|
||
arabic.news.cn (GMT+08:00) 2011-01-06 09:40:24 |
ويعتبر هؤلاء ان الاستفتاء المقرر في التاسع من يناير الجاري لن يكون بمثابة العلاج الناجع لعلاقة متوترة لعشرات السنين بين شطري السودان الشمالي والجنوبي بقدر ما قد يكون "رأس جبل الجليد" لمشكلات اخرى تنتظر هذا القطر الافريقي.
و"رأس جبل الجليد" مصطلح يطلقه البحارة على الكتل الجليدية التي يرونها خلال رحلاتهم في البحار وهو يوحي بان "ما خفي دائما اعظم مما ظهر".
ويقول استاذ العلوم السياسية الدكتور محمد ذو النون في تصريح خاص لوكالة انباء (شينخوا)، يوم الأربعاء(5 يناير)، إن "هناك تحديات أمنية وسياسية واقتصادية متوقعة بعد الاستفتاء يمكن ان تؤثر سلبا على استقرار السودان في الشمال والجنوب معا".
واوضح انه في الجانب الامني "من الممكن وقوع حرب بين الشمال والجنوب بسبب الخلافات بشأن ترسيم حدود عام 1956، وكذلك الخلاف القائم حول تبعية منطقة ابيي، وعدم الاتفاق على قضايا ما بعد الانفصال مثل الجنسية، العملة، الخدمة العامة، القوات المشتركة، الدين الخارجى وتقاسم حقول النفط".
وتابع "ومن المتوقع ان تسري عدوى تقرير المصير والانفصال من الجنوب الى اقليم دارفور الذي يعاني حربا أهلية مستمرة ولاسيما بعد فشل مفاوضات الدوحة في التوصل الى اتفاق سلام شامل لازمة الاقليم".
وعاد الوفد الحكومي في مفاوضات سلام دارفور بالدوحة يوم الجمعة الماضي الى الخرطوم دون ان يكون ذلك "خروجا عن العملية السلمية" بعد انتهاء مهلة التفاوض مع حركة التحرير والعدالة المتمردة في اقليم دارفور غربي السودان.
الا ان حركة التحرير والعدالة اعلنت الاثنين قبولها بمقترحات الوساطة لتسوية المسائل العالقة بشأن الوضع الادارى لدارفور والترتيبات الأمنية وتمثيل الاقليم فى مؤسسة الرئاسة بنائب لرئيس الجمهورية، في انتظار توقيع الوثيقة النهائية للسلام.
وبشأن التهديد الامني للجنوب، يقول ذو النون إن "جنوب السودان يعاني من عنف قبلي، ويتوقع ان ترتفع وتيرة هذا العنف بعد الاستفتاء وانفصال الجنوب لان مجموعات سكانية من قبائل اخرى لن تقبل بسطوة قبيلة الدينكا التي ينحدر منها غالبية قادة الحركة الشعبية".
ويضيف انه "في حالة اندلاع موجة جديدة من العنف القبلي بالجنوب بعد الاستفتاء فان الحركة الشعبية ستتجه مباشرة الى اتهام شمال السودان بدعم وتغذية العنف في الجنوب وستحاول بالمقابل دعم تمرد حركات دارفور".
وتأتي تصريحات ذي النون رغم تأكيدات سودانية رسمية بالحفاظ على السلام بين شمال وجنوب السودان.
ويتعهد الرئيس السوداني عمر البشير بشكل دائم بالحفاظ على السلام ودعم دولة جنوب السودان في حال اختار الجنوبيون الانفصال.
وابدى البشير اليوم في خطاب نقله التلفزيون الرسمي خلال زيارة تاريخية لجوبا عاصمة جنوب السودان الثلاثاء، التزامه بتقديم "كل دعم ممكن للدولة الوليدة فى الجنوب" في حال اختار المقترعون فى الاستفتاء خيار الانفصال وتأسيس دولة جديدة.
وحول التحديات السياسية التي ستواجه شمال السودان حال انفصال الجنوب، يقول ذو النون "ان انفصال الجنوب سيؤدي الى تداعيات سياسية سالبة بشمال السودان، وسيفتح الباب امام اقاليم اخرى مضطربة للمطالبة بالحكم الذاتى واقتسام الموارد".
واردف قائلا "كما ان انفصال الجنوب سيزيد من هوة الخلاف بين الحكومة المركزية فى الخرطوم ومعارضيها الذين يحملون حكومة المؤتمر الوطنى مسؤولية تقسيم السودان وانفصال الجنوب".
ويتوقع ذو النون ان يعاني السودان من ضغوط دولية متزايدة بسبب ملفات المحكمة الجنائية الدولية وحقوق الإنسان وتنفيذ البنود المعلقة من اتفاق السلام الشامل ولاسيما الصراع المقبل حول منطقة ابيى واجراء المشورة الشعبية لمنطقتي النيل الازرق وجنوب كردفان.
وعلى الصعيد الاقتصادى، يتوقع ذو النون ان يؤدى انفصال الجنوب الى فقدان شمال السودان لنحو 80 بالمائة من موارده النفطية التى كانت تنتج من حقول النفط بالجنوب.
ويقول "ان الانفصال سيعني خروج أكثر من نصف الموارد البترولية من الموازنة العامة للعام 2011، ومن شأن ذلك ان يسبب مشكلات اقتصادية كبيرة للشمال الذى سيكون مطالبا بتنمية موارده الأخرى وتعويض ما سيفقده من عائدات نفط الجنوب".
من جانبه، قال المحلل السياسي سليمان عبد الجليل، ان العلاقة بين شمال وجنوب السودان ستقاس بطريقة اجراء الاستفتاء والقبول بنتائجه.
واوضح عبدالجليل "اذا تم الاستفتاء بطريقة سلسة وسلمية وهادئة، واذا تم قبول نتائجه من قبل كل الاطراف فان الشمال والجنوب سيتمكنان من تسوية القضايا العالقة، وسينجحان في ايجاد وسيلة لمواصلة الروابط التاريخية بين الشعبين".
وتابع "اما اذا جرى الاستفتاء في جو عدائي او صاحب قيامه اي نوع من العنف او التوتر او اذا تم التشكيك في نتائجه فان ذلك سيعني خلق علاقة متوترة اخرى بين الشمال والجنوب يمكن ان تؤدي الى حدوث مواجهات بينهما او حتى العودة الى مربع الحرب مجددا".
ويبدو ان استفتاء جنوب السودان المقرر الاحد القادم سيكون المحك الرئيس لاختبار مدى رسوخ اتفاق السلام الشامل بين شمال وجنوب السودان الموقع فى يناير 2005 والذى أنهى نحو عقدين من الحرب الاهلية.
ولم يتمكن شريكا الحكم من الاتفاق بعد على اعضاء لجنة استفتاء ابيي ويواجهان طريقا مسدودا في هذا الشأن، كما انهما لم يتفقا على أي من التجمعات السكانية التي سيسمح لها بالمشاركة في التصويت كمقيمين في منطقة أبيي، حيث تتقاسم المنطقة قبائل الدينكا نقوك المتصلة بالجنوب، وبدو المسيرية العرب الذين يسوقون قطعانهم للرعي عبر المنطقة.
وحتى الآن يبدو ان دولة جنوب السودان المنتظرة ستقوم على حدود غير معلومة، وهو أمر يفتح باب الصراع واسعا بعد ان فشل شريكا الحكم فى السودان فى ترسيم الحدود المشتركة بين الشمال والجنوب.
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved. 16A Shijingshan Road, Beijing, China. 100040 |