بعد أن تبوأت صدارة سوق سيارات الطاقة الجديدة على مستوى العالم بأدائها المتميز، تستكشف شركات صناعة السيارات الصينية استراتيجيات جديدة لاكتساب ميزة على نظيراتها المنافسة في المرحلة الأخيرة الأكثر تحديا من سباق السوق، والذي يقوده بشكل متزايد التطوير الذكي والذكاء الاصطناعي.
وقد تجلى أحد أحدث الجهود على هذا الصعيد في المؤتمر العالمي للمركبات الذكية المتصلة 2024، الذي عقد في الفترة من 17 إلى 19 أكتوبر الجاري في بكين.
واجتذب المؤتمر أكثر من 250 شركة ومؤسسة لصناعة السيارات من داخل الصين وخارجها، مع عرضه لأكثر من 200 تقنية ومنتج جديد لأول مرة.
وخلال المؤتمر، قال لي شو فو، رئيس مجموعة جيلي القابضة: "أصبحت المركبات الذكية المتصلة محورا للابتكار في الصناعة، وتحث السيارات الصينية الخطى نحو مرحلة جديدة يمثل الذكاء فيها القدرة التنافسية الجوهرية لها".
وأضاف أن اغتنام الفرص التي تتيحها التكنولوجيا الذكية وتعزيز تحول الصين إلى قوة في مجال السيارات يمثل تحديا يتعين على صناعة السيارات الصينية بأكملها اجتيازه.
وقال تشو هوا رونغ، رئيس مجلس إدارة شركة تشونغتشينغ تشانغآن المحدودة للسيارات، إن المركبات الذكية المتصلة في الصين شهدت نموا سريعا هذا العام، حيث من المتوقع أن تصل مبيعاتها إلى 17 مليون مركبة مع معدل انتشار يتجاوز 63 في المائة.
وذكر ستيفان ميكا، المدير التنفيذي لعلامة فولكس فاجن الصين لسيارات الركاب، إن الصين تعزز بنشاط فرص الابتكار من خلال خطط حكومية متسقة لتطوير المركبات الذكية المتصلة ومركبات الطاقة الجديدة، وقاعدة مستهلكين شغوفين بالتكنولوجيا، والانفتاح على التكنولوجيا ضمن نظام إيكولوجي تقني متقدم.
وخلال مراسم افتتاح المؤتمر، قال جين تشوانغ لونغ وزير الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، إن نظاما صناعيا شاملا لقطاع المركبات الذكية المتصلة في الصين قد تبلور بشكل أساسي، ليغطي منتجات وتقنيات مثل الرقائق الأساسية وأجهزة الاستشعار ومنصات الحوسبة والتحكم في الهيكل.
وأشار الوزير إلى أن الصين تقود العالم في التفاعل بين الإنسان والآلة وتتقدم بسرعة نحو تحقيق اختراقات في تقنيات مثل التوجيه بالأسلاك وتقنيات التعليق النشط وغيرها.
وذكر جين أن قطاع المركبات الذكية المتصلة في البلاد يضم حاليا ما يقرب من 400 شركة "عملاقة صغيرة"، أو نخب جديدة من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تعمل في مجال التصنيع، ولديها تخصصات في سوق متخصصة وتمتلك تقنيات حديثة، موضحا أن هناك خمس شركات صينية لتصنيع أجهزة الليدار (أجهزة للرصد وتحديد المدى من خلال الضوء) قد تم تصنيفها من بين أفضل 10 شركات عالمية من حيث المبيعات، بينما تقوم تسع شركات لتصنيع السيارات بإجراء تجارب على نماذج القيادة الآلية المشروطة.
وخلال المؤتمر، كشف لي جيون، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة شياومي العملاقة للتكنولوجيا، أنه من المتوقع أن تقوم الشركة بتسليم أكثر من 20 ألف وحدة من طرازها الأول لمركبة الطاقة الجديدة المطورة ذاتيا "إس يو7" هذا الشهر، وتحقيق هدفها السنوي للتسليم والبالغ 100 ألف مركبة في نوفمبر القادم.
كما يعمل اللاعبون العالميون مثل فولكس فاجن على تسريع تحولهم الذكي في محاولة لتوسيع وجودهم في السوق الصينية.
وقال رالف براندستايتر، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لمجموعة فولكس فاجن الصين: "سوف نستثمر في توطين أنشطة البحث والتطوير لدينا، لدمج أنفسنا بقوة أكبر في النظام الإيكولوجي سريع النمو للسيارات الكهربائية في الصين".
وبالإضافة إلى بناء أكبر مركز تطوير لها خارج ألمانيا في مدينة خفي في شرقي الصين، تعمل فولكس فاجن أيضا على تعزيز التعاون مع الشركات المصنعة المحلية مثل "إكس بنغ" وشركات التكنولوجيا الفائقة مثل "هورايزون روبوتيكس" و "ثاندرسوفت" و "جوشن".
وقال براندستايتر: "إن هذا الاندماج العميق في شبكة التطوير الرائدة عالميا للمركبات الذكية المتصلة لن يدفع تعزيز قوتنا الابتكارية المحلية فحسب، بل سيتيح لنا أيضا ميزة استراتيجية في الأسواق العالمية على المدى المتوسط".
وأضاف: "تقود الصين مستقبل صناعة السيارات، ونحن ملتزمون بأن نكون جزءا من هذه الرحلة في عصر المركبات الذكية المتصلة".
ولدعم هذه التنمية الصناعية السريعة في الصين، خصصت أكثر من 50 مدينة في البلاد ما يزيد على 32 ألف كيلومتر من طرق الاختبار للمركبات الذكية المتصلة وقامت بتزويد حوالي 10 آلاف كيلومتر من الطرق بالتقنيات الذكية، وفقا لوزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات.