CRI Online

"تنين الصين الحديدي" يعبر الحدود ويخترق التحديات منطلقا نحو مستقبل مشرق وواعد

cri       (GMT+08:00) 2015-01-13 14:00:55

بدء تشغيل خط السكك الحديدية الفائقة السرعة "أورومتشي-لانتشو"

عند التفكير في بناء سكك حديدية في أي بقعة من بقاع الأرض، بات عدد أكبر من دول العالم يسلط الضوء على تفوق السكك الحديدية الصينية الفائقة السرعة التي أصبحت الآن بمثابة "تنين طائر" في السوق الدولية.

وجاءت أحدث بشرى في هذا المجال عندما أعلنت وزارة السكك الحديدية الهندية أنها تفكر في التعاون مع الصين لإقامة مشروع خط دلهي-تشيناي للسكك الحديدية الفائقة السرعة وتعتزم إيفاد فريق إلى الصين للمشاركة في نوع من الدورات التدريبية المتخصصة بحيث تبدأ أعمال دراسة مشروع خط السكك الحديدية هذا في العام المقبل.

وأوضحت وسائل الإعلام الهندية أن مشروع الخط، الذي سيبلغ طوله 1754 كم وتكلفته زهاء 200 مليار يوان (حوالي 32.6 مليار دولار أمريكي)، يأتي في إطار استراتيجية "الماسة الرباعية " للسكك الحديدية الفائقة السرعة الهندية التي طرحها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. وقبل ذلك، هناك سلسلة من المشروعات التعاونية التي شاركت فيها شركات سكك حديدية صينية، أبرزها ما أعلنته هيئة السكك الحديدية الروسية مؤخرا بشأن عزمها بناء مشروع سكك حديدية فائقة السرعة يمتد من موسكو إلى بكين ويتراوح طوله ما بين 7 و 8 آلاف كم باستثمار وتعاون صينيين، حيث تشير التوقعات إلى أن خط السكك الحديدية هذا سيصبح الأطول في العالم حين تشغيله.

ومن المتوقع البدء في إقامة هذا المشروع في العام المقبل، على أن يكتمل تماما في عام 2019، إذ تبلغ قيمته نحو 935.2 مليار يوان (حوالي 152.5 مليار دولار أمريكي)، وبهذا يسهم في خفض مدة السفر بين العاصمتين من 5 أيام إلى 30 ساعة من خلال تسيير 170 قطار بضائع و400 قطار ركاب على هذا الخط.

كما ساهمت شركات صينية في مشروع تيناكو- أناكو الفنزويلي البالغ تكلفته 7.5 مليار دولار أمريكي وكذا مشروع مكة - المدينة السعودي وتكلفته 400 مليون دولار أمريكي.

وليس هناك أدنى شك في أن نفوذ السكك الحديدية الصينية إلى الهند وروسيا ودول أخرى يعد بمثابة خطوة ملموسة لدخولها إلى الأسواق الأجنبية ، وتتطلع الصين من خلاله إلى فتح نافذة يطل منها العالم بأسره على تكنولوجيا السكك الحديدية الصينية العالية المستوى.

وتفيد الإحصاءات الأولية بأن شركات السكك الحديدية الصينية الفائقة السرعة تنافست بشكل فاعل للفوز بمناقصات مشروعات سكك حديدية خارجية، وتلقت تلك الشركات موافقات خارجية على طلبات تقدمت بها وتصل إجمالي قيمتها إلى نحو 100 مليار يوان (حوالي 16.3 مليار دولار أمريكي).

ومع امتلاكها لشبكة السكك الحديدية الفائقة السرعة الأكبر نطاقا على مستوى العالم من خلال بنائها لـ12 ألف كيلومتر من خطوط السكة الحديدية الفائقة السرعة حتى الآن، اكتسبت الصين قدرة هائلة من الخبرة في بناء وإدارة هذا النوع من السكك الحديدية، بل وارتقت تنمية قطاع السكك الحديدية الصينية بالمكانة العالمية لقطاع تصنيع المعدات الصيني وحسنت صورة علامة "صنع في الصين" في أعين العالم.

وعقب مرور أكثر من 10سنوات على تجربة تكنولوجيا السكك الحديدية الفائقة السرعة وتنفيذها وتطويرها في الصين، حظيت هذه التكنولوجيا باهتمام السوق العالمية، وعكفت الكثير من الدول بما فيها اليابان والبرازيل والمغرب وحتى الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي على وضع خطط لبناء خطوط سكك حديدية فائقة السرعة حيث سيتم طرح مناقصة مشروع سنغافورة- كوالا لمبور للسكك الحديدية في العام المقبل.

ويلاحظ حاليا سعى الولايات المتحدة إلى بناء خط سكك حديدية فائقة السرعة بطول 1280 كم، هو الأول من نوعه بين لوس أنجليس وسان فرانسيسكو حيث ستبلغ تكلفته 68 مليار دولار أمريكي. ولهذا تقدمت شركة الشمال الصينية للقاطرات والعربات بخطاب نوايا للفوز بمناقصة إقامة هذا المشروع، وإذا ما دخلت الشركات الصينية بنجاح عبر هذه الفرصة إلى السوق الأمريكية ، فسوف تحصل بذلك على "رخصة دخول" إلى أسواق الدول المتقدمة لتنخرط في منافسة مع شركات سيمنز الألمانية وبومباردير الكندية وألستوم الفرنسية وكاواساكي اليابانية، وغيرها من الشركات العملاقة في مجال السكة الحديدية الفائقة السرعة.

مشروع قطار المشاعر المقدسة الذي تم تنفيذه من قبل الشركة الصينية لإنشاء السكك الحديدية

لقد بات "تنين الصين الحديدي" الآن مستعدا لدخول الأسواق الأجنبية لاظهار قدرته الثابتة وتكلفته المتميزة وعملية إنشائه الفعالة خارج البلاد بعدما استطاعت الصين تشييد شبكة مترابطة من السكك الحديدية الفائقة السرعة في أرجاء البلاد.

ولذا، فإن التكلفة المميزة تعد ميزة حاسمة لدخول "تنين الصين الحديدي" الأسواق الخارجية حيث أفاد تقرير صدر عن البنك الدولي بأن التكلفة التي تتحملها الشركات الصينية عند إنشاء سكك حديدية تشكل ثلث ما تتحمله نظيراتها بالدول المتقدمة. وإذا ما تم بناء خط سكك حديدية تبلغ سرعته 350 كم/ ساعة ، فستصل تكلفة وحدة بناء البنية التحتية للكيلومتر الواحد التي ستطرحها الشركات الصينية المتخصصة إلى ما يتراوح بين 17 و21 مليون دولار أمريكي، فيما تصل في أوروبا إلى ما يتراوح بين 25 و 39 مليون دولار أمريكي وفي كاليفورنيا الأمريكية إلى 56 مليون دولار.

وفي الوقت نفسه، شرع قادة الصين أيضا إلى ترويج تكنولوجيا السكك الحديدية الصينية الفائقة السرعة خلال جولاتهم الخارجية، حيث يعتبرون هذه التكنولوجيا بمثابة "بطاقة أعمال جاذبة للفرص" ترمز إلى صناعة التصنيع الصينية الراقية المستوى.

كان "تنين الصين الحديدي" يعتزم في بادئ الأمر التوجه إلى الأسواق الخارجية في عام 2010، غير أن الأمرين اللذين عرقلا خطواته إلى العالمية هما أزمة الملكية الفكرية وحادث القطار الفائق السرعة الذي وقع في عام 2011.

وعقب إجراء تعديلات استراتيجية، نجحت السكك الحديدية الصينية في الدخول إلى الأسواق العالمية، إذ يعد مشروع خط السكك الحديدية الفائقة السرعة الممتد من أنقرة إلى إسطنبول والذي بدأ تشغيله في 25 يوليو من عام 2014 أول مشروع خارجي لـ"تنين الصين الحديدي"، وكذلك الأول من نوعه في تركيا رغم انخفاض حصة الصين فيه.

وكان من المتوقع أن يصبح مشروع مكسيكو سيتي- كويريتارو المكسيكي أول مشروع تتولى فيه الصين حزمة إنشاء خط سكك حديدية كامل، قبل انسحاب الجانب المكسيكي من اتفاق يقضى بإنشاء هذا المشروع مع تحالف صيني- مكسيكي مشترك.

فقد فاز تحالف بقيادة صينية، يضم شركة الصين لإنشاء السكك الحديدية وعددا من شركات البناء المكسيكية، فاز بمناقصة بناء خط سكك حديدية فائقة السرعة طوله 210 كم، لكن وزارة الاتصالات والنقل المكسيكية أعلنت في الـ6 من نوفمبر أنها ستلغي الاتفاق الذي تقدر قيمته بـ4.4 مليار دولار على خلفية مخاوف شعبية من صحة إجراءات المناقصة.

ومن المعروف أن سوق السكك الحديدية الفائقة السرعة سوق ذات آفاق واسعة ومستقبل مشرق، وكذا سوق تتطلب تكنولوجيا عالية ودقيقة واستثمارات ضخمة وقدرة كبيرة على تقييم المخاطر والتعامل معها بما فيها المخاطر السياسية، حيث سبق للكثير من الشركات أن فشلت في الفوز بمناقصات أو تكبدت خسائر بعد نجاحها لهذا السبب.

وبالإضافة إلى المخاطر السياسية، لا تزال شركات السكك الحديدية الصينية تتعرض لضغوط كثيرة. فبعدما ظلت الشركات الصينية تجري عدة جولات من المباحثات مع عدد من الدول العازمة على بناء سكك حديدية فائقة السرعة ومن بينها فيتنام وكمبوديا وميانمار ولاوس وبولندا والمملكة المتحدة وإيران، لم يتوصل سوى عدد قليل منها فقط إلى اتفاق مع الصين في نهاية المطاف، ما يؤشر على أن الشركات العملاقة مازالت تهيمن على نصيب كبير من سوق السكك الحديدية الدولية ويوضح أن الصين تواجه صعوبات في بلوغ المعايير التكنولوجية التي تضعها هذه الشركات.

ومن أجل التصدي للصعوبات والمعاملة غير العادلة عند خوض المنافسة، ينبغي على الشركات الصينية أن تسعى بشكل حثيث إلى التركيز على مهمتين رئيسيتين:

أولهما، الاهتمام برفع مستوى التكنولوجيا وتكثيف الخبرة في قطاع الاستثمار على نحو المعايير العالمية. فرغم مشاركة شركات صينية في بعض المشروعات الخارجية، إلا أن عملياتها اقتصرت على الإنشاء والإنتاج الفني فقط دون إدارة العملية الشاملة للمشروع، وساهمت بصورة أقل في عمليات عالية ذات قيمة مضافة مثل تصدير القطارات الفائقة السرعة وأنظمة التحكم. وباتت الآن في حاجة إلى فرصة لنقل تكنولوجيا سكك حديد الصين إلى السوق الخارجية بشكل كامل.

ثانيهما، الاهتمام بالجودة والأمن بنفس قدر الاهتمام بالسرعة الفائقة للقطارات الصينية أثناء عملية الإنتاج، وتجميع القطارات، وتركيب نظام الاتصالات عبر المسارات ونظام إمدادات الطاقة، وغيرها من سلسلة الصناعة.

وفي خضم هذه التحديات والمهام، تتمتع تكنولوجيا السكك الحديدية الصينية الفائقة السرعة بآفاق مشرقة وواعدة مع تنفيذ الصين الحثيث لمبادرة "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21" التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث من المتوقع أن تلقى هذه التكنولوجيا الصينية ومعداتها وخدماتها ترحيبا واسعا في الأسواق العالمية مستقبلا. وإذا ما سارت قطارات الصين الفائقة السرعة على دربها بخطوات ثابتة ومتواصلة، فستفتح أمامها أبواب فرص عدة لينطلق منها "تنين الصين الحديدي" بثقة نحو العالمية.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي