|
||
cri (GMT+08:00) 2012-06-05 10:34:53 |
أصبح البنك المركزي الصيني مؤخرا "كبير" العالم. هذا ما أظهره آخر تقرير لبنك ستاندرد للإيجار حيث أوضح أن إجمالي أصول البنك المركزي الصيني قد نمت بنسبة 119% خلال السنوات الخمس الماضية، وفي نهاية عام 2011 بلغت أصوله 28 تريليون يوان (حوالي 4.5 تريليون دولار)، متجاوزا بذلك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي، ليصبح المركزي الأول في العالم من حيث قيمة الأصول.
بعد ذلك، حظي البنك المركزي الصيني بتقدير مختلف الأطراف. حيث ذكر تقرير بنك ستاندرد للإيجار: "أن الصين أصبحت المزود العالمي الرئيسي بالسيولة. وأن تشو شياوتشوان لم يعد مديرا للمركزي الصيني فقط، بل أصبح كذلك مديرا للمركزي العالمي." في المقابل يحذر الخبراء من داخل القطاع من أن يتم إلباس المركزي الصيني قبعة "كبير" العالم فجأة، وينصحون :بأن لا يغتر البنك المركزي بالأرقام الظاهرية والمديح والتملق من الآخرين! ولكي نعرف هل هو فعلا "كبير" أم لا؟ يجب أن ننظر إلى جودة وبنية الأصول، كما يجب أن نحذر كثيرا من مؤامرة جماعات المصالح الموجودة في خلفية هذا الترحاب.
عندما ننظر إلى الميزانية العامة للبنك المركزي الصيني نكتشف أن 80% من إجمالي أصوله هي أصول بالعملة الأجنبية. وفي هذا السياق يشير تشانغ مونان الباحث في قسم الاقتصاد الدولي التابع للمركز الصيني للمعلومات، إلى أن التجارة الخارجية الصينية حافظت على فائض تجاري كبير خلال الثلاثين سنة الماضية، وأن الصين وضعت نظاما إلزاميا لتسوية الصرف، لمعالجة الكميات الكبيرة من النقد الأجنبي التي تدفقت إلى الصين وضمان استقرار سعر صرف اليوان، وفي هذا الإطار طالبت الشركات والأفراد ببيع نقدهم الأجنبي المتأتي من أعمالهم التجارية إلى البنوك المحددة من الدولة، وشراء مقابلها من اليوان الصيني، وهو ما يسمى ب"الأموال المعلقة لصرف العملات الأجنبية"، وبعد دخول هذه الأموال إلى نظام الائتمان يواصل خلق عملية الاحتساب المضاعف للعملات والتأثير المضاعف للعملة المذكور سابقا.
حيث قامت الصين بإصدار كميات هائلة من الرنمينبي لتعويض صرف النقد الأجنبي، ولذلك أصبح كل دولار من فائض ميزان المدفوعات الدولي يحمل معه العملة الصينية المتداولة. وهذا خلق في الظاهر حجما ضخما من الأصول، في حين أن خلفية ذلك تعكس ألم الاقتصاد الصيني--عدم توازن بنية الطلب الداخلي والخارجي.
ويرى لين يونغمينغ الباحث في مركز أبحاث الاستثمار التابع للجنة الصينية للتنمية والإصلاح، أنه بالنظر إلى التقسيم الدولي للعمل فإن أمريكا والدول الغربية كانت على مدى طويل تتميز بانخفاض الادخار وارتفاع الاستهلاك وكانت الصين تتميز بارتفاع مستوى الادخار والاستثمار، وهو ما شكل علاقة تكامل بين الجانبين. هذه البنية، مكنت من جهة أولى من دفع نمو الاقتصاد الصيني، ومن جهة ثانية جعلت الصين تعتمد على طلب الأسواق الأجنبية لفترة طويلة، وهو ما خلق خللا في التوازن بين الطلب الداخلي والخارجي.
وبالنسبة لهذا الوضع الحرج لمنظومة إصدار العملة في الوقت الحالي، يشير تشانغ مونان إلى أن تغيير هذا الوضع يستوجب التحرك من زاوية التحول الاقتصادي والمالي والإصلاح المالي الشامل، والترفيع في جودة الأصول الصينية للتحكم في حق المبادرة في إصدار العملة.
استند بنك ستاندرد للإيجار على قيمة إجمالي أصول البنك المركزي الصيني التي تجاوزت نظيرتها في أمريكا، والحصة العالمية العالية التي تحتلها الزيادة الصينية في M2، للحكم بأن الصين قد تجاوزت أمريكا لتصبح أكبر موفر للسيولة في العالم. وهو الأمر الذي يعارضه الخبراء الصينيون.
تشانغ يويقوي مدير معهد التجارة المالية الدولية بجامعة الدراسات الأجنبية بشنغهاي، يرى بأن تجاوز أصول البنك المركزي الصيني للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وتجاوز نطاق M2 الصيني لنظيره الأمريكي، هي حقيقة مبنية على الظروف الحالية للدولار الأمريكي داخل المنظومة المالية العالمية، وهذا نظام ثانوي يضطر الصين إلى تسييل اقتصادها. لذا، فإن هذا لا يعكس بأن المركزي الصيني قد تجاوز الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ليصبح البنك المركزي العالمي، ولا يعكس أيضا بأن الصين قد أصبحت أكبر موفر للسيولة في العالم.
يشير الخبراء إلى أن اليوان الصيني لا يمكنه أن يُتداول بحرية في العالم، ولا يمكنه أن يصبح عملة احتياطية للدول الأخرى، لذا فإن الزيادة الجديدة للصين في M2 ليست لها القدرة على أن تحدث سيولة على نطاق عالمي.
مع تزايد القوة الصينية، توقفت بعض النوايا الخبيثة من جماعات المصالح الغربية عن نمط التشويه الذي كانت تعتمده حيال الصين في السابق، وأصبحت تحاول دفع الصين لتحمل مسؤوليات لاتهمها، من أجل توريطها.
ويعتقد وانغ بنغ الخبير في المركز الصيني الدولي للتبادل الاقتصادي أنه إذا تم نشر مقولة بنك ستاندرد للإيجار بأن الصين أصبحت "البنك المركزي العالمي" على نطاق واسع داخل الإقتصاد العالمي، فمن الممكن أن يقوم الجميع بتحميل سيولة اليوان الصيني ضغوط تضخم أسعار السلع بما في ذلك ارتفاع أسعار السلع في بعض الدول، وهذا له تأثير سلبي كبير.
فترى من يصنع التضخم العالمي؟ يشير الخبراء إلى أن الدولار لا يزال السبب في التضخم العالمي. ويشير المحلل المالي والاقتصادي يوي فنغهوي إلى أن الدولار بصفته عملة احتياطية وعملة دفع، لذلك فإن مجال سيولة الدولار يشمل كامل العالم. حيث تصدر أمريكا الدولار كما تشاء، وبقية دول العالم هي التي تتحمل الأزمات. لكن الأمر يختلف بالنسبة للصين، نظرا للتحكم في سعر صرف اليوان إلى جانب أن اليوان ليس عملة عالمية، فإن الكمية الكبيرة التي يتم إصدارها من اليوان يتم تداولها في داخل الصين فقط، والتضخم الناجم عن هذا الوضع، يتحمله الشعب الصيني فقط.
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved. 16A Shijingshan Road, Beijing, China. 100040 |