CRI Online

الحفاظ على تراث الصيادين

cri       (GMT+08:00) 2015-11-05 09:07:31


ولد ليو تسه تينغ من أسرة تعمل في مهنة صيد السمك منذ فترة طويلة في مقاطعة خبي. تدرب على يد جده ووالده وهو في العاشرة من عمره، ثم انتقل معهما إلى بانجين بمقاطعة لياونينغ، حيث يصب نهر لياوخه في البحر. وهناك واصل عمله كصياد، إلى جانب دراسته في المدرسة. وبعد أن نضج وصار ذا خبرة واسعة، بدأ ليو بالبحوث في مجال النقل الشفوي لأساطير مجتمع صيادي السمك المحليين، وأصدر نصوصا تضم أكثر من مليون مقطع صيني. وبناءا على دراساته، قام ليو بنشر قصص الصيادين، وتاريخ حياتهم، وقصص عن خليج لياودونغ. كما ساعد في إنشاء متحف عن مجتمع الصيادين المحليين، يستقبل حشودا كبيرة من الزوار. في عام 2009، تم اختيار ليو تسه تينغ كوريث للتراث الثقافي غير المادي على المستوى الوطني.

تعد بلدة أرجيقو، في محافظة داوا بمدينة بانجين في مقاطعة لياونينغ، موطن مجتمع الصيد القديم، المعروف باسم "يوييان"، حيث مازال أهلها يعيشون حياة الصيد البدائية، يسافرون على طول الساحل لصيد السمك في المياه الضحلة أو من مصب النهر. وقد تم تناقل أعداد هائلة من القصص التي تتحدث عن تجارب الأجيال السابقة من الصيادين في مواقع مختلفة عبر التاريخ. ويشعر ليو أنه يحمل مسؤولية إبقاء هذه القصص والتجارب حية مدى الحياة.

جمع ليو أكثر من ألف موضوع من قصص بلدة "يوييان" على مدى أربعين عاما. هذه المواضيع تتناول أدوات الصيد ذات الحجم الكبير، مثل مرساة السفينة المعدنية ذات الستة أمتار، وأدوات حجرية صغيرة جدا. أقسم ليو أن يحافظ على إرث يوييان حتى آخر يوم في حياته.

---------- أحفورة حية للحياة البدائية

"يوييان" تعني حرفيا الصياد المتنقل، مثل الإوز البري الذي ينتقل من مكان إلى آخر بحثا عن الرزق. وقد عاصر هؤلاء فترة الصيادين والحضارة الزراعية التي تلتها. ولأنهم يفتقرون إلى المعدات المتطورة للإبحار في المحيط، تنحصر مناطق الصيد الخاصة بهم في المياه الضحلة في المصب على طول الساحل. هؤلاء الناس الذين يتعايشون مع أسوأ ما في الطبيعة ويتحدون المد والجزر والسيول كل يوم، وإلى جانب ثقافتهم وتراثهم الرائع، يمثلون طريقة حياة خاصة ونادرة، باتت على وشك الانقراض في جميع أنحاء العالم.

وفقا لبحث ليو، فإن معظم أبناء "يوييان" في أرجيقو من نسل الصيادين من وسط وشرق خبي، الذين انتقلوا إلى هنا عن طريق البر أو البحر. بعضهم جاءوا مشيا على الأقدام من شرق خبي، مثل لاوتينغ ولواننان، في ثلاثينات القرن الماضي، فحملوا لقب "لويان" أي "الإوز البري الآتي من الأرض". وفي أواخر سبعينات القرن الماضي، قدمت مجموعة أخرى من أبناء "ونآنوا" من وسط خبي إلى مصب نهر لياوخه عن طريق القوارب، وأصبحوا يعرفون باسم "شوييان" أي الإوز البري الآتي من البحر. وكانوا يعملون من الربيع إلى الخريف، ويعودون إلى مسقط رأسهم في فصل الشتاء.

قصص يوييان تشكل أدبا شفويا عن أسلوب الحياة البدائية لهذا المجتمع، وتتكون من الخرافات والأساطير، وأغاني الصيد. وهي عموما، قصيرة، تتميز عن قصص قرى الصيد الأخرى بصفات الثقافة البدائية وحياة الترحال لهؤلاء الناس، ومعتقداتهم، وتقاليدهم، وإبداعاتهم الثقافية. ولها حبكة بسيطة، وتتضمن محتوى وأسلوبا ثابتا.

--------- الحفاظ على ذكريات الأجداد

ليو تسه تينغ، البالغ من العمر واحدا وسبعين عاما، من أبناء يوييان. جمع أساطير وخرافات عن قصص أبناء بلدته على مدى عقود من الزمن، ووثقها في حوالي ألف وثيقة ليشاطرها مع زملائه. فلا يوجد من يعرف ثقافة يوييان القديمة في مصب نهر لياوخه أفضل منه.

عندما كان ليو صبيا، كان يتنقل مع عائلته على طول النهر بين منطقة ونآنوا في مقاطعة خبي وأرجيقو في مقاطعة لياونينغ، لملاحقة أسراب السمك. وفي أوقات الفراغ، كان جده وكبار السن المرافقون لهم في الرحلة يقصون عليه قصصا عن حياتهم وحياة أسلافهم، وأيضا عن الحياة التقليدية ليوييان. وعبر ليو عن اعتزازه الشديد بذكريات طفولته التي كان لها أثر كبير على حياته لاحقا.

وبسبب قلقه وانزعاجه من تقلص مجتمع يوييان في العصر الحديث، بدأ ليو تسه تينغ، باعتباره المسؤول الثقافي في حكومة المدينة، بكتابة وتوثيق الفنون الشعبية الفلكلورية التي يحفظها، وقام بإجراء دراسات عنها خلال أوقات فراغه. وقد أثمرت جهوده عن مخطوط من أكثر من مليون مقطع صيني.

وقام ليو بتسجيل موجز ومدمج لنحو ألف قصة، تغطي كل جانب من حياة يوييان العريقة، وهي تشمل عبادة إله البحر والملك التنين، وأصل وتطور أدوات الصيد، وتقدير وتكريم الأسلاف.

يتمتع ليو بقدرة فائقة في مجال الرواية. وقد مكنته خبرته الشخصية في الصيد من إعادة سرد هذه القصص بلغة بليغة ومؤثرة مصحوبة بأغاني صيد الأسماك، وهتافات العمل والحركات التعبيرية. ولهذا، استطاع أن يعيد هذه السيناريوهات إلى مخيلة جماهيره.

بناء على دراسته، قام ليو بنشر العديد من الكتب. في عام 2001، فاز كتابه عن تاريخ تقاليد وحياة الصيادين بجائزة العمل الأكاديمي الممتاز في الدورة الأولى لجائزة "شانهوا" (زهرة الجبل)، للفنون الشعبية. وتم بناء متحف التراث الثقافي القديم لمصب نهر لياوخه استنادا إلى مقترحه الذي قدمه إلى حكومة بلدية بانجين، والذي يعد بمثابة وسيلة لإظهار تراث وثقافة يوييان البحرية والحفاظ عليها. حاليا، يكرس ليو نفسه لدراسة إرث يوييان، أكثر من أي وقت مضى.

في عام 2006، تم اعتبار قصص يوييان كجزء من التراث الثقافي غير المادي، وأصبحت في أرجيقو عدة مواقع تحمل اسم "يوييان"، مثل مركز يوييان، وميدان يوييان. مع ذلك، يرى ليو ضرورة القيام بأكثر من ذلك، وقال "هناك القليل ممن يعرفون فعلا ماذا تعني يوييان القديمة. إنها نوع من التراث والثقافة يعود حتى إلى عصر ما قبل التاريخ، كان موجودا في أجزاء مختلفة من أنحاء العالم، وأعرب ليو عن أمله في أن تصبح قصص يوييان الصينية الرائعة معروفة على مستوى العالم، وأن تصبح جزءاً من التراث الثقافي العالمي، لأنها تستحق ذلك بطبيعتها وميزتها وعبقريتها".

يستقبل متحف يوييان أعدادا كبيرة من الزوار سنويا، ويعمل ليو كمرشد للطلاب الذين يتوافدون إليه خلال عطلات الصيف والربيع. وقد تأثر كل من ابنته وزوجها باهتمامه وولعه بهذا النوع من التراث، وباتوا ملتزمين بالحفاظ على قصص وتراث يوييان.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي