تعليق:المجتمع الدولي يدرك بوضوح أكثر هذه النقاط الثلاث من خلال الصراع الروسي الأوكراني المستمر لسنتين

لقد استمر الصراع بين روسيا وأوكرانيا لمدة عامين كاملين حتى اليوم السبت الموافق 24 فبراير الجاري. ويخوض جيشا البلدين حاليا في مستنقع الحرب، بينما تستعد الولايات المتحدة وأوروبا لفرض جولة جديدة من العقوبات ضد روسيا، فإن احتمال وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب لا يزال ضئيلا. 

وبهذه المناسبة، قام الرأي العام العالمي باستعراض وتقييم الصدمة الهائلة التي سببها هذا الصراع، وأصبح لديه فهم أعمق وتفكير جاد في أسباب الصراع، وأدرك بشكل أكثر وضوحا ثلاث نقاط تتمثل في أن السياسة الدولية ليست صيغة رياضية بسيطة؛ وعقلية الحرب الباردة هي لعنة الصراع؛ والولايات المتحدة هي القوة الدافعة وراء المواجهة.

كان محللون دوليون قد أشاروا في وقت مبكر من اندلاع الصراع قبل عامين إلى أن حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة واصل فرض الضغط على المجال الأمني لروسيا، ما حفز تصعيد الصراع بين موسكو وكييف. وترمي واشنطن بذلك إلى إضعاف روسيا، وزعزعة استقرار أوروبا، ونقل الأزمة إلى العالم، بغية الاستفادة منها والحفاظ على هيمنتها.

وفي العامين الماضيين، دفعت الإدارة الأمريكية حلف شمال الأطلسي لضم السويد وفنلندا تحت ذريعة الأزمة الأوكرانية، وحاولت إنشاء "نسخة مصغرة من الناتو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ" لربط المزيد من الحلفاء بعربتها القتالية، ما أدى إلى زيادة التوترات في جميع أنحاء العالم. إلا أن الصراع المستمر منذ عامين أثبت أن العقوبات الأحادية الجانب لا تعمل فعلا، بل تزيد من حدة التناقضات والمواجهات.

فمن ناحية، تسبب استمرار الأزمة الجيوسياسية والعقوبات الاقتصادية في تقويض القدرة التنافسية لأوروبا، إذ تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو إلى 0.5٪ عام 2023. ومن ناحية أخرى، فإن الإيديولوجيات المناهضة للهجرة واللاجئين والعولمة آخذة في الارتفاع في أوروبا، مما يساهم في التنمية التدريجية للأحزاب الشعبوية. وفي العامين الماضيين، فازت الأحزاب الشعبوية اليمينية المتطرفة في الانتخابات البرلمانية في العديد من البلدان الأوروبية، وهو ما وصفه الرأي العام الأوروبي بأنه "تسونامي سياسي".

لقد أوضح التاريخ أن نقطة النهاية لأي صراع هي العودة إلى طاولة المفاوضات. وليس من المصلحة المشتركة للمجتمع الدولي إطالة أمد الأزمة الأوكرانية وتعقيدها وتوسيعها. ويتعين على جميع الأطراف أن تعترف بأن الحوار والتفاوض هما السبيل الوحيد القابل للتطبيق للخروج من الأزمة.

وكانت الصين بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي، تبذل جهودها الدؤوبة للإسهام في إيجاد حل سلمي للصراع، حيث دعت دائما جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس العقلاني لتجنب تصعيد الأزمة، والعمل معا لمنع خطر اندلاع الحرب وتوسعها بين القوى الكبرى وانتشار الأزمات الإنسانية على نطاق أوسع. وأكدت الحكومة الصينية مؤخرا في مناسبات عديدة أنه حتى لو لم يكن هناك سوى بصيص من الأمل في السلام، فإنها لن تتخلى عن جهودها وستواصل الاضطلاع بدور بناء في إنهاء القتال وإعادة بناء السلام في أقرب وقت ممكن.

ولحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، يتحتم على جميع الأطراف أن تبدي صدقها، وأن تعمل معا لتهيئة الظروف اللازمة لوقف إطلاق النار والحوار بين الجانبين. ويجب الالتزام بموقف متوازن وشامل وعقلاني، ويتعين الحفاظ على سيادة أوكرانيا وأمنها، وكذلك رعاية المخاوف الأمنية المشروعة لروسيا. وبهذه الطريقة فقط يمكن إنهاء الأزمة الراهنة في وقت مبكر وتحقيق السلام والاستقرار على المدى الطويل في القارة الأوروبية.

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق