|
||
cri (GMT+08:00) 2011-12-01 16:22:59 |
خلال السنوات الأخيرة، اشتدت الحماسة لتعلم اللغة الصينية في الدول العربية.
وصلت فاطمة، وهي خريجة اختصاص اللغة الفرنسية بجامعة محمد الخامس المغربية، الى الصين في أغسطس عام 2010، ثم بدأت حياتها الدراسية في جامعة الدراسات الدولية ببكين التي أقامت أول معهد من معاهد كونفوشيوس في المغرب في ديسمبر عام 2009عن طريق التعاون مع جامعة محمد الخامس بالعاصمة المغربية الرباط، وهي أيضا الجامعة الشريكة المعينة مع جامعة محمد الخامس في إطار برنامج 20+20 لتعاون الجامعات الصينية - الإفريقية الذي اُتفق عليه خلال منتدى الصين-افريقيا السابق في عام 2009.
ولم يخطر ببال فاطمة الزهراء يقطين المغربية, وعمرها 21عاما, حينذاك أن تتاح لها فيما بعد فرصة السفر الى الصين في منحة دراسية كاملة مقدمة من حكومة الصين لدراسة اللغة الصينية التي تعتبر من أصعب لغات العالم. وقالت "كلما لا يفهم والداي ما قلت، سألاني قائلين : يا ابنتي أ تتكلمين باللغة الصينية معنا؟"
في البداية، سجل أكثر من مئة طالب في معهد كونفوشيوس بحرم جامعة محمد الخامس لتعلم اللغة الصينية، لكن معظمهم تخلوا عن ذلك لصعوبة اللغة ولم يبقى إلا قليل منهم عند نهاية السنة الدراسية، وتفوقت فاطمة وحصلت على منحة لمدة سنة للدراسة في الصين.
"يعد تعلم اللغة الصينية تحديا نوعا ما، وبلا مبالغة , يتمتع كل من يبقى حتى النهاية بقلب شجاع ." قالت فاطمة.
منذ فتح أول كلية للغة الصينية في جامعة عين شمس في مصر، شهد عدد الطلبة الذين يتعلمون اللغة الصينية ويرغبون في معرفة الثقافة الصينية زيادة ملحوظة، ثم أنشئ اختصاص اللغة الصينية ومختلف الدورات في الدول العربية الأخرى تدريجيا.
ويعد معهد كونفوشيوس مؤسسة ثقافية غير ربحية تابعة لوزارة التربية والتعليم الصينية، تهدف الى تعزيز وتعليم اللغة الصينية ونشر الثقافة الصينية في العالم بأسره، وتوفر منحا دراسية بصورة سنوية للطلبة المتفوقين في المعهد من أجل دعم دراستهم وحياتهم في الصين.
ومثل فاطمة، حصل نحو 4000 شخص من حوالي 120 دولة في العام الماضي على منح من معاهد كونفوشيوس في مختلف دول العالم وسافروا الى الصين لإكمال دراستهم للغة الصينية، وبعد انتهاء الدراسة رجع نصف هؤلاء الطلبة الى معاهد كونفوشيوس في بلدانهم ليعملوا كأساتذة للغة الصينية هناك.
ومنذ تأسيس أول معهد كونفوشيوس في العاصمة الكورية الجنوبية سول في نهاية عام 2004، اتسعت هذه المنظمة التعليمية الثقافية بسرعة ملحوظة في كل أرجاء العالم، اذ يوجد حاليا , وفقا لآخر الأرقام الصادرة من مقر المعاهد ببكين، حوالي 350 من معاهد كونفوشيوس و500 من فصول كونفوشيوس في 105 دول في العالم برمته ليصبح معهد كونفوشيوس من أكبر الوسائل الرسمية المباشرة لتعلم اللغة الصينية والتعرف على الثقافة الصينية بالنسبة لشعوب العالم.
أما في الدول العربية في الوقت الراهن، يوجد 9 معاهد كونفوشيوس في 7 دول وهي مصر والسودان والمغرب وتونس في قارة إفريقيا ولبنان والأردن والإمارات في قارة آسيا، ومنها تمتلك مصر والإمارات معهدين على التوالي.
ويُلاحظ أن هذا العدد يشكل أقل من 3% فقط من جميع المعاهد في العالم كله، اذ لم تنضم اي من الدول العربية الى قائمة أكبر عشرين دولة مصدرة للطلبة المبعوثين الى الصين.
على الرغم من ذلك، أعرب مسؤول من مقر المعاهد عن ثقته بأن الدول العربية تحتضن نطاقا واسعا لتنمية معاهد كونفوشيوس نظرا للإقبال على تعلم اللغة الصينية فيها وكذا أواصر الصداقة التقليدية بين شعوب الأمتين، وكشف أنه ما زال هناك حوالي 400 جهة من 76 دولة ترغب بشدة في إقامة معاهد أو فصول كونفوشيوس، من بينها جامعات عربية.
تكثفت التبادلات التعليمية بين الصين والدول العربية بشكل شامل بعد سلسلة من الندوات الثنائية حول تعزيز التربية والتعليم، من بينها الدورة الأولى لندوة التبادل الثقافي والتعليمي بين الصين والمغرب المقامة يوم 6 الشهر الجاري ببكين والندوة الصينية-العربية للتعليم العالي والبحوث العلمية التي أجريت في العاصمة السودانية الخرطوم في نوفمبر 2009, بالإضافة الى ندوة تعاون التعليم العالي الصيني- العربي(10+1) التي أقيمت في الصين في نهاية عام 2008 حيث تم توقيع 102 من اتفاقات التعاون بين 16 جامعة عربية و20 جامعة صينية حول تعليم الزراعة والهندسة واللغة والفنون وتدريب الأفراد والخ.
تعمل يانغ قانغ أستاذة آداب اللغة الفرنسية كرئيسة لمعهد كونفوشيوس لدى جامعة محمد الخامس مع أستاذ صيني ومتطوعين اثنين، وقالت إن معهدها كان يحتضن 60 طالبا فقط في بداية تأسيسه بسبب نقصان المعلمين، أما في العام الجاري يلتحق بالمعهد 296 طالبا , حتى انه تم إضافة فصل جديد لسد حاجة هؤلاء الشباب المتحمسين لتعلم اللغة الصينية.
وقالت يانغ إن الشباب العرب يتمتعون بحماس بالغ لتعلم اللغة الصينية أصلا رغم ان اللغة الصينية ليست لغة سهلة، ما يتطلب من الأساتذة إيجاد الأسلوب المناسب والفعال للحفاظ على حماسهم القيم وتشجيعهم على الدراسة بمثابرة وعزم مستمر.
وأضافت أن الطالب المبعوث من الدفعة الثانية بعد فاطمة وصل الى الصين خلال صيف العام الجاري.
وبشكل عام، طرحت الصين هدفها في تنمية البلاد الى أكبر مقصد للطلبة الأجانب في آسيا بحلول عام 2020 ليبلغ عدد الطلبة الأجانب الذين يدرسون فيها حينذاك 500 ألف نسمة, بينهم 150 ألف طالب للدراسة فوق المستوى الجامعي، ذلك وفقا لما ورد في ((خطة الدراسة في الصين)) التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم الصينية في سبتمبر العام الماضي.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف، تستمر الحكومة الصينية والجامعات في زيادة مبالغ المنح الدراسية. وقد اوضحت البيانات من وزارة التربية والتعليم الصينية أن 22390 طالبا حصل على منحة دراسية حكومية في عام 2010 ما يشكل 8.4% من جميع الطلبة الأجانب في الصين، وزاد هذا الرقم 163.9%عن عام 2006، أما المنح لطلبة الماجستير فقد زادت بصورة أكبر بنسبة 257.29% عن عام 2006.
وفي هذا السياق، بلغ عدد الطلبة الأجانب الموفدين الى الصين 265090طالبا قادما من 194 دولة يدرسون في جميع التخصصات الـ 11 في الجامعات الصينية، وكان التخصص الاكثر إقبالا هو اللغة الصينية الى جانب الاختصاصات الفنية الأخرى ، ويأتي بعدها علم الطب ثم علوم الاقتصاد والإدارة والهندسة، وزاد هذا العدد بمعدل 10.25% سنويا منذ عام 2006.
وشرحت تشانغ لي هوي, وهي مسؤولة في الهيئة الرسمية المسؤولة عن شؤون الطلبة الوافدين في الصين، شرحت أن زيادة الطلبة المبعوثين الى الصين يرجع سببه الى ارتفاع مكانة الصين الاقتصادية والدولية بشكل عام, اذ إنّ إجادة اللغة الصينية والخبرة في الصين تعطي الطلبة قوة تنافسية أكبر في حياتهم العملية، بالإضافة لذلك، تعد التكاليف الدراسية المنخفضة في الصين عاملا مهما في هذه الظاهرة.
وقد غنت فاطمة أغنية مغربية مع طالبة صينية تدرس اللغة العربية في الجامعة قبل أسبوع في حفل بعنوان الليلة المغربية أقيم بكلية اللغة العربية برعاية سفارة المغرب لدى بكين، وحظيت أغنية فاطمة بإقبال شديد وشعرت فاطمة برضى كبير.
وقالت "اشكر أساتذتي وزملائي الذين لا يبخلون علي في تقديم المساعدة لي، لقد تعودت على الحياة هنا في الصين، ووجودي هنا يعطيني راحة نفسية وروحية رغم أني بعيدة عن عائلتي في المغرب".
وذكرت فاطمة أنها قد وقعت في حب الصين وترغب في البقاء لمدة أطول بها، لذا ستحاول أن تطلب تغيير برنامجها حتى تستطيع مواصلة دراستها في الصين لثلاث سنوات أخرى.
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved. 16A Shijingshan Road, Beijing, China. 100040 |