CRI Online

باحثون صينيون: جبران "منبر الأدب العربي" أكثر الأدباء العرب شهرة في الصين

arabic.news.cn       (GMT+08:00) 2013-11-27 09:04:41

وسط جهد حثيث يبذل لمد الجسور بين الثقافتين العربية والصينية اللتين تضربان بجذورهما في أعماق أمتين عريقتين، اغتنم الباحثون الصينيون مناسبة الذكرى السنوية الـ130 لميلاد الشاعر والأديب والفيلسوف اللبناني جبران خليل جبران ليؤكدوا على أهمية دراسة وترجمة أعماله بالنسبة لدراسات الأدب العربي في الصين، داعين الصينيين إلى الاستفادة من هذه الأعمال المفعمة بالقيم الإنسانية السامية والذوق الأدبي الرفيع.

فالباحثون الصينيون يعتبرون جبران، الذي نشأ في ظلال الأرز، أكثر الأدباء العرب شهرة وشعبية لدى الصينيين حيث يبرز شغف كبير بأعماله وسط المترجمين والقراء، ويؤكدون أن دراسة الصينيين لأعماله الثرية من شأنها أن تسهم في توثيق الأواصر الثقافية الصينية ــ اللبنانية على نحو خاص والصينية ــ العربية بوجه عام.

جاء ذلك في ندوة علمية استضافتها جامعة بكين بالتعاون مع الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية والجمعية الصينية لدراسات الأدب العربي يوم الأحد بمناسبة الذكرى السنوية الـ130 لميلاد جبران، وشارك فيها العشرات من الأساتذة والطلاب المتخصصين في دراسة الأدب والفن العربيين.

ــ أول ندوة أكاديمية حول أعمال جبران في الصين

وقد صرح الأستاذ فو جي مين، رئيس قسم اللغة والثقافة العربية بجامعة بكين لوكالة أنباء ((شينخوا))، بأن دراسات الأدب العربي في الصين لم تخرج من حالة الفتور والركود بعد، لذا يحدونا الأمل في أن تساعد هذه الندوة- التي تعد الأولى من نوعها في الصين حول دراسات جبران - أن تساعد في اشعال حماسة القراء الصينيين لأعمال الأدباء العرب.

وأضاف فو أنه من السهل تأليف كتاب ضخم حول قضايا الشرق الأوسط ، لكن تأليف كتاب حول دراسات الأدب العربي مسألة ليست هينة وتتطلب جهدا شاقا.

وضرب مثال على ذلك بجون جي كونغ الأستاذ بجامعة بكين قائلا إن "الأستاذ جونغ إنكب على مدار أربعين عاما لتأليف أول كتاب حول تاريخ الأدب العربي لتنم كل فقرة فيه عن مدى شغفه بالأدب العربي وعشقه له"، مضيفا "إننا نفتقر إلى باحثين يتذرعون بالصبر من أمثال جونغ".

وفي كلمته خلال الندوة، أكد الأستاذ جونغ جي كون الرئيس الشرفي لجمعية دراسات الأدب العربي مجددا أن ما نستقيه من خلال دراسة أعمال جبران هو القيم الإنسانية العامة مثل الخير والحب والحرية والعدالة، والتي شجع عليها جبران في مؤلفاته كافة.

وتابع يقول "إن جبران لا ينتمى إلى الشرق والغرب وحدهما، وإنما ينتمي إلى البشرية جمعاء، حيث نهل من التراث الأدبي العربي العريق واستفاد من أفكارالأدب الغربي وأساليبه كما فعل عميد الأدب العربي طه حسين والروائي العظيم نجيب محفوظ".

وقال جونغ إن ذلك لا يعني أنه تقبل الفكر الغربي كله، فقد كان ثائرا لا ينقد سلبيات المجتمع الشرقي فحسب، وإنما يشجب أيضا سلبيات المجتمع الغربي"، مضيفا أنه "لا بد لنا من تعلم هذا التقليد الحميد".

ومن جانبه ذكر الأستاذ تساي وي ليانغ، رئيس الجمعية الصينية لدراسات الأدب العربي، "نهدف من إقامة الندوة إلى تعزيز الترابط الثقافي والأدبي بين الصين والبلدان العربية، وتعريف العرب بأن الخبراء الصينيين لم يتوقفوا قط عن دراسة الأدب العربي".

وفي الوقت ذاته قدم تساي، الذي يتولى أيضا رئاسة قسم اللغة العربية بجامعة شانغهاي للغات الأجنبية ، رؤيته الخاصة، قائلا "إنني شخصيا لا أوافق على التعمق في "تشريح الكاتب" عند دراسة أعماله ، إذ ما ينبغى علينا فعله هو أن نجعل من التمتع بالعمل الأدبي أولوية أساسية عند دراسة أعمال جبران بحيث نتمتع بمواطن جمال أعماله حرفيا وفكريا".

ــ أكثر الأدباء العرب شهرة وشعبية لدى الصينيين

يرجع تاريخ ترجمة أعمال جبران إلى اللغة الصينية إلى ما قبل أكثر من 80 عاما، أي في عام 1931 تحديدا، لكنه لم يصبح ذائع الصيت في الصين إلا بعد صدور ترجمة ((النبي))على يد الأديبة الصينية بينغ شين عندما جذبتها حكمته العجيبة التي تفوح بالنفحات الشرقية والأسلوب الشاعرى الجذاب.

وذكر سفير لبنان لدى بكين فريد عبود لـ ((شينخوا)) أنه لحسن الحظ أن القائمين على ترجمة أعمال جبران أدباء متمرسون وليسوا مترجمين عاديين، لذا جاءت "نوعية الترجمة جيدة للغاية ومن الطراز الأول".

وقال "لقد شعرت أن الشعبية التي يتمتع بها جبران في الصين تعود إلى نقطتين، الأولي نوعية كتابته والثانية جهد الترجمة"، مشيرا إلى أن جبران سرعان ما أصبح كاتبا محبوبا لدى الجيل الجديد من الجامعيين والشباب، كما حدث في الولايات المتحدة خلال الستينات والسبعينات عندما قوبلت أعماله بحب وشغف شديدين.

ويتذكر الأستاذ لين فنغ مين نائب رئيس الجمعية الصينية لدراسات الأدب العربي أنه في عام من الأعوام ، كانت أعمال جبران المترجمة الأفضل مبيعا بين الأعمال الأجنبية المترجمة في مكتبات الصين.

"هذا ما أكده لى أحد أصدقائي حيث كان يعمل في جمعية الكتاب الصينية, وأرى أن هذا الإحصاء موثوق به وليست فيه مبالغة على الإطلاق"، على حد قول الأستاذ لين.

وتابع يقول في كلمة خلال الندوة أنه بفضل المترجمين الصينيين الرائعين، أمثال جونغ جي كون وشيويه تشينغ قوه (رئيس قسم اللغة العربية في جامعة اللغات الأجنبية ببكين) وإلخ، غدا جبران الآن أكثر الأدباء العرب شهرة وشعبية في الصين، كما أصبحت أعماله من أكثر أعمال الأدباء العرب دراسة.

وأضاف الأستاذ لين، وهو أيضا نائب رئيس قسم اللغة والثقافة العربية بجامعة بكين، أن جبران هو الوحيد من بين الأدباء العرب الذي تصدر المجموعة الكاملة لأعماله في الصين، إذ وصل عدد نسخ أعماله الكاملة التي صدرت من إحدى دور الطباعة والنشر الصينية حتى الآن إلى ست نسخ رئيسية، فضلا عن صدور كتابين وأكثر من سبعين أطروحة أكاديمية في الصين حول أعماله اتبعت طريقة تحليل الأفكار والأساليب.

ويتفق الباحثون في أن ولع الصينيين بجبران، الذي يعد منبر الأدب العربي، يرجع إلى أن أدبه يميل إلى تصوير الشعور والأحاسيس الإنسانية العامة التي ينفعل معها القراء وإلى جنوحه إلى الحكمة والتعابير الشعرية بما يلائم أذواق الصينيين التي أكتسبوها من تراثهم الشعري والفلسفي العريق.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي