مترو الأنفاق في الصين يتأثر على حياة الصينيين

كان ظهور وتطور مترو الأنفاق في الصين نتيجة للظروف الاجتماعية والاقتصادية. ويمكن تقسيم تاريخ مترو الأنفاق في الصين إلى مرحلتين. في المرحلة الأولى، كان مترو الأنفاق يستخدم كحصن عسكري. في خمسينات القرن العشرين، وبعد سنوات قليلة من تأسيس جمهورية الصين الشعبية، كانت حماية أمن وسلامة البلاد أولوية قصوى. في تلك الفترة، اقترح الرئيس الصيني الراحل ماو تسي تونغ بناء شبكة مترو أنفاق في بكين وفي مدن صينية أخرى. في أكتوبر عام 1969، تم الانتهاء من بناء أول خط مترو أنفاق في بكين؛ من محطة بكين إلى محطة قوتشنغ بطول 5ر30 كيلومترا. تم إنشاء هذا المترو للاستخدام العسكري والأمني.

في المرحلة الثانية، صار المترو يستخدم كوسيلة مواصلات جديدة. مع تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين، شهد اقتصاد الصين تطورا سريعا، وزاد عدد سكان مدنها أيضا. أصبح زحام المرور ظاهرة عامة في كثير من مدن الصين، فقررت الحكومة إنشاء خطوط مترو الأنفاق لتخفيف زحام المواصلات. في ثمانينات القرن العشرين، لم يتم إنشاء خطوط مترو الأنفاق إلا في بكين وشانغهاي وقوانغتشو وتيانجين. وفي تسعينات القرن الماضي، بدأت مدن مركزية وحواضر مقاطعات إنشاء مترو الأنفاق. وفي نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، كثر عدد المدن الصينية التي أنشأت مترو الأنفاق لإكمال شبكات المواصلات بها.

في السنوات الأخيرة، شهدت الصين تطورا جياشا في تصميم وبناء مترو الأنفاق. استعدادا لأولمبياد بكين عام 2008، شرعت العاصمة الصينية في بناء عدة خطوط لمترو الأنفاق، لتوفير وقت الرياضيين والمشاهدين. وبعد اختتام أولمبياد بكين، انضم إلى شبكة مترو الأنفاق في بكين أحد عشر خطا جديدا تم تشغيلها جزئيا أو كليا. في ديسمبر 2016، بلغ عدد خطوط شبكة مترو الأنفاق في بكين ثمانية عشر خطا، ويجري العمل في أربعة عشر خطا. سرعة تطور شبكة مترو الأنفاق في بكين تجاوزت كثير من المدن العالمية، وأصبحت أعجوبة في العالم. في شانغهاي، قبل إقامة إكسبو شانغهاي العالمي عام 2010، تم بناء شبكة متميزة لمترو الأنفاق، وذلك لتخفيف زحام المرور في شانغهاي أثناء الإكسبو العالمي، وبعد الإكسبو، تم تشغيل الخطوط رقم 12 و13 و16 تدريجيا. في نهاية ديسمبر عام 2016، بلغ عدد خطوط مترو الأنفاق العاملة في شانغهاي أربعة عشر خطا. حتى ديسمبر عام 2016، بلغ عدد المدن الصينية التي بها شبكات مترو الأنفاق تسعا وعشرين مدينة.

رغم أن تاريخ مترو الأنفاق في الصين ليس طويلا، وبرغم صعوبات شق الأنفاق تحت الأرض، صار مترو الأنفاق بعد نصف قرن رمزا لقدرة الصينيين على تحدي الصعاب وقهر المشكلات. مترو الأنفاق في الصين يشبه تنينا عظيما يدفع التطور الاقتصادي في المدن الصينية.

في نهاية نوفمبر عام 2016، وصل طول خطوط المترو العاملة في شانغهاي إلى 617 كيلومترا، وهي تحتل المرتبة الأولى في الصين في هذه الناحية، تليها بكين التي يبلغ طول مسافة خطوط المترو العاملة بها 554 كيلومترا. طول مسافة خطوط المترو العاملة في بكين وشانغهاي يفوق طول خطوط المترو في نيويورك ولندن وغيرهما من المدن العالمية، ما يعني أن شانغهاي وبكين أكبر مدينتين في العالم من حيث طول مسافة خطوط المترو العاملة. الأكثر، أن طول مسافة خطوط مترو الأنفاق العاملة في سبع مدن صينية يتجاوز مائتي كيلومتر. فضلا عن ذلك، يجمع تصميم مترو الأنفاق في الصين بين العناصر الثقافية والإنسانية. مترو الأنفاق رمز للتطور التقني، أُدمجت فيه عناصر إنسانية وتاريخية. مثلا، تتميز عربات الخط الأول لمترو شيآن بالطابع الثقافي، حيث تحكي الصور الملونة تاريخ "طريق الحرير" من ستة أجزاء.

مع دخول مترو الأنفاق إلى العديد من المدن الصينية، صار الصينيون يعتمدون على هذه الوسيلة المريحة في تنقلاتهم، وفي بعض الأماكن صار المترو الاختيار الأول لهم بين وسائل المواصلات لتوفير الوقت. في نفس الوقت، يدفع المترو الازدهار الاقتصادي للمناطق المجاورة، فيشكل مواقع تجارية جديدة.

مترو الأنفاق سجل تحت الأرض لتغيرات المدن وتطورها. ويمكن القول إن قصة تطور مترو الأنفاق في أي مدينة هي صورة مصغرة لتطور تلك المدينة. حاليا، ومع تنفيذ الخطة الخمسية الثالثة عشر للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ستتطور المدن الصينية وستزداد الحاجة إلى مترو الأنفاق.