CRI Online

حياة العاملين الريفيين بالمدن الصينية الحديثة

cri       (GMT+08:00) 2011-03-23 15:27:18


العاملون الريفيون بالمدن

إنهم يتطلعون إلى رؤية العالم الخارجي، ولا يرغبون في ممارسة الزراعة بالحقول طوال الحياة مثل أجيالهم القديمة ، فخرجوا من الأرياف توجها إلى المدن للعمل للحصول على المزيد من الأموال سعيا وراء تغيير الوضع الاجتماعي. ولكن، ليس لديهم المؤهلات الفنية المطلوبة والشهادات الدراسية والمهنية الرسمية باعتبارها الشروط الضرورية للتوظيف في المدن، حيث لايستطيعون إلا أداء بعض الأعمال البسيطة وكسب الأجور المنخفضة ناهيك عن مشاركتهم في التأمينات الاجتماعية الخاصة لسكان المدن . ومع التطور الاقتصادي المحلي وتسريع خطوات المدننة في الصين، يزداد عدد هؤلاء العاملين الريفيين الشباب في المدن الصينية ازديادا كبيرا ومستمرا، حتى وصل إلى 140 مليون في الوقت الراهن حسب الاحصائيات الأخيرة. وبالرغم من أن فوائدهم من العمل قليلة، ويعيشون عيشة شاقة ومتواضعة، مازالوا يبقون في المدن تطلعا إلى نجاح في يوم ما أو بحثا عن فرصة ليصبحوا ذائعي الصيت أو يكونون أشخاصا ورجالا في المستقبل .

السيد تشو شيانغ شاب نشيط يبلغ عمره 22 سنة، بيته في قرية صغيرة بمقاطعة خه نان وسط الصين، ويعيش السكان المحليون في تلك القرية عيشة بسيطة فقط بالاعتماد على الزراعة جيلا بعد جيل منذ قديم الزمن، وحتى الآن لا يوجد مصنع واحد في المنطقة المحلية. فقرر تشو شيانغ التوجه إلى الخارج لتوسيع نطاق رؤيته ومشاهدة معالم الخارج . وغادر القرية في خريف العام الماضي، ثم وصل إلى مدينة شين تشين جنوب الصين بعد قطع المسافة التي تبعد عن بيته 1800 كيلومتر. وأعجبته حداثة مدينة شين تشين التي تعتبر أول المناطق الاقتصادية الخاصة بعد تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين، وتواجه منطقة هونغ كونغ الإدارية، فيها ناطحات السحاب والعمارات الكبيرة في الأشكال المتباينة وتزدهر فيها الصناعات المختلفة. أحب تشو شيانغ هذه المدينة كثيرا ووجد فيها العمل بسرعة. وهكذا، وأصبح واحدا في جيش العاملين الريفيين في المدن الصينية.

وحسب آخر الاحصائيات من الاتحاد الوطني الصيني العام لنقابات العمال فإن نسبة نحو 70% من العاملين الريفيين في المدن هم من الشباب، وهم يلعبون دورا هاما لا بديل له في التنمية الاقتصادية الصينية، إنهم جيل جديد من عمال الصناعات الحديثة. ومقارنة مع العاملين الريفيين الكبار السن، إن العاملين الشباب يتمتعون بالمستوى التعليمي العالي ولديهم معلومات أكثر مع مفاهيم جديدة. قال السيد وانغ تشون قوانغ الباحث في مركز البحوث الاجتماعية التابع لأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية للمراسل:

"كان معظم العاملين الريفيين من الجيل الأول يعملون في المدن لكسب الأموال ثم يعودون بها إلى الأرياف لرعاية الأسر وتربية الأولاد. ولكن العاملون الشباب من الجيل الجديد، ليس لديهم أعباء عائلية كبيرة، ومعظمهم يخرجون من الأرياف إلى المدن من أجل مشاهدة الخارج وزيادة التجارب واكتساب الخبرات الواقعية في المجتمع، ويوجد منهم الكثيرون لا يحبون حياة الريف أملا في إيجاد فرصة لمغادرتها والبقاء في المدن."

مع أن لديهم آمال جميلة ولكنهم من الصعب أن يدخلوا مواقع العمل الراقية بسبب مؤهلاتهم المنخفضة ومهاراتهم الفنية الضعيفة، وأضطر معظمهم لأداء الأعمال البدنية الثقيلة لكسب الأجور المنخفضة. يعمل الآن تشو شيانغ في شركة صغيرة للإعلان حيث يقوم بمساعدة المسؤول لترتيب الديكورات الخلفية للمسرح. إنه مشغول في العمل كل يوم حتى منتصف الليل، ولم يكسب إلا 1500 يون صيني شهريا. إزاء هذا الوضع، يشعر دائما بالملل والاكتئاب، غير أنه لا يريد العودة إلى قريته. ومن أجل توفير الأموال لإرسالها إلى والديه في الريف، لم يشاهد فيلما واحدا أو يتناول وجبة لذيذة في المطعم المقبول, كما يخاف من إنشاء الصداقة الوثيقة مع الفتيات وليس له ثقة كافية للتحدث عن الحب معهن. قال للمراسل:

" يعيش في مدينة شين تشين عدد كبير من الأغنياء. فأشعر دائما بأنني إنسان فقير في الوضع المنخفض بالمدينة.ورأيت أسعار المنازل هنا غالية جدا، حتى أرخص سعر لشقة صغيرة يحتاج إلى دفع أكثر من مليوني يوان صيني على الأقل. كيف أحقق ذلك؟ هو أمر مستحيل بالنسبة إليٌ في الوضع الحالي. ولكنني أحب هذه المدينة، ولا أريد العودة إلى القرية لممارسة الزراعة في الحقول وقضاء نوع من الحياة المستقرة دون تغيير خلال السنوات الطويلة ."

أحب تشو شيانغ قراءة الصحف ومشاهدة التلفزيون في أوقات الفراغ ويتابع كل تغيرات في المدينة كأنه أحد السكان المحليين وأخبر المراسل أنه يأمل في الاستفادة والتمتع بنظام التأمينات الاجتماعية مثل المحليين من خلال متابعة الحكومة لأوضاع العاملين الريفيين في المدن وتقديم لهم الأفضليات الأساسية وتهيئة الظروف المعيشية اللازمة لزيادة ثقتهم وتشجيعهم للعمل والحياة في المدن.

ومنذ العام الماضي، إتخذت الحكومة والادارات المحلية المختلفة إجراءات فعالة بغية حل مشاكل العاملين الريفيين في المدن. وفي السنة الجارية باعتبارها سنة أولى لتنفيذ الخطة الخمسية ال12 للتنمية الاقتصادية الصينية، ستواصل الحكومة تنفيذ خططها بهذا الشأن باستمرار لتغيير أوضاع العاملين الريفيين الشباب، لأنهم يعتبرون قوة قاعدية ضخمة في بناء المدن الحديثة وتحقيق المدننة الصينية ويحق لهم التمتع بنفس المزايا الاجتماعية مثل بقية المواطنين الآخرين في المدن.

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي