روابط

حياة أبناء التبت تشهد تغيرا كبيرا يهز العالم خلال السنوات الخمسين الماضية

   2009-03-30 10:46:40    cri

المعروف لدى الجميع أن الحكومة المركزية الصينية وقعت مع الحكومة المحلية بمنطقة التبت اتفاقية حول تحرير التبت بصورة سلمية في عام1951 ، وبعد ذلك، لم تبدأ الحكومة المركزية إصلاح النظم الاجتماعية والسياسية التبتية فورا حسب الأوضاع الواقعية في المنطقة حينذاك. ولكن الطبقة العليا الرجعية من المجتمع التبتي برئاسة دالاي لاما أطلقت الفتنة المسلحة على نطاق واسع في مارس من عام 1959 من أجل الحفاظ على نظام العبودية الذي دمج السياسة بالدين. وخلال عمليات القضاء على الفتنة، بدأت الحكومة المركزية في الإصلاح الديمقراطي في التبت، وألغت بصورة تامة نظام العبودية الإقطاعية، الأمر الذي حرر مليون قن تبتي.

وكانت التبت القديمة تعيش تحت نظام العبودية قبل هذا الإصلاح. ومنذ خمسين سنة من الإصلاح الديمقراطي، حققت المنطقة تقدما شاملا في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وشهدت حياة الفلاحين والرعاة المحليين تغيرا كبيرا يهز العالم.

السيدة سيجيو تشوغا مسنة تبتية ولدت في عام 1946، ونشأت تحت نظام العبودية الإقطاعية على مدى 13 عاما، قالت لمراسل إذاعتنا إن طفولتها مليئة بالأعمال الثقيلة والحزن، لأنها كانت تعد وسيلة إنتاج حية تتكلم اللغة البشرية فقط.

اضطرت سيجيو تشوغا أن ترث عمل أبيها في الثامنة من عمرها، وبدأت العمل كراعية في مزرعة مملوكة لسيد تبتي. وعندما تستعرض تلك الأيام، تتذكر دائما وجه السيد البشع والتعذيبات التي فرضها السيد عليها. وقالت للمراسل إن الزلزال الذي وقع في مروج شمالي التبت عام 1953 ترك آلاما لا تمحى في ذهنها

"ضرب زلزال مسقط رأسي في عام 1953، حيث دمر خيامنا وجعل الفلاحين والرعاة الفقراء يعانون من المزيد من الصعوبات المعيشية. لكن في ظل هذا الوضع، لم تلغ أو تقلل الحكومة القديمة الضرائب علينا، بل أخذت زبدة وحيدة من منزلي."

وفي التبت القديمة، كان المسؤولون الحكوميون والنبلاء والرهبان الرفيعو المستوى يمتلكون النفوذ الكبير والامتيازات الكثيرة. وعلى سبيل المثال، بلغت مساحة الأراضي الزراعية في التبت 220 ألف هكتار في عام 1959، وامتلكت المعابد البوذية والرهبان الرفيعو المستوى 36.8% منها، وامتلك النبلاء والمسؤولون الحكوميون 24% و38.9% من الأراضي الزراعية كل على حدة. أما الأقنان فاعتمدت حياتهم على العمل في مزارع الأسياد، وعانوا من السخرة ودفع الضرائب والقروض الربوية التي لا يحصى عددها. وفي هذا الصدد، قال السيد غسانغ ييسي الباحث بالأكاديمية التبتية للعلوم الاجتماعية

"كان مليون قن تبتي يعيشون كوسائل إنتاج حية تحت حكم نظام العبودية الإقطاعية، وكانت لدى السادة حقوقا لفرض عقوبات تعسفية على الأقنان، ولم يعاملوا الأقنان بأسلوب إنساني. وقبل الإصلاح الديمقراطي، امتلك الرهبان والنبلاء وغيرهم من الذين مثلوا 5% من إجمالي سكان التبت كل وسائل الإنتاج مثل الأراضي الزراعية والغابات والمياه، لكن لم يكن لدى عامة الناس أي شيء."

وكان نظام العبودية الإقطاعية الذي دمج السياسة بالدين قد أثر تأثيرا سلبيا كبيرا على حماسة التبتيين للإنتاج من خلال الاضطهاد والاستغلال القاسيين، حيث اهدرت المعابد والرهبان الموارد البشرية والمادية إهدارا لا نهاية لها، وفرضت العبودية العقلية على الأقنان. وجدير بالذكر أن عدد المعابد في التبت تجاوز 2700 معبد في منتصف القرن الماضي، وبلغ عدد الرهبان 120 ألف راهب ممثلين 12% من إجمالي عدد السكان بالتبت و25% من إجمالي عدد الرجال التبتيين. واستهلك هؤلاء الرهبان والمعابد والأنشطة الدينية كمية كبيرة من الموارد البشرية ومعظم الموارد المادية بالمنطقة، مما جعل التنمية المحلية في حالة الجمود، ولم تكن لدى المنطقة قطاعات الصناعة والتجارة والتكنولوجيا والتعليم والثقافة والصحة الحديثة، وفي ظل هذه الظروف، كان الأقنان يعانون من الجوع والبرد وغيرهما من الصعوبات المعيشية، مما أدى إلى وفاة أقنان لا يحصى عددهم.

بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، رأى المواطنون التبتيون بزوغ فجر يوم جديد. وفي الثالث والعشرين من مايو عام 1951، وقعت الحكومة المركزية الصينية مع الحكومة المحلية التبتية "اتفاقية حول سبل تحرير التبت السلمي"، وبذلك حقق أبناء القوميات المختلفة بالمنطقة التحرر. لكن الطبقة العليا الرجعية من المجتمع التبتي أطلقت في العاشر من مارس عام 1959 الفتنة المسلحة بالتواطؤ مع القوى المناهضة للصين من أجل الحفاظ على نظام العبودية الإقطاعية وفصل التبت عن الصين. وللحفاظ على وحدة البلاد وحماية المصالح الأساسية للمواطنين التبتيين، اتخذت الحكومة المركزية إجراءات حاسمة، وقضت على الفتنة سريعا ببذل جهود مشتركة مع المواطنين المحليين، وفي الوقت نفسه، قامت الحكومة المركزية بالإصلاح الديمقراطي للنظام الاجتماعي التبتي. وفي هذا الصدد، قال السيد غسانغ ييسي الباحث بالأكاديمية التبتية للعلوم الاجتماعية

"كانت الحكومة المركزية تطرح سياسة قمع الفتنة وإجراء الإصلاح في آن واحد، وتنفذ سياسة فصل السياسة عن الدين وتحمي الأنشطة الدينية الشرعية. ولقيت هذه السياسات والإجراءات المناسبة ترحيبا حارا لدى عامة الناس والرهبان في المنطقة، وبذلك تم الإصلاح الديمقراطي بصورة سلسة في غضون عامين."

ومن خلال الإصلاح الديمقراطي، أصبح مليون قن سادة وأصحابا للأرض وغيرها من وسائل الإنتاج، وحصلوا على الحرية الشخصية والحرية الدينية وغيرها من حقوق الإنسان.

وبالنسبة إلى السيدة سيجيو تشوغا، يعد عام 1959 نقطة تحول هامة في حياتها، إذ دخلت في ذلك العام لأول مرة المدرسة. وقالت

"كان جيش التحرير الشعبي يحررني في عام 1959، ثم أتاح لي فرصة لتلقي التعليم في مدرسة بمدينة لاسا. كنت مثل أطفال الأقنان الآخرين دخلت المدرسة بعد التحرر، وأصبحت بصورة تدريجية معلمة ومسؤولة في جامعة حديثة، وهذه التجارب ليست خيالية، بل حقيقية واقعية في حياتي."

والآن تعيش السيدة سيجيو تشوغا مع أفراد أسرتها عيشة سعيدة.

وفي الوقت الحالي، يعيش المواطنون التبتيون مثل السيدة سيجيو تشوغا عيشة رغدة كسادة المنطقة، ويتمتعون بكل الحقوق الديمقراطية الواسعة النطاق. وفي عام 1961، بدأت أنحاء المنطقة إجراء انتخابات عامة، الأمر الذي برهن على أن الأقنان حصلوا لأول مرة على حق تقرير المصير، ومنذ ذلك الوقت، بدأ عدد كبير من الأقنان من التبت القديمة شغل مناصب قيادية على مختلف المستويات في المنطقة. وفي سبتمبر عام 1965، عقدت الدورة الأولى لمجلس نواب الشعب لمنطقة التبت بنجاح، حيث أعلن رسميا تأسيس منطقة التبت الذاتية الحكم وتشكيل حكومتها، الأمر الذي قدم ضمانا نظاميا لتحقيق المساواة والتضامن والمساعدة المتبادلة والازدهار المشتركة بين أبناء مختلف القوميات في المنطقة وحقوق المواطنين التبتيين للمشاركة في إدارة الشؤون الوطنية على قدم المساواة وحقوقهم لإدارة شؤون منطقتهم وقومياتهم. وفي هذا السياق، قال السيد آدن نائب مدير اللجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب بمنطقة التبت

"يعتبر الاجتماع الأول للدورة الأولى لمجلس نواب الشعب التبتي الذي عقد في سبتمبر عام 1965 رمزا لبدء تطبيق نظام الحكم الذاتي الإقليمي القومي في المنطقة. وفي هذا الاجتماع، تم انتخاب اللجنة الشعبية للمنطقة، وبذلك أصبحت لدى التبت هيئات خاصة بالحكم الذاتي الإقليمي القومي، وهي مجلس نواب الشعب واللجنة الشعبية."

وبعد تطبيق نظام الحكم الذاتي الإقليمي القومي في التبت، طرأت تغيرات كبيرة في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية تهز العالم كله. وعلم أن نواب قومية التبت وغيرها من الأقليات القومية يمثلون 94% من إجمالي عدد نواب الشعب في المنطقة والذي تجاوز 34 ألف نائب على مختلف المستويات. وخلال انعقاد اجتماعات مجلس النواب كل عام، طرح هؤلاء النواب عشرات الآلاف من الأراء والاقتراحات حول البناءات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية للمنطقة، الأمر الذي قدم إسهامات كبيرة لدفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية التبتية. وقال السيد آدن نائب مدير اللجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب بالمنطقة

"يظهر أبناء قومية التبت وغيرها من الأقليات القومية حماستهم الكبيرة لممارسة الحقوق السياسية، حيث تكون نسبة الإقبال على التصويت في انتخاب نواب على مختلف المستويات كبيرة على الدوام. وعلى سبيل المثال، وصلت هذه النسبة في عام 2007 إلى 96.4%، وحتى بلغت 100% في بعض المناطق بالتبت."

وتمشيا مع تسريع بناء التحديثات التبتية، بذلت الحكومة المركزية الصينية جهودا كبيرة لاختيار وتدريب الأكفاء من الأقليات القومية. وقد أصبح التبتيون دعامة رئيسية في كل الهيئات القيادية وكافة المجالات في المنطقة. وقال السيد غيسانغ ييسي الباحث بالأكاديمية التبتية للعلوم الاجتماعية

"بفضل الإصلاح الديمقراطي، شهدت التبت تغيرا كبيرا في غضون نصف قرن. ونقارن الآن بين ثلاثمائة سنة من حكم نظام العبودية الإقطاعية الماضي وبين خمسين سنة من الإصلاح الديمقراطي الحالي، نرى أنه إذا لم يجر الإصلاح الديمقراطي، لا يستطيع المجتمع التبتي تحقيق تطور كبير وسريع."

متعلقات
ما رأيك ؟
link | اتصل بنا |
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved.
16A Shijingshan Road, Beijing, China