الفنانون التبتيون والملحمة التاريخية الخاصة ببطل قوميتهم العظيم

عندما رأيت بو جيونغ البالغ من العمر ثلاثة وثلاثين سنة، كنت لا أتوقع أن هذا الشاب التبتي العادي الذي يلبس النظارة وبدلة رياضية هو مطرب قومي، غير أنه عندما بدأ غناءه بالملحمة التاريخية التبتية المشهورة "سيرة الملك غسار"، أصبح الشاب الخجول واثقا من نفسه جدا، وكان يغني باللغة التبتية بصورة سلسة:

شرح بو جيوه معنى الكلمات التي كان يهزجها، حيث قال:

"تروي الكلمات قصة حول تولي العرش لغسار. وتقول الكلمات: طرد غسار في صغره من قبل دولة مجاورة من مسقط رأسه إلى جبل نائي. وفي الثالثة عشر من عمره، سقط أمر سماوي إلى الأرض، وطالبه بالانضمام إلى سباق الحصان، وفاز به، ليصبح ملكا لبلاده."

قيل إن الملك غسار ولد في حوالي القرن الحادي عشر الميلادي، وهو نصف الإنسان والنصف الآخر آلهة، مما جعله شجاع وممتاز في المعارك، وكان عادة ما يقوم بالقضاء على الأشرار من أجل الخير، فقد حصل على ترحيب واحترام من أبناء قومية التبت. وألف الأبناء ملحمة تاريخية عظيمة لحكاية قصص حياته، وتحمل عنوان "سيرة الملك غسار". ويعتبر هذا العمل الفني أطول ملحمة تاريخية في العالم، والذي توجد فيها أكثر من عشرين مليون كلمة، وتنتشر بين الأبناء التبتيين جيلا بعد جيل، فهي تعد "أحفورا حيا" للثقافة التبتية. وأدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة عام ألفين وتسعة إلى قائمة التراث الثقافي الإنساني غير المادي.

وقال بوجيوه إنه يستطيع أن يهمهم بعض الفقرات ل"سيرة الملك غسار" لمرات بدون توقف، وكان غارقا في حياة الملك، حيث قال:

"نتكلم بداية قصتي عن سيرة الملك غسار يكون ذلك عن طريق تهمهم، ولا أستطيع أن أتوقف في الكلام حتى فقرة الغناء. وتعجبني هذه التجربة، كأنه أني داخل في عالم آخر. "

بدأ بوجيوه عمله هذا في المسرح منذ عمره سبعة عشر، وبعد خمس سنوات، بدأ العرض مع بعض الفنانين الآخرين في مقهى الفن، وقد مضت إحدى عشر سنة منذ ذلك الوقت حتى الآن.

وخلال أكثر من عشر سنوات مضت، زار بو جيوه مختلف أماكن التبت، حيث انتشر تهزجه إلى كل أرجاء المنطقة:

"لقي هذا الفن القومي التقليدي ترحيبا كبيرا لدى الأبناء التبتيين، وزرت مختلف المحافظات، ويحب الأبناء هناك عروضي كثيرا، لأن كلنا استمعنا إلى قصص الملك غسار خلال ترعرعنا."

تشمل "سيرة الملك غسار" التاريخ التبتي القديم والأشعار والخرفات الأسطورية والأمثال والحكايات، فهي تعتبر موسوعة للثقافة التبتية. غير أنه مع توفي الفنانين القدماء بصورة متواصلة، يواجه هذا الفن التقليدي الذي تعتمد متابعته على الغناء بين الفنانين انقراضا. فتعمل الحكومة المحلية حاليا على تسجيل مضامنين "سيرة الملك غسار" عبر الكتابة والتصوير، من أجل الحفاظ على هذا العمل الفني العظيم.

ومنحت الحكومة المحلية لبوجيوه لقب "وريث التهزج التبتي" في العام الماضي، الأمر الذي يحدوه بالثقة في تطوير أعماله الفنية في المستقبل، وهو يقول:

"أصبح تهزج سيرة الملك غسار أهم شيء في حياتي منذ أن أصبحت وريثا له. وأريد أن أقوم بإعداد كتب ونشر ألبومات موسيقية لتطوير هذا الفن العظيم، ولدي ثقة ثابتة بأن المستقبل يكون واعدا."