الصين تدعم التنمية الاقتصادية في مصر

بقلم حسين إسماعيل

من المعروف أن الاستثمار الأجنبي لعب دورا هاما لدفع نمو الاقتصادي الصيني. وقد تجاوز إجمالي حجم الاستثمار الأجنبي المباشر المستخدم فعليا في الصين 2ر1 تريليون دولار أمريكي خلال الخمس والثلاثين سنة الماضية، واحتلت الصين المركز الأول في جذب الاسثمار الأجنبي المباشر بين الدول النامية لمدة عشرين سنة متواصلة. ومع نمو اقتصادها، يزداد حجم استثمارات الصين الخارجية تدريجيا. وقد وصل معدل الزيادة السنوية للاستثمار الخارجي الصيني المباشر 40% في العشر سنوات الماضية، ووصل حجمه إلى 8ر87 مليار دولار أمريكي في سنة 2012، ليحتل المركز الثالث عالميا. ومن المتوقع أن يصل حجم الاستثمار الخارجي الصيني المباشر إلى خمسمائة مليار دولار أمريكي في السنوات الخمس المقبلة، وهذا يوفر فرصة كبيرة لمصر للحصول على نصيب من تلك الاستثمارات.

وقد شاركت الصين في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري الذي عقد في الفترة من الثالث عشر إلى الخامس عشر من مارس 2015، بوفد رفيع المستوى برئاسة وزير التجارة الصيني قاو هو تشنغ، المبعوث الخاص للرئيس الصيني شي جين بينغ.

وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، قال السيد قاو إن الصين حريصة على الوقوف إلى جانب مصر خلال المرحلة المقبلة من أجل النهوض باقتصاديات البلاد، مؤكداً أن مصر لديها الكثير من المصادر والثروات في الكثير من القطاعات. وأضاف: "السوق الصينية منفتحة ونرحب بالكثير من المنتجات المصرية، وتعتزم الصين التعاون مع مصر لزيادة التبادل التجاري بين البلدين، فالوقت الآن أصبح متاحا لتعاون الدول مع بعضها البعض".

ودعا الوزير الصيني كل دول العالم للتعاون لمواجهة الظروف الصعبة المقبلة، قائلا: "لمسنا الإجراءات التي تقوم بها مصر لتوفير مناخ استثماري جيد. ومصر من أهم الدول العربية والأفريقية التي تربطها بالصين علاقات واستثمارات مشتركة. وسوف تأخذ الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر منحى جديدًا." وقال إنه جاء إلى مصر ممثلا عن رئيس الصين، وهو ما يعكس اهتماما بمستقبل مصر الاقصادي، مؤكدا أن الرئيس شي جين بينغ لديه يقين بأن الشعب المصري قادر على التقدم في ظل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي. وقال إن هناك تعاونا بين الصين ومصر في مجالات إنشاء الموانئ، والطاقة النظيفة. وأضاف: "لدينا أنماط جديدة في جميع المجالات، ونشجع الشركات على عمليات البناء".

وقد استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي السيد قاو، الذي التقى أيضا مع وزير النقل هاني ضاحي وبحث معه الفرص الاستثمارية فى قطاعات النقل والمشروعات الاستثمارية المطروحة في المؤتمر الاقتصادي في مجالات النقل المختلفة سواء السكك الحديدية أو الموانئ أو اللوجستيات.

هان بينغ، الوزير المفوض التجاري بسفارة الصين لدى مصر، أكد أن العلاقات التجارية بين الصين ومصر في غاية الأهمية للبلدين، وهذه العلاقات مستقرة تماما وحققت نموا بشكل واضح. في عام 2013، وصل حجم إجمالي التبادل التجاري بين البلدين إلى عشرة مليارات دولار أمريكي لأول مرة، وفي عام 2014 وصل إلى 6ر11 مليار دولار أمريكي، وهو رقم قياسي في تاريخ علاقات البلدين التجارية. وقال السيد هان إنه حتي في فترة الاضطرابات التي شهدتها مصر وبينما كانت الاستثمارات الأجنبية تخرج من البلاد كانت الاستثمارات الصينية تزداد، ودخلت شركات صينية كثيرة السوق المصرية، ففي المنطقة الصناعية بالعين السخنة العديد من الشركات والمصانع الصينية مثل مثل شركة جوشي المقامة على مساحة 34ر1 كيلومتر مربع، وتنتج الألياف الزجاجية، باستثمارات بلغت في المرحلة الأولى 260 مليون دولار أمريكي في عام 2013. وهناك أيضا مصنع لإنتاج الخميرة في بني سويف تم الانتهاء منه في عام 2012 ودخل الإنتاج. وفي مدينة السادات بمحافظة المنوفية توجد مجموعة ((New Hope)) الصينية، وستقام خمسة مصانع جديدة في بني سويف. كل تلك الاستثمارات الصينية كانت في الفترة ما بين عام 2011 وعام 2013 وهو وقت الاضطرابات في مصر. وأيضا هناك الاستثمار في مجال البترول، حيث اشترت شركة سينوبك الصينية ثلث حصة شركة أباتشي الأمريكية في السوق المصرية عام 2013، باستثمارات بلغت ثلاثة مليارات دولار أمريكي، وضخت ستمائة مليون دولار أمريكي للإنتاج في مصر.

وأضاف الوزير المفوض التجاري أنه بعد انتخاب رئيس الجمهورية، دخلت مصر مرحلة جديدة من الاستثمار والتنميه، والصين لديها خطة لزيادة الاسثمارات في مصر، وقد استقبلت مصر العديد من الشركات الصينية التي جاءت إليها لاستكشاف فرص الاستثمار فيها، ويجري حاليا مناقشة عدد كبير من المشروعات. ونتوقع خلال السنوات القادمة أن يزيد معدل الاستثمار في مصر من الجانب الصيني."

وفقا لأرقام وزارة التجارة الصينية، بلغ حجم الاستثمار الصيني في مصر ستمائة مليون دولار أمريكي، ولكن وفقا لأرقام الجانب المصري فإن الرقم خمسمائة مليون دولار أمريكي. ولكن هذه الأرقام لا تغطي استثمار شركة سينوبك الذي يتجاوز الثلاثة مليارات دولار أمريكي.

وحول التعاون الصيني- المصري في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية ومشروع محور قناة السويس في مصر، قال الوزير المفوض التجاري الصيني: "في الماضي كانت هناك العديد من طرق التواصل بين الصين والعديد من الدول، وتتطلع الصين حاليا لإحياء تلك الطرق وإنشاء طرق جديدة بين الدول لزيادة الاستثمار والتبادل التجاري والاقتصادي. خطة مصر لتطوير محور قناة السويس جيدة، وتعد حلقة وصل بين الصين ودول أوروبا. وأعتقد أنه سوف يكون هناك تعاون بين الصين والدول التي نصل إليها من خلال قناة السويس الجديدة، وهذا من أهداف الصين. ومن وجهة نظري يجب أن نبدأ العمل في المشروعات التي تستفيد من هذا الطريق الجديد.

وحول تدفق السياحة الصينية لمصر، قال الوزير المفوض التجاري: "السياحة صناعة هامة جدا لمصر. وفي رأس السنة الصينية خلال شهر فبراير 2014، زاد عدد السياح الصينين الزائرين لمصر خمس مرات مقارنة مع السنة السابقة. مصر مشهورة في الصين بأنها بلد سياحي، والعديد من الصينين يرغبون في زيارة مصر. في العام الماضي شهدنا حاءت مجموعة سياحية إلى مصر ليس لغرض زيارة المقاصد الأثرية الثقافية وإنما من أجل لعب الغولف. أصبح الغولف منتجا سياحيا جديدا يجذب السياح الصينيين. ومع زيادة الاستقرار والأمن في مصر، ستزيد حركة السياحة الصينية إلى مصر كثيرا."