روابط

زيارة لموطن قومية شه

   2009-05-05 15:03:11    cri

يسمي أبناء شه أنفسهم ب"شانحا" ومعناها الناس الذين يقطنون داخل الجبال، إذ كان الأجداد القدامى للقومية يقطنون في المناطق الجبلية ويعتاشون على الصيد، علما بأن طوطمهم هو الكلب الأكبر.

تمتلك قومية شه لغة شفوية خاصة بها، ولأنها غير مكتوبة، يستخدم أبناء شه في الكتابة لغة هان الرسمية في الصين.

يهتم أبناء شه بأعيادهم التقليدية وتقديس أجدادهم القدامى، خاصة جدهم الأكبر بانهو، حيث يخصصون اليوم الخامس عشر من الشهور الثاني والسابع والثامن من التقويم القمري لإحياء ذكرى الأجداد، إضافة إلى اليوم الثالث من الشهر الثالث باعتباره عيدا للخروج إلى الطبيعة وإحياء ذكرى الجد الأكبر بانهو. كما يشاركون أبناء قومية هان الرئيسية في عيد الربيع وعيد منتصف الخريف وعيد دوان وو وغيرها من الأعياد الكبيرة.

وحسب أحدث إحصاء، يبلغ عدد أبناء شه حوالي 630 ألف نسمة، وينتشرون بشكل رئيسي في مقاطعات فوجيان وتشيجيانغ وقوانغدونغ وجيانغسي وآنهوي، حيث يتعايشون مع أبناء قومية هان الرئيسية في الصين. وتم في عام 1984 تأسيس محافظة ذاتية الحكم لقومية شي في مقاطعة تشيجيانغ، في حين تأسست 57 بلدة خاصة في مناطق أخرى يتجمعون فيها أبناء شه، منها بلدة شه بمحافظة تشانغ بينغ في مقاطعة جيانغشي وسط جنوبي الصين.

تقع بلدة شه هذه في منطقة جبلية جميلة المناظر ومعتدلة المناخ، وتبلغ مساحتها 122 كيلومترا مربعا، وعدد سكانها حوالي عشرة آلاف.

ومن أبرز ما يلفت النظر في بلدة شه هو ميدان الطوطم القومي الذي يحكي التاريخ العريق والثقافة المتميزة لهذه القومية. ويوجد وسط الميدان الذي يشغل حوالي ألف متر مربع أربعة أعمدة يبلغ قطر كل منها مترا واحدا وارتفاعه خمسة أمتار، نحتت عليها وعلى حائط منخفض محاذي رسومات جميلة. فماذا تحكي هذه الرسومات المنحوتة؟ أوضح شيه جيان غين الباحث في متحف محلي قائلا:

"تحكي هذه الرسومات مآثر الكلب الأكبر في حماية أجداد قومية شه أثناء الحروب ووقت المصائب وعمليات الهجرة، وتعكس تقديس أجداد شه للكلب الأكبر."

وعن الجد الأكبر بانهو لقومية شه، هناك قصة جميلة تقول إنه في قديم الزمان تعرضت مملكة للاعتداء من مملكة أخرى، ولم تتمكن المملكة من هزم المعتدين بعد معارك عنيفة، فعرض الملك مكافأة حيث أعلن أنه سيزوج إبنته الثالثة من يهزم العدو. تسلل بانهو في ليلة إلى معسكر قائد القوات المعتدية وقطع رأسه فانهارت القوات المعتدية وهربت، قدم بانهو رأس قائد العدو إلى الملك ورفض طلب الملك منه حول تولي منصب حكومي، وغادر ومعه الأميرة إبنة الملك الثالثة، وذهبا إلى جبل العنقاء في منطقة قوانغدونغ جنوبي الصين حيث استقرا وتناسلا.

تتحلى عادات الزواج لقومية شه بالخصائص القومية الواضحة. إذ يختار الفتى حبيبته من خلال الغناء الجبلي الحواري، وإذا استقر خياره على فتاة، طلب يدها عبر وسيط. ثم وإذا قبلت الفتاة ووالداها هذا الطلب، فسيفتحون باب البيت على مصراعيه أمام الفتى. الباحث في المتحف المحلي شيه جيان غين قال:

"عملية الزواج ظريفة. مثلا، في اليوم الذي تستقدم فيه العروس من بيتها إلى حفل زفاف، يتوقف موكب العريس عند مدخل القرية للقيام بالغناء الحواري، حيث تغنى صديقات العروس وتطرح أسئلة وينبغي على أصدقاء العريس الإجابة عليها مغنين، ويستمر الغناء الحواري حتى يقتنع جانب العروس بغناء جانب العريس وإجاباته، فيفسح المجال لدخول الموكب إلى القرية. ويسمى هذا النوع من الأغاني بأغاني سد الطريق".

مع مرور الأيام وتسارع إيقاع الحياة ، لم يعد الكثير من هذه التقاليد متبعة اليوم إلا في العروض الثقافية.

تعتبر قومية شه أيضا قومية تحب الرقص والغناء. لرقص شه أنواع كثيرة، منها رقصة الفوانيس التي تحظي بحفظ كامل نسبيا وتشهد تطورا جديدا. تحيى رقصة الفوانيس في الاحتفالات والأعياد خاصة عيد رأس السنة الجديدة. وهي رقصة غنائية جماعية يشارك فيها عادة حوالي عشرين راقصا وراقصة، مرتدين ملابس قومية وحاملين في أيديهم أشكالا متنوعة من الفوانيس مثل الفراشات والأسماك والطيور. وقال السيد ليه مان غوه أحد هواة هذه الرقصة إن لكل شكل من أشكال الفوانيس معنى مجازي:

"تعني فانوسة السمك الحصاد الوافر المتواصل، وفانوسة الحصان النجاح والتوفيق، وقانوسة الفراشة الحب والغرام. نأمل من خلال الرقصة في نشر الفرح والسعادة في كل أنحاء بلدتنا".

ومن المعتاد أن تشعل النار في الفوانيس بعد تمثيل الرقصة في اليوم الخامس عشر من الشهر الأول حسب التقويم القمري، إحياء لذكرى الأجداد القدامى .

وذكر شيه جيان غين الباحث في المتحف المحلي أن رقصة الفوانيس شهدت بعض التغيرات خلال السنوات الأخيرة:

"كانت الرقصة بطيئة نسبيا سواء من حيث الإيقاع أو الحركات أو الموسيقى. أما الآن، فأضيفت إليها حركات ومضامين جديدة مما جعلها أكثر سرعة وبهجة."

باعتبارها من رموز ثقافة قومية شه ولعبة رياضية متميزة، تحضر رقصة الفوانيس المهرجان الرياضي الوطني الخاص للأقليات القومية منذ عام 1996. كما دعيت في عام 1999 للحضور إلى العاصمة بكين للمشاركة في العروض الفنية أثناء الاحتفالات باليوبيل الذهبي لجمهورية الصين الشعبية.

والأغاني الشعبية القديمة لقومية شه كثيرة جدا، ويبلغ عدد الأغاني المتناقلة حتى اليوم حوالي ألف أغنية، تنقسم إلى ثلاثة أنواع: أغاني جني أوراق الشاي، الأغاني الغرامية والأغاني الحوارية.

الجدير بالذكر أن الاقتصاد في بلدة شه حقق نموا سريعا في السنوات الأخيرة بعد أن كان ضعيفا ومتخلفا بسبب الظروف الجغرافية والمواصلات الصعبة، إذ قدمت الحكومة المركزية مساعدات كبيرة للتنمية الاقتصادية في هذه البلدة وتوظيف تفوقها في موارد الجبال والغابات. وعند ذلك قال السيد ليه شيانغ قوي من أهل البلدة:

"كانت منطقتنا محرومة من الطرق والكهرباء ولا يتعدى دخل الأسرة خمسمائة أو ستمائة يوان. أما الآن، فالمواصلات أصبحت سهلة وشبكة الكهرباء وصلت إلى كل مكان ونحن نعيش حياة سعيدة جدا."

متعلقات
ما رأيك ؟
link | اتصل بنا |
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved.
16A Shijingshan Road, Beijing, China