في نوفمبر من عام 1931، توجه أربعة شباب صينيون من قومية هوي المسلمة منطلقين من مقاطعة يوننان جنوب غربي الصين إلى مصر لدراسة شعائر دين الإسلام، وشكلوا وقتها الدفعة الأولى من الطلاب الصينيين الدارسين في الأقطار العربية تحت رعاية الدوائر الحكومية الصينية، مما فتح صحفة جديدة للتبادل الثقافي والتعليمي بين الصين والدول العربية. وعقب ذلك، سافر 35 طالبا صينيا جاؤوا من قومية هوي المسلمة من مختلف أرجاء الصين إلى مصر للدراسة بصورة متتالية، الأمر الذي أعتبر بداية جديدة للتبادل الثقافي بين الجانبين الصيني والعربي في العصر الحديث.
وبعد عودتهم إلى الصين، أصبح العديد من هؤلاء الشباب المسلمين الصينيين علماء بارزين في بحوث الثقافة الإسلامية بالصين، ومن بينهم السيد عبد الرحمن نا تشونغ الذي يعتبر من أبرز العلماء في مجال الثقافة الإسلامية الصينية.
ولد عبد الرحمن نا تشونغ عام 1909 في أسرة مسلمة عريقة بمحافظة تونغهاي في مقاطعة يوننان. وكان نا تشونغ غارقا في الثقافة الإسلامية منذ صغره، وفي أكتوبر من عام 1931، نجح نا تشونغ في امتحان أقامته مقاطعة يوننان لاختيار الطلاب الوافدين إلى جامعة الأزهر المصرية للدراسة فيها. وخلال دراسته في الجامعة المصرية، كان نا تشونغ يعد من أكثر الطلاب اجتهادا في الدراسة، حيث تعلم في مصر لتسع سنوات. وعند تخرجه من الجامعة، حظي نا تشونغ بأعلى درجة علمية منحتها له جامعة الأزهر وهي "شهادة العالم". وفي سبتمبر عام 1940، عاد نا تشونغ إلى الصين وبدأ عمله كمعلم في تعليم الثقافة الإسلامية واللغة العربية، حيث عمل في معاهد وجامعات عدة بأنحاء البلاد، بما فيها جامعة يوننان والجامعة الدبلوماسية ببكين وجامعة الدراسات الأجنبية ببكين وتعتبر كلها من أبرز وأكبر الجامعات والمعاهد في الصين. وبالإضافة إلى ذلك، عمل السيد نا تشونغ على إعداد الكتب المدرسية لتعلم اللغة العربية والتي استخدمت في العديد من كليات اللغة العربية بمختلف الجامعات الصينية. وعلى صعيد آخر، قدم السيد نا تشونغ مساهمة كبيرة في تعزيز التبادلات الثقافية بين الصين والدول الإسلامية، وزار الجزائر والسعودية وباكستان وماليزيا وغيرها من الدول، حيث التقى مرارا بزعماء هذه الدول، فسمي السيد نا تشونغ ب" رسول التبادل الثقافي".
