جبال وويي بمقاطعة فوجيان

جبال وويي

تشمخ جبال وويى بشمال غربي مقاطعة فوجيان ملاصقة مقاطعة جيانغشى. هذه الجبال التي تحمل اسما مألوفا للأذن الصينية، حظها من السائحين قليل، ولا أحد يفهم لذلك سببا.

جبال وويى تجمع بين القمم العالية وجداول الماء الهادئة، والمنتزهات، والمحميات الطبيعية وكان ذلك سببا كافيا لإدراجها في قائمة المدن السياحية بالصين مبكرا، كما أن مدينة وويي هي المدينة الوحيدة في فوجيان التي أخذت اسمها من جبال وويى بين المدن.

قديما كان الأباطرة يذهبون إلى جنوب نهر اليانغتسى للتجول بين مواقع المناظر الطبيعية، والمنتزهات المشهورة هناك.. ولكن أحدا منهم لم يذهب إلى جبال وويى. لماذا؟

يقال إن جبال وويى مصدر للأجمة الوبائية( ميازاما)، ولذا استخدمت منطقة الجبال منفى للمجرمين.ولكن جمال المناظر الطبيعية التي تنفرد بها جبال وويى، جعلها مقصدا للأدباء والشعراء، للزيارة وأحيانا للإقامة.

تشو شى، أشهر فيلسوف في فترة أسرة سونغ، جاء إلى جبال وويى، وهو في الرابعة عشرة من عمره، وبقى يدرس ويؤلف الكتب حتى وافته المنية، وهو في الحادية والسبعين من العمر.

ليو يون، شاعر مشهور في نفس الفترة، ولد في جبال وويى، وكتب كثيرا من قصائد الحب، حتى قالوا إن شعر ليو يون مثل الماء العذب يروى زهور الحب..

آدم: يمكن أن نرى في جبال وويى أطلالا لمدن قديمة، قرى عتيقة، قبور قديمة بها توابيت الموتى بشكل سفينة.

الآن ومع التطور الاقتصادي السريع أصبحت المدن الصينية تغص بناطحات السحاب الإسمنتية، فتحولت جبال وويى إلى قبلة للهاربين من جلبة وضوضاء المدن. هناك يتمتع الزوار بالمناظر الطبيعية الفريدة في فوجيان. في ديسمبر عام 1999 أدرجت جبال وويى في قائمة التراث الثقافي والطبيعي العالمي.

تنقسم منطقة جبال وويى إلى أربع محميات طبيعية هي: محمية التنوع الأحيائي في الغرب التي تعتبر إقليما هاما لحماية مختلف الأحياء في الكرة الأرضية، بها أكبر الغابات العذراء مساحة في وسط آسيا؛ محمية جيوتشيوى الإيكولوجية في الوسط؛ منطقة المشاهد الطبيعية والثقافية في الشرق التي تشمل الجبال الشامخة، الجداول المائية الهادئة، القمم الغريبة الشكل، الجروف الخطيرة، الأودية العميقة؛ منطقة أطلال مدينة ملك مملكة يوي التي تمثل التاريخ العريق والأثريات.

تمتد منطقة جبال وويى السياحية على مساحة 70 كيلومترا مربعا، ترتفع من 300 إلى 400 متر عن سطح البحر، وبفضل التوزيع الجغرافي النموذجي للجبال والجداول المائية، تنفرد هذه المنطقة بمناظر طبيعية خلابة تشمل: نهر جيوتشوى (المنعطفات التسعة)، 36 قمة جبلية، 72 كهفا منتشرا في الجروف الجبلية، 99 صخرة عالية و108 مواقع سياحية.

ينبع نهر جيوتشيوى البالغ طوله 8ر62 كيلومترا، من غرب جبال وويى المغطاة بالأشجار الوارفة مخترقا أودية جروف دانجيا، والـ36 قمة، ثم الـ99 صخرة حتى أسفل الجبال.. الإنسياب على الطوف الخيزراني على امتداد النهر، يشعرك بأن الجبال تنهار من فوقك والماء يركض حول الجبال. الجواسق متوارية بين الأشجار الخضراء والزهور الزاهية الألوان على ضفاف النهر.. ما أجمل ما أبدعت الطبيعة!

محمية جبال وويى الطبيعية إحدى المحميات الطبيعية الرئيسية على مستوى الدولة، تغطى 567 كيلومترا مربعا مجاورة منطقة جبال وويى السياحية. هذه المنطقة تحتفظ بالغابات الأكمل والأمثل التي تجسد خصائص الغابات الاستوائية بشرق الصين، كما أنها أفضل واحة في نفس خط العرض. تغطى الأشجار 3ر95% من أراضيها، مما يجعلها بيئة ممتازة لنمو وتكاثر كافة الأحياء لذا أطلق عليها ألقاب" منتج عينات الأحياء النموذجية.. مفتاح بحوث الزواحف البرمائية في آسيا.. مملكة الأفاعي.. عالم الحشرات.. فردوس الطيور.. نافذة الأحياء بالعالم.. حديقة نباتات طبيعية.. وفي عام 1992، أدرجت إحدى منظمات الأمم المتحدة محمية جبال وويى الطبيعية في قائمة المحميات النموذجية للتنوع الأحيائي على الكرة الأرضية.

منطقة جبال وويى، كونها موقعا سياحيا، حالة نادرة في الصين كلها، لماذا؟ لأنها تجمع بين الموارد السياحية الممتازة والثقافة الوافرة والمتنوعة والفريدة الأسلوب.

في فترة العصر الحجري الحديث، عاش أبناء مملكة يوى في منطقة جبال وويى، وحتى الآن، يمكن أن نشاهد بعض التوابيب الخشبية غير السليمة بشكل السفينة على الجروف، وقطعا من الطرق الممتدة على جدران الجروف في تلك العصور..

تقول السجلات التاريخية، إن عدد المعابد البوذية والطاوية والكونفوشيوسية هنا تجاوز 187 معبدا قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة.

يقولون إن الأرض الجميلة هي منبت العظماء. من الذين عاشوا في منطقة جبال وويى: تشو شى، في أسرة سونغ الجنوبية- ممثل الفلسفة المثالية الموضوعية أعظم مفكر، فيلسوف، معلم بعد كونفوشيوس في التاريخ الصيني، وممثل الفكر الكنفوشيوسي في المرحلة الأخيرة. عاش تشو شى في جبال وويى أكثر من خمسين سنة، حيث قام بالتدريس وتأليف الكتب، فاعتبرت جبال وويى مهد فسلفة تشو شى - المثالية الموضوعية - التي تحتل مكانا هاما بين النظريات الفلسفية سواء داخل الصين أو خارجها. والآن، يمكن أن نتجول بين المواقع الأثرية في جبال وويى، منها: القاعة التذكارية لتشو شى.. أطلال مكتبة تسي يانغ.. نقوش الحجرية..

ليو يون - الشاعر المشهور في عصر أسرة سونغ الشمالية، ثم هو آن قوه مع إبنه، من العلماء المشاهير؛ ومن بين مشاهير الشعراء في أسرة سونغ الجنوبية: لى شان ين، فان تسونغ يانغ، لو يو، شين تشى جى، شيو شيا كو..

أطلال مدينة قويوى( مينوانغ)- عاصمة مملكة يوى بفوجيان، في أسرة هان الغربية قبل أكثر من ألفى سنة هى الأكثر احتفاظا بالملامح الأصلية، وهناك عدد من الأثريات المكتشفة بين أطلال المدن في أسرة هان بجنوب نهر اليانغتسى، ويمكن أن نرى بين أطلال مباني قصور الأسرة الإمبراطورية: أنابيب الماء الفخارية المقوسة- لم يعثر بعد على هذا النوع من الأنابيب بين البنايات القديمة؛ دورة المياه مع مرافق الاستحمام؛ بئر للماء العذب؛ الأدوات المنزلية الفخارية والمواد الإنشائية الفخارية؛ لوحات فخارية منقوش عليها كتابات..

المساكن الشعبية في العصور السابقة تشكل جزءا هاما من الثقافة القديمة في جبال وويى. المباني القديمة في قرية شيامى تمثل الأسلوب المعماري التقليدي في تلك العصور. تقع هذه القرية على بعد 15 كيلومترا من جنوب شرقي مدينة وويى، حيث ما زال بها كثير من المباني التي شيدت في أواخر أسرة تشينغ، منها: البنايات الضخمة الفاخرة التي أنشأها كبار موظفي الحكومة والتجار، وهذه المباني ذات تصميمات بارعة، وديكورات أنيقة. الديكورات على البوابات متألفة من رسوم الزهور، الطيور، المناظر الطبيعية، أو السلاسل القصصية لمشاهير الشخصيات. البنايات الرئيسية مشيدة بالأخشاب؛ وتصميمات الأفنية الداخلية للدور مناسبة للإضاءة، التهوية، المطر؛ والجدران العالية مزركشة بالرسوم الباهرة الألوان.

الأسلوب المعماري في قرية شيامي يشبه القرى الأخرى بجنوب الصين: البيوت مبنية على جانبي النهر الذي يمر من طرف القرية إلى طرفها الآخر، والى جانب الضفة توجد ساحة يستريح بها القرويون جالسين على المقاعد الخشبية الطويلة هناك..

حقول شاي يانتشا

شاى يانتشا من المنتجات المحلية التي تشتهر بها جبال وويى. تنتشر مقاهي الشاي في كل مكان بمنطقة جبال وويى، وجدير بالذكر أن أسلوب شرب الشاي هنا يختلف عن شمال الصين، لأن شرب الشاي يكون باحتسائه مصا لتذوقه وباستخدام أدوات خاصة.. يقال إن هذه المنطقة تعتبر احتساء الشاي أحد ثلاث طرق رئيسية للاحتفاء بالضيوف، وقد غدت أطقم الشاي من اللوازم التي توجد في كل مكان، حتى في المكاتب.

أشجار شاى يانتشا تزرع في التربة الصخرية بجبال وويى متدثرة بالسحاب والضباب الكثيف على مدار السنة، ونموها يعتمد على الغذاء الطبيعي بدون تسميد. لشاي يانتشا نكهات متنوعة حسب طريقة الإنتاج.

شاى داهونباو يختلف عن غيره من أنواع شاي يانتشا. تقول أسطورة عنه إن الإمبراطور كانشى في أسرة تشينغ أصيبب بمرض عضال لفترة طويلة، وذات يوم جاءه شخص بشاي يانتشا وما إن شرب الإمبراطور قدحا واحدا حتى عادت إليه صحتة، ما أروع الشاي السحري! هنا خلع الإمبراطور جلبابه الأحمر لإرساله إلى جبال وويى ليعلق على شجرة يانتشا وأطلق عليها " داهونباو"، وهكذا توج شاي داهونباو ملكا لشاى يانتشا.

تنمو أشجار شاى داهونباو بين شقوق جروف مضيق جيولوكه في جبال وويى، حيث تتساقط قطرات الماء من على قمتها على طول السنة، وفترة سطوع الشمس طويلة، والطقس غير متقلب كثيرا. أقيم مقهى للشاي على قمة الجروف ليشاهد منه الزوار أشجار شاي داهونباو(عددها أربع شجرات فقط، ويقال أنها تنتج 2 كجم فقط سنويا)، ويشربون شاى يانتشا، ويأكلون البيض المتبل بالشاي.

الرحلات السياحية الأربع الرئيسية في جبال وويى

أولا ، تسلق الجبال

- قمة تيانيو التي ترتفع أكثر من 700 متر عن سطح البحر. الوصول إليها عبر السلالم الحجرية، حيث يمكن من أعلى القمة مشاهدة ما تحتها من مناظر.. ما أروع إبداعات الطبيعة من المشاهد الخلابة!

ثانيا： صخور لينغيانغ

تربض مثل حائط ضخم بين واد عميق. يمكن الدخول عبر كهف فوشى في مضيق يخترق ممر الجرف الخطير، طوله أكثر من مائة متر، عرضه متر واحد، ارتفاعه عشرات الأمتار. بالنظر إلى قمة الجرف، تبدو السماء كخيط واحد، ويسمى هذا المشهد " سماء الخيط الواحد".

ثالثا: رحلة بالقارب الخيزراني

يصنع القارب الخيزراني من 8-9 جذوع خيزرانية، حجمه 2× 8 أمتار، وعلى سطحه 6 مقاعد خيزرانية. أثناء الرحلة على نهر جيوتشوى الممتد 19 كيلومترا، يحكى المراكبي للراكبين أساطير ممتعة.. المناظر الجبلية الجميلة على الجانبين.. خرير الماء.. ما أحلى الرحلة المائية!

رابعا، الانسياب مع الماء بالزورق الجلدي.

يمتد وادي نهر تونمو الكبير14 كيلومترا ابتداء من مجرى نهر جيوتشوى الأعلى، ويبلغ ارتفاع المساقط المائية بين هذه المسافة 300 متر، وأكبر ارتفاع لمسقط مائي 8ر2 متر. أثناء الانسياب، يرتفع الزورق وينخفض بين تيار الماء العارم بين حين وآخر.. ما ألذ المغامرة!