تعليق: الشرق الأوسط يتجاوز مرة أخرى "قواعد اللعبة الأمريكية"

بعد 12 عاما من العزلة، عادت سوريا أخيرا إلى أسرة جامعة الدول العربية يوم الأحد (7 مايو)، وفقا لقرار اتخذه مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه الطارئ في اليوم نفسه بالقاهرة على المستوى الوزاري، بشأن استعادة البلاد لمقعدها بالجامعة، ما يعد معلما آخر في عملية المصالحة في الشرق الأوسط بعد تصافح الرياض وطهران في بكين لتحقيق الصلح، كذلك رمزا آخر لتجاوز الشرق الأوسط لـ" قواعد اللعبة الأمريكية ".

ومن منظور تطور الوضع في الشرق الأوسط، فإن المصالحة السعودية والإيرانية بوساطة الصين قد أسهمت بشكل مباشر في عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. إذ دخل العالم في الوقت الحاضر فترة جديدة من الاضطراب والتغيير، وبدأت الدول العربية التي رأت الاتجاه العام للعالم "تستيقظ"، وتدرك شعوب الشرق الأوسط بشكل متزايد أهمية أخذ مصيرها بأيديها.

وأعرب المجتمع الدولي عموما عن ترحيبه بإعادة قبول الجامعة العربية لسوريا. ويرى محللون أن هذه الخطوة الحكيمة تفضي إلى تعزيز التعاون الإقليمي في سوريا، وتحسين اقتصادها وإعادة إعمارها بعد الحرب. كما أنها تفضي إلى قيام جامعة الدول العربية بتعزيز قوتها في الخطاب الدولي، ومساعدة البلدان العربية على تشكيل تآزر سياسي وأداء دور أكثر أهمية في الساحة الدولية؛ وفي الوقت نفسه، فإنه يفضي إلى توطيد توافق الآراء بشأن التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية وتعزيز زيادة تخفيف حدة التوتر في الشرق الأوسط.

ومن جانبها، تبنت واشنطن إجراءات مستمرة لعرقلة عملية المصالحة في المنطقة بعد رؤية أنها لم تعد تود الالتزام "بقواعد اللعبة الأمريكية". وعلى سبيل المثال، أرسلت إدارة بايدن مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز لزيارة المملكة العربية السعودية، حيث أعرب عن "خيبة أمله" في تحسن العلاقات بين السعودية وإيران. وبالإضافة إلى ذلك، استخدمت الحكومة الأمريكية ما يسمى بقضايا "حقوق الإنسان" لتحدي الحكومة السورية في العديد من المحافل الدولية، وأكدت أنه "لن يكون هناك تطبيع للعلاقات مع نظام الأسد، ولا دعم لدول أخرى لتطبيع العلاقات مع دمشق".

بيد أن هذه الإجراءات لم توقف زخم المصالحة في الشرق الأوسط. فمن تصافح الرياض وطهران إلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية، أرسلت بلدان الشرق الأوسط إشارة واضحة مفادها أنها تريد السلام والتنمية والمضي قدما على طريقها الخاص.

كان الصحفي الأمريكي المخضرم فريد زكريا، يكتب مقالا في صحيفة واشنطن بوست أفاد بأن الولايات المتحدة غارقة في "الإنجازات الدبلوماسية" التي حققتها في الحرب الباردة ولا يمكنها الشعور بأن العالم الخارجي يشهد تغيرا. وتذكر "موجة المصالحة" في الشرق الأوسط اليوم الولايات المتحدة بأن الزمن قد تغير بالفعل.

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق