تعليق: على بريطانيا إعادة القطع الأثرية المنهوبة لأصحابها

في ميدان راسل في لندن ببريطانيا، يوجد متحف مشهور عالميا، ألا وهو المتحف البريطاني. يبدو هذا المتحف مليئا بمجموعات التحف الأثرية، ولكن الغالبية العظمى من مقتنياته التي يزيد عددها عن ثمانية ملايين هي ملك لبلدان اخرى، لذا يطلق عليه "رمز السرقة الواسعة النطاق". على مر السنين، طلبت العديد من الدول من بريطانيا إعادة القطع الأثرية المنهوبة.

خلال زيارته الأخيرة إلى بريطانيا، جدد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس طلب بلاده  المتضمن استعادة منحوتات البارثينون، قائلا لشبكة بي بي سي إنه "لا يوجد جدال حول ملكية هذه القطع الأثرية، فهي يونانية، وقد سرقت".

قبل أكثر من 200 عام، قام الدبلوماسي البريطاني توماس بروس الملقب بـ"إيرل إلجين" بقطع عدد كبير من المنحوتات الرخامية من البارثينون وحتى الأكروبوليس وشحنها إلى المملكة المتحدة. وتم شراء هذه المنحوتات لاحقا من قبل الحكومة البريطانية وعرضها في المتحف البريطاني، لتصبح هذه التحف الأثرية اليونانية من أكثر روائع مقتنيات المتحف البريطاني. ولطالما طلبت اليونان من المتحف البريطاني إعادة هذه المنحوتات، لكن تلقت الرفض.

اليونان ليست الدولة الوحيدة التي عانت من هذه الظاهرة. كانت المملكة المتحدة أكبر الدول الأوروبية المستعمرة. والمتحف البريطاني هو بمثابة معرض للتاريخ الاستعماري البريطاني. ومعظم مقتنيات المتحف، من برونزيات بنين النيجيرية إلى حجر رشيد المصري، شاهد على تاريخ النهب البريطاني في الخارج. ومن بين هذه القطع الأثرية المنهوبة حوالي 23 ألف قطع صينية.

بذلت العديد من الدول، بما في ذلك الصين، جهودا حثيثة لاستعادة آثارها المنهوبة، لكن بريطانيا رفضت دائما إعادتها على أساس "حماية سلامة القطع الأثرية". في عام 1963، عدل البرلمان البريطاني قانون المتحف البريطاني لحظر إعادة القطع الأثرية في شكل تشريعي.

في أغسطس من هذا العام، تم الكشف عن فقدان حوالي 2000 قطعة أثرية من المتحف البريطاني وطرح بعضها للبيع عبر الإنترنت. أوقعت الفضيحة المتحف البريطاني في أزمة ثقة ومصداقية، وأصبحت قدرتها على "حماية سلامة القطع الأثرية" موضع تساؤل وتشكيك. ودعت العديد من الدول، بما في ذلك الصين، الجانب البريطاني مرة أخرى إلى إعادة القطع الأثرية لأصحابها.

القطع الأثرية هي امتداد لثقافة بلد أو أمة، وتحمل المشاعر التاريخية والذكريات الثقافية. على مر السنين، لم تتوقف العديد من البلدان حول العالم عن جهودها  من أجل استعادة آثارها المنهوبة من المتحف البريطاني والحكومة البريطانية، حماية لاستمرارية الثقافات الوطنية، وهذه الجهود في جوهرها جزء أساسي من الحركة الدولية المناهضة للاستعمار.

لقد ولت الحقبة الاستعمارية. وحان الوقت لتعود تلك القطع الأثرية المتواجدة في المتحف البريطاني إلى أصحابها الأصليين.

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق