عامل النظافة يصبح نجم عمل مشرف

^{عمال النظافة}

نقل القمامة وتنظيف المدينة يعتبر في أنظار أغلبية الناس عملا بسيطا وقذرا، ولا يريده الكثيرون. غير أن هناك رجلا ريفيا قادما من عمق الجبال إلى بكين لم يهمل هذا العمل البسيط، ويمارسه بحهد لمدة أكثر من عشرة أعوام حتى أصبح نجم عمل مشرف في مدينة بكين، إنه عامل النظافة رين شياو يون. وبمناسبة الاحتفال بعيد العمال الدولي، دعونا نقترب منه للتعرف على أحواله العملية.

يستيقظ رين شياو يون من النوم كل صباح قبل الفجر، وبعد التنظيف الشخصي البسيط ، يهرع إلى شركة النظافة, لأن من الضروري أن يبدأ عمل التنظيف في الساعة الخامسة والنصف. وبعد وصوله إلى الشركة، يلبس بدلة العمل بسرعة، ثم يقود شاحنة القمامة توجها إلى نقطة التنظيف المحددة حسب الإشارة من الشركة. وبعد موافقته يجلس اليوم مراسلنا بجانب رين شياو يون لإجراء تجربة عملية واقعية.

النقطة الأولى التي يجب أن نذهب إليها اليوم هي إحدى محطات المترو في حي شيدان بغرب بكين. وفي هذا الوقت المبكر، لم تكن شوارع المدينة مزدحمة بالناس والسيارات. لذلك، وصلنا إليها في وقت غير طويل. ثم توقفت الشاحنة بمدخل المحطة ونزلنا إلى نفق المترو، حيث وجدنا حوالي أربعين كيسا من النفايات والقمامات موضوعة بمدخل مرحاض المترو. بدأ رين شياو يون نقلها بيده من أسفل محطة المترو إلى فوق الأرض عبر مصعد بسيط خاص. وبعد عدة مرات من النزول والصعود، تم نقل جميع القمامات وشحنها على الشاحنة جيدا. وقبل نهاية العمل، قام رين شياو يون بتنظيف كامل لموقع وضع الأكياس. عندما عدنا إلى غرفة القيادة للشاحنة كانت عقارب الساعة تشير إلى الساعة السابعة ونيف، وهو وقت ذروة الازدحام المروري صباحا لمدينة بكين، حيث يبدأ عدد ركاب المترو بالازدياد تدريجيا. في طريق عودتنا إلى الشركة قال رين شياو يون للمراسل مسرورا:

" كلما أنهي نقل القمامات من موقع محدد، ورأيت مجددا نظافته بفضل عملي قبل مغادرته، أشعر بفخر كبير. لأن الظروف الجميلة تعطي الناس غبطة وارتياح أكبر، كما تعكس قيمة وضرورة أعمال عمال النظافة في المدينة."

بعد عودتنا إلى الشركة وتفريغ القمامات في المكان الخاص المحكم تماما، بدأ يتناول رين شياو يون قليلا من الفطور، ثم أخذنا مهمة جديدة وذهبنا إلى نقطة أخرى لنقل القمامات. أخبر رين شياو يون المراسل أن مثل هذه الرحلات العملية يقوم بها كل يوم أربع أو خمس مرات على الأقل إضافة إلى عمل عاجل. وأيضا بسبب مساحة أرض بكين الواسعة، تكون المسافة بين كل نقطة عمل وأخرى بعيدة أحيانا، وذلك لا بد أن يزيد أكثر من وقت المرور وأتعاب العمل. وأشار إلى أنه يعود إلى البيت في معظم الأوقات بعد الساعة العاشرة مساء.

ولد رين شياو يون في أسرة ريفية بسيطة من قرية جبلية لمحافظة بينغشوان بمقاطعة خه بي. وبعد تخرجه من المدرسة الثانوية التخصصية في المحافظة عام 1996، لم يعد إلى القرية لممارسة الأعمال الزراعية، وبقي في مركز المحافظة بحثا عن الأعمال المناسبة. ثم جاء إلى بكين للعمل في إحدى شركات النظافة المحلية كعامل مستقدم . ومنذ ذلك الوقت، بدأ يعمل ويعيش في هذه المدينة الحديثة.

رين شياو يون رجل عملي يعمل دائما بجد وكد غير آبه بالصعوبات . فعمله الملتزم نال تقديرا كبيرا وواسعا من الإدارة والزملاء. وبفضل أدائه البارز في الأعمال المختلفة، تمت ترقيته بعد سنتين من عمله إلى منصب الإدارة كرئيس الفريق المسؤول عن نقل القمامات من مواقع الشركات والمعارض التجارية والمرافق العامة وغيرها من الأماكن الهامة بالمدينة.

وفي عام 2008، أقيمت دورة الألعاب الأولمبية في بكين باعتبارها أضخم حدث رياضي عالمي، وذلك يحتاج إلى تنظيف كامل وتجميل جيد لكل أرجاء مدينة بكين. وفي حينها طلب رين شياو يون من القيادة أن يتحمل أكثر وأثقل مهمات العمل خلال فترة إقامة الأولمبياد أملا في تقديم إسهام خاص يخدم مهرجان الأولمبياد المرموق على مستوى العالم. لم ينس رين شياو يون أبدا تلك اللحظة المشرفة، أي قبل افتتاح أولمبياد بكين الموافق ال8 من أغسطس عام 2008 بيوم واحد، حيث تم انتخابه كرافع مشارك في تتابع شعلة أولمبياد حول مدينة بكين. فكلما يتذكر ذلك يشعر بتأثر كبير وقال للمراسل:

"كنت متأثرا جدا بعد أن سمعت هذا الخبر. إنه شرف كبير للغاية بالنسبة إليٌ. ولكني أدركت جيدا أنني لست ممثلا شخصيا فقط للمشاركة في تتابع شعلة الأولمبياد، بل ممثلا لجميع عمال النظافة والعاملين الريفيين في مدينة بكين. لا بد أن أرث روح القوة والتنافس الأولمبية وروح خدمة الشعب لتحسين عمل النظافة بصورة أفضل."

ليس هذا فحسب، بل حاز رين شياو يون أيضا على العديد من الجوائز المختلفة نتيجة أعماله الممتازة كجائزة أولمبياد بكين والسفير الرمزي لخدمة دورة أولمبياد بكين ونجم المدينة لأداء الخدمات في بكين ووسام العمل أول مايو لمدينة بكين وغيرها. وأمام هذه التقديرات والجوائز يحس رين شياو يون بمسؤولية أكبر عليه حيث قال للمراسل:

" أحب عمل النظافة هذا أكثر فأكثر بعد نيل هذه الجوائز، إنها تمثل اعتراف الناس بهذا العمل وثقتهم بنا . أنا سعيد بممارسة هذا العمل طوال الحياة وسأسهم في سبيل نظافة وجمال بكين عاصمة الصين بشكل أفضل."