CRI Online

التطلع إلى اتجاه الاقتصاد الصيني خلال عام 2014 مع استعراض أبرز لمحاته خلال عام 2013

cri       (GMT+08:00) 2014-01-15 10:29:20

مع تنفيذ الحكومة الصينية الجديدة أعمالها بشكل رسمي عام 2013، أطلقت الصين خطوة الإصلاح الشامل. وخاصة بعد الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ18 للحزب الشيوعي الصيني والتي عقدت في شهر نوفمبر العام الماضي، حددت الصين خطتها لتعميق الإصلاح خلال العقد المقبل. إذن، ما هي التأثيرات العميقة التي سيجلبها الإصلاح الاقتصادي الصيني للعالم كله خلال عام 2014 الذي يعتبر بداية العقد المقبل بموجب خطة الصين الإصلاحية؟

بعد انعقاد الدورتين السنويتين خلال شهر مارس العام الماضي، أظهرت الحكومة الصينية الجديدة أمام العالم فكرتها لترقية اقتصاد البلاد، كما أكد رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ في محافل عديدة أن الصين بحاجة إلى تعميق الإصلاح والانفتاح ودفع خطوة تعديل أنماط النمو لترقية اقتصادها:

"حققت الصين خلال العقود الثلاثة الماضية إنجازات اقتصادية هائلة وتقدما اجتماعيا عظيما بفضل الانفتاح المستمر. وخلال الفترة المقبلة، سنعمل على توسيع هذا الانفتاح."

ويتمثل تأكيد لي في إقامة منطقة التجارة الحرة بمدينة شانغهاي شرقي الصين في نهاية سبتمبر العام الماضي، ما يرمز إلى بداية توسيع الانفتاح الصيني؛ وتلا ذلك انعقاد الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ18 للحزب الشيوعي الصيني في شهر سبتمبر، ما يوضح للمجتمع الدولي خارطة طريق البلاد لتعميق الإصلاح والانفتاح خلال الفترة المقبلة. وقال أنوب سينغ مسئول صندوق النقد الدولي في منطقة آسيا – الباسيفيك:

"لماذا يولي المجتمع الدولي اهتماما بالغا بهذه الجلسة؟ لأن الصين تمر حاليا بمرحلة الإصلاح، والمشكلة هي كيف تنفذ هذا الإصلاح؟ نعرف إنجازات الصين وإسهاماتها في تحقيق إعادة توازن الاقتصاد االعالمي، ونعرف أيضا تأثيرات الصين على العالم في ظل الانتعاش البطيئ للاقتصادات الكبرى، وأن النمو الاقتصادي الصيني هو قوة دافعة لتحفيز النمو الاقتصادي بالمناطق الأخرى. وقد زرت مختلف الدول الآسيوية، ولاحظت أن جميعها تولي اهتماما بالغا بالاتجاه الاقتصادي الصيني الأخير."

ما هو طريق الإصلاح الذي ستسير عليه الصين في المستقبل؟ وأجاب هذا السؤال "القرار حول تعميق الإصلاح بشكل شامل" الذي تبنتها الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ18 للحزب أجاب هذا السؤال من خمس نواحي تشمل الاقتصاد والسياسة والثقافة والمجتمع والبناء الحضاري الأيكولوجي. ويرى السيد بيير بيقار الخبير الفرنسي المتخصص بالشؤون الصينية أن قرار الجلسة الكاملة الثالثة هي تجربة استكشافية:

"يمكن القول إن إصلاح الصين يتعلق بالعالم، لأن الصين ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، حيث تحتاج إلى تحقيق التنمية من خلال الإصلاح وتقديم نموذج لدول العالم كي تواجه التحديات الجديدة من خلال تعديل سياساتها. وجاءت هذه التحديات من اقتصاد السوق والقدرة التنافسية في السوق والابتكار التكنولوجي وحماية البيئة، إضافة إلى التقدم الاجتماعي. على كل الأحوال، أعتبر قرار الجلسة الكاملة الثالثة تجربة استكشافية جريئة وشاملة."

من جانبه، يرى الخبير الكازاخستاني بشأن الصين الدكتور روسلان إيزيموف قائلا:

"القرارات التي تبنتها الجلسة الكاملة الثالثة ستؤثر بشكل إيجابي على الاقتصاد العالمي. لقد أصبحت الصين دولة اقتصادية كبرى خلال هذه السنوات، وتؤدي دورا مهما في الحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي. لذلك، سيؤدي بالتأكيد تعديل أنماط اقتصادها إلى تأثيرات إيجابية على تنمية الاقتصاد العالمي."

وفي ظل الانتعاش البطيئ للاقتصاد العالمي، مازال اقتصاد الصين من أحد القوى البارزة على المسرح الدولي، حيث حققت تجارتها الخارجية خلال عام 2013 نموا سريعا وملموسا نسبته 7% بينما حققت استثماراتها في الخارج زيادة بنسبة 15% مقارنة مع عام 2012، كما يتوقع صندوق النقد الدولي أن يمكن للصين أن توفر حصة بحوالي 27.8% للإسهام في نمو الاقتصاد العالمي.

ويرى الخبراء أن تنمية الاقتصاد الصيني لم تتمكن من تحفيز الطلب في الأسواق العالمية فحسب، بل ستحفز أيضا الاستثمارات الخارجية فيها، وستدفع بشكل إيجابي اقتصادات دول العالم وخاصة الدول المجاورة، حيث يرى الخبير الكازاخستاني فاليخان توليشوف قائلا:

"لم تفتح الصين سوقها لمواطنيها فحسب، بل وأمامنا نحن الدول المجاورة لها. ويمكن القول إننا لو أردنا تطوير التجارة أو ممارسة التجارة في الصين، سيكون الوقت الحالي فرصة مناسبة، لأن الصين توفر للتجار الأجانب فرصا استثمارية أكثر."

وتوقع مركز بحوث الاقتصاد والتجارة البريطاني مؤخرا أن الصين ستصبح أكبر اقتصاد بالعالم بحلول سنة 2028، متفوقا على الولايات المتحدة، كما توقع ذلك الخبير الاقتصادي المشهور جيم أونيل الذي يعتبر من مؤسسي فكرة "دول بريكس":

"بعد 14 سنة، سيتجاوز الحجم الاقتصادي الصيني نظيره الأمريكي، الأمر الذي سيؤدي إلى تأثيرات هائلة على كافة الأصعدة في العالم، وخاصة الاقتصاد. وستصبح الصين أكبر سوق للبضائع والمستهلكات، وستصبح أسرع دولة نموا بالعالم. وأما بالنسبة لإمكانية في تغير النظام النقدي العالمي، فتتعلق أيضا بتنمية الصين، فأعتقد شخصيا أنها يمكن أن تحدث، وستؤدي الصين دورا أكبر في صندوق النقد الدولي والبنك العالمي مقارنة مع الولايات المتحدة. ولكن، لن تؤدي الصين دورا قياديا في هذه الآليات، بل ستتحمل مسؤولية أكبر وستؤثر تأثيرا أكبر على العالم مقارنة مع الولايات المتحدة."

وبعد استعراضنا الوضع الاقتصادي الصيني خلال عام 2013 وتطلعنا إلى اتجاهه في هذا العام، ننتقل الآن إلى مجال الطاقة، ونركز على اتجاه الصين لاستخدام الطاقة خلال الأعوام المقبلة.

من المعروف أن النفط يعتبر طاقة ضرورية لتطوير الاقتصاد، ولكنه يعتبر في الوقت نفسه من مصادر انبعاث الكربون التي تؤدي إلى تفاقم التلوث. ومن أجل تقليل انبعاث الكريون، عملت الحكومة الصينية خلال هذه السنوات على تغيير أنماط اقتصاد البلاد وإبطاء النمو الاقتصادي. ومع هذه الخطوات، توقع خبراء صينيون أن متوسط الارتفاع السنوي لاستخدام النفط الصيني سيشهد تباطؤا إلى مستوى 2.5% خلال الفترة ما بين أعوام 2013 و2020.

ومن بين هؤلاء الخبراء السيد داي جيا تشيوان نائب مدير مكتب بحوث سوق النفط التابع لمؤسسة بحوث الاقتصاد والتكنولوجيا للشركة الصينية للنفط والغاز الطبيعي "سي أن بي سي"، الذي توقع مؤخرا أن يهبط المعدل السنوي لاستخدام النفط الصيني إلى 1.5% خلال الفترة ما بين أعوام 2020 و2030.

ومن جانبه، يرى لي لي مدير البحوث بشركة طاقة "أي سي أي أس سي 1"، وهي شركة استشارية لمعلومات الطاقة مقرها في شانغهاي بشرقي الصين، "أنه بسبب تنفيذ سياسات توفير الطاقة وحماية البيئة وكذلك التنمية التقنية لبدائل وقود السيارات، فإن هناك تيارا نتيجة نمو انخفاض نسبة استهلاك النفط".

وبحسب توقعات مؤسسة "سي أن بي سي"، فإن الصين ستستعمل 590 مليون طن من النفط بحلول عام 2020 مع معدل نمو أقل، فيما سيبلغ حجم استخدام البلاد من النفط زهاء 690 مليون طن بحلول عام 2030.

واستخدمت الصين 490 مليون طن من النفط في عام 2012، بزيادة 4.7% على أساس سنوي، بينما وصل حجم استخدام الغاز الطبيعي للصين في عام 2012 إلى 144.5 مليار متر مكعب، بزيادة 12.8% على أساس سنوي، وهو معدل أعلى بكثير من نمو استخدام النفط.

وأثناء الخطة الخمسية التنموية الـ11 التي نفذتها البلاد خلال الفترة ما بين أعوام 2006 حتى 2010، سجل متوسط معدل النمو السنوي لاستخدام النفط 7.7%.

وقدر الاتحاد الصيني لصناعة النفط والكيماويات في تقرير سابق أن يكون معدل نمو استخدام النفط الصيني أقل من 5% في الفترة ما بين أعوام 2011 و2015، لافتا إلى أنه "ونظرا لاستمرار الصين في تحسين هيكلها الاقتصادي، فإن معدل استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي سيستمر بالانخفاض، الأمر الذي سيؤدي إلى تباطؤ نمو استهلاك النفط".

وأصدرت وكالة الطاقة الدولية تقريرا يعكس هذا التيار أيضا، قائلة إن الهند ستصبح الدولة ذات النمو الأسرع معدلا في استخدام النفط بعد عام 2020، مضيفة أن الطاقة المتجددة ستشهد نموا سريعا في العقد المقبل.

وبهذا الخصوص، قال لي لي مدير البحوث بشركة طاقة "أي سي أي أس سي 1" إنه وبالإضافة إلى الطاقات المتجددة، سيساهم ازدهار استخدام الغاز الطبيعي في تباطؤ النمو في استخدام النفط، متوقعا أن يبلغ عدد السيارات التي تستهلك الغاز الطبيعي كوقود 2.1 مليون سيارة بحلول عام 2015 في الصين، كما سيواصل هذا العدد نموه ليزداد إلى 3.2 مليون سيارة بحلول عام 2020، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع كبير في استعمال الغاز الطبيعي في السنوات القادمة.

وأضاف لي أنه لدى الصين قوة كامنة كبيرة لاستخدام الغاز الطبيعي في قطاع النقل، فيما يواصل عدد سيارات الطاقة النظيفة نموه.

وبدوره، أكد السيد داي جيا تشيوان أن الصين شهدت ارتفاعا كبيرا في حجم استخدام الغاز الطبيعي كمصدر من مصادر الطاقة الرئيسية، ونما حجم استخدام الغاز الطبيعي الصيني من 900 مليون متر مكعب إلى 16.6 مليار متر مكعب في الفترة ما بين أعوام 2000 و2012، متوقعا أن يبلغ استهلاك الغاز الطبيعي الصيني في قطاع النقل 32 مليار متر مكعب بحلول عام 2015، كما سينمو إلى 56 مليار متر مكعب بحلول عام 2020، ما يعني أن الغاز الطبيعي سيحل مكان 26 مليون طن من النفط في عام 2015 و46 مليون طن في عام 2020.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي