درجت وانغ لي، وهي من مدينة تشونغوي في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي بشمال غربي الصين، منذ أن كانت طفلة على اعتبار الصحراء مصدر إزعاج، نظرا لأن الغبار الذي تحمله العواصف الرملية القادمة من الصحراء يسبب لها صعوبة في التنفس.
بيد أنها لم تكن تعرف أنها ستعود إلى مسقط رأسها للعمل في الصحراء في يوم من الأيام بعد انتقالها إلى مدينة أخرى.
وتقع مدينة تشونغوي على الحافة الجنوبية الشرقية لصحراء تنغر وكانت من بين المناطق الأكثر تضررا من العواصف الرملية في الصين.
وتعتبر صحراء تنغر رابع أكبر صحراء في الصين وتمتد عبر منطقة منغوليا الداخلية ذاتية الحكم بشمالي الصين ومقاطعة قانسو ومنطقة نينغشيا الواقعتين بشمال غربي البلاد. وتبلغ مساحتها حوالي 30 ألف كيلومتر مربع.
وفي السابق، كانت الصحراء قد توسعت إلى خمسة كيلومترات فقط من المدينة، ما تسبب في غزو الأراضي الزراعية بالرمال ودفن قنوات الري.
ولضمان العمليات الآمنة لخط "باوتو-لانتشو" للسكك الحديدية، وهو أول خط حديدي صحراوي بالبلاد، بدأ سكان مدينة تشونغوي العمل على مكافحة التصحر في خمسينيات القرن العشرين من خلال زراعة مربعات القش للسيطرة على الرمال.
وبفضل نهجهم المبتكر في التشجير، تراجعت صحراء تنغر بمقدار 25 كيلومترا إلى الوراء، ما مثل تحولا تاريخيا. وقد ضمن هذا الإنجاز العمليات المستقرة للسكك الحديدية حتى الوقت الراهن.
ومع إزالة تهديد الصحراء تدريجيا، بدأت المدينة في استكشاف طرق للانتقال من التحكم في الرمال إلى استخدام الرمال لتحقيق تنميتها.
وتعد منطقة شابوتو ذات المناظر الخلابة، التي سميت على اسم كثبانها الرملية التي كان ارتفاعها أكثر من 100 متر، مكانا تتلاقى فيه الصحراء والنهر الأصفر والجبال والواحات. وتقدم المنطقة الوطنية ذات المناظر الخلابة من المستوى "5A"، وهو أعلى مستوى للمناطق السياحية في الصين، أنشطة سياحية متنوعة مثل التزلج على الرمال والسباقات الصحراوية.
وفي عام 2012، عادت وانغ إلى مدينة تشونغوي للعمل كمرشد سياحي في منطقة شابوتو. وعلى مدى السنوات الـ12 الماضية، واصلت وانغ سرد قصص للسياح عن جهود تشونغوي للسيطرة على الصحراء ومساعدتهم على الانغماس في مباهج الرمال.
إلى جانب ذلك، شهدت وانغ كيف أن اقتصاد الصحراء يضخ زخما في التنمية عالية الجودة للمدينة، قائلة: "عندما تعلمت المزيد عن الصحراء، تعمق حبي لها".
ومع انتقال صناعة السياحة في المدينة من أسلوب تقليدي إلى نهج جديد، طورت المدينة مجموعة من منتجات العطلات الغامرة مثل الفنادق الصحراوية القائمة على فكرة مراقبة النجوم وتأملها.
وقال ليوي يونغ جيون، مدير مكتب السياحة والثقافة والرياضة والإذاعة والتلفزيون في تشونغوي، إن ازدهار السياحة الصحراوية أدى أيضا إلى ظهور مهن جديدة، ما يوفر فرص عمل محلية ويعزز دخل الشباب، مضيفا أن 70 ألف شخص في المدينة استفادوا ماليا من الازدهار السياحي.
وحتى يوم 7 أكتوبر الماضي، استقبلت المدينة أكثر من 17 مليون زيارة سياحية في العام الجاري، حيث تجاوز إجمالي الإنفاق السياحي 10 مليارات يوان (حوالي 1.39 مليار دولار أمريكي).
كما حسنت المدينة كفاءة استخدامها المتكامل للموارد المختلفة، بما فيها الطاقة الشمسية. ونجحت في التنسيق بين تنمية توليد الطاقة الكهروضوئية والاستعادة البيئية.
وفي الحقيقة لا تعد مدينة تشونغوي الوحيدة في تعزيز تنمية صناعة الطاقة النظيفة من خلال الاستفادة من مزايا الصحراء في البلاد. فقد كانت مدينة وووي في مقاطعة قانسو الواقعة بالقرب من صحراء تنغر أيضا، تعاني من مخاطر الرمال. واستغلت الحكومة المحلية مزايا ساعات السطوع الشمسي الطويلة وموارد الطاقة الشمسية الوفيرة لتطوير صناعة كهروضوئية محلية.
في أكتوبر 2021، نفذت المدينة مشروعا تجريبيا للطاقة الكهروضوئية بقدرة 500 ألف كيلوواط في الصحراء، حيث لا يمكن للمشروع توليد الطاقة فحسب، بل يساعد أيضا في مكافحة التصحر.
وقال لي تشن هاي، نائب مدير لجنة التنمية والإصلاح في مدينة وووي، إن المشروع يستطيع سنويا توفير 270 ألف طن من الفحم القياسي وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 710 آلاف طن ومعالجة أكثر من 1333 هكتارا من الأراضي المتصحرة.
أما بالنسبة إلى راية دالاد بمنطقة منغوليا الداخلية، والتي تمتد فيها صحراء كوبوتشي، سابع أكبر صحراء في الصين، فتحتضن مشروع "جيونما" للطاقة الكهروضوئية.
وتبلغ مساحة المشروع 1066.67 هكتار ويبلغ إجمالي قدرته المركبة لتوليد الطاقة 400 ألف كيلوواط. ومنذ تشغيله في عام 2018، ولد المشروع كهرباء خضراء بمقدار 3.68 مليار كيلوواط ساعي، ما وفر 1.47 مليون طن من الفحم القياسي وقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 3.66 مليون طن.
كما يتمتع المشروع بوظائف متكاملة ممثلة في توليد الطاقة والمعالجة البيئية، حيث قام بعمليات معالجة للتصحر على مساحة 1066.67 هكتار إجمالا.