CRI Online

تأثير التراجع المستمر لأسعار النفط على الصين

cri       (GMT+08:00) 2014-10-28 14:17:49

بعد تراجع مستمر منذ 4 أشهر، وصلت أسعار خام برينت في منتصف أكتوبر إلى مستوى 83 دولار أمريكي /برميل. وفي هذا السياق، يشير الخبراء إلى أن تباطؤ تعافي الاقتصاد العالمي، والزيادة الكبيرة في الإنتاج الأمريكي من النفط الخام، والتطور السريع للطاقة البديلة وغيرها من العوامل، هي من بين الأسباب الهامة وراء تراجع أسعار النفط.

ويرى المحللون، أنه من الصعب على أسعار النفط تحقيق أداء جيد على المدى القصير. وفي هذا الصدد، أشار نيو لي، مدير غرفة أبحاث الاقتصاد الكلي بقسم التوقعات الاقتصادية التابع للمركز الصيني للمعلومات إلى أنه إذا نظرنا إلى أسعار الخام واتجاهها من زاوية طويلة المدى، فليس من الصعب ملاحظة أن التراجع الحالي في أسعار النفط بمثابة الهبوط المدوي، وقد تعود الأسعار إلى الارتفاع القليل مجددا، لكن إجمالا، وبالنظر من زاوية العرض والطلب العالميين وغيرها من العوامل، فإن الأسعار من الصعب أن تشهد ارتفاعا كبيرا على المدى القصير.

إذن، نتساءل: لماذا تشهد أسعار الذهب الأسود تراجعا مستمرا؟ يرى الخبراء أن تباطؤ تعافي الاقتصاد العالمي، وارتفاع الإنتاج الأمريكي من النفط الخام وارتفاع حصة الطاقة المتجددة وغيرها من العوامل قد أدت إلى ارتفاع العرض مقابل الطلب في الأسواق العالمية خلال الفترة الأخيرة.

وقام صندوق النقد الدولي في 7 أكتوبر الجاري بتخفيض توقعاته لنسبة نمو الاقتصاد العالمي. حيث توقع صندوق النقد أن ينمو الاقتصاد العالمي بـ 3.8% خلال سنة 2015، مخفضا توقعاته بـ 0.2 نقطة مئوية. وفي هذا السياق، يرى دونغ سيوتشنغ الأستاذ بكلية الصناعة والتجارة بجامعة النفط الصينية، أن الأسعار الدولية للنفط ونمو الاقتصاد العالمي على ترابط وثيق. فإذا كان الوضع الاقتصادي العام غير جيد، وكان نسق التعافي بطيء، فإن ذلك سيتسبب في سلسلة من التبعات أهمها هو ضعف الطلب على الاستهلاك، كما أن الطلب على النفط لم يعد بمثل ذلك الزخم الذي كان عليه في السابق، وهذا ما دفع أسعار النفط إلى التراجع.

وحول العوامل المتسببة في تراجع أسعار النفط، يرى نيو لي أنه إلى جانب عامل ضعف النمو الاقتصادي، شهدت بنية العرض والطلب على النفط تغيرا خلال الفترة الأخيرة. مشيرا إلى أنه بالنظر من زاوية الطلب، يشهد اقتصاد أوروبا واليابان تباطؤا في التعافي، كما تعيش بعض الدول الناشئة أوضاعا صعبة، وهو ما يؤثر على طلب الأسواق العالمية على النفط. ومن جهة العرض، سجل الإنتاج الأمريكي للنفط خلال الفترة الأخيرة ارتفاعا كبيرا، ما قلل من تبعيتها للنفط الدولي. ويجب الانتباه إلى أنه مع التراجع المستمر لتكلفة الطاقة النووية، طاقة الرياح، الطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة الجديدة، شهدت هذه المصادر إنتشارا مكثفا، هذا إلى الجانب، حدوث اختراقات في تكنولوجيا استكشاف الغاز الصخري وغيره من مصادر الطاقة التقليدية.

وأضاف الخبراء، أن العوامل الجيوسياسية والدولار الأمريكي هي من بين الأسباب التي لا يمكن تجاهلها في تحليل أسعار النفط. وأشار نيو لي إلى أن أمريكا أعلنت منذ نهاية العام الماضي عن تراجعها عن سياسة التيسير الكمي، ومن ثم دخل الدولار الأمريكي مرحلة الارتفاع، وقد أدت توقعات السوق بارتفاع الإحتياطي الفيديرالي إلى ضغوط على أسعار النفط، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، رغم الوضع المضطرب الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، لكن الأوضاع في ليبيا، العراق والسعودية أفضل من بداية العام، ولم يؤدي تدخل "داعش" وغيرها من القوى إلى تأثيرات خطيرة على إنتاج النفط.

وتظهر إحصاءات الجمارك الصينية، ارتفاع كمية الواردات الصينية مع تراجع أسعارها من المنتجات النفطية خلال الثلاث فصول الأولى من العام الحالي. بما في ذلك 230 مليون طن من النفط الخام، بزيادة بـ 8.3%، لكن مع تراجع سعر الإستيراد بـ 1.4%. ورغم أن هبوط أسعار النفط كان نتيجة للتراجع الشامل للإقتصاد العالمي، لكن الصين بصفتها دولة ذات هيكل طاقي متخلف، وذات تبعية عالية للنفط الأجنبي، لاشك بأن هبوط أسعار النفط في صالحها.

أكد نيو لي أنه وفقا للأرقام ذات الصلة، قاربت التبعية الصينية للنفط الأجنبي الـ 60%، ولاشك أن هبوط أسعار النفط سيساعد الصين على تقليل النفقات بالعملة الصعبة. وفي ظل تحسن بنية التجارة الخارجية الصينية، تعد الأسعار المنخفضة للنفط الخام في صالح إستيراد النفط، حيث لايكتسي ذلك أهمية بالنسبة للاحتياطي الاستراتيجي طويل المدى فحسب، بل يكتسي أهمية في تعزيز أمن الطاقة للصين، كما يتيح مزيدا من الإختيارات بالنسبة لموازنة العجز التجاري وتحسين بنية التجارة الخارجية.

وتوقع الخبراء، بأن يسهم هبوط أسعار النفط في تخفيف ضغوط التضخم في الصين. في هذا الصدد، قال نيو لي إن النقل عبر الطرق يحتل حصة هامة في الإمدادت اللوجيستية داخل الصين في الوقت الحالي. وينجم عن ذلك دفع المستهلك فاتورة عالية للنفط الخام، وهو ما يتسبب في ما يعرف بالتضخم الدخيل. ووفقا للقواعد الصينية الجديدة الخاصة بتعديل أسعار النفط، فإن هبوط أسعار النفط الخام لن يسهم في تخفيض التكلفة اللوجيستية فحسب، بل سيوفر بيئة خارجية جيدة لحيوية السوق الاقتصادية الصينية.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي