.6 في المائة من الأسر البيضاء.

عدم المساواة العرقية الشديدة في الخدمات الصحية. وقالت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري في ملاحظاتها الختامية إن الأقليات العرقية والإثنية تتأثر بشكل غير متناسب بارتفاع معدل وفيات الأمهات واعتلال صحتهن أثناء النفاس. وأثرت الفوارق الإثنية والعرقية في زيادة معدل وفيات الأمهات بشكل كبير. وارتفع المعدل بشكل ملحوظ بالنسبة للنساء السود غير اللاتينيات في عام 2020، وهو 2.9 ضعف النساء البيض غير اللاتينيات، وفقا لتقرير نشره المركز الوطني للإحصاءات الصحية في 23 فبراير 2022. وأظهرت الدراسة استمرار التفاوتات العرقية والإثنية في علاج كوفيد-19 للمرضى الخارجيين بين المرضى السود واللاتينيين والأمريكيين الأصليين، وفقا لتقرير المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها المنشور في 28 أكتوبر 2022. وذكر أن جائحة كوفيد-19 تسببت في تأثير غير متناسب على مجموعات الأقليات العرقية والإثنية. وتؤثر الخدمات الصحية غير المنصفة على حق المرضى من الأقليات في الحياة. وفقد السكان من أصل لاتيني في كاليفورنيا 5.7 سنة من متوسط العمر المتوقع بين عامي 2019 و2021. وفقد السكان السود 3.8 سنة، وفقد السكان الآسيويون 3 سنوات، بينما فقد السكان البيض 1.9 سنة، وفقا لدراسة أجرتها كلية برينستون للشؤون العامة والدولية نشرت في 7 يوليو 2022.

لم يتسن للهنود الأمريكيين فرصة رؤية أي تخفيف لبؤسهم. "الجذر الأول لأمريكا كان الإبادة الجماعية الاستعمارية لشعوبها الأصلية. وما يزال هذا الجذر ركيزة أساسية للمجتمع الأمريكي ويتغلل في الثقافة الأمريكية". وقامت وزارة الداخلية الأمريكية بإصدار الجزء الأول من مبادرة المدارس الداخلية الهندية الفيدرالية في 11 مايو 2022. ويعترف بالجهود السابقة التي قامت بها الحكومة الفيدرالية لإدماج أطفال الأمريكيين الأصليين في المجتمع الأمريكي الأبيض من خلال فصلهم عن عائلاتهم وتجريدهم من لغاتهم وثقافاتهم.

وتشير المراجعة إلى أنه في الفترة من عام 1819 إلى عام 1969، كانت هناك 408 مدارس فيدرالية في 37 ولاية. وخضع الأطفال والمراهقون في هذه المدارس لمنهجيات العسكرة وتغيير الهوية من قبل الحكومة الفيدرالية، بما فيها الحصول على أسماء إنجليزية وحلاقة الشعر ومنعهم من استخدام لغاتهم الأصلية وممارسة دياناتهم. ووجد التحقيق الأولي أن 19 مدرسة داخلية مسؤولة عن وفاة أكثر من 500 طفل من الهنود الأمريكيين وسكان ألاسكا الأصليين وسكان هاواي الأصليين. ومن المتوقع أن يرتفع عدد الوفيات المسجلة إلى عشرات الآلاف مع بدء التحقيق.

وقال باحث من شايان الشمالية "إنها إبادة جماعية".

وأدلى دونالد نيكوني، وهو زعيم قبلي من سكان أمريكا الأصليين وواحد من طلاب مدرسة داخلية هندية كانت مدعومة من الحكومة، بشهادته حول المصاعب التي تحمّلها، بما فيها الضرب والجلد والاعتداءات الجنسية وحلاقة الشعر القسرية وإطلاق الألقاب المؤلمة عليه. ويتذكر نيكوني تعرضه للضرب لو تحدث لغته الأصلية كيوا، قائلا "في كل مرة حاولت فيها التحدث بالكيوا، كانوا يضعون غسولا قلويا في فمي"، مضيفا "لقد كانت 12 عاما من الجحيم، لن أسامح هذه المدرسة أبدا على ما فعلوه بي".

البؤس الذي عانى منه الهنود الأمريكيون تاريخيا لا يزال مستمرا حتى اليوم. وذكرت أسر الأقليات أن الزيادات في الأسعار الناجمة عن التضخم تسببت لهم بـ"مشاكل مالية خطيرة". وذكر تقرير صادر عن ((إن بي آر)) في 8 أغسطس 2022 أنه أعلى بين الأمريكيين الأصليين، حيث سجل ارتفاعا لدى أكثر من ثلثي الذين شملهم الاستطلاع.

وحلل تقرير صادر عن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها وفيات الأمهات بين الهنود الأمريكيين وسكان ألاسكا الأصليين الذين هم أكثر عرضة للوفاة بمقدار الضعف عن الأمهات البيض لأسباب مرتبطة بالحمل ولكن غالبا ما يتم التقليل من عددها في البيانات الصحية بسبب سوء التصنيف، وفقا لتقرير صادر عن ((يو إس أيه توداي)) في 19 سبتمبر 2022. وذكر التحليل أن أكثر من 90 بالمائة من وفيات الأمهات من السكان الأصليين كان ممكن منعها. وقال الطبيب أندريا جاكسون، رئيس قسم أمراض النساء والتوليد بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، إنه "لدى كل من الأمريكيين من أصل أفريقي والأمريكيين الأصليين، نرى هذا التفاوت التاريخي والمؤسف والمستمر في النتائج". 

الجزء الرابع - تفاقم أزمة البقاء لدى الطبقات الدنيا في الولايات المتحدة

اتساع فجوة الثروة وتدهور الظروف المعيشية للفئات ذات الدخل المنخفض وزيادة المشردين وتعاطي المخدرات المهددة للحياة وانخفاض متوسط العمر المتوقع. تواجه الطبقات الدنيا في الولايات المتحدة أزمة بقاء حادة.

اتسعت فجوة الثراء بشكل أكبر. إن الولايات المتحدة مجتمع فقير يحتوي على العديد من الأثرياء المتميزين بالثراء الفاحش. ومن خلال تحليل عميق للمجتمع الأمريكي، فإن كتاب "الطبقة المجتمعية الجديدة: سلام للحلم الأمريكي؟" يظهر نطاق واسع من عدم المساواة في الولايات المتحدة قائم على الطبقة الاجتماعية والنوع والعرق. وتظهر النسخة الرابعة لهذا الكتاب المُؤلفة من قبل إيرل ويسونغ، أستاذ علم الاجتماع في جامعة إنديانا في كوكومو، وروبرت بيروتشي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة بوردو، وديفيد رايت، أستاذ علم الاجتماع في جامعة ولاية ويتشيتا أن الهيكل الاجتماعي الجديد المستقطب مزدوج الألماس يُوضح بنسبة مقسم إلى الآثرياء المميزين الذي تُمثل نسبتهم 20 بالمائة والطبقات العاملة الجديدة التي تُمثل نسبتهم 80 بالمائة من السكان وهم يعانون من الفقر المتزايد وعدم الإستقرار. ووفقا للبيانات الصادرة عن مركز ابحاث ((ستاتيستا)) للإحصائيات يوم 30 سبتمبر 2022، ارتفع معامل جيني في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي ليبلغ 0.49 في 2021، فيما ارتفع معدل الفقر للعام الثاني على التوالي مع 37.9 مليون فقير. وفي الوقت نفسه، تظهر إحصائيات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن إجمالي ثروات الأثرياء الذين تحتل نسبتهم واحدا بالمائة من سكان الولايات المتحدة قد وصل إلى مستوى قياسي ليبلغ 45.9 تريليون دولار أمريكي بنهاية الربع الرابع من 2021 وزادت ثرواته بأكثر من 12 تريليون دولار، أي أكثر من الثلث، خلال وباء تفشي كوفيد-19. ومن حوالي 1.7 تريليون دولار من المدخرات الزائدة للأسر الأمريكية، فإنه اعتبارًا من منتصف 2022، يمتلك النصف الأعلى حوالي 1.35 تريليون دولار، في حين أن النصف الأدنى لا يمتلك سوى 350 مليار دولار.

التضخم يواصل تأثيره على الأسر ذات الدخل المنخفض. وفي هذا السياق، أفادت صحيفة ((نيويورك تايمز)) يوم 25 نوفمبر 2022 أنه في حين تضاؤل مدخرات المقيمين في الولايات المتحدة، أصبحت الضروريات، بما تشمل إصلاح السيارات والطعام والإسكان أكثر تكلفة. وفي الوقت نفسه، فإن ارتفاع الأسعار بنسبة 7.7 بالمائة خلال العام في أكتوبر، له تأثير سلبي على الفئات ذات الدخل المنخفض. ومن جانبه، قال لايل برينارد، محافظ الاحتياطي الفيدرالي، إن الأسر ذات الدخل المنخفض تنفق 77 بالمائة من دخلها على الضروريات، وذلك مقارنة بـ31 بالمائة تنفقها الأسر ذات الدخل المرتفع. ومن جهة أخرى، أظهر تحليل صادر عن جمعيات مديري مساعدة الطاقة الوطنية يوم 12 أبريل 2022 أنه بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، والتي تمثل 40 بالمائة من الأسر في المجتمع الأمريكي، فإن الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة سيتسبب في عدم تحمل الكثيرين شراء السلع والخدمات الأساسية، مع سدادهم لفواتير الطاقة الخاصة بهم.

لقد ارتفع عدد المشردين بشكل كبير. ووفقا لتقرير تقييم التشرد السنوي لعام 2022 الصادر عن وزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأمريكية، فإن أكثر من 580 ألف أمريكي عانوا من التشرد يوميا في 2022، حيث كان 40 بالمائة من بينهم بلا مأوى يقيمون في مكان غير مؤهل للسكن البشري. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، زاد عدد الأشخاص الذين ليس لديهم منزلا معروفا، بما لا يقل عن 22500 شخص ليصل إلى 173800 شخص في كاليفورنيا. وعلى الرغم من ذلك، فإن الولاية لا توفر سوى حوالي 5 آلاف سرير للمشردين، وذلك مقارنة بتوفيرها أكثر من 16 ألف غرفة كحد أقصى في أغسطس 2020، وفقا لوزارة الخدمات الاجتماعية بالولاية. وذكرت صحيفة ((لوس أنجلوس تايمز)) في 21 ديسمبر 2022، أن عدد المشردين في لونغ بيتش، كاليفورنيا، شهد زيادة كبيرة تُقدر بـ62 بالمائة عن عام 2020، بما يشمل 1282 متشردا من ذوي الإعاقات.

وفقا لبحث نُشر في مجلة ((كاليفورنيا لاو رفيو)) أجرته سارة رانكين، أستاذة في كلية الحقوق بجامعة سياتل ومؤسسة ومديرة مشروع الدفاع عن حقوق المشردين، فإن المشردين في الولايات المتحدة عادة ما يكونوا "مجموعات مهمشة، ومنها المعوقون وذوي البشرة السوداء والمهاجرون واللاجئون والأقليات الجنسية" الذين يتعرضون للاضطهاد والاحتجاز والحبس أو الفصل الذي يمنعهم من الاندماج في مجتمعاتهم. يفضح ذلك التمييز المنهجي الموجود في الولايات المتحدة.

ومن جانب آخر، انخفض متوسط العمر المتوقع بشكل ملحوظ. قد أظهر تقرير صادر عن المركز الوطني للإحصاءات الصحية التابع للمراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها في أغسطس 2022، أن متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة انخفض بمقدار 2.7 عاما بين عامي 2019 و2021 ليصل إلى 76.1 عاما، وهو أدنى مستوى له منذ 1996. وقد شهد متوسط العمر المتوقع للأمريكيين من أصل اسباني وسكان ألاسكا الأصليين الانخفاض الأكبر، والمُقدر بـ6.6 سنوات. ومن النادر حدوث انخفاض كبير في متوسط العمر المتوقع في أوقات السلم. وتُظهر البيانات الصادرة عن المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، أنه اعتبارًا من 29 ديسمبر 2022، أبلغت الولايات المتحدة عن أكثر من 1.08 مليون حالة وفاة تتعلق بكوفيد-19، بما يشمل أكثر من 260 ألف حالة وفاة في عام 2022. وفي ضوء ذلك، أفادت صحيفة ((دي فيلت)) الألمانية يوم 15 يناير 2023، أنه مع تشدد الساسة الأمريكيين حول متوسط العمر المتوقع، فمن المحتمل أن يكون الإجراء الأكثر أهمية لتقييم جودة الحياة في بلد ما، وحتى إلى حد ما، روعة البلد. وإلى جانب جائحة كوفيد-19، تشمل أسباب الانخفاض الكبير في متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة تعاطي المخدرات والعنف المسلحة وغيرها. ووفقا لدراسة مشتركة نُشرت في مجلة طبية بريطانية أجراها باحثين من جامعة فرجينيا كومنولث وجامعة كولورادو بولدر والمعهد الحضري، فإن الوضع الصحي المتدهور ومعدلات الوفيات المرتفعة والظلم المستمر ضد الأقليات في الولايات المتحدة ليسوا إلى حد كبير سوى نتاج للاختيارات السياسية طويلة المدى والعنصرية المنهجية. أن الوفيات الجماعية المتعلقة بكوفيد-19 لا تعكس الخيارات غير الملائمة التي اتخذتها السياسة الأمريكية في التعامل مع الوباء فحسب، بل أيضا الأسباب المتجذرة بعمق في الوضع الصحي المتدهور بالولايات المتحدة على مدار العقود الماضية.

تروج الحكومة الأمريكية بنشاط لتشريع الماريغوانا دون النظر إلى صحة الناس. إن الماريغوانا مخدر خاضع للرقابة من قبل اتفاقيات الأمم المتحدة الدولية لمكافحة المخدرات. وفي السبعينات من القرن الماضي، أصدرت الولايات المتحدة قانون المواد الخاضعة للمراقبة، الذي صنف الماريغوانا على أنها مادة خاضعة للرقابة الفيدرالية. قد فشلت الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات في الولايات المتحدة في الرقابة والسيطرة على المخدرات وتعاطى المخدرات، ودفعت أيضا لتشريع الماريغوانا تحت ضغط الفئات ذات المصالح، مما أدى إلى وقوع المزيد والمزيد من الشباب ضحايا. وفي كتابهما ((هل يمكن للأعشاب القانونية أن تكسب؟ الواقعات الحادة لاقتصاد الحشيش)) المنشور في عام 2022، أكد روبن غولدشتاين ودانيال سمنر، باحثان في جامعة كاليفورنيا بديفيس، على أن أحد الأحلام الكبيرة وراء دفع تشريع الماريغوانا تتمثل في جعل الحشيش القانوني مصدرا للنقد الجديد للحكومة، وذلك من خلال الضرائب. لقد تجاوزت مبيعات الماريغوانا في الولايات المتحدة 30 مليار دولار حتى الآن، ومن المتوقع أن يصل سوق الماريغوانا في الولايات المتحدة إلى 65 مليار دولار بحلول عام 2030. ووفقا للبيانات الصادرة عن مؤسسة ((أوبن سيكرت))، فإنه في الفترة ما بين عامي 2018 و2021، أنفقت بعض الشركات والجمعيات التجارة المرتبطة بالماريغوانا وتلك المنتجات في الولايات المتحدة أكثر من 16.6 مليون دولار على الضغط السياسي، بمتوسط إنفاق سنوي يبلغ حوالي 10 أضعاف ما كان عليه في عام 2016، وفي الأرباع الثلاثة الأولى من 2022، تم إنفاق أكثر من 5.6 مليون دولار للضغط على تشريع الماريغوانا. وتستخدم الشركات والمنظمات والسياسيون المرتبطون بالماريغوانا المال والسلطة لتشكيل الفئات ذات المصالح المرتبطة بها، ما يسمح لتعاطي المخدرات بأن يصبح أكثر خطورة، ويعكس فشل الإدارة الاجتماعية للحكومة الأمريكية.

إن المخدرات وتعاطي المخدرات يعرضان الحياة والصحة للخطر. وفقا لاستطلاع رأي صادر عن إدارة خدمات الصحة العقلية وإساءة استخدام العقاقير بالولايات المتحدة، فإن 59.3 مليون أمريكي تعاطوا أكثر من 12 مخدرا في 2020، من بينهم 49.6 مليون شخص تعاطوا الماريغوانا. وفقا للمعلومات العامة بالمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن ما يقرب من 40 بالمائة من طلاب الثانوية العامة في الولايات المتحدة يتعاطون الماريغوانا لفترة طويلة. ووفقا لتقرير صادر عن معاهد الصحة الوطنية الأمريكية في أغسطس 2022، فإن 43 بالمائة من الشباب الأمريكيين تعاطوا الماريغوانا خلال عام، و8 بالمائة تعاطوا حبوب الهلوسة، و11 بالمائة يتعاطون الماريغوانا يوميا، وهو أعلى مستوى في التاريخ. ووفقا لدراسة صادرة عن معهد مانهاتن للدراسات السياسية في 4 أغسطس 2022، فإن عدد الأمريكيين الذين يموتون بسبب تعاطي المخدرات زاد بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ليبلغ أكثر من 100 ألف حالة وفاة سنويًا. وتم تسجيل أكثر من 107 آلاف حالة وفاة إثر تعاطي جرعة زائدة من المخدرات خلال فترة 12 شهرا، والمنتهية في أغسطس 2022، وفقا للبيانات الصادرة عن المركز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها. وفي هذا السياق، أشارت مارتا سوكولوفسكا، نائبة مدير مركز تعاطي المخدرات والصحة السلوكية في مركز إدارة الغذاء والدواء لتقييم الأدوية والأبحاث في الولايات المتحدة، إلى أن تعاطي المخدرات أصبح أحد أزمات الصحة العامة الأكثر تدميراً في الولايات المتحدة.

غياب الحوكمة يُهدد الحقوق البيئية. وأفادت الإذاعة الأمريكية يوم 21 يونيو 2022، بأنه في لويزيانا، أدت كمية كبيرة من النفايات الصناعية إلى العديد من "الأزقة السرطانية" على طول نهر المسيسيبي، حيث تُشكل نسبة الإصابة بالسرطان هناك 95 بالمائة مقارنة ببقية البلاد بسبب تلوث الهواء. وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة ((شيكاغو تريبيون)) في 13 يوليو 2022، إنه تم اكتشاف مادة واحدة على الأقل لبولي فلورو ألكيل، والمعروفة باسم المواد الكيميائية الأبدية، التي قد تكون ضارة بالصحة، في مياه شرب أكثر من 8 ملايين من سكان إلينوي، أي ما يمثل حوالي 60 بالمائة من السكان المحليين. وفي سياق الوضع البيئي المتدهور، قضت المحكمة العليا للولايات المتحدة في يونيو 2022 بأن وكالة حماية البيئة ليس لها الحق في تنظيم انبعاثات الكربون دون إذن من الكونغرس، ولا يمكنها أن تطلب من محطات توليد الطاقة التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة. وفي هذا السياق، أشار ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إلى أن حكم المحكمة العليا للولايات المتحدة لم يكن سوى "انتكاسة في مكافحتنا لتغير المناخ".

الجزء الخامس - الانتكاسة التاريخية لحقوق المرأة والطفل

في عام 2022، شهدت الولايات المتحدة انتكاسة كبيرة في حماية حقوق النساء والأطفال، حيث فقد حق المرأة في الإجهاض الحماية الدستورية. وفي الوقت نفسه، تستمر الاعتداءات الجنسية في المدارس والجيش والسجون في الارتفاع. كما تواجه حياة الأطفال وحقوقهم القانونية تهديدات خطيرة.

إن حظر الإجهاض ينتهك حقوق المرأة. ففي 2022، أبطلت المحكمة العليا الأمريكية قضية رو ضد ويد، ومنظمة الأبوة المخططة ضد كيسي التي ضمنت حقوق الإجهاض للمرأة، مما يُنهي ما يقرب من 50 عاما من حقوق الإجهاض المحمية دستوريا، وستؤدي إلى حظر الإجهاض في حوالي نصف الولايات. وفي هذا السياق، أفادت وكالة ((رويترز)) في أول ديسمبر 2022 أن المدعي العام في ولاية إنديانا طلب من المجلس الطبي للولاية تأديب طبيب من ولاية إنديانا أجرى عملية إجهاض لضحية اغتصاب تبلغ من العمر 10 سنوات من ولاية أوهايو، وذلك لفرض ولاية أوهايو حظر على الإجهاض بعد ستة أسابيع من الحمل. وفي الوت نفسه، ذكرت ((بي بي سي)) في 29 يونيو 2022 أن وزير الصحة الأمريكي كزافييه بيسيرا قال "من الصعب تصديق أن الولايات المتحدة تتراجع، تتراجع في الوقت الذي يتحرك فيه بقية العالم لمنح النساء الحقوق التي كان ينبغي أن يحصلن عليها منذ وقت طويل". ومن جانبها، أشارت ميشيل باشليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في ذلك الوقت، يوم 24 يونيو 2022 إلى أن حكم المحكمة العليا الأمريكية بشأن الإجهاض يمثل "ضربة قوية لحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين،" مضيفة أن الحكم يمثل "انتكاسة كبيرة بعد خمسة عقود من حماية الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية في الولايات المتحدة من خلال قضية رو ضد ويد".

إن الاعتداء الجنسي على النساء مثير للصدمة. لقد قالت واحدة من بين كل خمس طالبات في الولايات المتحدة إنهن تعرضن لاعتداء جنسي في الجامعة، مشيرين إلى أن الصدمة أثرت على تجربتهن التعليمية بالكامل. وفي هذا السياق، أفادت شبكة ((سي إن إن)) في أول سبتمبر 2022 أن تقارير الاعتداء الجنسي في الجيش الأمريكي ارتفعت بنسبة 13 بالمائة في 2021، حيث قالت ربع المجندات إنهن تعرضن لاعتداء جنسي في الجيش، وقال أكثر من نصفهن إنهن تعرضن للتحرش الجنسي. وفي ضوء ذلك، أصدر مجلس الشيوخ الأمريكي تقرير تحقيقي في 13 ديسمبر 2022، يوضح أنه خلال العقد الماضي، شهد أكثر من ثلثي السجون الفيدرالية حالات اعتداء جنسي على السجينات من قبل مديري السجون، مع رفع 5415 حالة من قبل سلطات السجون الأمريكية. وفي هذا السياق، أفادت وكالة (( أسوشيتيد برس)) يوم 6 فبراير 2022 بأنه في 2020، كانت هناك 422 شكوى تتعلق بالاعتداء الجنسي على السجينات ضد مديري السجون. وقد أُطلق على سجن فيدرالي للنساء في دبلن بولاية كاليفورنيا لقب "نادي الاغتصاب"، حيث يقول السجينات أنهن تعرضن لاعتداءات جنسية متفشية من قبل ضباط الإصلاح وحتى المأمور.

تفشي العنف المسلح يهدد حياة الأطفال. لقد أصدرت مؤسسة عائلة كايزر تقريرا يوم 14 أكتوبر 2022، توضح من خلاله أنه في الفترة ما بين عامي 2011 و2021، قُتل ما يقرب من 18500 طفل تتراوح أعمارهم بين 17 عاما إثر العنف المسلح في الولايات المتحدة. وفي 2021، لقى 7 أطفال في المتوسط مصرعهم يوميا إثر إطلاق النار، وفي هذا السياق، أفادت صحيفة ((واشنطن بوست)) يوم 11 ديسمبر 2022 بأنه في 2022، أصيب أو قُتل أكثر من 5800 طفل لم يكملوا 18 عاما بسبب إطلاق النار في الولايات المتحدة. واعتبارا من أول ديسمبر 2022، تضاعفت وفيات الأطفال المرتبطة بحوادث إطلاق النار المميتة مقارنة بـ2021، كما زادت حوادث إطلاق النار غير المميتة للأطفال بنسبة 80 بالمائة في يونيو 2022، وقد اعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن علنا بأن " السلاح هو القاتل الأول للأطفال في الولايات المتحدة. إنه القاتل الأول، حيث تكون نسبة الوفيات المتعلقة به أكثر من نسبة حوادث السيارات وأكثر من الإصابة بالسرطان.

حوادث إطلاق النار على المدارس تستمر في الارتفاع. إن الولايات المتحدة أكثر الدول التي تشهد حوادث إطلاق نار على المدارس في العالم. ووفقا لقاعدة بيانات إطلاق النار على المدارس من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، كان عدد حوادث إطلاق النار على المدارس في الولايات المتحدة في 2022، 302 ، وهو أعلى معدل منذ عام 1970، بلغ عدد الضحايا 332 ضحية، وهو الأعلى خلال السنوات الخمس الماضية. ففي 24 مايو 2022، وقع إطلاق نار جماعي خطير في مدرسة روب الابتدائية في أوفالدي، تكساس. دخل طالب في المدرسة الثانوية يبلغ من العمر 18 عاما حاملا سلاح من نوع (أيه أر 15) الحرم المدرسي، قام بشراؤه من متجر للسلع الرياضية، وقتل 19 طالبًا و2 من المدرسين. ويعد هذا إطلاق النار الأكثر دموية بعد إطلاق النار على مدرسة ساندي هوك الابتدائية في 2012. وفي معرض تعليقه على الحادث، اعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه منذ إطلاق النار على مدرسة ساندي هوك الابتدائية قبل عقد من الزمان ، تم الإبلاغ عن أكثر من 900 حادثة إطلاق نار على أراضي مدرسية، قائلة "هذه الأنواع من إطلاق النار الجماعي لا تحدث أبدًا كما يتكرر حدوثها في أمريكا". وفي ضوء ذلك، أفادت صحيفة ((واشنطن بوست)) يوم 28 مايو 2022 أن قاعدة بيانات إطلاق النار على المدارس من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، سجلت أكثر من 2500 تهديد بتنفيذ عمليات إطلاق نار على المدارس منذ 2018. ووفقا لتقرير صادر عن ((بي بي سي)) في 25 مايو 2022، أشار شيريل ليرو جونسون، خبير أمريكي في حوادث إطلاق النار على المدارس، إلى أن الشباب الأميركي أصبح اليوم "جيل إطلاق النار الجماعي".

إن معدلات فقر الأطفال مرتفعة بشكل غير متناسب. وفقا للبيانات الصادرة عن مكتب تعداد الولايات المتحدة يوم 13 سبتمبر 2022، كان معدل الفقر الوطني في الولايات المتحدة في 2021، 12.8 بالمائة، بينما كان معدل فقر الأطفال 16.9 بالمائة. وفي ولاية ميسيسيبي ولويزيانا، وكذلك واشنطن العاصمة، شهدت معدلات فقر الأطفال ارتفاعا يصل إلى 27.7 بالمائة و 26.9 بالمائة و 23.9 بالمائة على التوالي. وفي الوقت نفسه، أشارت الأبحاث التي أجراها مركز الفقر والسياسة الاجتماعية بجامعة كولومبيا إلى أن معدل فقر الأطفال في الولايات المتحدة ارتفع من 12.1 بالمائة في ديسمبر 2021 إلى 16.6 بالمائة في مايو 2022، أي ما يزيد بمقدار 3.3 مليون طفل فقير. وفي هذا السياق، يشير كتاب "الأمريكيون غير المرئيين: التكلفة المأساوية لفقر الأطفال" للكاتب الأمريكي جيف مادريك إلى أن الولايات المتحدة دولة ذات مواقف منحازة تجاه الفقر على مدى التاريخ، فإنه لا يمكنها حتى الاتفاق على عدد الأمريكيين الفقراء، ناهيك عن تقليل عدد الفقراء والأطفال الفقراء؛ إذا تم القياس بمعيار أحدث وأكثر إنصافا، فإن العدد الحقيقي للفقراء في الولايات المتحدة يمثل حوالي 60 مليونا، وقد يتجاوز العدد الحقيقي للأطفال الفقراء 20 مليونا. "إن فقر الأطفال في الولايات المتحدة ليس سوى وصمة عار."

الاستخدام غير القانوني لعمالة الأطفال لا يزال قائما على الرغم من الحظر المتكرر. ووفقا للأرقام التي قدرها المركز الوطني لصحة عمال المزارع، وهي منظمة أمريكية غير ربحية، تم توظيف ما بين 300 ألف و800 ألف قاصر في الزراعة في الولايات المتحدة. وأشارت مجلة ((سليت)) إلى أن أرباب العمل في مجال الوجبات السريعة ارتكبوا مجموعة من انتهاكات عمالة الأطفال، مما جعل المراهقين يعملون ساعات زائدة تنتهك الحدود التي تحمي صحة الأطفال وتعليمهم. ينتهي الحظر المستمر لعمالة الأطفال بالفشل، حيث يكمن السبب الجذري في الثغرات الموجودة في النظام القانوني الأمريكي.

ومع تأثرها بجائحة كوفيد-19 وأزمة سلسلة التوريد، تعاني الولايات المتحدة من نقص في العمالة. أقرت العديد من الولايات مشاريع قوانين جديدة لتمديد ساعات العمل للقصر. ووفقا لوزارة العمل الأمريكية، تم توظيف ملايين المراهقين الأمريكيين في مجالات الزراعة والخدمات الغذائية وتجارة التجزئة والترفيه وصناعات البناء في عام 2022. ووفقا لتقرير وكالة أنباء ((رويترز)) المنشور في 28 فبراير 2023، أصبحت قضية التوظيف غير القانوني للقصر خطيرة بشكل متزايد، حيث شهدت زيادة بنسبة 70 في المائة تقريبا في انتهاكات عمالة الأطفال منذ عام 2018. وبحسب الأرقام الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية، في السنة المالية الماضية، تم اكتشاف انتهاك 835 شركة لقوانين عمالة الأطفال من خلال توظيف 3800 قاصر، وكانت هناك زيادة بنسبة 26 في المائة في توظيف القصر في المهن الخطرة. وذكرت صحيفة ((يو إس أيه توداي)) في 13 نوفمبر 2022 أن شركة تنظيف صناعية في ولاية ويسكونسن متهمة بتوظيف أكثر من 30 طفلا بشكل غير قانوني، تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاما، كعمال نظافة في مصانع ومزارع تعبئة اللحوم. وأصيب العديد من الموظفين دون السن القانونية أثناء العمل، من بينهم طفل يبلغ من العمر 13 عاما تعرض لحروق بسبب مواد التنظيف الكيميائية الكاوية. وذكرت وكالة أنباء ((رويترز)) في 16 ديسمبر 2022 أن أربعة موردين رئيسيين على الأقل لشركات السيارات تورطوا في عمالة الأطفال في مصانع ألاباما، وقامت وكالات توظيف بإرسال هؤلاء المهاجرين القصر للعمل في المصانع. واليوم، لا تزال الولايات المتحدة الدولة الوحيدة من بين 193 دولة عضو في الأمم المتحدة التي لم توقع على اتفاقية حقوق الطفل. ولا تزال آفاق حل مشكلة عمالة الأطفال قاتمة.

ظروف مراكز احتجاز الأحداث قاسية. ذكرت صحيفة ((هيوستن كرونيكل)) في 23 أغسطس 2022 أن الظروف سيئة في مركز احتجاز الأحداث الواقع في غيتسفيل بولاية تكساس. يتم حبس المراهقين الذين يقضون عقوبة احتجاز جراء ارتكاب جرائم خطيرة بمفردهم في زنزانات صغيرة لمدة 23 ساعة في اليوم. وبدلا من استراحات الحمام، يتم إعطاؤهم زجاجات مياه فارغة لقضاء حاجتهم. وتم إلغاء البرامج الرياضية وغيرها من الأنشطة المصممة لإعادة تأهيل الشباب المضطرب وإعادة توجيههم. وبدلا من حضور الفصول الدراسية، يحصلون على حزم عمل لإكمالها في زنزاناتهم، مما يحرمهم من الحصول على المشورة والعلاج. وأفادت صحيفة ((لوس أنجليس تايمز)) في 29 نوفمبر 2022 أن نظام احتجاز الأحداث في مقاطعة لوس أنجليس كان في حالة من الفوضى. أدت أزمة التوظيف في مراكز احتجاز الأحداث إلى حوادث متكررة من المشاجرات بين المحتجزين الشباب والسلوك الإصلاحي العنيف من قبل الحراس. وللعزلة المتزايدة والافتقار إلى الهيكل الداعم والعنف آثار ضارة على الصحة العقلية للشباب المحتجزين. وقال أحد القاصرين المحتجزين إنه لا يشعر أنه "يعامل كإنسان".

الجزء السادس - الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في بلدان أخرى والاعتداء على العدالة

يشير الباحث الأمريكي جون ميرشايمر إلى أنه في ظل الهيمنة الليبرالية، تميل الولايات المتحدة إلى إثارة الحروب باستمرار، مما يزيد من الصراعات ويخلق حالة من عدم الاستقرار في النظام الدولي. "عادة ما تنتهي هذه النزاعات المسلحة بالفشل، وأحيانا بشكل كارثي، وبشكل رئيسي على حساب الدولة التي يُزعم بأن جالوت الليبرالي ينقذها". تنتهج الولايات المتحدة سياسة القوة في المجتمع الدولي، وكثيرا ما تستخدم القوة، وتثير "حروبا بالوكالة"، وتفرض عقوبات أحادية الجانب بشكل تعسفي، وتنتهك بشكل خطير حقوق المهاجرين، وترفض إغلاق معسكر الاعتقال في خليج غوانتانامو، وتصبح مدمرة للسلام والتنمية العالميين وحجر عثرة أمام تقدم حقوق الإنسان.

العمليات العسكرية في الخارج تسببت في كوارث إنسانية. ونشر المنفذ الإعلامي الأمريكي غير الربحي ((كومون دريمز)) مقالا في 20 ديسمبر 2022 بعنوان "وارن وجاكوبس يتهمان البنتاغون بالتقليل إلى حد كبير من عدد المدنيين الذين قتلوا على يد الجيش الأمريكي"، موضحا أنه وفقا لبيانات من مجموعة "إير وارز" للرصد ومقرها المملكة المتحدة، قتلت الغارات الجوية الأمريكية وحدها ما يصل إلى 48 ألف مدني في قرابة 100 ألف تفجير في أفغانستان والعراق وليبيا وباكستان والصومال وسوريا واليمن منذ عام 2001. ووفقا للبيانات الصادرة عن "مشروع تكاليف الحرب" في جامعة براون، فإن الحكومة الأمريكية قامت منذ بداية القرن الـ21 بما أسمته أنشطة "مكافحة الإرهاب" في 85 دولة، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 929 ألف شخص بشكل مباشر وتشريد 38 مليون آخرين. وقد ارتكبت العمليات العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء العالم الحرية وحقوق الإنسان في الولايات المتحدة والدول الأخرى. وقتلت امرأة وطفلان في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في منطقة الهضبة في الوادي باليمن في 30 نوفمبر 2022. "... يربط العنف الذي يميز الولايات المتحدة الحديثة في الداخل وفي سلوكها في الخارج - من انتشار الأسلحة النارية - الوفيات بالجدال المثار حول العمل العسكري الوقائي وضربات الطائرات بالمسيرة".

التآمر وراء الكواليس لإثارة "حروب بالوكالة". من أجل تحقيق مصالحها الخاصة، تعمل الولايات المتحدة كـ"يد سوداء" وراء الكواليس لإثارة الحروب في بلدان ومناطق أخرى. ونشر كولم كوين، وهو كاتب من هيئة التحرير في مجلة ((فورين بوليسي))، مقالا في 14 يوليو 2022 يقول فيه إن العمليات الأمريكية لم تعد مقتصرة على الشرق الأوسط، بل توسعت في النطاق الجغرافي، لكنها أصبحت أكثر سرية. ووصفت كاثرين يون إيبرايت، المستشارة في برنامج الحرية والأمن القومي التابع لمركز برينان للعدالة، ما حدث بأنه "حرب البصمة الخفيفة". وبموجب برنامج يعرف باسم "إي 127"، يسمح لقوات العمليات الخاصة الأمريكية بتدريب قوات تحارب بالوكالة لتنفيذ مهام أمريكية في الخارج. ويمكن للمقاتلين الأجانب الوصول إلى التسليح والتدريب والدعم الاستخباراتي الأمريكي ويتم إرسالهم في مهام تقودها الولايات المتحدة ضد أعداء الولايات المتحدة ونحو أهداف الولايات المتحدة. من 2017 إلى 2020، أطلق البنتاغون 23 "حربا بالوكالة" تحت اسم "إي 127" في الشرق الأوسط ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. وقد استضافت اثنتا عشرة دولة على الأقل العمليات التي استهدفت سوريا واليمن والعراق وتونس والكاميرون وليبيا وغيرها.

فرض عقوبات تعسفية طويلة الأجل بشكل أحادي. وفي السنوات الأخيرة، ازدادت العقوبات الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة على بلدان أخرى زيادة هائلة، مما أضعف إلى حد كبير قدرة ومستوى حماية حقوق الإنسان في البلدان الخاضعة للجزاءات. وذكرت صحيفة ((ديلي ستار)) البنغلاديشية في 28 ديسمبر 2022 أن الولايات المتحدة، الأكثر تنفيذا للعقوبات الأحادية في العالم، تفرض حاليا عقوبات على أكثر من 20 دولة، بما في ذلك كوبا منذ عام 1962 وإيران منذ عام 1979 وسوريا منذ عام 2011 وأفغانستان في السنوات الأخيرة. وكثير منها غير قادر على توفير الأغذية والأدوية الأساسية لسكانها. وذكرت صحيفة ((واشنطن بوست)) في 13 يونيو 2022 أن قرابة نصف جميع الأفغان ليس لديهم ما يكفي من الطعام، وأن سوء التغذية لدى الأطفال آخذ في الارتفاع. وفي 20 ديسمبر 2022، أصدر العديد من الخبراء المستقلين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بيانا مشتركا، ذكروا فيه أن العقوبات الأمريكية ضد إيران تساهم في إلحاق ضرر بيئي في إيران، وتمنع جميع الناس في إيران من التمتع الكامل بحقوقهم في الصحة والحياة وتنتهك حقوق الشعب الإيراني في بيئة نظيفة. في 10 نوفمبر 2022، صرحت ألينا دوهان، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأثر السلبي للتدابير القسرية الانفرادية على التمتع بحقوق الإنسان، بأن العقوبات الأحادية أدت إلى تفاقم معاناة الشعب السوري وتشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان. وقد أثار فرض الولايات المتحدة الوحشي للعقوبات أزمات في مجال حقوق الإنسان في بلدان أخرى، وهو ما أدانه المجتمع الدولي بشدة. في 3 نوفمبر 2022، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي الأمريكي المفروض على كوبا للعام الثلاثين. وحظيت الإدانة في الجمعية العامة، التي تضم 193 عضوا، بتأييد 185 دولة.

تقويض إدارة المناخ العالمي مرارا وعمدا. الولايات المتحدة هي أكبر باعث تراكمي في العالم لغازات الدفيئة مع ارتفاع نصيب الفرد من انبعاثات الكربون. وهي ترفض التصديق على بروتوكول كيوتو، وانسحبت ذات مرة بشكل أحادي من اتفاقية باريس، وتأخرت في الوفاء بالتزاماتها بموجب صندوق المناخ الأخضر. وحتى بعد عودتها إلى اتفاقية باريس، لم تحول الولايات المتحدة التزاماتها إلى أفعال بعد. وبدلا من ذلك، استخدمت قضية تغير المناخ كأداة للتلاعب السياسي. ووفقا لتقديرات أصدرتها شركة الأبحاث الاقتصادية الأمريكية "روديوم غروب" في 10 يناير 2023، زادت انبعاثات غازات الدفيئة في الولايات المتحدة بنسبة 1.3 في المائة على أساس سنوي في 2022. وهي تفتقر إلى الإخلاص والفعالية في الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها بموجب اتفاقية باريس. ووجد "مشروع تكاليف الحرب" الصادر عن جامعة براون أن وزارة الدفاع الأمريكية هي واحدة من أكبر مصادر انبعاثات غازات الدفيئة في العالم. لقد ساهمت حروب ما بعد 9/11 "بشكل كبير" في تغير المناخ.

سياسات الهجرة الحصرية تتسبب في مآسي. تقوم الولايات المتحدة باعتقال المهاجرين على نطاق واسع في منطقة حدودها الجنوبية، مما يتسبب في إحداث أزمة إنسانية خطيرة. وألقي القبض على قرابة 2.4 مليون مهاجر على الحدود الأمريكية في عام 2022، بزيادة قدرها 37 في المائة عن عام 2021 وأعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق. ويتعرض حق المهاجرين في الحياة لتهديد خطير. وذكرت قناة ((فوكس نيوز)) في 22 أكتوبر 2022 أن 856 مهاجرا لقوا حتفهم على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة في 2022، في أعلى حصيلة مسجلة على الإطلاق.

ذكرت صحيفة ((مكسيكو نيوز ديلي)) في 16 نوفمبر 2022 أن حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت أعلن عن "غزو" المهاجرين على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، قائلا إنه سيتخذ تدابير مثل إرسال الحرس الوطني لطرد المهاجرين غير الشرعيين ونشر زوارق حربية لتأمين أمن الحدود. وذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 16 ديسمبر 2022 أن سياسات الهجرة الأمريكية تعرض المهاجرين وطالبي اللجوء للخطر، مع اختطاف الآلاف أو الاعتداء عليهم جنسيا أو الهجوم عليهم بعنف. لقد تعطلت سياسة الهجرة بشدة في ظل الاستقطاب السياسي. وتحول المهاجرون إلى أداة للانقسام الحزبي، حيث يواجهون نسخة متشددة من كراهية الأجانب، إضافة إلى تعرضهم لمعاملة قاسية. وجرى تنظيم مهزلة "التخلي" عن المهاجرين على نطاق واسع. وذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 26 ديسمبر 2022 أنه تم نقل أكثر من 100 مهاجر، بمن فيهم أطفال، إلى واشنطن العاصمة والتخلي عنهم على جانب الطريق عشية عيد الميلاد في عام 2022. كانت درجة الحرارة أقل من الصفر، وكان بعض المهاجرين يرتدون قمصانا بأكمام قصيرة فقط في الطقس القارس. وانتقد فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، سياسة الهجرة الحدودية للحكومة الأمريكية باعتبارها تهديدا للحقوق الأساسية لطالبي اللجوء وتقوض أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان واللاجئين.

رفض إغلاق معتقل غوانتانامو. كان معسكر الاعتقال في خليج غوانتانامو، الذي أنشئ في عام 2002، يحتجز نحو 780 شخصا في أعلى عدد للمعتقلين فيه، واعُتقل معظمهم دون محاكمة وتعرضوا لمعاملة قاسية ولاإنسانية. ومعتقل غوانتانامو هو "فصل قبيح من انتهاكات حقوق الإنسان الشديدة" التي قامت بها الولايات المتحدة. أصدرت فيونوالا ني أولان، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، وخبراء مستقلون آخرون بيانا مشتركا في يناير 2022، أشاروا فيه إلى أن معتقل غوانتانامو سيء السمعة هو "وصمة عار على التزام الحكومة الأمريكية بسيادة القانون". وطالبوا الحكومة الأمريكية بإغلاقه وتوفير سبل الانتصاف والتعويض لأولئك الذين تعرضوا للتعذيب المشين والاحتجاز التعسفي من قبل عملائها، ومحاسبة أولئك الذين سمحوا بالتعذيب وشاركوا فيه وفق ما يقتضيه القانون الدولي. 

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق