|
||
cri (GMT+08:00) 2010-10-14 10:38:14 |
معمرة في بلدة لونغ تشيوان
تقع مقاطعة هاينان في جنوب الصين، وتعتبر ثاني أكبر جزيرة في البلاد، وظلت تسمّى بجزيرة المعمّرين خلال العصور الأخيرة. وتقع بلدة لونغ تشيوان في مدينة هايكو – حاضرة هذه المقاطعة. حيث يعيش في هذه البلدة الصغيرة كثير من الأشخاص المعمّرين، ومن ضمنهم تسعة عشر شخصا تجاوز عمرهم مائة سنة، فقد بلغ أكبرهم سنّ الثامنة بعد المائة من العمر. ويبلغ عدد سكان هذه البلدة نحو عشرة آلاف نسمة. ووفقا لمعيار الأمم المتحدة، إذا بلغ عدد الأشخاص الذين تجاوز عمرهم مائة سنة نسبة 75 بالمليون من إجمالي عدد سكان المنطقة التى يعيش فيها هؤلاء المعمّرون، فتعتبر هذه المنطقة منطقة للمعمّرين بكل معنى الكلمة.
وبصفة عامة، يتطلع كل شخص إلى إطالة عمره. يا ترى، ما هي أسرار سكان بلدة لونغ تشيوان الصينية لإطالة أعمارهم؟ فهيا بنا نذهب إلى هذه البلدة الصغيرة لمعرفة أحوال هؤلاء الأشخاص المعمّرين وكشف أسرارهم في هذا الخصوص.
ويمكن الوصول إلى بلدة لونغ تشيوان من وسط مدينة هايكو بالسيارة لمدة نصف ساعة تقريبا. وفي فناء نظيف لأسرة ريفية بقرية تشانغ شنغ، زرنا المسنّة تشن وانغ شي التى بلغت سن الثانية بعد المائة من عمرها.
وتعتبر تشن وانغ شي شخصية شهيرة في هذه القرية. ولأن شحمتي أذنيها طويلتان وسميكتان، فأصبحتا رمزا لطول العمر. وعندما بلغت مائة سنة من عمرها في عام 2008، أقيم لها حفل ضخم بمناسبة عيد ميلادها المئوي حضره أكثر من مائة إبن وحفيد وإبن حفيد وغيرهم من الأجيال لها.
ووصلنا إلى أسرتها في الساعة الحادية عشرة صباحا، وكانت تشن وانغ شي تجلس على عتبة الباب السفلى للتمتع بأشعة الشمس الدافئة بطمأنينة واستراحة. وفناء بيتها نظيف ولا توجد فيه قمامة أو غيرها من الأشياء الوسخة والملوثة. وسلمت علينا بحماسة ورحّبت بنا باللهجة المحلية في جزيرة هاينان. ولأننا لا نفهم لهجتها المحلية، فلا نستطيع تبادل الحديث معها مباشرة، فترجم حفيدها تشن يينغ شنغ كلامها لنا. وقال السيد تشن لنا إن جدّته مسنّة نشيطة لا تكلّ عن العمل وتحبّ النظافة. وقبل وصولنا، استأصلت كافة الأعشاب المبعثرة عند باب البيت. ثم غسلت وجهها ويديها وشعرها بعد العمل، وهي تتمسك بهذه العادة منذ فترة شبابها. حيث قال حفيدها تشن يينغ شنغ:
" تنظّف جدّتي شعرها كل يوم، وإذا لم تغسل شعرها، فستحسّ بشيء من الحرج وعدم ارتياح طول اليوم. وما زالت قادرة على رعاية نفسها في الحياة اليومية، حيث تغسل ملابسها الذاتية وتطبخ أطعمتها وتستحمّ بنفسها وتنظّم بيتها وتستأصل العشب المبعثر في الفناء. وقالت إنها مسرورة جدا بزيارتكم."
وفي قرية تشانغ شنغ، قد توفي إخوانها وغيرهم من الأشخاص من نفس الجيل للمسنّة تشن وانغ شي. ولديها ثمانية أولاد. وبلغ أصغر أولادها تشن رو فو سنّ الخامسة والستين من عمره. وعندما تحدّث عن مشوار والدته، قال إنها تعرّضت للعديد من الصعوبات والمشاقّ في حياتها. وراجع السيد تشن ذكرياته قائلا إن والدته تزوجت في أسرة تشن من القرية المجاورة، وكانت والدته في سن الرابعة عشرة من عمرها فقط، ثم أنجبت ستة بنات وولدين. وعندما تجاوزت والدته سن الثلاثين عاما من العمر، توفي والده نتيجة إصابته بمرض. وفي ذلك العام، كان السيد تشن رو فو يبلغ سنة واحدة من عمره. فاضطرّت والدته الهزيلة لإعالة هذه الأسرة الكبيرة بمفردها. وحينذاك، بلغت الأخت الكبرى للسيد تشن سنّ الرشد، فاستطاعت مساعدة والدتها على الأعمال الزراعية. وها هو السيد تشن رو فو يقول:
" كانت والدتي وأختي الكبرى تزرعان الأرض. وكانت لأسرتنا ستة آلاف متر مربع، وكنّا نزرع فيها الفلّ والسمسم والبطاطا الحلوة وغيرها من النباتات الزراعية."
وبالإضافة إلى الزراعة، كانت تشن وانغ شي تربّي البقر، وادّخرت أموالا من خلال أعمالها المجتهدة، ولكنها أنفقتها في دفع رسوم الدراسة لإبنيها. وبعد ذلك، من أجل بناء دار أوسع لأولادها، كانت تشن وانغ شي تعمل منذ الصباح الباكر حتى منتصف الليلة كل يوم. وبذلت كل ما في وسعها لتحقيق هذا الهدف، وتم بناء هذا الدار الكبير قبل تأسيس الصين الجديدة. وقال السيد تشن رو فو: برغم أن والدته لا تعرف القراءة والكتابة، غير أنها علّمته كثيرا من الخبرات والتجارب القيّمة. حيث قال السيد تشن:
" طلبت والدتي منّا أن نعيش مع الأشخاص الآخرين في ألفة ومودة وعدم المشاجرة معهم وحفظ الصبر الطيّب حتى ولو شتمنا شخص آخر، وقالت إنه سيعترف بخطئه بعد التفكير الجيد. وكانت تحثّنا على التعامل الطيب مع الآخرين."
وقالت الجدّة تشن وانغ شي إن البركات ستحلّ للأشخاص طيّبي القلب وواسعي الصدر. وكنّا نتأثّر جدا بحكمتها البسيطة.
وبعد زيارة بيت تشن وانغ شي، ذهبنا إلى قرية رو يانغ التى تجاور القرية المذكورة آنفا. ويعيش فيها شيخ معمّر بلغ من عمره سن الرابعة بعد المائة حاليا واسمه وانغ يانغ تسي. ووصلنا إلى أسرته بعد الساعة الثانية عشرة ظهرا، وبادر الشيخ وانغ إلى استقبالنا. إنه طويل القامة وطوله مائة وثمانين سنتمترا. واختلافا عن المسنّين الذين تجاوز عمرهم مائة سنة، يفضّل الشيخ وانغ ملابس أنيقة وزاهية الألوان. وكان يلبس بذلة من الزي التقليدي الصيني الذي يوحي بالبهجة والسرور.
وبلغ إبنه السيد وانغ يو تساي سن الثامنة والسبعين من عمره. وقال لنا إن والده خلال شبابه كان يربّي النحل ويتعلّم ألعاب الووشو وعزف الآلات الموسيقية التقليدية الصينية. وخمّن السيد وانغ أن تربية النحل هو سرّ لإطالة عمر والده. وقال السيد وانغ إن والده مولع بالتوغل في الجبال من الفجر إلى الغسق للبحث عن النحل ونقل مجموعة النحل من الجبال إلى البيت لتربيتها وجمع عسلها، وثابر والده على ذلك لأكثر من عشر سنوات. وأضاف السيد وانغ يقول إن والده تعرّض كثيرا بلسعات النحل خلال فترة تربيته بينما تناول كثيرا من صمغ النحل ( البروبوليس ). وعلم الآن أن صمغ النحل والمادة السامّة المفرزة أثناء لسع النحل تحتوى على مجموعة كبرى من المضادات الحيوية التى تلعب دورا وقائيا وعلاجيا ضد العديد من الأمراض حتى مرض السرطان. فيظنّ السيد وانغ أن تربية النحل مفيد للصحة ويمكن إطالة العمر.
ونوّه السيد وانغ أن والده مواظب على عزف الآلات الموسيقية التقليدية الصينية منذ فترة شبابه. واشترك في الجوقة الموسيقية لقريته منذ تأسيسها حتى الآن. وعندما يتزوج شخص معيّن من أهل قريته، دعاه إلى حضور الزفاف لعزف الموسيقى التقليدية السارّة. وقد تعلم الشيخ وانغ يانغ تسي ألعاب الووشو خلال فترة شبيبته أيضا مما أرسى أساسا متينا لصحته الجيدة. إنه ممتاز في القدرة البصرية حتى الآن. وإذا سقطت زرار من ملابسه، يقدر على سلك الخيط في الإبرة بسهولة وخياطته في المكان الأصلي على الملابس.
وقال السيد وانغ يو تساي إن والده لا يأكل كثيرا أثناء الوجبات العادية، ولكنه يتناول مختلف الأنواع من الأغذية كل يوم. ويفضّل أكل ربّ الجمبري والأسماك المملحة والزيتون الأسود المخلل، ولكنه لا يريد أكل اللحوم حاليا.
ويقع بالقرب من بيت الشيخ وانغ حقل لزراعة كوثل الكاشو وتبلغ مساحته ألفي متر مربع. ويواصل على استئصال الأعشاب المبعثرة فيه مرتين كل أسبوع رغم أنه بلغ سن الرابعة بعد المائة حاليا. وقال الشيخ وانغ إنه يتعين على كل شخص إعالة نفسه اعتمادا على جهوده الذاتية.
وازداد عدد الأشخاص المعمّرين في قرية لونغ تشيوان بصورة مستمرة خلال السنوات الأخيرة. وكشفت السيدة وو رو مساعدة مدير الإدارة المدنية بهذه القرية:
" في العموم، الجو في القرية منعش والهواء طلق. ويعيش الأغلبية من الأشخاص المعمّرين الذين تجاوز عمرهم مائة سنة يعيشون في القرى الجميلة، وهم يأكلون الخضروات غير الملوّثة التى يزرعونها بأنفسهم. ويثابرون على العمل بقدر استطاعتهم، ويحافظون على طبيعتهم الهادئة، كما لاقوا رعاية جيدة من أولادهم."
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved. 16A Shijingshan Road, Beijing, China. 100040 |