CRI Online

قبول حركة التحرير والعدالة بمقترحات الوساطة..جنوح نحو السلام أم خطوة تكتيكية‏

arabic.news.cn       (GMT+08:00) 2011-01-06 10:48:08
 أثار اعلان حركة التحرير والعدالة قبولها بالمقترحات التى قدمتها الوساطة حول القضايا الخلافية مع الحكومة السودانية ، آراء متباينة حول ما اذا كانت الحركة جادة فعلا بهذه الموافقة فى جنوحها نحو السلام الذى أوشك قطاره على الوصول الى محطته النهائية ، أم أن تلك الموافقة كانت بمثابة " خطوة تكتيكية " لمكاسب اضافية لاحقة.

وأعلنت حركة التحرير والعدالة خلال مؤتمر صحفي عقده رئيسها الدكتور التيجانى سيسي أول أمس الاثنين بالعاصمة القطرية الدوحة ، قبولها بالمقترحات "الوسط" التي قدمتها الوساطة بشأن المسائل العالقة بشأن الوضع الادارى لدارفور والترتيبات الأمنية وتمثيل الاقليم فى مؤسسة الرئاسة بنائب لرئيس الجمهورية في السودان.

وأوضح سيسي، أن الحركة أرفقت موافقتها على تلك المقترحات الوسط بـ"ملاحظات" قدمتها للوساطة لم يكشف عن طبيعتها وماهيتها، الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن موقف الحركة النهائى من العملية التفاوضية رغم تشديد الأول على أن موافقة الحركة نهائية.

وقال سيسي ان حركة التحرير والعدالة أغلقت بذلك باب المفاوضات نهائيا ، واصفا المقترحات التوافقية بأنها "تلبى طموحات أهل دارفور".

ويرى مراقبون وقريبون من المفاوضات ، أن موافقة حركة التحرير والعدالة على مقترحات الوساطة ، نهائية وغير قابلة للتراجع ، على اعتبار أن طرفى التفاوض (الخرطوم والحركة) قبلا منذ البداية وتوافقا على رفع النقاط الخلافية بينهما الى الوساطة وتعهدا بقبول ما يصدر عن الوساطة من أحكام توفيقية وبشكل قاطع وجازم لا يقبل النكوص.

وأكد على هذا الموقف كبير مفاوضى حركة التحرير والعدالة تاج الدين نيام فى تصريح لوكالة أنباء (شينخوا) حين قال ان موافقة الحركة على مقترحات الوساطة نهائية رغم وجود بعض الملاحظات عليها التي وصفها بأنها بسيطة ولا تؤثر على هذه الموافقة .

ورأى نيام ان موقف الحركة هذا يؤسس لحل نهائى للمشكلة ولموقفها الذى ارتضته منذ البداية بقبول أى حلول وسط تطرحها الوساطة حول القضايا والملفات الخلافية . وأضاف قائلا " أؤكد أن قرارنا بقبول مقترحات الوساطة لا يؤثر على هذه المقترحات ولا يقلل من قيمتها ".. لافتا الى أن المعلومات التى لديه تشير الى ان لدى الحكومة بعض التحفظات وليس الملاحظات ، لكنه لا يستطيع الحكم على ذلك.

ودعا نيام المجتمع الدولى الى التركيز على قضية دارفور والبحث عن حل نهائى فى أسرع وقت ممكن خاصة وان طرفى التفاوض أنجزا بنجاح نحو 80 بالمائة من ملفات التفاوض . واستبعد أن يوقع الطرفان قريبا على وثيقة السلام النهائية ، وأرجع ذلك الى انشغال الخرطوم بالاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان.

وشدد نيام على ضرورة التوصل الى حل فى أقرب وقت ممكن وحتى لا تلجأ دارفور الى الخيار الذى ينتظر الجنوب .

ويشهد السودان في التاسع من يناير المقبل استفتاء لتقرير مصير الجنوب بين الانفصال أو استمرار الوحدة مع الشمال.

ورغم ما ذكره كبير مفاوضى حركة التحرير والعدالة عن ماهية الرد الحكومى على مقترحات الوساطة ، لم يعرف بعد بصورة رسمية طبيعة هذا الرد ، خاصة ان كلا الخرطوم والوساطة لم تفصح عنه .

ويتوقع المتتبعون لمفاوضات منبر الدوحة في حال كان الرد ايجابيا ، أن توقع الخرطوم وحركة التحرير والعدالة على وثيقة السلام النهائية قبل نهاية يناير الجارى لتكون أساسا للحل الشامل والدائم الذى ينتظره أهل دارفور وأهل السودان جميعهم خاصة فى هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلاد .

في المقابل ، لم تستبعد مصادر قريبة من المفاوضات تراجع حركة التحرير والعدالة عن موافقتها على مقترحات الوساطة حول المسائل العالقة ، اذا تنصلت الخرطوم من منبر الدوحة ، وسعت الى البحث عن السلام من الداخل وفق استراتيجية أعدتها قبل شهور قليلة لهذا الغرض .

ورأت المصادر أن "التحرير والعدالة" رمت الكرة الآن فى ملعب الحكومة مما يتيح بالتالى للحركة خطا للرجعة فى حال تجاهل الخرطوم لمقترحات الوساطة الوفاقية او ادارة ظهرها لمنبر الدوحة بالكامل وركزت على مؤتمر الحوار الدافورى الداخلى الذى اعلنت عنه مؤخرا برعاية الاتحاد الافريقى .

وكشفت المصادر ،مثلا، عن ان الحكومة السودانية وافقت على تخصيص منصب جديد لنائب رئيس الجمهورية ، قد يشغله بداية احد مسئولى التحرير والعدالة ، لكن الخرطوم اشترطت الا يكون هذا المنصب حكرا على الحركة ، اى من الممكن استبدال نائب الرئيس هذا بشخصية دارفورية اخرى عند اجراء اى تعديلات فى هرم السلطة ومؤسسة الرئاسة.

وبحسب المصادر ، فان الحكومة ترغب فى فصل منصب نائب الرئيس الجديد وهو من أبناء دارفور، عن منصب رئيس السلطة التنفيذية الانتقالية لدارفور .. وهى أمور على حد قول هذه المصادر تبدو خلافية بين طرفى التفاوض وقد تتسبب فى تخلى الحركة عن موافقتها على مقترحات الوساطة.

وازاء هذه المواقف ، يستبعد مراقبون قرب التوقيع على وثيقة السلام النهائية ، ويبررون اعتقادهم هذا باعلان الحكومة السودانية عن قيام مؤتمر للحوار الدارفورى منتصف يناير الجارى يرعاه وينظمه مجلس الامن والسلم الافريقى .

وبحسب المراقبين ، فان هذه المسألة قد تأخذ وقتا سيما وان المؤتمر المذكور ستصدر عنه ايضا توصيات تحتاج الى متابعات وقد يقرر المشاركون عقد جولة اخرى من هذا الحوار مما يطيل من امد الصراع .

وفي موقف دارفوري مواز ، أكد كبير مفاوضى حركة العدل والمساواة أحمد تقد ، تعليقا على موقف حركته من المفاوضات بين الخرطوم وحركة التحرير والعدالة واعلان الاخيرة موافقتها على مقترحات الوساطة بشان القضايا العالقة ، أن العدل والمساواة ليست جزءا من منبر الدوحة حاليا وبالتالى فهى ليست ملزمة بنتائجه التى لا تشكل لها أرضية للنقاش .

ورأى تقد في تصريح لـ (شينخوا) ، أن أى اتفاق لا يعالج جذور المشكلة فى دارفور لن يكتب له النجاح داعيا الى جولة حوار جديدة بين العدل والمساواة والحكومة السودانية لمعالجة ما اسماه جذور المشكلة .

وعاد وفد التفاوض الحكومى فى محادثات سلام دارفور الى الخرطوم يوم الجمعة الماضى ، لكنه اكد قبل مغادرته التزامه بمنبر الدوحة لحل الازمة فى دارفور.

ومن المنتظر ان تعقد الحكومة السودانية ، حسبما صرح به مستشار الرئيس السودانى مسئول ملف دارفور الدكتور غازى صلاح الدين بالدوحة مؤخرا ، مؤتمرا للحوار الدارفورى فى النصف الاول من يناير الجارى ، وأكد صلاح الدين أن هذا المؤتمر ليس مؤتمرا تشاوريا وانما للعمل من اجل السلام فى دارفور.

يشار إلى أن مفاوضات سلام دارفور استمرت لأكثر من عامين بعد انطلاق المبادرة العربية الافريقية فى نهاية عام 2008 والتى عقدت اول اجتماعاتها فى يناير 2009.

وتوصلت المفاوضات إلى توقيع اتفاق حسن نوايا فى 27 فبراير 2009 بين الخرطوم وحركة العدل والمساواة ثم التوقيع على الاتفاق الاطارى بينهما فى فبراير 2010، وكذلك الاتفاق الاطارى بين الخرطوم وحركة التحرير والعدالة فى مارس من العام نفسه ، لتخرج حركة العدل والمساواة من المفاوضات التى اقتصرت حتى حينه بين الخرطوم وحركة التحرير والعدالة.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي