|
||
cri (GMT+08:00) 2010-08-04 09:33:20 |
أرض لو بو بوه
أرض لو بو بوه بحيرة جافة تقع شرقي حوض تاليمو بمنطقة شينجاينغ ذاتي الحكم لقومية الويغور غرب الصين، كانت ثاني بحيرة قارية كبيرة في الصين تبلغ مساحتها أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر مربع ، ومع مرور الأيام والتغيرات الجوية والأرضية والجغرافية المطردة، أصبحت بحيرة لو بو بوه مكانا جافا مجهولا ومعروفا ب "بحيرة الميت" لدى الناس حتى لا تأتي إليه أقدام البشر منذ الزمان ناهيك عن القيام بقياس مساحتها بدقة. لذلك، فلم تظهر أرض لو بو بوه في خريطة دولة الصين إلا قطعة رمادية. قبل أيام غير بعيدة، تم تشكيل فريق المسح الصيني الذي يتكون من 12 شخصا ودخلوا هذا المكان غير المأهول لمسح الأحوال الطبيعية وقياس مساحات المنطقة بدقة وجمع المقاييس والحسابات المختلفة لإعدادها في رسم الخرائط الصينية. وبعد أن تغلب العاملون على المشقات والصعوبات حصلوا على البيانات المسحية الثمينة بنجاح، مما كشف النقاب عن سحر هذه الأرض المجهولة الغامضة .
وفي يوم من أيام أكتوبر العام الماضي، كان صوت قرع الطبول وإطلاق المفرقعات يردد في الهواء ويصم الآذان أمام مبنى المعهد الثاني للمسح ورسم الخرائط بمنطقة شينجيانغ إحتفالا بإطلاق فريق المسح إلى عمق الصحراء، حيث وقف 12 عاملا من المعهد في صف واحد، وكل منهم على استعداد كامل لدخول بحيرة لو بو بوه الجافة وصحراء كوموتاق على الحدود بين منطقة شينجيانغ ومقاطعة قانسو ومنطقة جبل أرجين وغيرها، وذلك لتنفيذ مهمة الدولة حول مسح الأحوال الجغرافية وقياس المساحات ورسم الخرائط بدقة لبعض المناطق المجهولة في غرب الصين.
إن هذه المناطق المجهولة ضمن ولاية باينقولينغ الذاتية الحكم لقومية المنغوليا بمنطقة شينجيانغ، يصل إجمالي مساحتها إلى حوالي 19.8 ألف كيلومتر مربع، مساحاتها واسعة وتضاريسها الجغرافية معقدة وقاسية، فيها الجفاف الشديد والامطار القليلة وبدون الغطاء النباتي اللازم. وبعد أربعة أيام من المسيرة الشاقة بعد إنطلاق الفريق من مدينة أوروموتشي والمرور بمدينة هامي ومدينة دونغ هوانغ ومحافظة أكساي، وصل أعضاء الفريق إلى معسكرهم كوموسو. وصف السيد ديغ شين آن رئيس المعهد وقائد فريق العمل هذه الرحلة التفقدية قائلا:
"مسيرتنا هذه مملوءة بالخواطر، أولا لم تكن طرق في المناطق التي سنتفقدها، بل يوجد فيها كثير من الأخاديد الطبيعية العريضة والعميقة، مما يصعب علينا أن انتقال أجهزتنا إلى الأمام . وبالإضافة إلى ذلك، كان الجو هنا باردا في الليل حتى لا يمكن التخييم في البرية ."
الظروف الطبيعية هنا صعبة جدا حقا. وبسبب كثرة الحصى الصلبة والأخاديد العميقة على الأرض أمام المعسكر، فإن سيارات العمل وناقلة الضمانات المعيشية لا تستطيع دخول المعسكر والخروج منه بشكل طبيعي، فأضطر أعضاء الفريق إلى بناء الطريق بأنفسهم أولا. وحول ذلك قال المسؤول :
"أمام مكان إقامتنا أخدودة كبيرة وطويلة يبلغ عمقها بضعة عشر أمتار، مما أدي إلى إعاقة مرور سياراتنا . ومن أجل ضمان تطبيق أعمالنا بأمن وسلاسة قررنا ملء هذه الأخدودة جزئيا أولا وتنظيم طريق سليم للخروج والدخول."
ليس هذا فحسب، بل هناك البيئة الطبيعية السيئة والجو القاسي تختبر كل عضو من أعضاء الفريق كل يوم، عندما كانوا يقيمون وسط بحيرة لو بو بوه الجافة . وقبل وصولهم إليها لم يأت إليها أي أثر من أقدام البشر، والفرق في درجة الحرارة الجوية بين النهار والليل هنا كبير جدا، أي ترتفع دائما في الظهر إلى أكثر من 25 درجة، ثم تنخفض إلى تحت الصفر ليلا، وذلك جعل الكثيرين يصابون بالانفلونزا، ولكنهم لم يستلموا أمام هذه الصعوبات الكبيرة ، بل تمسكوا بالعمل بروح قوية بعد تناول الأدوية.
نتيجة القحط والجو الجاف، لا تنمو في هذه الأرض الجرداء نباتات وأشجار، ولكن ذلك لا يمثل أن منطقة لو بو بوه بحيرة الميت حقيقيا، إنها منطقة محمية طبيعية للجمال البرية في الصين، حيث وجد أعضاء الفريق بعض الحيوانات البرية تمر بها بين حين وآخر . أخبر مراسلنا أحد الأعضاء :
"وجدنا هنا بعض الينابيع من عمق الأرض. غير أن العثور عليها أمر صعب يحتاج إلى طريق خاص ، أي وراء أثار الأقدام من الحيوانات ، لأن الحيوانات البرية لا بد أن تشرب الماء عندما تشعر بالعطش، وأينما توجد أثار أقدامها بكثرة ، يوجد فيه منبع بلا ريب . وفي بعض الأحيان، واجهنا فيه مجموعة من الذئاب ، فقمنا بإطلاق المفرقعات لتهديدها وإبعادها للدفاع عن أنفسنا ."
كانت الحياة تبدو أثمن في منطقة " بحيرة الميت". لذلك، كان أعضاء الفريق يهتمون كل الاهتمام وبعناية أدق لتلك الطائرات الصغيرة المفقودة في الصحراء، وكلما وجدوا الحيوانات البرية التى تمر بهم ، يتركون العمل إلى جانب ولا يتحركون بقوة كبيرة خوفا من إزعاج حياتها الطبيعية. ومن أجل حماية البيئة الطبيعية ، يحرقون أيضا تلك النفايات من حياتهم أو يدفنونها تحت التراب للمحافظة على نظافة هذه الأرض النائية الطبيعية.
لم يقض أعضاء الفريق إلا 12 يوما كاملا في عمق الصحراء، ولكنهم كانوا في مواجهة تحديات كبيرة في المعيشة. وعن ذلك قال المسؤول للمراسل:
" بسبب دون الطرق الواضحة في الصحراء الشاسعة، وعدم وجود علامات طبيعية أو صناعية فيها كاحداثيات رمزية لإرشاد إتجاهات السيارات . لذلك، كثيرا ما تضل سياراتنا طريقها بعد خروجها من المعسكر ، أي خرجت مبكرا وعادت متأخرا وحتى بعد 20 ساعة أو أكثر أحيانا، مما جعل الناس يقلقون على أمن وسلامة الخارجيين كثيرا ."
فوق ذلك، وبسبب نقص المياه في الصحراء، لم يغسل أعضاء الفريق رؤوسهم وأقدامهم منذ دخولهم إلي أرض لو بو بوه الجافة ناهيك عن الاستحمام، وكانوا يتجولون كل يوم في هواء الصحراء للمسح والقياسات، وفي مواجهة ضوء الشمس الساخنة والرياح الرملية الشديدة، ولكن، لم يسمح لهم إلا بكوب من الماء لكل فرد يوميا لتنظيف الأسنان فقط . قال أحدهم للمراسل:
"دخلنا الصحراء وبحيرة الميت لو بو بوه من أجل تنفيذ عمل الدولة الهام، لا بد أن نكمله بصورة أفضل سواءا كانت الصعوبات كبيرة وشاقة. طبعا نشتاق دائما إلى أفراد أسرنا، وأكبر رغباتنا هي إبلاغ عائلاتنا بسلامتنا ."
شحذت البيئة الطبيعية الصعبة إرادتهم القوية والصلبة ورفعت مسؤوليتهم وعزمهم على تحسين العمل. وبفضل جهودهم المبذولة، إنتهت أعمالهم المسحية بنجاح، حيث تم جمع المعلومات والعينات المطلوبة المختلفة في مسح ورسم الخرائط للمنطقة من حيث الجغرافيا والتضاريس ونوعية التراب وأنواع النباتات والظروف الجوية والمناخية والبيئية وأحوال النقل والمواصلات والموارد المائية الجوفية والطاقة الطبيعية وغيرها، مما وفر قاعدة معلوماتية وجغرافية وجيولوجية أساسية لمعالجة هذه المناطق وتنميتها بشكل علمي في المستقبل.
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved. 16A Shijingshan Road, Beijing, China. 100040 |