منطقة التبت ( الجزء الثاني والأخير)

ناموتشوه

تعني كلمة "تشوه" في اللغة التبتية البحيرة. وييلغ عدد البحيرات الموجودة داخل منطقة التبت أكثر من ألف وخمسمائة بحيرة. ويبلغ إجمالي مساحتها أكثر من مائتين وأربعين كيلومترا مربعا محتلا ثلث إجمالي مساحة البحيرات الموجودة داخل البلاد. وجدير بالذكر أن معظم هذه البحيرات الهضبية لا تتميز بمساحتها الواسعة فحسب بل انها غنية باحتياطي موارد المياه أيضا .

أكبر بحيرة في منطقة التبت هى ناموتشوه التي تعني البحيرة السماوية. وهى احد المواقع المقدسة للدين البوذي التبتي. وتقع في مكان بين محافظة دانغشونغ التابعة لمدينة لا سا ومحافظة بانغو التابعة لمنطقة ناتشوه. وفي شرقها أعلى قمة لسلسلة جبال نيآن تشينغ تانغقولا الثلجية. وفي شمالها سلسلة التلال الهضبية. وتحيط بها مروج واسعة خضراء تنتشر فيها قطعان من المواشي وتحت السماء الزرقاء والسحب البيضاء، تبدو لوحة جميلة في غاية الجمال والروعة تبهر الابصار وتنعش الارواح .

قصر بودالا

يعتبر قصر بودالا الواقع على جبل بشمال غربي مدينة لاسا حاضرة منطقة التبت الذاتية الحكم يعتبر أعلى وأضخم مجموعة قصور مبنية على طراز وبنى القصر في القرن السابع الميلادي. وتحتل مساحته واحدا وأربعين هكتارا . ويتكون من ثلاثة عشر طابقا بنيت جميعها بأحجار الجرانيت. ويضم القصر آلاف الغرف والقاعات والأبراج بما فيها الابراج التي تحفظ فيها جثث الدالاي لاما لأجيال متتالية. وجدير بالذكر أن كل هذه الابراج مرصعة بالذهب والاحجار الكريمة والموجوهرات والزينات القيمة الأخرى. وأكبرها برج جثة الدالاي لاما الخامس والبالغ أرتفاعه 14.85 متر. وتمت زخرفة هذا البرج باستخدام كمية كبيرة من الذهب الخالص وأكثر من أربعة آلاف قطعة من الاحجار الكريمة والموجوهرات القيمة الأخرىِِِ. وجدير بالذكر أن دالاي لاما كان يعيش ويعمل ويمارس الانشطة الدينية اليومية داخل قصر بودالا. وتقع غرفة نومه في اعلى مكان داخل القصر حيث أشعة الشمس الساطعة تستمر وقتا أطول من الاماكن الأخرى. ولهذا السبب يُطلق الناس على هذه الغرفة باسم القاعة الشمسية .

وأدرجت الحكومة الصينية عام 1961 قصر بودالا ضمن قائمة المواقع الثقافية المهمة التي تتمتع بحماية الدولة. وتخصص كل سنة اعتمادات خاصة لترميمه وصيانته. وفي الفترة من ربيع عام 1989 الى صيف عام 1994 قامت الحكومة المركزية بتوظيف ثلاثة وخمسين مليون يوان صيني كاعتمادات خاصة لترميم وصيانة قصر بودالا بشكل كامل، الامر الذي جعله أكثر جمالا وروعة وفخامة .

معبد دا تشاو

يقع معبد دا تشاو في مركز مدينة لا سا. وبناه الملك التبتي سونغزانقانبو عام647 الميلادي خصيصا للترحيب بقدوم الأميرة وين تشنغ من أسرة تانغ الامبراطوية الصينية الى التبت ليتزوجها. وفي معبد دا تشاو قاعة كبيرة لاداء الانشطة الدينية وغرفة لحفظ الكتب الدينية. ويتكون قصر المعبد من أربعة طوابق. وعلى الطابق الاعلى قبة مطلية بالذهب الخالص . ويوضع داخل القاعة الرئيسية تمثال بوذا شيجاموني المطلي بالذهب، ونُقشت على جدرانها لوحات ورسوم من المراسم الفاخرة للترحيب بقدوم الاميرة وين تشنغ الى التبت، والقصص الدينية والأسطورية الأخرى .

يرجع تاريخ معبد زاشلونبو الى أكثر من خمسمائة سنة. ويعتبر احد الاماكن المقدسة المهمة التي يجري فيها البانتشان لاما الانشطة الدينية والسياسية.

وبُنى المعبد على سفح جبل. ويضم أكثر من خمسين قاعات كبيرة وأكثر من 200 غرفة. ويوضع في القاعة الرئيسية الكبرى تمثال البوذا ميلوه المصنوع باستخدام كمية كبيرة من النحاس والذهب الخالص والمرصع بكثير من الألماس واللآلئ والموجوهرات القيمة الأخرى والبالغ عددها أكثر من ألف وأربعمائة قطعة .

تمارس الصين سياسة التعليم والتربية المجانية في منطقة التبت. وتتحمل الدولة كل النفقات الدراسية للتلاميذ التبتيين ابتداءا من المدرسة الابتدائية حتى الجامعة مع العلم أن هذه السياسية التفضيلية تقتصر فقط على منطقة التبت. وجدير بالذكر أنه لم تكن في منطقة التبت القديمة أي مدرسة رسمية ناهيك عن وجود جامعة. أما الآن فقد تأسست في المنطقة أربع جامعات .

من أجل دفع التطور في قطاع التعليم والتثقيف في منطقة التبت أسست الحكومة الصينية المركزية العديد من المدارس الخاصة للتبتيين في مناطق الصين الداخلية. وأعدت حوالى عشرة آلاف من المثقفين التبتيين الذين تخرّجوا من المدارس الفنية التخصصية والمعاهد والجامعات. وتحملت الدولة كل النفقات الدراسية والمعيشية خلال مراحل دراستهم المختلفة في المدارس والمعاهد والجامعات.

وحتى نهاية عام 2003 أصبح في منطقة التبت ألف وإحدى عشرة مدرسة ودورات دراسية على مختلف الأنواع والمستويات يدرس فيها أكثر من أربعمائة وخمسين ألف طالب. واحتل عدد التلاميذ الدارسين في المدارس الابتدائية حاليا أكثر من واحد وتسعين بالمائة من إجمالي الاطفال التبتيين الصغار. وإنخفضت نسبة الامية بمعدل ثلاثين بالمائة على الاقل في المنطقة. وجدير بالذكر أنه منذ بدء تطبيق مشروع الامل الذي يهدف الى مساعدة الاطفال في المناطق الفقيرة على مواصلة دراستهم في منطقة التبت عام 1992 تأسست في المنطقة أكثر من مائة وثماني مدارس أمل يدرس فيها أكثر من ستة وثلاثين ألف تلميذ حصلوا على المساعدة المالية من هذا المشروع .

من المعروف أن الدين البوذي نشأ إصلا في الهند في قديم الزمان، وانتشر في منطقة التبت بعد أن اندمج مع الدين المحلي القديم.

فنشأ دين جديد هو الدين البوذي التبتي الحالي الذي انتشر في التبت ومنغوليا الداخلية ومناطق أخرى بالصين. ويُعرف في الوقت نفسه باسم الدين اللامي أيضا .

نتيجة لتأثير الدين البوذي على قومية هان، بنيت معظم القصور والمعابد في التبت على طراز القصور والمعابد التقليدية لقومية هان إذ تتمتع بضخامة الاحجام وفخامة التصاميم ودقة البناء وجمال الزخرفة. ويعتبر قصر بودالا ومعبد تشبانغ في مدينة لا سا ومعبد التار في مقاطعة تشينغهاي وغيرها من القصور والمعابد البوذية الأخرى من أشهر وأروع المباني العريقة في التاريخ المعماري .

يتمتع أبناء قومية التبت بحرية كاملة في الاعتقادات الدينية، ويعتنق معظم أبناء قوميات التبت ومون با ولوبا وناشي الدين البوذي التبتي بينما يعتنق بعضهم الدين الاسلامي ويؤمن البعض الآخر بالمسيحية.

ويوجد الآن في منطقة التبت أكثر من ألف وسبعمائة معبد و أماكن خاصة للدين البوذي التبتي يسكن فيها حوالى ستة وأربعين ألف راهب وراهبة. كما توجد في المنطقة أربعة مساجد اسلامية ويبلغ عدد المسلمين حوالى ثلاثة آلاف فرد. وفي المنطقة كنيسة كاثوليكية واحدة، ويصل عدد المؤمنين بالكاثوليكية حاليا الى حوالى سبعمائة شخص. وتسير الانشطة الدينية للاديان الثلاثة كافة المذكورة داخل منطقة التبت حاليا بشكل طبيعي. أما الحكومة المحلية في المنطقة فتعمل تلبية كافة إحتياجات ومتطلبات جماهير الشعب المحلي في أنشطتهم الدينية وتحترم إعتقاداتهم الدينية بشكل كامل .