تعليق : الصين وأفريقيا معا نحو التحديث

بعد ست سنوات، استقبلت بكين الأصدقاء من دول أفريقيا مرة أخرى وشهدت حدثا حافلا آخر للتعاون الصيني الأفريقي. 

فقد أفتتحت يوم 5 سبتمبر ببكين قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي 2024، بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي اقترح في كلمته الارتقاء بالمستوى العام للعلاقات الصينية الإفريقية إلى مجتمع المستقبل المشترك للصين وأفريقيا في جميع الأحوال خلال العصر الجديد، وبالعلاقات الثنائية بين الصين وجميع الدول الإفريقية التي تربطها علاقات دبلوماسية مع الصين إلى مستوى علاقات استراتيجية. كما اقترحت الصين أن يعمل الجانبان الصيني والأفريقي معا لدفع عملية التحديث على ستة أبعاد، وأعلنت عن عشرة خطط عمل للشراكة من أجل دفع عملية التحديث.

رئيس بوتسوانا موكجويتسي ماسيسي يرى في هذا اليوم لحظة تاريخية للعلاقات الأفريقية الصينية، قائلا إن الإجراءات الجديدة التي أعلن عنها الرئيس شي، بما في ذلك سياسة زيادة الانفتاح على أفريقيا، مثيرة للغاية ومشجعة لأفريقيا.

هذه القمة هي الرابعة منذ إنشاء منتدى التعاون الصيني الأفريقي. على مدى العقد الماضي، وبتوجيه استراتيجي من قبل دبلوماسية رؤساء الدول، جرى التعاون الصيني الأفريقي في "المسار السريع". من قمة جوهانسبرج 2015، التي أكدت أن "الصين وأفريقيا كانتا دائما مجتمعا ذا مستقبل مشترك"، إلى قمة بكين 2018، التي دعت إلى "بناء مجتمع مصير مشترك أوثق بين الصين وأفريقيا"، إلى قمة بكين 2024، التي ارتقت بالعلاقات الصينية الأفريقية إلى مستوى "مجتمع المستقبل المشترك في جميع الأحوال في العصر الجديد"، أصبح التعاون الصيني الأفريقي أوثق فأوثق.

الصين أكبر بلد نام في العالم، وأفريقيا أكثر قارة تركيزا للبلدان النامية، فما هي نوعية التحديث التي تسعيان إليها؟  التحديث العادل والمعقول، التحديث المفتوح والمربح لجميع الأطراف، التحديث الذي يضع الشعب أولا، التحديث التعددي والشامل، التحديث الصديق للبيئة، التحديث السلمي والآمن... هذه هي الإجابة التي قدمتها الصين في هذه القمة.

تاريخيا، جلبت عملية التحديث في الغرب معاناة كبيرة لعدد كبير من البلدان النامية، وعانت كل من الصين وأفريقيا من اضطهاد الاستعمار. أشار المحللون إلى أن صورة "التحديث" التي رسمتها الصين من ستة أبعاد لا تتخلى فقط عن قانون الغاب المتبع في عملية التحديث الغربي، بل تستوعب أيضا التجارب المفيدة في التحديث الصيني، كما تجسد قيم التحديث المتمثلة في الشمولية والمساواة والتقدم. هذه الصورة تتوافق مع احتياجات التنمية المشتركة للصين وأفريقيا، وتفضي إلى "الصحوة الثانية" لأفريقيا، وتعطي دفعة لتحديث الجنوب العالمي.

كيف سيتم ترجمة هذه الصورة على أرض الواقع؟  ستعمل الصين مع الجانب الأفريقي خلال السنوات الثلاث المقبلة لتنفيذ عشر خطط عمل للشراكة، تشمل التعلم المتبادل بين الحضارات، وازدهار التجارة، والتعاون في سلاسل الصناعة، والترابط، والتعاون الإنمائي، والرعاية الصحية، والزراعة، والتبادلات الشعبية، والتنمية الخضراء، والأمن المشترك. ويمكن ملاحظة أن خطط العمل العشر جاءت امتدادا لـ"خطط التعاون العشر الكبرى" و"الإجراءات الرئيسية الثمانية" و"المشاريع التسعة" التي نفذتها الصين وأفريقيا بشكل مشترك في إطار منتدى التعاون الصيني الأفريقي، وتمثل "خريطة طريق" للصين وأفريقيا للعمل معا من أجل التحديث. وأكثر ما يميز خطط العمل العشر أنها لا تأخذ في الاعتبار التطلعات الإنمائية الأكثر مباشرة وإلحاحا للبلدان الأفريقية في الوقت الحاضر فحسب، بل تدرك أيضا بدقة الاتجاه العام لتطور العصر، وتفسح المجال لتفعيل المزايا التكميلية للتعاون الصيني الأفريقي.

وتظهر هذه التدابير بوضوح أن الصين تدعم بإخلاص تنمية أفريقيا وتسعى جاهدة لمساعدة أفريقيا على تحسين قدرتها على التنمية المستقلة، حتى تتمكن الشعوب الأفريقية من جني فوائد ملموسة من التعاون بين الصين وأفريقيا. الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي تمت دعوته لحضور القمة، يعتقد بأن تعاون الصين مع أفريقيا سيسهم في الحد من الظلم التاريخي الذي تعاني منه أفريقيا ويساعد أفريقيا على تحقيق السلام والتنمية.

بيان الخصوصية وسياسة ملفات تعريف الارتباط

من خلال الاستمرار في تصفح موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط ، وسياسة الخصوصية المنقحة .يمكنك تغيير إعدادات ملفات تعريف الارتباط من خلال متصفحك .
أوافق