اختتم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن زيارته إلى إسرائيل، وهي المحطة الأخيرة من جولته السادسة في منطقة الشرق الأوسط منذ اندلاع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وكما كان متوقعا، باءت جهوده للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بالفشل.
وعلى الرغم من خطاب واشنطن حول السعي إلى وقف لإطلاق النار، فإن دعمها الثابت للغارات الجوية الإسرائيلية التي لا هوادة فيها على غزة لا يؤكد تواطؤها فحسب، بل يكشف أيضا عن غياب صارخ للالتزام المخلص بحل الصراع وحماية أرواح الأبرياء.
وكرر بلينكن مرارا وتكرارا مناشداته لإسرائيل لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين في غزة خلال الأشهر الخمسة الماضية. مع ذلك، استخدمت واشنطن حق النقض (فيتو) ضد قرارات الأمم المتحدة الداعية إلى وقف إطلاق النار 4 مرات خلال نفس الفترة. إضافة إلى ذلك، زودت إسرائيل بمساعدات عسكرية غير مشروطة بمليارات الدولارات الأمريكية، كما أعاقت المساعي الدبلوماسية الرامية إلى محاسبة إسرائيل بموجب القانون الدولي.
وتجلى هذا الموقف المتناقض أيضا في تصريحات بلينكن يوم الخميس خلال زيارته للعاصمة المصرية القاهرة، حيث التقى مع كبار الدبلوماسيين من مصر والأردن وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وقال بلينكن "نحن ملتزمون بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها والتأكد من أن لديها ما تحتاجه للدفاع عن نفسها والتأكد من أن (ما حدث في) 7 أكتوبر لن يحدث مرة أخرى"، مضيفا "نحن ملتزمون أيضا ببذل كل ما في وسعنا لمساعدة الأشخاص الذين يتعرضون للأذى".
ويثير هذا الموقف شكوكا جدية حول قدرة واشنطن على معالجة الأزمة الإنسانية في غزة بشكل فعال، لا سيما عندما تسهم أسلحتها، المقدمة للجيش الإسرائيلي، في الصراع المستمر.
ويكشف التدقيق في الإجراءات التي نفذتها الإدارة الأمريكية في الآونة الأخيرة للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في غزة عن الجهود التي تركز بشكل أكبر على معالجة الأعراض بدلا من الأسباب الجذرية.
وكمثال على ذلك، أعلنت واشنطن عن خطط لبناء ميناء مؤقت قبالة ساحل غزة لتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية، وهو ما انتقدته قناة ((الجزيرة)) القطرية، واصفة ذلك بأنه "محاولة لتحويل الانتباه عن مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يتضورون جوعا ومنع إسرائيل المستمر لدخول المساعدات إلى القطاع".
ونقلت ((الجزيرة)) عن ميلاني وارد، الرئيسة التنفيذية لمنظمة العون الطبي للفلسطينيين، قولها في وقت سابق من هذا الشهر، إن "عمليات الإنزال الجوي والموانئ البحرية المؤقتة وما شابه ذلك ليست حلولا واقعية أو دائمة لدرء المجاعة الوشيكة والحفاظ على الحياة في غزة"، مضيفة أن "وقف إطلاق النار الفوري والدائم فقط سيسمح لنا بتقديم الاستجابة الإنسانية الضخمة المطلوبة".
وقد شهد قطاع غزة بالفعل مصرع قرابة 32 ألف فلسطيني، مع إصابة أكثر من 74 ألف شخص آخرين بجروح، وفقا للأرقام الصادرة عن وزارة الصحة في غزة.
وخرج متظاهرون في منطقة الشرق الأوسط وأحرقوا الأعلام الأمريكية للتعبير عن غضبهم من الوفيات في صفوف المدنيين في غزة، والتي غالبا ما تنسب بشكل غير مباشر إلى الولايات المتحدة بسبب دعمها العسكري لإسرائيل، وهو مثال صارخ على فقدان أمريكا لمصداقيتها في العالم العربي.
مع تزايد الخسائر في صفوف المدنيين في غزة، يجب على واشنطن أن تتوقف عن تمثيلية تصوير نفسها كوسيط للسلام وأن تتعاون بدلا من ذلك مع المجتمع الدولي للدعوة إلى سلام واستقرار حقيقيين في المنطقة.