مقالة خاصة: رحلة عذاب ومعاناة قاسية في السجون الأمريكية

"لن أنسى العذاب الذي تلقيته بسجون الاحتلال الأمريكي حتى يرث الله الأرض ومن عليها، عندما أروي معاناتي لاولادي وأبناء منطقتي أبكي لا اتحمل، الذي جرى لي شخصيا ولزملائي، ابدا لن انساه حتى لو بعد 100 عام، سابقى العن وأكره الأمريكان" بهذه الكلمات وصف المعتقل العراقي ليث كامل معاناته بسجون الاحتلال الأمريكي.

واعتقل كامل لمرتين، الأولى العام 2005 وأمضى سنة كاملة وبعدها اطلق سراحه واعتقل مرة ثانية العام 2007 وأمضى سنة أخرى وتعرض لابشع أنواع التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان.

وقال كامل لوكالة أنباء ((شينخوا)) "الأمريكان بعيدون عن الديمقراطية، رأيت بام عيني ببغداد يسحقون الأطفال بالدبابات وعجلات الهمر ويقصفون الناس، وهذا لا يوجد فيه أي لمسة من لمسات الديمقراطية، هم لا يمتلكون أي ديمقراطية".

رحلة العذاب بالمحاجر السوداء

سقطت دموع كامل عندما سالناه عن المعاملة بالسجون الأمريكية، مؤكدا أن التعذيب والاهانة وانتهاك حقوق الانسان بدأت منذ لحظة اعتقاله وحتى اطلاق سراحه.

أول اعتقال لكامل بمدينة سامراء (120 كم) شمال بغداد أثناء عودته من مدينة بيجي بنقطة تفتيش للأمريكان يوم 13 مارس 2005، حيث اعتقل وأهين وسحل وقيدت يديه وعصبت عينيه ونقلوه لجهة مجهولة ثم نقلوه إلى المحاجر السوداء وهي أصعب شيء بالمعتقلات، وفقا لكامل.

والمحاجر السوداء موجودة بنادي الفارس العربي الذي يقع ضمن حدود سجن مطار بغداد وهي عبارة عن مكان أسود مساحته مترا مربعا، وتقدم الوجبة الغذائية والماء من فتحة صغيرة تبلغ نحو 10 سم، وأكثر القائمين عليها من ذوي البشرة السوداء من المارينز بالجيش الأمريكي، وبهذه المحاجر لا يعرف الوقت ليل أو نهار، ولا يرى فيها الضوء، وفقا لكامل.

وقال كامل "الحارس المسؤول عن هذه المحاجر يضرب الابواب بمطرقة كبيرة بحيث يرعبك واذا كنت كبير بالعمر جائز تموت بالسكتة القلبية" ويسكت للحظات ويواصل "مات بعض المعتقلين، مرات انظر من الفتحة الصغيرة وأرى كثير من الجثث ملقاة بالممر بعد موت اصحابها، ويتركونه ليوم أو يومين حتى تنتفخ الجثث ثم يضعونها بأكياس سوداء، رأيتها بام عيني وهذه المحاجر أقسى سجن بالعالم".

خلعت ملابس كامل وهدده أحد الجنود الامريكيين بالاعتداء جنسيا اذا لم يعترف قائلا "بقيت بالمعتقل سنة كاملة بتهمة مهاجمة قوات التحالف، يجلس ثلاثة أشخاص أحدهم من الاستخبارات والذي يجلس على اليمين متخصص بعلم النفس والاخر من الجيش الأمريكي، بهذا المكان نزعوا ملابسي وهناك شخص أسود البشرة ايضا نزع ملابسه وقال لي ساعتدي عليك جنسيا اذا لم تعترف".

وواصل سرد قصته المحزنة مع العذاب "بجانبي كان شخص اسمه فاروق دخل عليه الكلب وعضة عدة عضات من رقبته ووجه وكنا بدون ملابس، وفي المحجر الثالث كان لواء ركن عجمي عضته الكلاب فمات بالسجن بسبب عضات الكلاب، هذا الموقف لا يذهب عن بالي، كان يوما مؤلما".

وأضاف "عندما اكتمل التحقيق الذي استمر لمدة 45 يوما حتى قادة القاعدة في جوانتاناموا لم يتعرضوا لمثل ما تعرضنا له بقدر ما ابدوا من قساوة، الليل لا ننام ، المرحاض تحتك، وتتعرض للشتائم".

وأوضح انهم يستخدمون التعذيب النفسي قائلا "ينقلوننا إلى مكان فيه مشانق كثيرة وحبال لتراها ثم يرجعونك ويستخدمون العامل النفسي مرات أكثر مما يستخدموا الهراوات أو العصا الكهربائية وأي صوت يصدر منك اذا لم تسكت يجلبون لك الكلاب والعصا الكهربائية".

وتعرض كامل لتعذيب كبير بسجن أبوغريب الشهير بفضائحه قائلا "عندما ذهبت إلى أبوغريب كان التعذيب أقسى، يعني التعذيب جماعي ينزعون ملابسنا ويضعوننا واحدا فوق الاخر كل صف بالاتجاه المعاكس للصف الذي فوقه، تقريبا 50 معتقلا وتأتي المجندة وتنزع ملابسها وتتبول أو تتغوط علينا".

وتابع "جاءوا بنساء معتقلات في أبوغريب، وكانوا يجمعوننا بالممر 50 شخصا أو 30 شخصا من الساعة الثانية فجرا ويبدأون يرقصون علينا ويشغلون الموسيقى الصاخبة وبعضهم يبصق علينا وقسم يضربونا بعد نزع ملابسنا".

ويؤكد كامل أنه تعرض لمدة ثلاثة أشهر للتعذيب أكثر مما تعرض له اصحاب الصور التي نشرت وكشفت فضيحة سجن أبوغريب قائلا "تعرضنا لأكثر مما تعرض له صاحب الصورة الشهيرة، أسهل شيء يربطك بيدك اليمين مع رجلك اليسار ويعلقك بالسقف أو يربطك من تحت يديك ويعلقك لمدة ثلاث أو أربع ساعات".

ومن صور التعذيب التي تعرض كامل الاحتجاز في محجر تحت أشعة الشمس لمدة 40 يوما، قائلا "في الصيف بشهر يوليو والسجن قاسي والشمس تضرب على وجهك وفي الليل يوجد الناموس ولا تستطيع النوم، مساحة المحجر عبارة عن متر مربع فكيف تنام وكيف تمد أرجلك وكيف ترتاح ".

واعتقل كامل مرة ثانية العام 2007 بمنزله بمدينة الضلوعية (100 كم) شمال بغداد عندما كان نائما وكسروا أبواب منزله وحطموا الأدوات واثاث البيت وخزانات الماء، مبينا أنه تعرض لنفس التعذيب بالاعتقال الأول وبقي لمدة سنة ولم يستطع الجيش الأمريكي أن يثبت عليه شيئا فاطلق سراحه.

تعذيب باطلاق السراح

يحرص الجيش الأمريكي على تعذيب المعتقلين حتى قبل لحظات من إطلاق سراحهم ونيل حريتهم التي سلبها خلافا لاي قانون أو شرعية دولية.

وقال كامل "عندما يريدون إطلاق سراحك يسمونه (Happy pass) يجمعوننا بساحة كبيرة بمعتقل بوكا بالبصرة جنوبي العراق وينادون على الأرقام، بعدها نقولنا إلى سجن سوسة بالسليمانية شمالي العراق بطائرة كبيرة ونحن معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي والأرجل بالسلاسل".

وتابع "اجلسونا في سوسة والجو بارد جدا والثلوج تتساقط وتركونا لمدة 9 ساعات ونحن مقيدون، البعض يضطر لأن يتبول على نفسه، بعدها ارجعونا إلى مطار بغداد وايضا اجلسونا بساحة المطار عدة ساعات حتى الساعة 12 منتصف الليل وكنا نرتجف من شدة البرد ونرتدي فقط بدلة المعتقلين الصفراء الخاصة بالمجرمين ونحن لسنا بمجرمين بعدها ارجعونا إلى البصرة".

وأوضح كامل أن المعتقلين يسألون المترجم عن السبب فيرد عليهم أن الجنود اخطأوا بارقام المعتقلين، وفي بعض الاحيان يقول للمعتقلين إن معلومات وردت عنكم وانتم بالطائرة في الجو.

وذكر أن الجيش الأمريكي أطلق سراحه بعد الاعتقال الثاني بمنطقة زوبع الريفية غربي بغداد واعطاه 30 دولارا وهي لا تكفي لايصاله لبيته قائلا "عندما ينزولننا من الشاحنة يركلونا الجنود بارجلهم ونسقط بالشارع ويأمرونا بالتمدد على الأرض والبقاء لمدة 10 دقائق ويهددونا باطلاق النار اذا نهضنا، لا رحمة ولا إنسانية لديهم".

واختتم "الأمريكان لم يأتوا بديمقراطية أتوا بتشرد وتفريق وطبقوا سياسة فرق تسد، وحشيتهم حتى هولاكو لم يفعل مثلما فعلوا بالعراق من جرائم وتخريب وتدمير للبيوت والمزارع، وحشية الأمريكان فوق كل وحشية". 

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق