دبلوماسية شي: زيارة شي لحضور اجتماع الأبيك تُعبر عن الأمل تجاه العلاقات الصينية-الأمريكية

 تلبية لدعوة من الرئيس الأمريكي جو بايدن، وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى سان فرانسيسكو يوم الثلاثاء لحضور قمة بين الصين والولايات المتحدة والاجتماع الـ30 لقادة اقتصادات منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (أبيك).

تُمثل هذه الزيارة إلى سان فرانسيسكو عودة الرئيس شي إلى الولايات المتحدة بعد أكثر من ست سنوات، كما تُمثل لقاء آخر وجها لوجه بين رئيسي الدولتين بعد المصافحة التي جرت العام الماضي في بالي بإندونيسيا.

قبل ثماني سنوات، في خطاب ألقاه حول العلاقات الصينية-الأمريكية في عشاء ترحيبي أقامته الحكومات والمنظمات المحلية في سياتل بالولايات المتحدة، قال شي "يجب علينا تنمية المشاعر الودية بين شعبينا. فالعلاقات الشعبية تدعم العلاقات بين الدول".

وقد أكد الرئيس شي مجددا خلال اجتماعه مع حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم الشهر الماضي أن "أساس العلاقات بين الصين والولايات المتحدة يكمن بين الشعبين، والأمل يكمن في الشعبين".

ومع انعقاد قمة شي-بايدن، مدت الصين مرة أخرى يد الصداقة نحو الجانب الآخر من المحيط الهادئ.

-- من بكين إلى سان فرانسيسكو

سان فرانسيسكو هي أول مدينة أمريكية تصل إليها مباشرة رحلة تجارية صينية. ففي السابع من يناير عام 1981، حلقت طائرة ركاب كبيرة من طراز "بوينغ 747 إس بي" فوق المحيط الهادئ لتصبح أول رحلة جوية بين الصين والولايات المتحدة تربط بين بكين وشانغهاي وسان فرانسيسكو ونيويورك.

على مدى السنوات الـ42 الماضية، كانت الرحلات الجوية النشطة شاهدا على التواصل الوثيق بصورة متزايدة بين الصين والولايات المتحدة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، استأنفت شركة ((إير تشاينا)) وشركة ((يونايتد إيرلاينز)) رحلاتهما المباشرة بين بكين وسان فرانسيسكو على التوالي، الأمر الذي يشير إلى تحسن العلاقات بين الجانبين.

في مطار سان فرانسيسكو الدولي، حرص روجر جانسن، المصور الصحفي الأمريكي المتقاعد الذي اختتم لتوه زيارته إلى الصين، على مشاركة تجربة السفر هذه مع الآخرين.

أشار إلى أنه سافر إلى شانغهاي وبكين على متن قطار رصاصة فائق السرعة في الصين، واستمتع بطعام طيب المذاق وقال "كان الجميع ودودين ولطيفين. أتعلمون أن علينا العمل معا، ونبذ الخلاف والخصام".

كما يولي دينيس سايمون، الزميل البارز بمعهد الدراسات الصينية-الأمريكية، اهتماما وثيقا بالقمة.

وقال سايمون في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا إن "لديهما بالتأكيد جدول أعمال معقد للغاية سيقوم الرجلان بمناقشته. ولكن يتعين عليهما أولا وقبل كل شيء، أن يجدا طريقة لتحقيق الاستقرار في العلاقات".

وأشار إلى أنه "يتعين على البلدين والزعيمين إيجاد طريق للمضي قدما بغية الحد من التوترات وجعل استفادة المواطنين في كلا البلدين من التواصل بين الحكومتين أمرا مجديا".

وذكر سايمون، الذي لديه أكثر من 40 عاما من الخبرة في الدراسة والعمل بالصين، "أنا من أشد المؤمنين بالدبلوماسية الشعبية. أعتقد أننا إذا نظرنا إلى السنوات الأربعين الماضية من العلاقات الأمريكية-الصينية، سنجد أن البعد الشعبي نما إلى ما هو أبعد بكثير مما كان يمكن أن يتصوره أي شخص".

-- الموسيقى تعد بمثابة جسر

تماما كما يمتد جسر غولدن غيت عبر خليج سان فرانسيسكو على نحو يُسهل الربط بين السكان المحليين، أصبحت الموسيقى بمثابة "جسر" بين الصين والولايات المتحدة.

قبل خمسين عاما، جاءت أوركسترا فيلادلفيا إلى الصين، لتبدأ رحلة كسر الجليد في التبادلات الثقافية بين البلدين.

وبعد خمسة عقود، قدمت الأوركسترا عرضا في بكين مع الأوركسترا السيمفونية الوطنية الصينية جنبا إلى جنب مطربين من مختلف البلدان، ليعملوا معا على إنشاء سيمفونيات متناغمة أثناء زيارتها الجارية الـ13 للصين.

قال شي، في رده على رسالة من ماتياس تارنوبولسكي، الرئيس والمدير التنفيذي لأوركسترا فيلادلفيا، إنه يأمل من الأوركسترا والفنانين من الصين والولايات المتحدة والدول الأخرى مواصلة بذل جهودهم لتعزيز العلاقات الشعبية بين الصين والولايات المتحدة ونشر الصداقة بين شعوب العالم.

وذكر تارنوبولسكي، الذي يثُمن علاقات الأوركسترا مع الصين القائمة منذ نصف قرن من الزمان، أنه يأمل في رؤية هذه العلاقات وهي تواصل نموها وازدهارها.

ولفت تارنوبولسكي إلى أن "التبادل الثقافي مهم بشكل أساسي كطريق للتفاهم بين الشعوب"، مضيفا أن "الموسيقى تربطنا جميعا، سواء عبر الحدود الجغرافية، أو اللغات، أو الثقافات، أو القرون".

وقال عازف الكمان ديفيد بوث، وهو أحد أعضاء رحلة عام 1973 والذي لا يزال يعزف في الأوركسترا، إن الجولة التي جرت قبل 50 عاما كانت "واحدة من أهم الأحداث" في حياته.

"أعتقد أننا يمكن أن نبين لناس أن هناك أملا إيجابيا للجميع في كل مكان"، هكذا عبر عازف الكمان (73 عاما)، مشيرا إلى أن "الموسيقى لغة عالمية. إنها أكثر أشكال الفن تجريدا والتي يمكن أن تمس وجدان الناس وتصبح جسرا يربط بيننا".

-- المستقبل منبعه الشباب

خلال زيارته لمدرسة لينكولن الثانوية في عام 2015، دعا الرئيس شي الطلاب لزيارة الصين، قائلا "من خلال السفر، ستعرفون الصين بشكل أفضل، ونأمل أن تعجبكم الصين".

بعد عام واحد، زار وفد من الطلاب والمعلمين من مدرسة لينكولن الثانوية مدنا صينية بما فيها فوتشو وتشنغدو وبكين.

واسترجع باتريك أروين المدير السابق لمدرسة لينكولن الثانوية هدية السفر لطلابه من شي، قائلا إن الطلبة سيقودون الطريق نحو علاقات أفضل بين بلدينا.

وأضاف أن "الطلاب هم صوت المستقبل، وكلما كان بإمكانهم زيارة بعضهم البعض، كانت فرص التمتع بمستقبل ناجح أفضل".

على مر السنين، ركز الرئيس شي بشكل كبير على تعزيز التفاعلات الحقيقية بين الشباب من الجانبين، وغرس بذور الصداقة في قلوبهم، وتنشئة سفراء النوايا الحسنة المستقبليين، وبناء جسور للصداقة المستقبلية بين الصين والولايات المتحدة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قام 23 طالبا جامعيا أمريكيا بجولة تعليمية في الصين استغرقت خمسة أيام ونظمتها جامعة جنوب غرب جياوتونغ في مقاطعة سيتشوان الصينية.

وقد قال تور بارسونز، الطالب بكلية لويس وكلارك، إنه يود نشر تجربته على مواقع التواصل الاجتماعي ليتيح الفرصة للمزيد من الشباب الأمريكيين لمعرفة الصين.

وذكر درو كونارد، مدير الرحلة "آمل أن يتمكن طلابي من اكتساب فهم أعمق لجميع جوانب الصين".

أما ديفيد تشونغ، مؤسس ورئيس جمعية التبادل الشبابي والطلابي الأمريكية-الصينية، فقال إنه "من خلال التبادلات، نمت الصداقة بين الشباب الصيني والأمريكي وتعمق التفاهم والاحترام بينهما".

وقد أكد الرئيس شي، في رده على رسالة من جمعية التبادل الشبابي والطلابي الأمريكية-الصينية، أن "أمل وأساس العلاقات الصينية-الأمريكية يكمن في الشعبين، ومستقبلها يكمن في الشباب". 

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق