التغييرات التي حملتها الطاقة الشمسية لمدينة ده تشو

مستمعينا الأعزاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته! طابت اوقاتكم بكل خير! ومرحبا بكم فى حلقة جديدة من برنامجنا الأسبوعى: اقتصاد وتجارة. هذه أجمل تحية لكم من القسم العربى بإذاعة الصين الدولية. وفى حلقة اليوم، نقدم لكم فى زاوية ( الاوضاع العامة فى مجال الاقتصاد والتجارة ) تقريرا بعنوان

التغييرات التي حملتها الطاقة الشمسية لمدينة ده تشو

يُقصد بالطاقة الشمسية الضوء المنبعث والحرارة الناتجة عن الشمس اللذان قام الإنسان بتسخيرهما لمصلحته منذ العصور القديمة باستخدام مجموعة من وسائل التكنولوجيا التي تتطور باستمرار. من الأهمية هنا أن نذكر أنه لم يتم استخدام سوى جزء صغير من الطاقة الشمسية المتوافرة في حياتنا. ومن التطبيقات التي تتم باستخدام الطاقة الشمسية نظم التسخين والتبريد خلال التصميمات المعمارية التي تعتمد على استغلال الطاقة الشمسية، والماء الصالح للشرب خلال التقطير والتطهير، واستغلال ضوء النهار، والماء الساخن، والطاقة الحرارية في الطهو، ودرجات الحرارة المرتفعة في أغراض صناعية.

وابتداء من نهاية القرن الماضي وبسبب الارتفاع المستمر لأسعار النفط والغاز الطبيعي والفحم وزيادة التلوث البيئي، اهتمت مختلف الدول بالطاقات المتجددة الخضراء ونال استثمار واستغلال الطاقة الشمسية اهتماما ملحوظا. وتعد الصين من الدول المتقدمة نسبيا فى العالم من حيث استخدام الطاقة الشمسية خاصة فى مجال توليد الكهرباء، وخلال حلقة اليوم سنحاول إلقاء الضوء على التغييرات التي حملتها الطاقة الشمسية لواحدة من المدة الصينية.

تعد مدينة ده تشو التي تقع في الجزء الشمال غربي من مقاطعة شاندونغ مدينة متوسطة في الصين، وخلال السنوات العشر الأخيرة عملت هذه المدينة من خلال تعميم استخدام الطاقة النظيفة (الطاقة الشمسية) لتتحول من منطقة غير متطورة و تعتمد في اقتصادها على الزراعة بشكل رئيسي إلى مدينة الطاقة الشمسية التي تشهد تطورا كبيرا في صناعة الطاقة الجديدة. ولم تجلب تكنولوجيا الطاقة الشمسية الصديقة للبيئة التيسير لحياة المواطنيين المحليين فحسب، بل غيرت من ملامح المدينة بشكل كامل.

إن وانغ أي بين أحد المواطنين البسطاء الذين عاشوا شخصيا التغييرات التي حملتها تكنولوجيا الطاقة الشمسية في حياتهم، هاهو يقول:

"لم يكن الاستحمام ميسرا في الماضي، فقد كنا نذهب إلى الحمامات العامة المخصصة لذلك، وكنا نذهب مرة كل أسبوع أو مرتين كل شهر، أما الآن وقد توفرت لنا منتجات الطاقة الشمسية فالأمر أسهل من ذي قبل، فتكلفة المنتج في حدود 1000 يوان صيني، وهو سعر مناسب لعامة الناس، والآن فقد تم تعميم استخدام الطاقة الشمسية في مدينة ده تشو وتتواجد أجهزة الطاقة الشمسية في جميع المنازل"

عندما تدخل إلى مدينة ده تشو اليوم فستجد أن أجهزة الطاقة الشمسية منتشرة في كل مكان، فالإضاءات على جانبي الطريق، وإشارات المرور في الطرق والتقاطعات، وأجهزة تسخين المياه في مساكن المواطنين وبعض المنشآت العامة، ومصابيح الإنارة التي تعمل بالطاقة الشمسية في بعض المناطق السياحية.

هذه المنشآت تذكر الناس في كل حين بأن هذه هي مدينة ده تشو، وهي مدينة الشمس في الصين.

لقد ذكرت لنا الآنسة الصغيرة هانغ أن الطاقة الشمسية حولت مسقط رأسها إلى مكان أكثر جمالا، حيث قالت:

"إن مصابيح الشوارع بالطاقة الشمسية تكون أكثر إنارة في المساء، وتكون جميلة للغاية، في الماضي كانت فكرة الدجاج المشوي التي تشتهر بها هذه المدينة تقفز إلى الأذهان كلما ذكرت مدينة ده تشو، لكن الآن أصبح الجميع يعرف ده تشو بأنها مدينة الشمس في الصين، أني أشعر أن هذا التغيير رائع للغاية"

في السنوات الأخيرة عملت مدينة ده تشو من خلال تنفيذ سياسات تفضيلية في هذا المجال على تطوير صناعات الطاقة الشمسية. والآن يوجد في ده تشو أكثر من 100 مؤسسة معنية بصناعات الطاقة الشمسية، كما تقوم المدينة في نفس الوقت بدور إيجابي لتعزيز الترويج والاستخدام للطاقة الشمسية في المناطق المحلية، ومع نهاية عام 2009 وصلت نسبة عدد المناطق التي شملتها الطاقة الشمسية في الأماكن السكنية إلى 95%، وفي المناطق الريفية إلى 50%. وتستغل المدينة الطاقة الشمسية بصورة مستفيضة ويتجسد ذلك في تخطيط المدينة لاستغلال الطاقة الشمسية بصورة عامة واستخدامها في المستلزمات الحياتية مثل الكشافات اليدوية، والشواحن الكهربائية التي تعمل بالطاقة الشمسية بصورة خاصة، ويسعى مواطنو ده تشو من خلال التجارب الفعلية والحياة العملية والنتائج المثمرة إلى تعريف العالم بإن مدينة ده تشو جديرة باسم "مدينة الشمس".

إن مجموعة هوانغ مينغ للطاقة الشمسية التي تقع في مدينة ده تشو هي أكبر قاعدة في العالم لتصنيع سخانات المياه بالطاقة الشمسية في الوقت الحالي، ففي العام الماضي وصل حجم مبيعات السخانات بالطاقة الشمسية إلى 2 مليون متر مربع سنويا، وهذه كمية تتساوى مع مجموع كميات الاتحاد الأوروبي وضعف أمريكا الشمالية، وحسب التعريف الذي طرحه السيد( هوانغ مينغ) رئيس مجلس إدارة المجموعة بإن المؤسسة تقوم حاليا بتجهيز مجموعة تركز اهتماماتها على منتجات صناعة الطاقة الشمسية، والبحوث التكنولوجية، وتدريب الأكفاء، والسياحة وغير ذلك، وكل ذلك يندرج في قاعدة (وادي الشمس الصيني)، وسيصبح هذا المكان حينذاك أكبر مكان في العالم لصناعات الطاقة الشمسية، حيث قال:

"إن وادي الشمس الصيني عبارة عن مليون متر مربع من المنشآت والمرافق العامة والفنادق والمجمعات السكنية والتي تعتبر منخفظة الكربون وصديقة للبيئة، وبعد سنتين سيتحول هذا المكان بالتأكيد إلى نموذج يحتذي به العالم نحو مدينة المستقبل ومثال للمجتمع الحضري. وكلنا ثقة بذلك"

إن تكنولوجيا الطاقة الجديدة وما قدمته من نمط جديد للمدينة لم يجعل المواطنيين المحليين يشعرون بالفخر فحسب، بل استطاع جذب المزيد من الزوار إليها، وقد وصل إليها الكثير من رجال الأعمال من داخل وخارج البلاد آملين في أن يجدوا فرصا تجارية جديدة في مدينة ده تشو، و كان السيد أندرو سكولر القادم من المكسيك واحدا من هؤلاء حيث قال لنا:

"لقد سمعت أن هذه المدينة هي مدينة الطاقة الشمسية، لهذا فأنا أتمنى أن أجد بعض التكنولوجيا الجديدة المناسبة للمكسيك"

إن موقع مدينة ده تشو داخل البر الرئيسي الصيني جعل القليل فقط من الاجانب يزورونها في الماضي، أما اليوم فالظروف تغيرت كثيرا، وقد أخبر أحد عمال الفنادق مراسلنا أنهم يستقبلون الكثير من رجال الأعمال الأجانب يوميا، بعضهم من الولايات المتحدة الأمريكية، والبعض الأخر من ألمانيا و المكسيك وإيرلندا، وعلى الرغم من تعدد جنسيتهم إلا أنهم يصلون إلى هذه المدينة من أجل هدف واحد وهو معدات وتكنولوجيا الطاقة الشمسية.

في يوم السادس عشر من سبتمبر السنة الحالية ستعقد في مدينة ده تشو الدورة الرابعة للمؤتمر العالمي لمدن الطاقة الشمسية، وهي المرة الأولى التي تستضيف فيها الصين هذا المؤتمر، وبهذه المناسبة عبر سكرتير لجنة الحزب الشيوعي الصيني في مدينة ده تشو السيد لاي جيان جوا أن المؤتمر سيكون فرصة جيدة للمضي قدما في سبيل تعزيز تطور صناعات الطاقة الشمسية واستخدام منتجات الطاقة الشمسية، وذلك لتحويل مدينة ده تشو إلى مدينة صحية صديقة للبيئة ومنخفضة الكربون.

"تعتبر الطاقة الجديدة المتمثلة بصورة رئيسية في الطاقة الشمسية بالنسبة لمدينة ده تشو من أهم الصناعات الاستراتيجية الناشئة، كما أنها تعتبر إحدى نقاط تفوقنا، وسوف نعمل على تحويلها إلى صناعة رئيسية في مدينة ده تشو، كما سترفع النسبة التي تشكلها في الهيكل الاقتصادي ككل، بما يعزز تنمية الصناعات الأخرى"

كما عبر السيد لاي جيان جوا أنه بخلاف منتجات الطاقة الشمسية فإن مدينة ده تشو تعمل في الوقت الحاضر على تطوير صناعة معدات طاقة الرياح وصناعة الطاقة الأحيائية وغيرها من الصناعات.

إن مدينة ده تشو تبعد عن العاصمة بكين بمسافة 3 ساعات بواسطة السيارة، لهذا فمدينة ده تشو ستعمل على الاستفادة من مزاياها في المواصلات، والقواعد الصناعية للطاقة الجديدة ومزايا أخرى لتتحول إلى مركز بحوث وتطوير لمنتجات الطاقات الجديدة وقاعدة مبيعاتها، فمرحبا بالمؤسسات من داخل وخارج البلاد والخبراء والمختصين للاستثمار في مدينة ده تشو.

أعزائي المستمعين إلى هنا تنتهي حلقة اليوم من البرنامج الاسبوعي (اقتصاد وتجارة) كان في الإعداد والتقديم سحر جينغ و أنور الصبري، شكرا على حسن متابعتكم، وحتى الملتقى معكم في حلقة جديدة في الاسبوع القادم لكم منا أرق التحيات وأطيب المنى وإلى اللقاء.