"يتطلع الناس في أنحاء العالم إلى مستقبل يسوده السلام والكرامة والازدهار. فالجميع يدعو إلى اتخاذ إجراءات عالمية لمعالجة أزمة المناخ، ومعالجة أوجه عدم المساواة، ومواجهة المخاطر الجديدة التي تهدد الجميع". هذا ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في قمة المستقبل للأمم المتحدة مؤخرا، داعيا دول العالم إلى تعزيز التضامن فيما بينها من أجل التصدي معا للأزمات والتحديات المتنامية.
لماذا اتخذت هذه القمة، التي تعد أحد أهم الاجتماعات الرفيعة المستوى للأمم المتحدة هذا العام، "المستقبل" كموضوعها الرئيسي؟ السبب المباشر هو الاضطرابات المتصاعدة في العالم والمخاطر غير المسبوقة التي تواجه البشرية، منها الصراع بين روسيا وأوكرانيا والصراع الفلسطيني الإسرائيلي المشتعل والمواجهة المتصاعدة بين لبنان وإسرائيل، إلى جانب قضايا تغير المناخ، والأمن الغذائي، وأزمة اللاجئين، والتحديات المترتبة على تطبيق التكنولوجيات الجديدة. ما نوع المستقبل الذي تحتاجه البشرية؟ كيف يمكننا بناء مستقبل أفضل؟ هذه هي انشغالات البشرية في الوقت الراهن.
وفي ظل هذه الظروف، اجتمع نحو 130 رئيس دولة وحكومة في نيويورك لمناقشة اتجاه التقدم في المستقبل. اللافت للنظر أن الأطراف المشاركة اعتمدت خلال اليوم الأول من القمة ميثاق المستقبل ومرفقيه ؛ الميثاق الرقمي العالمي وإعلان الأجيال القادمة. لقد تم التوصل إلى هذا الميثاق بعد عامين من المفاوضات المكثفة، مما يعكس تصميم ورغبة جميع الأطراف في إصلاح نظام الحوكمة العالمية والنهوض بتعددية الأطراف والتصدي للتحديات على نحو أفضل. ومن حيث المحتوى، اقترح الميثاق 56 خطة عمل بشأن خمس قضايا رئيسية، هي التنمية المستدامة، والسلام والأمن، والابتكار العلمي والتكنولوجي، والشباب والأجيال القادمة، والحوكمة العالمية، واعدا بفتح حقبة جديدة من تعددية الأطراف، ليوصف من قبل جميع الأطراف بأنه وثيقة "معلمية" ترسم الخطوط العريضة للتنمية المستقبلية في العالم.
وإذا كان ميثاق المستقبل يستكشف الإجابة على نوع العالم الذي ينبغي بناؤه وكيفية بناء هذا العالم، فإن سلسلة المبادرات التي طرحتها الصين والأنشطة المتعددة الأطراف التي نفذتها في السنوات الأخيرة تتسق في جوهرها مع الميثاق إلى حد كبير، ويمكن تماما التآزر والتضافر بينهما.
وعلى مدى العقد الماضي، أصبح مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية والذي طرحته الصين، يحظى بشعبية متزايدة و حتى انه تم إدراجه ضمن وثائق الأمم المتحدة. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: "لقد أصبحت الصين ركيزة مهمة للتعددية، وغرضنا من ممارسة التعددية هو بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية". وهذا يوحى الناس بأنه إذا تم تطبيق مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية على نطاق أوسع في المجتمع الدولي، فإن التحديات العالمية التي تشغل أذهان الشعوب سيكون من الأسهل حلها، وسيكون مستقبل ميثاق المستقبل أكثر تفاؤلا.