تحليل إخباري: فوز أردوغان أحبط محاولة الولايات المتحدة في التحول الجيوسياسي

تغلب الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان يوم الأحد على منافسه كمال كيليجدار أوغلو في جولة الإعادة الخاصة بالانتخابات الرئاسية، ليبدأ فترة ولايته الثالثة.

وكانت الانتخابات بمثابة أفضل فرصة للمعارضة الموالية للغرب للتغلب على أردوغان، لكن النتيجة كانت معاكسة بشدة لتوقعات واشنطن.

فاز أردوغان بـ52.14 بالمائة من الأصوات، بينما حصل خصمه كمال كيليجدار أوغلو على 47.86 في المائة من الأصوات، ليتغلب على ائتلاف المعارضة القوي الذي أُطلق عليه اسم "الطاولة السداسية".

ويقوم كيليجدار أوغلو، السياسي المؤيد للغرب والبالغ من العمر 74 عاما، بتمثيل ائتلاف مكون من 6 أحزاب، وربما لا يكون أمامه فرصة لخوض الانتخابات القادمة بعد 5 أعوام.

ولم يكن هناك شك في أن واشنطن اعتبرت كيليجدار أوغلو خيارا أفضل بكثير، وتوقعت أن تشهد تركيا تحولا جيوسياسيا إذا فاز بالانتخابات. وقد التقى سفير الولايات المتحدة في تركيا جيف فليك مع كيليجدار أوغلو في مارس، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة تدعمه ليصبح القائد الجديد للبلاد.

وعلى الرغم من ذلك، تظهر النتيجة أن أردوغان لا يزال مسيطرا على السلطة في بلاده، وأن مسيرته السياسية لم تنتهي بعد. كما إنها أيضا علامة واضحة على أن موقف أردوغان المتشدد تجاه الولايات المتحدة يحظى بشعبية بين الشعب التركي، حيث لا يرى معظم الأتراك الولايات المتحدة على أنها "منارة العالم" الآن.

لطالما اعتبرت واشنطن أن إدارة أردوغان تعيق الديمقراطية في البلاد، وأن الأحزاب المعارضة تضعف، كما اعتبرت أن الترويج للعلمانية لم يعد في أجندة أنقرة. وبالتالي، فإن الفجوة بين أنقرة وواشنطن تتسع بسبب اختلاف قيمهما.

وفي هذا السياق، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، حليف مقرب لأردوغان، علنا قبيل الانتخابات، إن واشنطن تسعى لفرض هيمنتها على الشؤون العالمية و "العالم بأجمعه يكره أمريكا"، لافتا إلى أن لقاء المبعوث الأمريكي مع كيليجدار أوغلو من شأنه أن يزيد العزلة بين أنقرة وواشنطن.

تزعج استراتيجية التوازن التركية بين روسيا والولايات المتحدة واشنطن، حيث أن التعاون بين أنقرة وموسكو يتزايد بأبعاد مختلفة. فكدولة تعتمد على الطاقة، تتلقى تركيا حوالي 45 بالمائة من غازها الطبيعي وكميات كبيرة من النفط والفحم من روسيا.

وبعد اندلاع الأزمة الأوكرانية، رفضت تركيا اتباع العقوبات الغربية على روسيا، وبدلاً من ذلك، عملت عضويتها في الناتو على تعزيز تعاونها مع روسيا.

وفي ضوء ذلك، قال لي يا نان، خبير في القضية التركية وباحث مساعد في المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه بعد فوز أردوغان بالإنتخابات، سيواصل الحفاظ على سياسة أجنبية متوازنة، وسيلعب دورا أكثر أهمية في الأزمة الأوكرانية، وسيعطي الأولوية لمصالح أنقرة في علاقتها بالولايات المتحدة والغرب.

وفيما يتعلق بانضمام السويد إلى الناتو، قال لي إن الأمر يعود إلى عما إذا كانت السويد قادرة على تلبية الشروط التي طرحها أردوغان.

ومع ذلك، خلال ولاية أردوغان الثالثة للبلاد، لن توافق تركيا بسهولة على حصول السويد على عضوية الناتو، طالما لم يتم تلبية مطالب أنقرة. لقد اتهم أردوغان السويد بالتساهل مع جماعات تعتبرها أنقرة إرهابية.

ويعتقد لي أن أردوغان لن يتخلى عن عضوية تركيا في الناتو، لأنها لا تزال مهمة جدا لأنقرة، وهي أيضا واحدة من أفضل أوراق المساومة للتعامل مع روسيا.

وبعد التسوية الأخيرة بين السعودية وإيران، قد يؤدي فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية إلى دفع القوى الكبرى في الشرق الأوسط بعيدا عن التلاعب الأمريكي.

وقد يكون هذا إخفاقا آخر في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط بعد غزو العراق.

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق