CRI Online

التجول في المدن المحيطة بحوض تاريم جنوبي منطقة شينجيانغ

cri       (GMT+08:00) 2015-03-27 14:46:04

يقع بين جبل كونلونغ وجبل تيان شان شمال غربي الصين حوض أهليلجي الشكل يطلق عليه اسم حوض تاريم وهو أكبر حوض في الصين. ووسط هذا الحوض صحراء تاكلاماكان وهي ثاني أكبر صحراء في العالم بعد الصحراء الكبرى. وعند شرق الحوض، ينقسم طريق الحرير القديم المشهور إلى الطريق الشمالي والطريق الجنوبي، ثم يلتقيان في غرب الحوض ويمتد غرباً. وخلف لنا طريق الحرير القديم الكثير من الآثار القديمة التي تحكي لنا روايات جميلة عن تاريخ هذه المنطقة الغنية بالموارد السياحية والمليئة بالتقاليد والعادات القومية.

واليوم، نبدأ رحلتنا من غربي حوض تاريم، ونزور أولاً مدينة كاشغار ملتقى الطريقين الشمالي والجنوبي لطريق الحرير القديم.


مسجد آتيجار

مدينة كاشغار هي مدينة تاريخية وثقافية مشهورة تقع غرب حوض تاريم في جنوب منطقة شينجيانغ، ويرجع تاريخها إلى ما قبل أكثر من 2000 سنة، حيث كانت مركزاً مهماً للمواصلات في وسط وغرب آسيا، ومركز تجميع وتوزيع المنتجات الحريرية والخزفيات والتحف اليشمية وغيرها من البضائع. ويمكن القول إنها أول ميناء تجاري دولي وأقدم مركز في غرب الصين لاندماج الثقافات الشرقية والغربية. وما زالت حتى اليوم مدينة سياحية يتشوق السياح الصينيون والأجانب إلى زيارتها.

وتوجد في المدينة مساجد كثيرة. وبعد الوصول إلى مدينة كاشغار، لا بد من زيارة ميدان آتيجار، إنه أكبر مركز للنشاطات الثقافية الجماهيرية ونشاطات المسلمين في هذه المدينة. ويعتبر مسجد اتيجار وسط الميدان أكبر مسجد في الصين، وهو من المساجد القليلة المفتوحة أمام الزوار. اذ يمكن للزوار الصينيين والأجانب زيارته في الأوقات الخالية من النشاطات الدينية.

يلقب هذا المسجد ب" مكة الشرق الصغيرة "، وفي يوم الجمعة من كل أسبوع، يتجمع فيه ما يتراوح بين سبعة آلاف وثمانية آلاف مسلم لأداء شعائر الصلاة. وفي عيدي الفطر والأضحى وغيرهما من الأعياد الاسلامية التقليدية، تكتظ قاعة المسجد بالمصلين الذين تتزايد أعدادهم ويصلون إلى ميدان اتيجار، وقد يصل عددهم في بعض الأحيان إلى 100 ألف شخص، وهذا بلا شك مشهد مؤثر جداً.

وبجانب هذا المسجد شارع مشهور بتجارة المشغولات الفنية، ويفضل الزوار شراء الأشياء التذكارية والهدايا منه، وكل الأعمال الفنية اليدوية التي تباع هناك مصنوعة في الشارع ذاته، منها أطباق فضية لامعة وأباريق نحاسية دقيقة الصنع وأدوات طعام فاخرة وآلات موسيقية محلية متميزة. ويمكن للزوار التمتع بمشاهدة مهارة صنع الأعمال اليدوية أولاً، ثم شراء بعض التي تعجبهم كتذكارات أو هدايا.


مقبرة شيانغ فيه

تشتهر مدينة كاشغار بكثرة الآثار التاريخية القديمة، وأكثر ما يثير اهتمام الزوار هو مقبرة شيانغ فيه والمساكن الشعبية بالمدينة القديمة .

تقع مقبرة شيانغ فيه على بعد خمسة كيلومترات شمال شرقي مدينة كاشغار، وهي من بين مجموعة المقابر المتميزة بالطابع الاسلامي. كانت شيانغ فيه محظية ملكية كان الامبراطور تشيان لونغ من أسرة تشينغ الملكية يحبها كثيراً، ذلك لأنه تفوح من جسمها رائحة طيبة طبيعية، وكان الامبراطور يحب هذه الرائحة جداً، لذلك أطلق عليها اسم "شيانغ فيه" يعني " المحظية العطرة ". وأثر وفاتها، شعر الامبراطور بحزن شديد، وسمح بنقل جثمانها إلى مسقط رأسها في مدينة كاشغار بمنطقة شينجيانغ، لدفنها بجانب مقابر أسرتها.


المساكن القديمة بمدينة كاشغار القديمة

ما زالت المساكن الشعبية بالمدينة القديمة في مدينة كاشغار تحافظ على ملامحها القديمة لقومية ويغور خلال عهد ازدهار طريق الحرير القديم، ويختلف كل منزل عن الآخر من حيث الشكل، أما أزقتها فهي ضيقة تشير إلى كل الاتجاهات، ترتفع تارة وتنخفض أخرى تشبه المتاهة للكثير من الزوار. ولتجنب فقدان الطريق، رصف المحليون الأزقة بطوب خاص، فالأزقة المرصوفة بالطوب المسدس الشكل، تساعد الزوار في الخروج، أما الأزقة المرصوفة بالطوب المستطيل، فتكون مسدودة النهاية. لكن بعض الزوار ما زالوا يضلون طريقهم لأنهم يتلفتون يميناً ويساراً، وينسون النظر إلى نوع الطوب تحت أقدامهم.

إن كلمة "كوتشي" معناها في اللغة الويغورية " تاريخ عريق"، وفي قديم الزمان كانت مدينة كوتشي معروفة بمدينة شيو تسي، وتقع في جنوبي جبل تيانشان وشمالي حوض تاريم بمنطقة شينجيانغ، إنها معروفة ب"مدينة موسيقية في الأقاليم الغربية بالصين" و"موطن الغناء والرقص" منذ قديم الزمان، وتعتبر "مهد ثقافة شيو تسي القديمة".


مدينة كوتشي القديمة

وبسبب موقع مدينة كوتشي القديمة في وسط طريق الحرير القديم، فقد تجمعت فيها ثقافة المناطق الداخلية الصينية وثقافة الأقاليم الحدودية الغربية، مثلا أن الدين البوذي كان شائعاً ومقبولاً في هذه المنطقة قبل ألفي سنة، مما ترك لنا كثيراً من الرسومات الجدارية والكهوف الصخرية الدينية المنقوشة والموسيقى والرقصات الممثلة لثقافة شيو تسي الفريدة التي تتميز بالبساطة والجمال .

تعتبر كوتشي إحدى أشهر المحافظات السياحية الأربع بمنطقة شينجيانغ، وتضم أكثر من 80 موقعاً تاريخياً و500 كهف صخري محافظ عليها بشكل جيد، وتصل مساحة الرسومات الجدارية القديمة إلى عشرين ألف متر مربع. والجدير بالذكر أن كهف كوموتولا وكهف كيسيل اللذين يضمان آلاف الآلهة البوذية، مشهوران في البلاد، وبدأ بناؤهما قبل 1700 سنة.


فن المقام الويغوري

إن فن المقام الويغوري فن خاص لأبناء قومية الويغور بمنطقة شينجيانغ الصينية، وهو فن جامع بين الشعر واللحن والعزف والغناء والرقص. يعتبر فن المقام أدباً رفيعاً بين الفنون الويغورية المختلفة، وأدرجته منظمة اليونسكو الدولية ضمن قائمة "روائع التراث الثقافي الشفوي وغير المادي" في نوفمبر عام 2005.

يتمثل فن المقام الويغوري الذي نتحدث عنه اليوم في "المقامات الاثنتي عشرة" بشكل رئيسي. نشأت المقامات الاثنتا عشرة في محافظة شاتشه التي كانت عاصمة مملكة كبيرة وقوية في فترة من فترات التاريخ، ويحكى أن لأحد أملاك المملكة حظية اسمها عماننيساهان وهي شاعرة وعالمة كبيرة في الموسيقى انهمكت في دراسة فن المقام المزدهر للغاية آنذك وجمع روائعه وتنظيمها وإعادة تأليفها وأبدعت على أساس ذلك اثنتي عشرة مجموعة متكاملة من فن المقام ألا وهي "المقامات الاثنتي عشرة".

وبحكم أن المقامات الاثنتي عشرة كانت تتوارث على ألسنة الأجيال المتعاقبة من الفنانين شفوياً ولا كتابياً، كما أنها مجموعات شاملة وكبيرة جداً، اضمحل هذا الفن العظيم مع مرور الوقت وأصبح مهدداً بالانقراض قبل قيام الصين الجديدة. وبرعاية واهتمام رئيس مجلس الدولة الصيني الراحل شو أن لاي، بذلت وزارة الثقافة الصينية جهوداً كبيرة في إنقاذ فن المقام الويغوري، وأنشأت العديد من الهيئات البحثية والفرق الفنية الخاصة به. وفي عام 2002، بدأت إدارة الثقافة بحكومة منطقة شينجيانغ بالاستعدادات لطلب إدراج فن المقام ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي. وبعد حوالي سنتين من الجهود، قدمت الحكومة الصينية طلباً رسمياً إلى منظمة اليونسكو الأممية. وفي نوفمبر عام 2005، أدرجت المنظمة الدولية فن المقام الويغوري بشينجيانغ الصينية ضمن الدفعة الثالثة لروائع التراث الثقافي الشفوي وغير المادي.

بعد إدراج فن المقام ضمن التراث الثقافي العالمي، خصصت الحكومة المركزية أموالاً للمحافظات والمدن المعنية لإنشاء مراكز تعليم فن المقام، وحصلت محافظة شاتشه على ثلاثة ملايين يوان منها. كما شيدت المحافظة حديقة ثقافية خاصة بالمقامات الاثنتي عشرة باستثمارات بلغت قيمتها 16 مليون يوان، ومن أجل تعريف فن المقام ونشره، شكلت المحافظة أيضاً فرقاً فنية لتقديم العروض في كل أنحاء البلاد وخارجها.


وادي كوتشي

وبفضل الجهود المتواصلة لإنقاذ فن المقام وتوريثه وتطويره، تبلور في محافظة شاتشه موطن المقامات الاثنتي عشرة جو فني جيد. واليوم، أصبح فن المقام جزء لا غنى عنه من حياة أهل محافظة شاتشه، مثل الهواء والغذاء، حسب قول المحليين. والآن، لنستمتع هذا الفن التقليدي العريق لقومية الويغور.

أفضل أوقات السياحة إلى شينجيانغ هو أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر، لأنه في هذه الفترة، تنتشر في كل مكان الفواكه الطازجة المتنوعة، وتتميز درجة الحرارة بالاعتدال وتكون مناسبة للجولات الخارجية. ويمكن للسياح ركوب الطائرة من مدينة أروموشي حاضرة منطقة شينجيانغ والتوجه إلى شمال ووسط وجنوب المنطقة الغنية بالموارد السياحية التاريخية التي تستحق للزيارة والمعرفة. وبالإضافة إلى ذلك، نرجو ألا تفوتكم فرصة تناول الفواكه والأطعمة المحلية والتمتع بالموسيقى والرقصات القديمة خلال رحلتكم، ونتمنى لكم رحلة ممتعة وسعيدة.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي