مقالة خاصة: أطفال غزة في صدارة ضحايا أعنف حرب بين حماس وإسرائيل

كل لحظة من أعنف حرب يشهدها قطاع غزة على الإطلاق بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل تجلب الألم الشديد وتحمل المزيد من المشاهد الصادمة.

تتدفق على مدار الساعة مقاطع فيديو جديدة من غزة توثق الصدمة والحزن على مقتل المزيد من الأطفال، وأكثرها مأساة لأحد الوالدين يحتضن طفله جثة هامدة ومضرجة في دمائها.

لم يتجاوز الطفل الرضيع حسن حمزة العمصي تسعة أشهر من عمره قبل أن يقتل متأثرا بإصابته بشظايا غارة إسرائيلية شمال غزة ويودعه والده بأسى بالغ.

ظهر الوالد المكلوم مصدوما في مجمع الشفاء الطبي في غزة لا ينطق بكلمة أمام من يقدمون له العزاء والصحفيين.

تقول منظمات إغاثية في غزة إن كل 15 إلى 20 دقيقة يقتل طفل.

وأحصت وزارة الصحة الفلسطينية نحو 1900 طفل فلسطيني قتلوا في هجمات إسرائيل المتواصلة خلال 16 يوما على التوالي.

بموازاة ذلك فإن 800 طفل من أصل 1450 شخصا في عداد المفقودين تحت أنقاض المباني المدمرة في مختلف أنحاء قطاع غزة.

وتظهر هذه الإحصائيات الصادمة والتي ترتفع على مدار الساعة أن أطفال غزة يجدون أنفسهم في صدارة ضحايا حرب لم يختاروها ويدفعون فيها أغلى ثمن.

وشنت حماس في 7 أكتوبر الجاري هجوما غير مسبوق على إسرائيل أسمته "طوفان الأقصى" تضمن إطلاق آلاف القذائف الصاروخية وعمليات تسلل لمقاتلين فلسطينيين داخل الأراضي الإسرائيلية.

وردت إسرائيل بإطلاق عملية "السيوف الحديدية" ضد حماس وشنت منذ ذلك الوقت آلاف الغارات الجوية على قطاع غزة المكتظ بأكثر من مليوني و200 ألف نسمة.

حوالي نصف سكان غزة هم من الأطفال معظمهم لم يجربوا الحياة إلا في ظل الحصار والحروب المتكررة مع إسرائيل.

والآن هم في دائرة القتل المستمرة ولا يوجد مكان آمن لهم من القصف الإسرائيلي المتواصل.

في ساحات المستشفيات يجلس ويستلقي الأطفال وهم في حالة من القلق والرعب مما نجوا منه، والمحظوظون منهم من لا يزال لديهم آباء يمسكون بأيديهم.

هذا الأمر لا يشمل عبد الرحمن حميد (10 أعوام) الذي يتمدد على سرير العلاج بعد إصابته بجروح في غارة إسرائيلية على منزل عائلته في مخيم الشاطئ للاجئين.

الأسوأ بالنسبة إلى عبد الرحمن أنه لا يزال يجهل أن الضربة التي أدت إلى إصابته أودت بحياة والده ووالدته وشقيقاته الثلاث.

فقط عمته أم راشد هي الوحيدة التي بقيت لتحاول تهدئته.

وتقول أم راشد بنبرات متقطعة والدموع تغطي وجهها لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه يستيقظ ويبكي ويعطونه مسكنات الألم ويعود للنوم بعد أن يسأل كثيرا عن والديه وشقيقاته.

وتضيف "لا أعرف كيف يمكن أن أخبره بما جرى لعائلته، الأطباء قالوا إنه يعاني تحت صدمة شديدة بفعل إصابته.. هو أصغر أشقائه ولن يتحمل الأمر".

وتقول الكثير من العائلات استجابوا لتحذير الجيش الإسرائيلي لإخلاء مناطق سكنهم في غزة وشمال القطاع وانتقلوا جنوبا، معتقدين أن الوضع سيكون امنًا لكنه لم يكن كذلك.

وأصيبت الطفلة ملك حسن في الورك والساقين وفقدت والدتها وأخوتها في غارة إسرائيلية جوية على منزل نزحوا إليه في مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع.

يسأل أقاربها من حولها عما فعلته هذه الطفلة التي لم تتجاوز 9 أعوام من عمرها حتى يجرى كل هذا، لكنهم لا يجدون إجابات.

في الحرب لا إجابات فقط الدماء النازفة والخراب الذي ينتشر بشكل غير مسبوق يعبر عن المشهد.

كان محمود أبو حسين البالغ من العمر ثمانية أعوام يلعب بالخارج عندما تعرض منزل عائلته للقصف الإسرائيلي في بلدة جباليا شمال قطاع غزة.

هو يرقد الآن في المستشفى مصابا بجروح في الرأس والساق ويقول إن كل ما يتذكره هو صوت انفجار شديد وفقدانه للوعي.

من الواضح أن القدر كان رحيما جدا بمحمود بالنظر إلى غيابه عن الوعي دون رؤية طفلين من أقاربه وقد تحولا إلى أشلاء في نفس الانفجار.

يقول الأطباء في غزة إن معظم جرحى الهجمات المكثفة في غزة هم من الأطفال والنساء، فيما أن الرعاية الصحية التي يحتاجونها على وشك الانهيار في ظل أزمات انقطاع إمدادات الكهرباء والماء والمستلزمات الطبية.

يقدر المكتب الإعلامي الحكومي الذي تديره حركة حماس في غزة بأن 70% من سكان القطاع بواقع 1.5 مليون نسمة نزحوا من مناطق سكنهم.

ولجأ هؤلاء إلى مراكز إيواء تصل لأكثر من 220 مركزا غالبيتهم تديرهم وكالة الأمم المتحدة في ظل أزمات إنسانية شديدة.

وفي محاولة يائسة للحصول على أي ملجأ آمن تدفق أكثر من 30 ألف شخص غالبيتهم العظمى من الأطفال والنساء إلى أرض مجمع الشفاء.

ويفترش هؤلاء الأرض ويلتحفون السماء، فيما الطنين المستمر لطائرات الاستطلاع ودوي الانفجارات المتكررة أصبح جزءاً من الوجود في غزة.

ومع مرور كل الوقت العصيب يجد بعض الأطفال مهربا بسيطا من هذا الكابوس المستمر الذي تقول منظمات لحقوق الإنسان إنه لا ينبغي لأي طفل أن يعايشه.

تلهو كل من لجين وجوليت بشير مع أطفال آخرين نازحين لقليل من الوقت ثم يهرعون جميعا إلى أحضان أمهاتهم فور سماع دوي انفجار جديد.

وتقول لجين (11 عاما) إن حي الرمال الذي كانت تقطن فيه تم تسويته بالأرض دون أن تأخذ أي من ألعابها ومقتنياتها الشخصية.

وتضيف أنها تشعر بالرعب والفزع الدائمين وتعجز عن النوم خشية ما ينتابها من كوابيس الحرب والانفجارات.

أما جوليت (12 عاما) فتقول إنها كانت تحلم بأن تصبح طبية عندما تكبر لكن لم تتخيل أن تقيم في ساحة المستشفى بهذه ظروف.

وسرعان ما تتوجه الأنظار مجددا لسيارات الإسعاف المسرعة في سباق مع الموت لنقل ضحايا جدد، فيما يبقي السؤال متى يتوقف كل هذا؟ 

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق