|
||
cri (GMT+08:00) 2015-07-15 13:55:26 |
lvyou
|
إن مناظر تشانغجياجيه المدينة الواقعة في مقاطعة هونان جنوب الصين، لا مثيل لها على وجه الأرض. وبعد أن يرى الزوار طبيعتها الفائقة الجمال، غالباً ما يصفونها بأنها "جنة الأرض".
يجتهد البعض في تفسير مشاهدها الساحرة، فيعزو السبب إلى وقوعها في القلب الجغرافي للصين، عند نقطة التقاء خط الطول 110 درجة شرقاً مع خط العرض 30 درجة شمالاً، باعتبار أن هذين الخطين هما الحدان الفاصلان بين شرقي وغربي الصين، وشمالي وجنوبي البلاد.
يرتبط هذان الخطان الوهميان بعدد من عجائب الدنيا، فعلى خط الطول 110 درجة شرقاً، يقع طريق الزوال السماوي الشهير المبني في عهد أسرة تشين في الصين، وعلى خط العرض 30 درجة شمالاً تقع أهرامات مصر ومنطقة الصحراء، وغيرها من المعالم التاريخية. مدينة تشانغجياجيه تضيف إلى سحر هذين الخطين بجمالها وروعتها الطبيعية.
عندما يصعد الزائر بعربة الكابل (التليفريك) قمة الجبل ذات المناظر الطبيعية الخلابة في منطقة وولينغيوان بمدينة تشانغجياجيه. يجد نفسه في بلاد العجائب مع الكابلات العالية التي تخترق السماء الزرقاء، ويرى السحب البيضاء على جانبيه مثل أشرطة الدخان أو الحرير، والخضرة وأشجار الصنوبر الخضراء من تحته.
يمكن للزائر أن يشتري تذكرة مدتها ثلاثة أيام لزيارة منطقة تشانغجياجيه، ربما تحسب أنك لا تحتاج إلى كل هذه الأيام للتمتع بمناظرها. ولكن، في اليوم الثالث ستدرك أن الوقت لم يكن كافياً، لأن تشانغجياجيه، بتضاريسها الطبيعية الفريدة والحياة الحرة، جديرة حقاً بشهرتها كمنطقة سياحية دولية.
في منطقة وولينغيوان، المشهورة بأعمدة الحجر الكوارتزي، والتي تعتبر تجربة رائعة بحد ذاتها. ثم إذا كنت متعباً، يمكنك أن تتجول على شاطئ نهر جينبيان أو في وادي شاداو، وإذا كنت ترغب في المغامرة، يمكنك الذهاب إلى ياوتسيتشاي، حيث المنحدرات العالية التي تُشعرك بأنك في حلم.
ويمكنك أيضاً أن تتجول على ضفة نهر جينبيان الذي يصبح أكثر صفاء في موسم المطر، ولا يجف أبداً، برغم عدم وجود خزان يغذيه، والفضل في ذلك يرجع إلى الحقول القريبة منه والتي تساعد في المحافظة على مصادر المياه.
الجبال العملاقة هي رمز تشانغجياجيه الأكثر وضوحاً، ولكن المدينة فيها أيضاً المياه الجميلة مثل مياه نهر جينبيان. تتعانق الجداول والأنهار على كل الجبال فتبدع أجواء هادئة. يمكنك أن تأخذ قارباً تمخر به عباب الماء حتى مصب النهر، أو تطفو على البحيرات الهادئة الزرقاء والخضراء النقية مثل البلور.
جبل تيان مون هو أعلى جبال تشانغجياجيه، يبلغ ارتفاعه 6ر1518 متر. أخذ هذا الجبل اسمه من كهف تيانمون الواقع بداخله. وحسب السجلات التاريخية، تشكل الكهف في عام 263 الميلادي في فترة الممالك الثلاث، وقد أعطاه الملك شيوي، لأسرة وو الشرقية، اسم تيانمون، أي البوابة السماوية.
ليس جمال جبل تيانمون هو كل ما يجذب الزوار، فهناك أسرار وألغاز أخرى. قال أهل المدينة إنهم رأوا، على مدى سنوات، "البوابة السماوية" تظهر على قمة الجبل تدريجياً. واللغز الآخر، هو أن الجدار الأيسر للكهف يظل جافاً دائماً، حتى أثناء المطر الغزير. وفي موسم الجفاف، تتدفق سيول عارمة فجأة دون أن يعرف أحد من أين أتت، وتشكل شلالاً هادراً. يستمر الشلال فترة من خمس عشرة دقيقة إلى أربعين دقيقة ثم يختفي. العجيبة الأخرى في كهف تيانمون هي ينبوع لينغ، الذي تتقاطر مياهه رذاذاً من أعلى الكهف. ويقال إن من يرتوي بثمان وأربعين قطرة من مياه ينبوع لينغ، يحتل المركز الأول في كل الامتحانات.
يمكن الوصول إلى قمة جبل تيانمون عبر طريق جبلي شيد مؤخراً بارتفاع من 200 متر إلى 1300 متر وفيه تسعة وتسعون منعطفاً. كما يمكن الصعود باستخدام عربة الكابل الكهربائية إلى ارتفاع 7455 متراً. ويمكنك أيضاً، إذا كنت شجاعاً، أن تصعد الجبل سيراً على القدمين وتستمتع بمشاهده المدهشة.
وقبل أكثر من عشرين سنة، كانت الطرق في تشانغجياجيه دروباً جبلية ترابية، ولكن هذا بات من ذكريات الماضي، فالطرق الآن ممهدة بألواح حجرية عالية الجودة. وتلتزم تشانغجياجيه منذ أكثر من عشرين سنة بسياسة "الحماية أولاً، والتنمية ثانياً"، وتلتزم بالاستخدام المعقول للموارد الطبيعية الفريدة بها وتعزز تنميتها وبناءها. وتفخر تشانغجياجيه بأنه لم يقع فيها حريق أو تفشٍ للآفات الحشرية الضارة للغابات خلال أكثر من أربعين عاماً. إن هذا كله يرجع إلى جهود القائمين على هذه المدينة الجميلة.
تشتهر مدينة تشانغجياجيه بعرض رقص فني رائع، تؤدي فيه فتيات بأزياء بيضاء رقصات على خشبة المسرح، ومع تغير الإضاءة يبدأ قص حكاية خرافية عن ثعلبة بيضاء أحبت حطاباً فقيراً قابلته في جبل تيانمون. تمجد القصة الحب الخالد بين مخلوقين من عالمين مختلفين. يشعر مشاهدو هذا العرض الفني بأنهم جزء منه، فالجبال والمياه تسيطر على مشاعرهم، تبتسم وتبكي مع تطور أحداث الحكاية.
يستمتع زوار تشانغجياجيه بجمالها الطبيعي والثقافي ومناظرها المدهشة. فيها حديقة على المستوى الوطني، ومحمية جبل تيانتسي ومحمية سوهشييوي الطبيعيتان، هذا إضافة إلى جبل تيانمون للغابات ومنطقة نهر ماويان ومحمية جبل باداقونغ الطبيعية. تشانغجياجيه مقصد للسائحين من داخل الصين وخارجها.
وفي يوليو سنة 1970، اتجهت أنظار العالم نحو تشانغجياجيه عندما اكتشف فريق أثري من الأكاديمية الصينية للعلوم أحفورتين لنوع جديد من الديناصورات في حالة جيدة. وقال العلماء إنه كان يعيش قبل أكثر من مائتي مليون سنة، وإن طول قامته 2ر3 أمتار، وارتفاعه 3ر1 متر، وإن أسنانه تكمن في عظام الفكين. إضافة إلى هذا النوع الفريد من الديناصورات، توجد وديعة ضخمة من المخلوقات المتحجرة الأخرى في تشانغجياجيه، بما في ذلك الباندا، ووحيد القرن وحيوان التابير العملاق.
وفي نوفمبر سنة 2010، عُقدت في تشانغجياجيه ندوة دولية حول أشكال سطح الأرض (الجيومورفولوجيا)، شارك فيها عشرات العلماء من الصين وسبع دول أخرى. وبعد سلسلة من الدراسات الميدانية، أطلق على هذا النوع من التضاريس الجغرافية المكونة من صخور المرو اسم "تضاريس تشانغجياجيه"، واتُفِق على أنها ذات قيمة بحثية وسياحية عالية.
ظلت تشانغجياجيه عشق قلوب كثير من المثقفين الصينيين، إما بدافع خارجي أو بحافز من جمالها وهدوء عزلتها، ومنهم القائد العسكري تشانغ ليانغ (250-186 ق. م)، الذي حقق انتصارات عسكرية عديدة لأسرة هان الغربية (206 ق.م- 24 م). بعد تأسيس أسرة هان الغربية، اتخذ الإمبراطور ليو بانغ جملة من الإجراءات لتعزيز سلطته، فشعر تشانغ ليانغ بالقلق فاستقال من منصبه بعد أن قتل الإمبراطور عدداً من كبار الوزراء، خشية تهديدهم لسلطته. رحل تشانغ ليانغ إلى جبال تشانغجياجيه حيث انكب على البحث في دين الطاوية حتى وافته المنية. ويقال إن أسرة هذا القائد عاشت في هذا المكان فاتخذ اسم "تشانغجياجيه"، أي "موطن أسرة تشانغ".
وتمتد حكايات تشانغجياجيه إلى أبعد من ذلك، حيث توجد فيها مقبرة هوان دو، وهو زعيم لأقلية قومية نُفي إليها بعد هزيمة قواته على يد الإمبراطور شون. ويُعْتَقد أن هوان دو هو الجد الأول لأبناء قومية مياو الذين يعيشون حالياً في جنوبي الصين، وخصوصاً في مقاطعة هونان. هنا يقع أيضاً قبر الملك نان وانغ (256 ق. م)، وهو آخر ملوك أسرة تشو الشرقية. كتب وانغ وي (701-761 ق. م) في أسرة تانغ قصيدة رثاء حزينة عن قبر الملك نان وانغ في البرية، قال فيها: "خلال آلاف السنين زال كل شيء، ومرت الطيور بقبر الملك نان وانغ".
وارتبطت مدينة تشانغجياجيه بالمفكر العسكري الأسطوري قوي قو تسي، الذي عاش في فترة الربيع والخريف (770- 476 ق.م) وفترة الممالك المتحاربة (465- 221 ق. م)، والذي قيل إنه لجأ إلى كهف في جبل تيانمون أمامه شلال كبير، كان بمثابة ستارة تفصله عن العالم الخارجي، وهناك عكف على دراسة كتاب يي (التغيرات). كان يتردد على الكهف ضابط متقاعد في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين، ووجد على أحد جدرانه صورة قوي قو تسي. مثل هذه القصص تضفي مزيداً من السحر على مدينة تشانغجياجيه.
رغم أنه لم ينل الشهرة الواسعة والمكانة التي يتمتع بها كونفوشيوس، حظي قوي قو تسي بمكانة كبيرة في الصين. فعلى الرغم من أن كونفوشيوس كان له ثلاثة آلاف تلميذ، قليل منهم امتلكوا الحكمة الحقيقية والقدرة على خدمة الناس، ترك العديد من أتباع قوي قو تسي بصماتهم على مسيرة تاريخ الصين.
وفي العصر الحديث، مازالت مدينة تشانغجياجيه مرتبطة بعظماء الصين، فعلى أرضها ولد واحد من القادة العشرة المؤسسين لجمهورية الصين الشعبية، وهو الجنرال خه لونغ الذي أقيم له تمثال بسفح جبل وولينغيوان، المنطقة المعروفة بمنحدراتها وأنهارها الكثيرة.
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved. 16A Shijingshan Road, Beijing, China. 100040 |