فن الصباغة بالشمع في مناطق الأقليات القومية جنوب غربي الصين

إن الصباغة بالشمع فن قديم جدا يستخدم فيه الشمع العسلي بشكل رئيسي وأحيانا يستخدم الشمع الأبيض. ورثه أبناء الأقليات القومية جنوب غربي الصين من أجدادهم وتتناقلونه جيلا بعد جيل، بحيث تشكّل لهذا الفن أسلوب فني قومي خاص وتبلوّر منه هذا التراث الفني للأقليات القومية الصينية.

تعتبر الصباغة بالشمع وربط العقدة الملونة وصباغة الشلة ثلاثة أنواع رئيسية لفن الصباغة الصيني القديم. وتتميز الصباغة بالشمع بجانب دقة وجمال تصميماتها يتشقق الشمع بعد تبريده التي تختلط مع الألوان الصباغية وتشكل خطوطا ملونة مختلفة الأشكال على الأقمشة. وتسمى هذه الخطوط ب"عروق الجليد". وعلى أقمشة بنفس التصميم تنتج "عروق الجليد" مختلفة بعد صباغتها بالشمع.

وينتشر فن الصباغة بالشمع في مناطق الأقليات القومية جنوب غربي الصين ولا سيما مقاطعة قويتشو، وهو فن لا غنى عنه في حياة النساء من الأقليات القومية في هذه المناطق. مثل النساء من قومية مياو في مقاطعة قوي تشو، يصنعن أغطية الرأس والآزرة والملابس والتنورات ولفافات الساق وأغلفة المظلات وفوط المخدات وأغطية سلال الوجبات وحقائب الكتب وغيرها من الأشياء التي تصنع كلها بصباغة الشمع. وبالإضافة الى اللونين التقليديين الأزرق والأبيض تصبغ بعضها باللون الأحمر والأصفر والأخضر وغيرها. وتحتوي مضامين تصاميمها على حكايات شعبية وعروق الطبول البرنزية القديمة وصور الأزهار والطيور والأسماك والحشرات والأشكال الهندسية. وتتميز الصباغة بالشمع لمختلف القوميات بأساليب مختلفة.

وتنقسم الصباغة بالشمع في العصر الحالي الى ثلاثة أنواع رئيسية وهي منتجات مصبوغة بالشمع يصنعها فنانون شعبيون ونساء فلاحات لاستخدامها في الحياة اليومية وتعتبر أعمالا فنية شعبية، ومنتجات مصبوغة بالشمع تنتجها المصانع والمعامل الخاصة لتبيعها في الأسواق وتعتبر أعمالا فنية صناعية، والنوع الثالث وهو منتجات يصنعها الفنانون المحترفون من أجل الاستمتاع بها وتسمى ب"رسومات الصباغة بالشمع". وتتواجد هذه الأنواع الثلاثة في المجتمع الواحد وتؤثر في بعضها وتنافس بعضها. إنها ظاهرة نادرة في وسط الفنون.

وهناك طريقتان لصنع الصباغة الملونة بالشمع: الأولى هي رسم صور ملونة على القماش الأبيض ثم صب الشمع عليه، وبعد تبريد الشمع تظهر الألوان المختلفة على سطح القماش، والثانية فهي عبارة عن صبغ القماش بالشمع بالطريقة العادية وتبريده، ثم ملأ الرقاع البيضاء بألوان مختلفة.

ويجدر بالذكر أن هناك عملا فنيا يسمى ب"شريحة الشمع". وفي بعض مناطق الأقليات القومية تزين النساء شعرهن أو ملابسهن بقطعة قماش عليها عروق بيضاء وسمراء وأزهار مصنوعة بقماش مصبوغ بالشمع. وتتميز شرائح الشمع هذه بأسلوبها الدقيق وألوانها المتعددة. وتنتج أعمال الصباغة بالشمع في معظم الأحيان يدويا، وحتى اليوم لم تتحقق مكننتها أو استخدام الآلات الحديثة في إنتاجها، وقد برهنت الحقيقة أن تطوير فن الصباغة بالشمع القديم عن طريق الانتاج الصناعي الأوتوماتيكي الحديث لم ينجح وليس واقعيا. والآن أصبح فن الصباغة بالشمع موجة ساخنة داخل الصين وخارجها ويجذب المزيد من عشاق الفنون القديمة في العالم كله.