|
||
cri (GMT+08:00) 2010-12-22 14:41:48 |
المسنات الصينيات
يبقى هناك فرق كبير في مفهوم رعاية المسنين بين الصين والدول الغربية، وفي الصين، فقضاء فترة الشيخوخة في البيت مع أفراد الأسرة يعتبر أول اختيار مقبول ورغبة جميلة لمعظم المسنين الصينيين بعد تقاعدهم.
في يوم غائم من فصل الشتاء بمدينة بكين، وتهب فيه الريح الباردة، خرج المسن سون شي تشون من بيته كالعادة، إنه رجل معمر يبلغ عمره حوالي ثمانين سنة.، ونزل من سلالم البناية على مهل ، ثم وصل إلى الشارع استعدادا للمشى الطويل على القدمين لمسافة خمسة كيلومترات. ويعتبر هذا واجبه اليومي وهو يكرره كل يوم منذ 16 سنة بعد تقاعده من العمل. وترافقه دائما زوجته في ذلك. قال المسن للمراسل:
"حياتنا التقاعدية تجري بشكل منتظم، أي نقوم من النوم كل يوم في الساعة السادسة، ثم نرتب الغرفة ونتناول الفطور في الساعة السابعة والنصف. وبعد ذلك نخرج من البيت بدءا للمشي الطويل لساعتين تقريبا في حديقة الحي السكني، نقوم بهذه التمارين اليومية بصورة منتظمة سواء كانت الأمطار أوالرياح."
يسكن المسن سون في حي شياوقوان شمالي بكين، وبفضل تمسكه بالتمارين البدنية دائما، مازال يحافظ على صحة جيدة، إذ يتميز بشعر أسود كثيف وقامة مستقيمة، ويتكلم بصوت عال حتى لا يظن الآخرون أنه رحل في حوالي الثمانين من عمره . وله خمسة أولاد يعيشون جميعا في بكين، وحياة كل منهم سعيدة مع عائلاتهم ، بل يبر جميعهم بالوالدين . أضاف المسن سون قائلا:
"أنا سعيد جدا بوجود هؤلاء الأولاد الأبرار، وهم يزوروننا دائما مع الأحفاد في المناسبات المختلفة. وحيتذاك ، يصبح بيتنا مزدحما جدا نتيجة اجتماع أفراد الأسرة جميعا كبارا وصغارا، وأحيانا نتناول وجبة شمل العائلة في المطعم بالخارج. أشعر بالرضا والسعادة حقا في فترة الشيخوخة من حياتي ."
" يحي ويتعلم"، هذه العبارة يقولها المسن سون دائما للآخرين ، بل وينفذها بنفسه خلال حياته ، وأكثر شيء محبب لديه هو قراءة الصحف ومطالعة الكتب لزيادة معرفة الأخبار وتوسيع نطاق المعارف. وبفضل معرفته الواسعة، يحبه الكثيرون الذين يقيمون في نفس الحي السكني ويتحدثون معه بشأن موضوعات مختلفة، مما يعمق مشاعر الصداقة بين الجيران. وحول ذلك قال المسن سون للمراسل:
"أفضل قراءة الكتب المتنوعة والاستماع إلى الأخبار اليومية من محطة تلفزيون بكين ومحطة التلفزيون المركزية الصينية وفقا للمواعيد ، استفدت منها كثيرا، وذلك جعل رؤيتي للأشياء واسعة وعقلي مزود بالمعلومات وصدري أكثر سعادة فأستغل هذه المعلومات وأتبادلها مع الآخرين."
بالإضافة إلى ذلك، أعجب المسن سون كثيرا بالطب التقليدي الصيني ثم أصبح منهمكا في دراسته بجدية، وبعد ذلك قام باختبار صحي على زوجته وعلى بعض أصدقائه حسب ما عرفه من معلومات عن الطب التقليدي المذكور في الكتب وأنصحهم بالعناية بالصحة وتقوية الأجسام بأغذية طبيعية مؤكدا أن الحياة السعيدة للمسنين لا تأتي إلا بالاعتماد على صنعها بأنفسهم.
تماشيا مع التنمية الاقتصادية المحلية الكبيرة وارتفاع مستوى رواتب الصينيين، يوجد الآن في المدن والبلدات الصينية أكثر من المسنين مثل الشيخ سون وهم يعيشون عيشة شيخوخية سعيدة في بيوتهم بصورة مستقلة على أساس معاشات تقاعدهم وضمان نظام التأمين الاجتماعي على الشيخوخة. ولكن نتيجة تطبيق سياسة تنظيم النسل في الصين منذ ثلاثين سنة، لم يكن لمعظم العائلات الصينية إلا مولودا واحدا، مما جعل كل عائلة تتكون من زوجين ومولود وأربعة مسنين. وحسب العادات الصينية فإن الوالدين الصينيين يرغبان في خدمة الأولاد ومساعدتهم في رعاية الحفيد وطبخ الوجبات وترتيب المنزل وغيرها. لذلك، يمكن أن نقول إن المسنين الصينيين يعتبرون " قوة مختفية كبيرة" لتحقيق الاستقرار في المجتمع الصيني ودعم التطور الاقتصادي الوطني.
ولكن ليس جميع المسنين في وضع مثل المسن سون، هناك العجوز تشو تيان رونغ بمقاطعة خه نان، يصل عمرها الآن إلى 74 سنة، ولها ثلاثة أبناء ، وإثنان منهم في الولايات المتحدة والآخر يعمل في منطقة أخرى غير قريبة منها. فلا تراهم دائما ناهيك عن مساعداتهم لها. ولم يبق في البيت إلا زوجها المريض وأمها المعمرة التي تجاوز عمرها مائة سنة. قالت للمراسل إنها كاليد العاملة الوحيدة والعماد الرئيسي في هذا البيت، ويعيش هم المسنون الثلاثة عيشة بسيطة ومتواضعة، وهي مسؤولة عن طبخ الوجبات وغسل الملابس وتنظيف الغرفة وغيرها من كل الواجبات المنزلية، وأصعب عمل بالنسبة إليها هو نقل زوجها إلى المستشفى. وبالرغم من ذلك، فهم لا يريدون الذهاب إلى دار رعاية المسنين، لأن البقاء في البيت في مرحلة الشيخوخة هو أول اختيار للمسنين الصينيين، ولأن البيوت في نظرهم منبع حياتهم ، وسيبقون فيها ويحافظون عليها حتى وفاتهم سواء كانوا يواجهون المشاكل أوالصعوبات.
وحسب التحقيقات، فإنه يوجد أكثر من نصف عدد المسنين في المدن يعيشون لوحدهم دون مرافقة الأولاد، وتقريبا نفس النسبة في الريف حيث وصلت إلى 40% أيضا. ويطلق علي الهؤلاء في الصين إسم " المسنين في العش الفارغ". كيفية العمل لمساعدتهم في حل مشاكل الحياة أصبح موضوعا هاما متابعا من طرف الحكومة وكل المجتمع. وبدعوة من الحكومة تم تأسيس بعض فرق الخدمات التطوعية للمسنين في الأحياء السكنية حيث يساعد المتطوعون أولئك المسنين المقيمين في منازلهم واحدا مع واحد بصورة منتظمة. ونسمي ذلك رعاية المسنين في الأحياء السكنية. إنه نمط جديد لتحسين رعاياة الشيخوخة، بل هو مقبول ومحبب لدى المواطنين الصينيين. وفي الوقت نفسه، تقوم الصين باستكشاف جديد لرفع مستوى خدمة الشيخوخة من حيث بناء وإكمال الأنظمة والتدابير والمرافق العامة ليتمتع المسنون بأفضل خدمات اجتماعية.
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved. 16A Shijingshan Road, Beijing, China. 100040 |