مدينة جيانغ من بمقاطعة قوانغدونغ

مدينة جيانغمن الواقعة عند ملتقى نهر شيجيانغ ونهر بنغجيانغ في مقاطعة قوانغدونغ، اختارت لنفسها طريق تنمية يختلف عن مدن المقاطعة الأخرى. ففي الوقت الذي سارت فيه شنتشن ودونغقوان وتشوهاي على درب التنمية الذي أتاحه انتهاج الصين سياسة الإصلاح والانفتاح في ثمانينات القرن الماضي وصارت مدنا حديثة، تمسكت جيانغمن بالتنمية البيئية الإيكولوجية، فانضمت إلى قائمة أفضل خمسين مدينة في الصين من حيث القدرة الشاملة، ونالت ألقابا شرفية عديدة، منها المدينة الحدائقية والمدينة النظيفة والمدينة السياحية الخ، فضلا عن أنها تعتبر الحديقة الخلفية لمدن قوانغتشو وهونغ كونغ وماكاو وتايبي.

هذه المدينة المعروفة بالتنمية الاقتصادية السريعة والمشهورة بآثارها وطيورها، تضم ثلاث مناطق، هي بنغجيانغ وجيانغهاي وشينهوي، وأربع مدن على مستوى المحافظة، هي تايشان وكايبينغ وخهشان وآنبينغ، ويرجع تاريخها إلى سنة 219 ق.م، عندما وصلها جيش الإمبراطور تشين شي هوانغ وأقام فيها ولاية.

عندما اكتشف الذهب في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندة في أواسط القرن التاسع عشر، خرج إلى تلك البلدان جم غفير من أبناء جيانغمن للبحث عن الذهب، فكانوا الدفعة الأولى من الصينيين الذين استقروا في الولايات المتحدة وكندا، ومنهم من عاد وأنشأ بيوتا في مسقط رأسه فتأثر نمط العمارة في جيانغمن بالعمارة الغربية. جيانغمن واحدة من أربعة مواطن في الصين للمغتربين الصينيين وراء البحار.

عرف تاريخ الصين عشرة آلاف عمارة على شكل الحصن تقريبا، منها ثلاثة آلاف ونيف مازالت موجودة في جيانغمن، من بينها 1833 في كايبينغ وحدها. عمارات الحصون في كايبينغ هي التراث العالمي الوحيد في كل مقاطعة قوانغدونغ.

أجمل في كايبينغ هي دار لييوان التي بناها مغترب صيني هاجر إلى الولايات المتحدة اسمه شيه وي لي، وقد اكتمل بناؤها سنة 1936، بعد عشر سنوات من العمل. لييوان تجمع بين سمات الحدائق التقليدية الصينية وخصائص القرى المائية لجنوبي الصين والعمارة الغربية، وتضم عمارات الحصون ومقصورات وجسورا ونباتات، فتبدو مثل لوحة رائعة الجمال تفوح بعبق ثقافة موطن المغتربين.

البناية الأكثر سحرا في دار لييوان هي بناية "عش الطيور" المشيدة على طراز العمارة الإيطالية. على واجهة البناية عبارة "باينياو قويتشاو"، التي تعني "مئات الطيور تعود إلى عشها". بنى السيد شيه "عش الطيور" لزوجته الرابعة السيدة قوان التي عُرف عنها حبها الجم للطيور وتربيتها. أما "فيلا يويبي" فقد بناها السيد شيه لإحياء ذكرى زوجته الثانية الراحلة، حيث وضع فيها ملابسها ولوحاتها الملونة الجميلة، ولم يكن يسمح لأي شخص بدخول الفيلا.

أجمل عمارة حصون من كايبينغ هي عمارة رويشي المكونية من تسعة طوابق بارتفاع 25 مترا. النصف السفلي للعمارة مشيد بأسلوب العمارة الصينية بينما النصف العلوي بنمط العمارة الغربية. هذه العمارة التي تحمل لقب "عمارة الحصون الأولى" في كايبينغ تقع وسط غابات من الخيزران في قرية جينجيانغلي التابعة لبلدة شيانقانغ بمدينة كايبينغ.

إذا كانت عمارة رويشي أخذت شهرتها من ارتفاعها وجمالها، فإن عمارة بيانتشوتشو اكتسبت شهرتها من ميلها الذي يبلغ 15 درجة، في حين لا يتجاوز ميل برج بيزا المائل في إيطاليا خمس درجات ونصف. عمارة بيانتشوتشو التي بنيت سنة 1903 عند مدخل قرية نانشينغ تسمى "برج نانشينغ المائل"، وبعد قرن من الزمان مازالت العمارة منتصبة في مدخل القرية.

مجموعة عمارات ماجيانغلونغ الواقعة بسفح جبل بايتسو وتواجه نهر تانجيانغ في كايبينغ لها جمال خاص. هذه العمارات الثلاثة عشر التي بنيت في بداية القرن الماضي وتحيطها غابات الخيزران، قمم بعضها مشيدة على الطراز الإغريقي أو الروماني وبعضها بأسلوب العمارة الإسلامية، وهي ببروزها بين غابات الخيزران تشكل مشهدا فريدا.

إذا كانت عمارات الحصون في كايبينغ تعكس دخول الثقافة الغربية إلى الصين، فإن القرى المائية تجسد الحياة الأصيلة في جنوبي الصين، تعتبر بلدة قولاو المائية صورة مصغرة لهذه الحياة.

بلدة قولاو المائية الواقعة على ضفة نهر شيجيانغ، شمال شرقي مدينة خهشان عمرها ستمائة سنة. يمر بها نهر شيجيانغ، فيخلف فيها الكثير من الطمي والغرين. وتنتشر هنا كثير من القنوات المائية والبحيرات مثل شبكة العنكبوت. يقوم أهلها بحفر برك ماء لتربية السمك ويكومون تراب الحفر مثل تلال بجوار البرك التي يزرعون حولها أشجار التوت والقصب. قديما كانت القوارب وسيلة المواصلات الرئيسية فيها، وبعد ذلك ظهرت الجسور فوق القنوات. في هذه البلدة الوافرة الثمر ذات المياه النقية، تستطيع وأنت على متن القارب في مجاريها المائية أن تمد يدك تقطف زهور اللوتس وترى النباتات المائية والسمك سابحا. هنغهايلانغ هي قلب البلدة، وهي منطقة إيكولوجية تغطي نحو 34 هكتارا. فيها أكثر من عشرة أنواع من النباتات أشهرها اللوتس، وأكثر من ثلاثين نوعا من السمك وأكثر من عشرة أنواع من الطيور أشهرها البلشون الأبيض. قولاو هي المنطقة الإيكولوجية الوحيدة في منطقة دلتا نهر تشوجيانغ.

جنة الطيور

جنة الطيور مقصد سياحي مشهور في جيانغمن. تقع شجرة "جنة الطيور" في منطقة شينهوي التي كتب عنها الأديب الصيني الراحل با جين بعد أن زارها، فذاعت شهرتها في أنحاء الصين.

تقول الأسطورة إن فلاحا زرع شجرة بانيان الصغيرة في مكان يسمى لوهشينغتو. نمت الشجرة وترعرعت، وبعد أربعمائة سنة صارت أغصانها تغطي أكثر من عشرة آلاف متر مربع، وبنت عليها طيور البلشون الأبيض والكركي الرمادي والتدرج وغيرها أعشاشها، وصارت تطير حولها من الصباح الباكر حتى المساء، فأصبحت حقا جنة للطيور.

آدم: في قرية شاكنغ القريبة من جنة الطيور، يقع منزل المفكر والسياسي الإصلاحي الصيني ليانغ رن قونغ، الذي يسمى أيضا ليانغ تشي تشاو. وقد اشتهرت أسرة ليانغ في تاريخ الصين الحديث، فمن بين أبنائه وأحفاده علماء في مجالات شتى، ومنهم أبنائه ليانغ سي تشنغ، المهندس المعماري المشهور وليانغ سي يونغ، عالم الآثار المشهور، وليانغ سي لي، خبير الصواريخ.

عبد: يحتضن البحر مدينة جيانغمن التي تتبعها كثير من الجزر، أشهرها وأجملها جزيرة تشوانداو المكونة من جزيرتي شانغتشوانداو وشياتشوانداو، المسافة بين الجزيرتين حوالي 5ر7 كم.

آدم: قبل ستمائة سنة كانت جزيرة تشوانداو محطة هامة على طريق الحرير البحري، وفي القرن السادس عشر أطلق عليها البرتغاليون "جزيرة التجارة"، وسماها الفرنسيون "جزيرة الأمل". الجو فيها معتدل على مدار العام والماء نقي.

عبد: في جزيرة شانغتشوانداو ذات الرمال البيضاء، 12 شاطئا بحريا، منها شاطئ فيشا وشاطئ جينشا وشاطئ ينشا الخ. الرمال ذات اللون الثلجي تتحول إلى دخان عندما تهب الريح. الجزيرة بها معبد ماتسو (إلهة البحر) وتمثال بوذا لهتشوان، وتغطي الغابات الاستوائية حوالي 1400 هكتار بها، وتسكنها قرود المكاك. وتغطي جزيرة شياتشوانداو أشجار جوز الهند.

آدم: جيانغمن بها كثير من عيون المياه الساخنة، التي تنتشر رئيسيا في جبل قودو بمنطقة شينهوي وفي قوانغهاي وساخه بمحافظة تايشان وفي تشيشوي بمحافظة كايبينغ وفي ناجي وليانغشي بمحافظة آنبينغ.

عبد: يقع نبع قودو بسفح جبل قودو، وهو يشبه نبع هواتشينغ الإمبراطوري في أسرة تانغ. تتميز منطقة النبع بوجود قاعات رائعة مزينة بصور جدارية جميلة. يقع نبع ديدو بمحافظة آنبينغ في حديقة مساحتها أكثر من 100 ألف متر مربع.