|
||
cri (GMT+08:00) 2014-09-02 10:36:41 |
مصدر: ميدل ايست أونلاين
القاهرة - من رابعة الختام
الطبق موروث مصري يحظى بإقبال شعبي كبير بسبب سعره المنخفض وسعراته الحرارية العالية، فيما يقبل عليه المرفهون بحثا عن التجديد.
يعد طبق "الكشري" من أشهر الأكلات المصرية الأصيلة ذات العراقة والضارب بقوة في عمق التاريخ، وتنتشر محلاته في شوارع القاهرة بكثافة وفي بعض الميادين الكبرى بالمحافظات.
ويتكون طبق الكشري من الأرز، العدس الأسود والأصفر، المعكرونة، الحمص، الطماطم (البندورة)، الخل، البصل المقرمش، الثوم والشطة. وهو من الأطعمة التي تحظى بقبول شعبي طوال العام ولا ترتبط بموسم دون غيره كما أنها باتت أكلة مفضلة لجميع الطبقات الاجتماعية يطلب "دليفري" (خدمة التوصيل للمنزل) بعدما كانت حكرا على الفقراء.
وتتراوح أسعار طبق الكشري بين خمسة جنيهات الى عشرين جنيهاً ويعد في متناول الأسر متوسطة الحال. وتغلبت المحلات على ارتفاع أسعار مكوناته بتقديم أطباق بأحجام صغيرة لتبقي على سعره المنخفض.
ولم يكن الكشري في البداية مصرياَ ولكنه قدم إليها مع الجنود الهنود في العام 1914 أيام الحرب العالمية الأولى (ضمن طاقم الحماية البريطانية). وذكر الرحالة ابن بطوطة في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" الكشري، ووصفه بأنه أهم مكون في طعام الهنود، وهو عندهم عبارة عن الأرز المطبوخ بالعدس والسمن أو زيت الزيتون ويطلقون عليه "كوتشري".
وأضاف المصريون إليه المعكرونة والشعرية والبصل المقلي في الزيت وصلصة الطماطم مع الخل والثوم ومسحوق الفلفل الحار. وأطلق المصريون على كل مكون كلمة تحمل بداخلها البهجة، فالبصل المقرمش يعني الورد والويسكي لتعريف "دقة الكشري" واللوز هو الحمص المسلوق الذي يزين به الطبق وكلمة كشري في اللغة السنسكريتية (لغة هندية قديمة) تعني خليط الأرز مع غيره من الأطعمة.
وينافس طبق الكشري الأكلة المصرية الأشهر "الفول والفلافل" والذي يعد موروث شعبي تعده النساء المصريات في المنازل بأكثر من طريقة لإضافة مذاق خاص ورائحة نفاذة للطبق الذي يستخدم في التهادي بين الجيران وأفراد العائلة في المناطق الشعبية التي مازالت تحمل الكثير من العادات والتقاليد والترابط الإجتماعي.
فسحة الشهر
على طاولة متهالكة بأحد المطاعم البسيطة بمنطقة "إمبابة" الشعبية تجلس عائلة مكونة من الأب والأم وأربعة من الأطفال يلتهمون أطباقاً من الكشري في سعادة غامرة، ويقول الأب (موظف بوزارة خدمية) أنا "موظف بسيط، وأطفالي دائماً يرغبون بالخروج للاستمتاع بعطلتهم الصيفية.. نأتي إلى هنا كل شهر وأصبح الامر عادة جميلة نحرص عليها".
وعلى طاولة أخرى تجلس مجموعة من الشباب الجامعي يودعون العطلة الدراسية بـ "عزومة على قد الحال" كما وصفها محمد كمال الطالب بكلية الهندسة جامعة القاهرة وصاحب الدعوة. ولم تتخط تكلفة الاطباق سبعين جنيهاً (عشرة دولارات) لأربعة من الأصدقاء.
وينتقد الطالب الجامعي أسعار الأطعمة الجاهزة في المحلات الشهيرة خاصة تلك التي تقدم الساندوتشات ومنتجات اللحوم والدواجن، ويعتبر محلات الكشري هي الأنسب لعزومات الأصدقاء وخاصة الطلاب الذين لا يملكون رواتب ولا عمل.
ويعتبر الشباب من أكثر الفئات العمرية التي ترتاد محال الأطعمة الجاهزة الفقيرة مثل الكشري بحسب رأي أحمد خلاف (طاهي كشري محترف)، واستطرد ان الكشري من الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية حيث يشتمل على الحبوب من العدس والحمص والخضروات من البصل والطماطم والنشويات من الشعرية والمكرونة، كما أنه طبق اقتصادي غير مكلف حيث لا يدخل في طبخه لحوم الا اذا كان يقدم في محال المناطق الراقية التي تضيف له الكبدة واللحم.
ومن جانبها تؤكد تريزا فكري (مدرسة) من سكان منطقة شبرا أن طبق الكشري هو نجم المائدة في فترات الصيام. وتقول "نعده بالمنزل ونقدمه كهدية لجيراننا كما نتلقاه من جيران مسلمين كنوع من المحبة والترابط بيننا".
ونادراً ما تذهب ربات البيوت والنساء عموماً لتناوله بالمحال، حيث تجيد المصريات طهي الكشري بعدة طرق لكل منها رائحة مميزة ومذاق لذيذ.
وتضيف تريزا أن الامهات تحرصن على تعليم بناتهن اعداد طبق الكشري، خاصة المقبلات منهن على الزواج والحياة الجديدة لأن الكثير من امهات الازواج تطلبنه من زوجات أبنائهم كوسيلة لإثبات جدارتهن وتمكنهن من طهي أطعمة مميزة.
ويقول عادل صبحي (صاحب محل كشري) "أسعار طبق الكشري تعد أقل أسعار لوجبة جاهزة على الإطلاق، خاصة بالمناطق الشعبية والفقيرة ولا ترتفع الا بالمناطق الراقية التي يسكنها الاثرياء حيث يأكلون الكشري كنوع من الرفاهية وتذوق طعام مختلف".
ويضيف أن بعض المحلات صار لها اسم وعلامة تجارية من الكشري، وبات لها عدة فروع تنتشر في كافة أنحاء مصر. وتضع هذه المحلات الثمن الذي يحقق لها الربحية وتعلم أن الزبائن يأتون اليها خصيصاً، كما ان بعض السائحين يحرصون على تناول طبق الكشري عند زيارة مصر وتضع بعض الشركات السياحية زيارة أفخم محلات الكشري في برامج الأفواج السياحية.
| ||||
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved. 16A Shijingshan Road, Beijing, China. 100040 |