CRI Online

البحّار الصيني المسلم تشنغ خه الذي قام برحلات عدة لسواحل دول العالم

cri       (GMT+08:00) 2010-12-29 10:49:36


تشنغ خه

أصدقائي، إن تشنغ خه هو بحار مشهور في الصين، وقد قام بسبع رحلات زار فيها البلدان التى تقع على سواحل المحيط الهندي وجنوب آسيا وأفريقيا خلال 28 عاما بين عام 1405 وعام 1433. ويصادف عام 2010 الذكرى السنوية ال605 لبدء رحلات تشنغ خه.

ولد تشنغ خه في أسرة من قومية هوي المسلمة بمقاطعة يوننان جنوب غربي الصين عام 1371. وقد سافر كل من جدّه ووالده إلى الأراضي الحجازية لأداء فريضة الحجّ. وقضى تشنغ خه طفولة سعيدة مع أفراد أسرته. ولكن الحرب مدّت مخالبها إليه. وقبض عليه بالجيش وخصي، هكذا أصبح طواشيا في القصر الإمبراطوري لأسرة مينغ الملكية. وبعد سنوات، أصدر الإمبراطور جو لي أمرا وطلب منه قيادة أسطول كبير إلى المحيط الهندي لتعزيز التبادلات التجارية مع الدول الأخرى. إذن، لماذا اختار الإمبراطور جو لي السيد تشنغ خه كقائد لهذا الأسطول؟ أجابت هذا السؤال السيدة وانغ مينغ – مديرة قسم تاريخ أسرة مينغ الملكية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية قائلة: إن تشنغ خه رجل وسيم وقوي ومتفوق في الكفاءة العسكرية، وحصل على ثقة الإمبراطور. وبالإضافة إلى ذلك، يوجد سبب مهمّ جدا. حيث قالت السيدة وانغ مينغ:

" تشنغ خه إبن الحاجّ. ولقب الحاجّ لقب محترم لمن قد قام بأداء فريضة الحجّ في الأراضي الحجازية. ونظرا لوجود العديد من الدول الإسلامية حول المحيط الهندي، لذلك، اختار الإمبراطور شخصا مسلما لقيادة أسطول الدولة إلى هذا المحيط."

وفي شتاء عام 1405، قاد تشنغ خه أسطولا كبيرا إلى المحيط الهندي، مكوّن من ثلاثمائة سفينة وثلاثين ألف جندي تقريبا. وذهب الأسطول إلى جزر جافا أولا، ثم مرّ بمالقا وسومطرة، ووصل إلى كلاكوت في الهند، وحصل على الفلفل والسلع الأجنبية الأخرى بالحرير النفيسة والأواني الخزفية الصينية.

ومن أجل تعزيز التبادل التجاري مع الدول الأخرى، دخل الأسطول بحر العرب لأول مرة عام 1414. وحينذاك، كانت الدول العربية متفوقة في الملاحة البحرية، واستولى التجار العرب على الطرق التجارية البرية والبحرية من الدول العربية إلى الهند وأفريقيا، وقد سافروا عدة مرات إلى مدينة تشيوان تشو المطلة على البحر في جنوب شرقي الصين. ومن أجل إقامة الاتصالات مع التجار العرب، زار تشنغ خه هذه المدينة خصيصا قبل رحلته.

السيد تشنغ قو شين خبير في معهد البحوث عن البحّار تشنغ خه في مدينة تشانغ له بمقاطعة فوجيان. وقال لمراسلنا إنه تم اكتشاف خمسة معابد بالقرب من المدينة عام 1992، ومن ضمنها معبد خاص لتقديم القرابين لإله تطوّف البحار. حيث قال السيد تشنغ:

" يقع تمثال تشنغ خه في الوسط، ويلتفّ حوله العديد من الوزراء الذين عملوا في هذا الأسطول. وبعد الأبحاث المتخصصة، يعتقد خبراء التراث أن الشخص الذي يقف بالجانب الأيسر لتشنغ خه هو عربي، مما يدلّ إلى وجود شخص عربي ضمن قادة الأسطول."

واعتمادا على الخريطة الملاحية المرسومة بالبحّارة الصينيين والعرب بصورة مشتركة، ذهب أسطول تشنغ خه إلى اليمن عام 1419، ومرّ بسواحل شرقي أفريقيا عن الطريق المعتاد للتجار العرب، ووصل أخيرا إلى دولة مايليندي القديمة ( أي مايليندي في كينيا حاليا). كانت مايليندي دولة غنية يسكن فيها الكثير من التجار العرب. وبعد وصول تشنغ خه إليها، ذهب إلى المسجد ليصلّي مع السكان المحليين.

وخلال الرحلات السبع التى قام بها البحار الصيني المسلم تشنغ خه، زار الأسطول أكثر من ثلاثين دولة ومنطقة، حيث تبادل العديد من المنتجات المحلية، وأروعها هي زرافة أهداها ملك مايليندي إلى الإمبراطور الصيني. وترى السيدة وانغ مينغ – مديرة قسم تاريخ أسرة مينغ الملكية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية أن ذلك هو أدلّة ثابتة على الصداقة العريقة بين الصين وأفريقيا. حيث قالت:

" وصل تشنغ خه إلى دولة مايليندي الواقعة شرقي أفريقيا خلال رحلته الرابعة إلى المحيط الهندي. فأرسل ملكها وفدا إلى الصين وأهدى الزرافة للإمبراطور الصيني. الأمر الذي أصبح دليلا لتاريخ التبادلات الودية بين الصين وأفريقيا، وعزز الصداقة بين شعبيهما."

وفي جزيرة بارت النائية في كينيا، تداولت على ألسنة سكانها حكاية حول تشنغ خه. وقالت هذه الحكاية إن إحدى السفن من أسطول تشنغ خه ارتطمت بصخرة مخفية وغرقت بالقرب من مجموعة جزر لام قبل ستمائة سنة. وهرب أفراد طاقمها إلى الشاطئ، وعاشوا في قرية سانقا في جنوب مجموعة الجزر، ثم تزوجوا مع السكان المحليين وأنجبوا أبناءهم جيلا بعد جيل حتى الآن. ويسمّون بأبناء واسانقا حاليا، وهم يصرّون على أن أسلافهم صينيون برغم عدم وجود السجلات المكتوبة والأدلة الدامغة لذلك. ويعتبرون ذلك وصية عائلية متوارثة جيلا بعد جيل.

وقبل قيام تشينغ خه برحلته السابعة إلى المحيط الهندي، نقش على النصب الصخري مقالا أكّد فيه أن رحلاته تهدف إلى تعزيز التبادل التجاري مع الدول الأخرى ونشر الثقافة الصينية وتطبيق السياسة الخارجية السلمية. والحقيقة تناسب أفكاره المسبقة. ولم يستول البحار الصيني تشنغ خه على أي قطعة من أراضي الدول التى زارها خلال رحلاته البحرية إلى المحيط الهندي. وقال السيد تشنغ قو شين - الخبير في معهد البحوث عن البحّار تشنغ خه في مدينة تشانغ له بمقاطعة فوجيان

" كان أسطول تشنغ خه أقوى أسطول في العالم، بينما اعتبرت الصين أقوى دولة في العالم خلال أوائل القرن الخامس عشر. ولكنها كانت تطبّق السياسة الخارجية السلمية، ولم تغز الدول الأخرى. وهذا هو مغزى مهمّ للاحتفال بذكرى رحلات تشنغ خه إلى المحيط الهندي."

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي