CRI Online

مرور عقد من الزمن على أحداث 11 سبتمبر ولاتزال تداعياتها مستمرة

arabic.news.cn       (GMT+08:00) 2011-09-05 21:33:17
بقلم شعلان العود

 بعد عقد (عشر سنوات) من الزمن على هجمات 11 سبتمبر، 2001، التي اعتبرت نقطة تحول في تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة والعديد من الدول العربية والاسلامية، نتيجة التغيرات التي طرأت على السياسة الامريكية الخارجية بحيث لاتزال تداعياتها مستمرة وتؤثر على مصالح شعوب العالم بما فيها الشعب الامريكي.

وقال الخبير الملا ناظم الجبوري لوكالة أنباء (شينخوا) "عشر سنوات على احداث 11 سبتمبر ولازالت القاعدة تمتص أقوى الضربات الموجهة اليها وتتحدى الانهيار في تنظيمها بعد كل هذه التكلفة التي كبدت واشنطن آلاف القتلى والجرحى في العراق وافغانستان ومئات المليارات من الدولارات التي انفقت على ما يعرف بالحرب على الارهاب والجهد العسكري، وخسرت واشنطن تصنيفها الاقتصادي العالمي وشعر مواطنوها بالتضييق على حرياتهم بسبب القوانين التي مررها المحافظون في الادارة الامريكية ".

وأضاف الجبوري "وبعد كل هذا نجد أن الولايات المتحدة لاتزال تعتبر القاعدة تمثل التهديد الاول لها وللغرب برغم مقتل آلاف من عناصر تنظيم القاعدة وعلى رأسهم زعيمها اسامة بن لادن".

وتابع "لكن كل هذه الضربات وأن كانت اقنعت اغلب الحكومات العربية والاسلامية بخطورة القاعدة وفكرها على العالم ،إلا اننا نلاحظ اتساع فكرة ونظرية المؤامرة الغربية على الاسلام ، وأن واشنطن تحمل لواء حرب صليبية جديدة على الاسلام ، ونجد نشاطا كبيرا وملحوظا للقاعدة في تجنيد مقاتلين ومؤيدين لها".

ومضى الجبوري قائلا "إن تهديدات القاعدة ازدادت خصوصا بعد محاولة النيجيري عمر الفاروق اسقاط طائرة فوق الولايات المتحدة، ومحاولة ارسال الطرود المفخخة إلى الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، وعمليات خطف الغربيين في شمال افريقيا،".

واكد الجبوري أن اكبر الخاسرين من الصراع الدائر بين الغرب والقاعدة هو الاسلام والمسلمين قائلا "نحن نعتقد أن اكبر الخاسرين في هذا الصراع هو الاسلام الذي بسبب افعال القاعدة المتطرفة اصبح في دائرة الاتهام ، مع أن افعال القاعدة لا تمثل الدين الاسلامي، وأن التطرف هو ظاهرة تشهدها كل الاديان والثقافات عبر التاريخ، ولا تمثل إلا اصحابها غير أن المسلمين في الغرب شعروا بنتائج افعال القاعدة، سواء من ناحية الشعور بالاستهداف على اساس الدين خصوصا بعد نشاط التيارات اليمينية المتطرفة التي تنادي بطرد المسلمين ووقف بناء المساجد وغيرها من القرارات التي تصنف على انها عنصرية ضد الاسلام والمسلمين".

وبخصوص تأثير هجمات11 سبتمبر على العراق اجاب الجبوري "العراق احد البلدان التي تأثرت باحداث 11 سبتمبر والتي كان من نتائجها ربط نظام صدام حسين بتنظيم القاعدة مما مهد لاحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة، وهذا الاحتلال كان سببا رئيسيا في ظهور التيارات الردكالية الاسلامية وترسيخ نظرية المؤامرة والحرب الصليبية على الاسلام وهو ما اوجد بالتالي ظاهرة التطرف التي كانت غريبة على المجتمع العراقي".

وشدد الجبوري "على أن احداث 11 سبتمبر حولت العراق إلى بلد راعي للارهاب ومصدر له وذراع مهم من اذرع تنظيم القاعدة العالمي، مؤكدا أن العراق اصبح من اهم اذرع القاعدة نتيجة سياسات الولايات المتحدة الخاطئة التي اتبعها تيار المحافظين" .

يذكر أنه وحسب الرواية الرسمية الامريكية فان 19 شخصا على صلة بتنظيم القاعدة نفذوا هجمات يوم الثلاثاء الموافق 11 سبتمبر عام 2001 باستخدام اربع طائرات مدنية وجهوها لتصطدم بأهداف محددة، نجحت في ذلك ثلاث منها ، وتمثلت الأهداف في برجي مركز التجارة العالمي بمنهاتن ومقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، وسقط نتيجة لهذه الهجمات 2973 ضحية، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين بأمراض جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة.

وتقول الرواية الامريكية أن هؤلاء الـ 19 شخصا تلقى كل شخص دروسا في معاهد الملاحة الجوية الأمريكية، وتمت أول هجمة في حوالي الساعة 8:46 صباحا بتوقيت نيويورك، حيث أصطدمت إحدى الطائرات المخطوفة بالبرج الشمالي من مركز التجارة العالمي، وبعدها بدقائق، في حوالي الساعة 9:03، اصطدمت طائرة أخرى بالبرج الجنوبي، وبعد ما يزيد على نصف الساعة، أصطدمت طائرة ثالثة بمبنى البنتاجون، اما الطائرة الرابعة كان من المفترض أن تصطدم بهدف رابع، لكنها تحطمت قبل الوصول للهدف.

إلى ذلك قال المحلل السياسي صباح الشيخ لـ (شينخوا) "لا يستطيع أي شخص أن ينكر بان تأثير هجمات 11 سبتمبر على العالم كانت سلبية وبشكل خاص على الدول العربية والاسلامية، لانها استخدمت لاغراض سياسية ووصمت المسلمين في بقاع العالم كافة بصفة الارهاب، وهذا ينافي المنطق والعقل".

واضاف أن " الاجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة فيما بعد كرد فعل على هذه الهجمات، قادت إلى كوارث كبرى ادت إلى مقتل مئات الالاف من الناس اغلبهم من الابرياء، وهذا كان واضحا في الحرب التي قادتها في كل من افغانستان والعراق ، كما كان لها تأثير كبير من الناحية الاقتصادية وخاصة على واشنطن التي صرفت آلاف المليارات في الحرب بافغانستان والعراق ، فضلا عن مقتل واصابة عشرات الالاف من جنودها .

وتابع " وفيما يخص العراق فقد استخدمت واشنطن ذريعة وجود روابط بين النظام العراقي السابق وتنظيم القاعدة، كاساس لشن الحرب على هذا البلد الذي مزقته الحروب وانهكه الحصار الاقتصادي، لكن التحقيقات والواقع اثبت عكس ذلك فلم تتمكن واشنطن من اثبات هذه العلاقة المفترضة بين النظام السابق وبين تنظيم القاعدة بل الحقيقة أن واشنطن استخدمتها كمطية للوصول بها إلى اغنى منطقة في العالم".

ومضى الشيخ يقول " اعتقد أن واشنطن استخدمت احداث 11 سبتمبر ومكافحة الارهاب ذريعة لاحتلال العراق لكي تكون قريبة من مصادر النفط في المنطقة وللسيطرة عليها ، اما الادعاءات التي روجتها بانها جاءت لنشر الديمقراطية والحرية في العراق فيها ادعاءات لم تنجح خلال السنوات الثماني الماضية في العراق ، بل أن تأثيرها كان عكسيا فقد تردت الخدمات والوضع الامني في العراق بعد الاحتلال الامريكي، والعراقيون الان يطالبون وبكل فئاتهم بخروج قوات الاحتلال من بلادهم".

وفي هذا الصدد قال اياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الاسبق في مقال نشرته صحيفة ((واشنطن بوست)) الامريكية قبل عدة ايام " بعد مرور أكثر من ثمانية أعوام على الإطاحة بنظام صدام حسين ، ما زالت الخدمات الأساسية في وضع مزر، فمعظم أنحاء الدولة لا تصل إليها الكهرباء إلا في ساعات قليلة من اليوم.

و أضاف علاوى أن انقطاع التيار الكهربائي أصبح شائعا بصورة متزايدة خلال صيف هذا العام، ولا تزيد صادرات النفط، التي لا تزال المصدر الوحيد للدخل، سوى بمقدار قليل عما كانت عليه عند الإطاحة بصدام حسين، وأصبح الاقتصاد العراقي يجمع بين مزيج من المحسوبية وسوء الإدارة، مع ارتفاع معدلات البطالة وانتشار الفساد، وأصبح الوعد بتحسن الأمن أجوف، مع ازدياد الطائفية".

وعن الطريقة التي يمكن من خلالها التخلص من الاثار السلبية لهذه الاحداث اجاب الشيخ " أرى أن العدالة وحدها واحترام حقوق الانسان والقبول بالرأي والرأي الاخر والحوار المتبادل بين جميع الامم والاطراف يمكن أن يخفف من تأثيرات هذه الاحداث التي اثرت على العلاقة بين العالمين الغربي والاسلامي ، وربما يقود هذا التأثير السلبي في المستقبل إلى احقاد وضغائن، وتزداد الفجوة بين الجانبين وبالتالي تتوسع الفجوة بين الجانبين، وتستمر الازمة وتتوسع ويخسر الجميع لذلك على الجميع التعاون لمحاربة التطرف اينما وجد".

ولاتزال تداعيات هذه الاحداث قائمة حتى في الولايات المتحدة رغم مرور عشر سنوات عليها فقد استبعد الرئيس الامريكي باراك اوباما في الاسبوع الماضي ، هجوما إرهابيا كبيرا مثل اعتداءات 11 سبتمبر 2001، لكنه قال إنه "يتخوف أكثر من عملية ينفذها متطرفون منفردون".

وأضاف "يجب مع ذلك أن نبقى حذرين ، من الآن وصاعدا، لن نتخلى عن الحذر إنه من طبيعة مهمتنا " داعيا إلى اتخاذ إجراءات أمنية وصفها ب "مهمة جدا" وإلى حذر أكبر مع اقتراب الذكرى العاشرة لاعتداءات 11 سبتمبر 2011.

ويرى الشيخ أن الولايات المتحدة استغلت احداث 11 سبتمبر لكي تكون القوة العظمى الوحيدة في العالم من خلال تبنيها لدور امبراطوري لقيادة العالم ، مبينا أن واشنطن نجحت في جعل العالم العربي مسرحا لعملياتها لتصفية الحساب مع تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة، لكن هذا كله من اجل مصالحها واعادة ترتيب منطقة الشرق الاوسط بما يخدم مصالحها ويخدم مشاريعها.

ويعتقد العديد من المراقبين أن هزيمة المشروع الأمريكي في العراق وافغانستان وما يترتب عليها من تداعيات، يستدعي من واشنطن أن تعيد النظر في سياستها الخارجية واحترام ارادة الشعوب والتعاون معها وليس مع الحكام الذين يخدمون مصلحة واشنطن الخاصة لان الشعوب هي الباقية اما الحكام فانهم إلى زوال خصوصا بعد ما اثبتت الشعوب العربية قدرتها على الاطاحة بحكامها الذين يستغلون هذه الشعوب ويحرمونها من كل شيء.

يشار إلى أن السلطات الامريكية وبعد احداث 11 سبتمبر شددت من اجراءات السفر والهجرة خاصة على راعايا العديد من الدول العربية والاسلامية، الامر الذي عانى منه العديد من الطلبة والمهاجرين العرب في الولايات المتحدة، حيث اضطر العديد منهم لنقل دراستهم إلى جامعات اوروبية أو آسيوية، وهذا بدوره ادى إلى فجوة بين الشعوب الاخرى والشعب الامريكي.

ورغم مرور عقد من الزمن على هجمات 11 سبتمبر فلا تزال اسبابها ودوافعها محل شك كبير، حتى داخل المجتمع الامريكي، ولاتزال تثار اسئلة ،هل هي مدبرة؟ ، ومن مدبرها؟، وما الغاية منها ؟، وربما تحتاج الاجابة على هذه الاسئلة عقود عدة لكي يعرف العالم حقيقتها.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي