CRI Online

العقاقير التقليدية الصينية

cri       (GMT+08:00) 2015-09-30 10:36:11

العقاقير التقليدية الصينية هي مواد علاجية يستخدمها الطب التقليدي الصيني للوقاية من الأمراض و تشخيصها وعلاجها، ومصادرها الأساسية من عقاقير طبيعية تضم عقاقير نباتية وحيوانية ومعدنية، إضافة إلى عدد من العقاقير الكيماوية والبيولوجية المصنعة. ويرجع تاريخ ابتكار واستخدام العقاقير التقليدية الصينية إلى آلاف السنوات. ولكن أطلقت عليها العقاقير التقليدية الصينية في وقت متأخر نسبيا، فلم يعم استخدامها إلا بعد انتشار علوم الطب الغربي إلى الصين، وذلك للتمييز بين العقاقير الصينية والغربية.

نبذة عن تاريخ العقاقير التقليدية الصينية

من ضمن الروايات المنتشرة في تاريخ الصين حكاية مفادها "أن شن نونغ كان يتذوق مائة نوع من الأعشاب، فتسمم 70 مرة في يوم واحد." الأمر الذي عكس المسيرة المريرة التي قطعها الشعب الصيني في العهود القديمة في نضالاته ضد الطبيعة والأمراض ومن أجل اكتشاف المواد العلاجية وجمع الخبرات. تولدت عن صورة حية عن واقع نشوء العقاقير التقليدية الصينيية من حيث الانتاج والعمل.

خلال حقبة سلالات شيا وشانغ وتشو الملكية (خلال الفترة ما بين أواخر القرن 22 وعام 256 قبل الميلاد)، ظهر بالصين خمر للدواء ومستحلب للعقاقير، وفي عهد سلالة تشو الغربية ( أي ما يتراوح بين القرن 11 وعام 771 قبل الميلاد)، ظهر أقدم كتاب صيني يحمل عنوان "كتاب الأغاني" سجلت فيه مواد علاجية، وهذا الكتاب محفوظ حتى الآن ويعتبر من الوثائق التاريخية. وقد طرح "كتاب الإمبراطور الأصفر للطب الداخلي" وهو أقدم ما يبقى حتى اليوم من المراجع النظرية للطب التقليدي الصيني نظرية" تدفئة المصاب بالبرد وتبريد المصاب بالحرارة" وغيرها، الأمر الذي أرسى أساسا للنظريات حول العقاقير التقليدية الصينية.

يعتبر "كتاب شن نونغ للأعشاب الطبية" أقدم محفوظ من البحوث الصيدالية المتخصصة وتم تأليفه في عهد سلالتي تشين وهان (أي ما بين عامي 221 و220 قبل الميلاد) على أساس جمع وتلخيص المعلومات الصيدلية الغنية من قبل العديد من علماء الطب قبل وبعد عهد سلالة تشين، وسجلت فيه 365 من أنواع العقاقير، وما زلت تستخدم في العلاج السريري حتى يومنا هذا. وبروز هذا اكتاب إلى حيز الوجود دليل على ثبوت مبدئي لعلوم الصيدلة التقليدية الصينية رسميا.

ودفع الازدهار في عهد سلالة تانغ (من عام 618 إلى عام 907 الميلادي)، إلى التطور الاقتصادي وتطور علوم الصيدلة التقليدية الصينية إلى الأمام، وبرعاية حكومة سلالة تانغ الملكية، تم تأليف "كتاب تانغ للأعشاب الطبية" وهو أول مرجع للعقاقير من نوعه في العالم. وسجل الكتاب 850 من أنواع العقاقير مع صورها البيانية، الأمر الذي استكمل باستفاضة علوم الصيدلة التقليدية الصينية من حيث الحجم والتشكيلة.

وفي عهد سلالة مينغ ( من عام 1368 إلى عام 1644 الميلادي)، أنجز الصيدلي لي شي تشن، بعد أن أمضى 27 عاما، كتابا عظيما عن ألعقاقير التقليدية الصينية وهو "الخلاصة الوافية في العقاقير الشافية"، وسجل الكتاب 1892 نوعا من العقاقير، ويعد أعظم موسوعة في تاريخ الأعشاب الطبية الصينية.

بعد قيام جمهورية الصين الشعبية عام 1949 أجريت أبحاث واسعة النطاق متعلقة بالعقاقير التقليدية الصينية في مجالات عديدة مثل علم النباتات وعلم التقييم والتصنيف وعلم الكمياء وعلم الصيدلة وعلم الطب السريري مما قدم أساسا علميا لتحديد مصادر المواد العلاجية والتمييز بين الأعشاب الطبية الأصلية والزائفة وتوضيح فعالياتها العلاجية. وعلى أساس الفحص الشامل لمصادر المواد العلاجية في عموم البلاد، تم تأليف "سجلات العقاقير التقليدية الصينية" الوطنية والمحلية عام 1961. ومع طبع وإصدار "القاموس الكبير للعقاقير التقليدية الصينية "عام 1977، بلغ عدد هذه العقاقير المسجلة في مثل هذه الكتب الكلاسيكية 5767 نوعا. جاء ذلك في وقت ظهرت فيه إلى حيز الوجود مختلف المراجع والبحوث العلمية والصحف والمجلات الخاصة بالعقاقير الصينية، وأقيمت مختلف هيئات الأبحاث العلمية والتدريس والأنتاج للعقاقير الصينية تباعا في العديد من مناطق الصين.

مصادر العقاقير الصينية

الصين بلد مترامي الأطراف ومعقد التضاريس ومتنوع المناخ، الأمر الذي شكل بيئة أحيائية متباينة وهيأ ظروفا مواتية لنمو شتى الأعشاب الطبية. وفي الوقت الحالي طورت الصين أكثر من 8000 نوع من العقاقير، أكثر من 600 نوع منها أصبحت عقاقير متداولة يوميا. وتتصدر الصين دول العالم في تطوير واستخدام العقاقير الصينية من حيث كثرة الأحجام والأنواع. وتسد هذه العقاقير حاجة البلاد الداخلية، كما تصدر إلى أكثر من 80 دولة ومنطقة لما تتمتع به من سمعة دولية.

استخدام العقاقير الصينية

إن العقاقير الصينية لها تاريخ استخدام قديم، كما لها دور كبير في تكاثر وازدهار الأمة الصينية. وتظل حتى اليوم تتحلى بمكانة مهمة في العلاج الطبي والرعاية الصحية. وتجسد النظريات حول العقاقير التقليدية الصينية وتجارب تطبيقها خصائص الثقافة الصينية. ويرجع معظم العقاقير الصينية إلى مواد علاجية طبيعية قليلة التأثيرات الجانبية الضارة، ويمكن لوصفة طبية واحدة ذات عناصر عديدة أن تستخدم في علاج أنواع عديدة من الأمراض، وغالبا ما تتخذ العقاقير الصينية في استخدامها شكل الوصفات المركبة، فيمكنها عبر التناسق المعقول في تركيب عناصر الوصفات أن تتكيف مع الحالات المرضية المعقدة من جهة، وأن ترفع فعالية العقاقير وتخفض تأثيراتها الجانبية السامة من جهة أخرى.

إن استخدام العقاقير الصينية يعتمد على نظريات علوم الطب التقليدي الصيني، ويستند إلى الجدوى العلاجية الناتجة عن تأثيرات العقاقير في جسم الإنسان علما بأن هذه التأثيرات تحددها خواص العقاقير التي تتمثل بشكل رئيسي في البرودة والحرارة والدفء والبرودة المعتدلة والأذواق الخمسة المتمثلة في المرارة، الحلاوة والحراقة والملوحة وفعاليات الصعود والنزول والعوم والغوص. ومن أجل الاستخدام الفعال والآمن، يجب استيعاب المعارف الأساسية للعقاقير الصينية في التناسق والنواهي والكمية وطرق التناول وتركيب الوصفات. إن التناسق يعني تركيب أكثر من نوع واحد من العقاقير المختارة للاستخدام حسب اختلاف حاجات الحالات المرضية واختلاف خواص العقاقير، وتشمل النواهي نواهي التناسق ونواهي الحمل ونواهي الطعام ونواهي الأعراض المرضية، وتقصد بالكمية كمية العقاقير المستخدمة سريريا، وكمية العقاقيرالمركبة والمنفردة للبالغ ليوم واحد، والكميات المتناسبة بين المواد العلاجية المختلفة الواردة في الوصفات الطبية.

تطورات العقاقير الصيني

إن الاتجاهات الرئيسية لأبحاث العقاقير الصينية المستقبلية هي تعزيز أبحاث انتقاء وتربية البذور الممتازة للأعشاب الطبية مثل تربية البذور بواسطة اشعاع النظائر والهندسة البيولوجية مع الحفاظ على خبرات الانتاج التقليدي للعقاقير الطبية الصينية، وتعزيز استنبات عقاقير طبية برية يحتاج إلى كمية كبيرة منها في تصنيع العقاقير الجاهزة مثل عرق السوس والهربون والحلبلاب وأيضا أكثر من عشرين من أنواع العقاقير الطبية الخام المستوردة، وخاصة تعزيز أبحاث الوقاية من تدهور جودة البذور، وتعزيز أعمال التحقيق والتطوير لمصادر جديدة.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي