|
||
cri (GMT+08:00) 2011-11-24 10:17:33 |
في العهود الغابرة كان هناك ملك تزوج عديد المرات و لكن الله عز و جل لم يرزقه أولادا ذكورا فقرر أن يبعث حراسه لسرقة صبي يربيه و يعتبره ابنا من صلبه يعلمه الرماية و الفروسية و يتباهي به في كبره .أمر مجموعة من رجاله و من بينهم خادم الملك مسنود للبحث عن صبي يكون جميل الملامح و يشبهه و بينما هم في غابة لمحوا عن بعد امرأة تعيش في كوخ و قفوا ليسألوها فإذا بهم يسمعون صراخ صبي داخل الكوخ فقالوا لها من في الكوخ ؟
قالت انه ابني الصغير...
و لما دخلوا عليه أعجبهم و قرروا اختطافه من أمه ، و هي لا تعرف السبب لكنها عرفت أنهم حراس الملك لقمان...
أخذوه ظلما و بقيت المرأة تصيح و تستغيث في غابة كثيفة الأشجار و تركوها تعيش لوحدها كئيبة حزينة ..
لكن مسنود توقف قليلا أمام المرأة و هي تستغيث متأملا فيها و كأنه يبحث عن شيء أضاعه ...
هرب هؤلاء الأشرار بالصبي بسرعة متجهين إلى قصر الملك...كانت الأم تعيش مع ابنها في غابة تكد وتعمل ليلا نهارا و تحمل الحطب لتبيعه وتنفق على ابنها الذي ما يزال صغيرا و بما أن الملك لم ينجب أولادا ذكورا أخذوه منها عنوة و تركوها تبكي على فلذة كبدها دون رحمة أو شفقة ...
حمل الجنود الصبي إلى ملكهم ففرح كثيرا به و أقيمت المآدب و الأفراح في كل المملكة و كان الناس سعداء بالصبي باعتبار أن الملك أخيرا أنجب ولدا و أصبح له ولي عهد
تربى في تلك العائلة الحاكمة و كان بارعا في الرماية ويحب الفروسية و كبر الطفل و صارشابا يافعا يخافه كل الناس
و في احد الأيام اكتشف انه ليس ابن الملك و قرر أن يبحث عن أمه في الوقت المناسب
و مرت الأيام و مرض الملك و اشتد به الألم إلى أن مات حزنت المملكة كلها و بما أن تلك العائلة الحاكمة ليس فيها ذكور قرروا أن يحل الشاب اليافع مكان الملك و أطلقوا عليه اسم ملكهم السابق لقمان و سميت مملكته بمملكة الحجارة الكريمة...
كانت فترة حكمه قاسية جدا و كل الناس يهابونه خوفا من غضبه و بطشه و قسوته و عندما بلغ سن الواحد و العشرين تزوج من أميرة لمملكة مجاورة و كان معها لطيف المعاشرة و لا أحد يتجرأ على عصيان أوامرها عاش معها حياة جميلة في ترف و خير بينما كان شعبه يعاني من الخصاصة و الفقر و الظلم و القهر و لا أحد يتجرأ أن ينطق حرفا خوفا من أن يزج به في السجن أو يقطع رأسه...
مملكة الحجارة الكريمة بها أنواع عديدة من المعادن النفيسة و هو ما جعل الملك صعب المراس و ذلك من أجل الحفاظ على هذه الثروة التي جعلته ثريا و حرمان شعبه منها في حين أن زوجته كانت تضع على رقبتها أنواع عديدة من الذهب و الجواهر و الأحجار الكريمة و في كل مناسبة تتصدق ببعضها على الفقراء و المساكين دون علمه فكان الشعب يحبها كثيرا لطيبة قلبها وحسن كرمها.
كانت أميرة سخية محبوبة تحب الفقراء لكنها كانت تتظاهر أمامه بأنها قاسية مثله حتى لا يشك في أمرها و عندما يلاحظ فقدان أي مجوهرات منها تقول له أنها ضاعت ....
أما المملكات المجاورة فهي فقيرة و حكامها لا يتجرأون القيام بأي هجوم نحو مملكة الحجارة الكريمة خوفا من بطش ملكها و ما عنده من عتاد و أسلحة و جيش قوي أما شعوب هذه المملكات كانوا يحبذون التنقل إلى مملكته للعيش فيها طلبا للرزق خاصة و أنهم سمعوا بالأميرة سوسنة زوجة الملك لقمان بأنها طيبة القلب و تساعد الناس الضعفاء و الفقراء و تتكرم عليهم بمجوهراتها ... أما مسنود فقد كان يعرف أن لقمان الملك هو ليس ابن الملك الراحل و يعرف تماما أن تم سرقته و هو صبي من والدته و مع ذلك فقد كتم السر و لم يفشيه إلا في وقت مناسب عندما ربما يجد أمه
انتشر خبر زوجته و كرمها بسرعة فسمع الملك و قرر التثبت من أمرها ففكر كثيرا إلا انه خير استشارة خادمه مسنود فدعاه لاستشارته . و بعث في طلبه
جاء مسنود بسرعة و هو خائف فلربما عرف الملك السر و تقدم نحو الملك لقمان محييا إياه قائلا : مولاي الملك إني الآن تحت أمرك ..
قال الملك لمسنود و الشرر يتطاير من عينيه و هو غاضب : اسمع يا مسنود سأعرض عليك فكرة و إن أطعتني سأكافئك و أن لم تطعني فسأقطع رأسك ؟
قال مسنود و هو يرتعد من الخوف : يا مولاي الملك دام عزك و ما الطلب
طلب الملك من خادمه مسنود أن يصغي إليه بانتباه و قال: أريد أن ابحث عن أمي التي تعيش في الغابة القبلية و لكني لا أعرفها فما رأيك ؟ قال مسنود نعم أنا أعرفها ...قاطعه الملك ...ماذا قلت ؟ قال : لا شيء قلت أنا أعرف بالضبط أنها ماتزال تعيش في غابة و عليك أن تقطع أميالا و أميال..... ثم قال الملك لمسنود : زوجتي الأميرة سوسنة ظهرت على حقيقتها فلقد بلغ إلى مسامعي أنها توزع البعض من مجوهراتها على الفقراء و تتظاهر بأنها قد أضاعتها . ألا ترى أن هذه خيانة في حد ذاتها... لذلك أطلب منك أن تراقب تصرفاتها والمزيد من التحري و تأتيني بالدليل القاطع عن فعلها هذا دون أن تحس هي بأي شيء... أفهمت ؟ و إن كان لديك أية فكرة فاني مستعد أن أسمعك فأنت خادمي الأمين الذي أثق فيه
تأمل مسنود في ما قاله الملك و تنفس الصعداء ثم قال له: شكرا يا مولاي إني اقدر موقف كهذا و لكن زوجتك المصون هي أميرة المملكة فلربما الناس يكذبون عليها وقد تكون مؤامرة تحاك ضدها فأرجو منكم يا مولاي يحفظكم الله و يرعاكم التثبت قبل القيام بأي إجراء يجعل سمعة مملكتك في الحضيض لا قدر الله .. و نندم عليه
همهم الملك قائلا : معك حق و لهذا السبب دعوتك للتشاور فما رأيك يا خادمي الأمين ؟
قال مسنود : أولا فيما كلفتني فاني قبلت و سمعا و طاعة و ثانيا أنا اقترح على جلالتكم مغادرة المملكة لفترة قصيرة و تأخذ حصانا و تتنكر في شخص تاجر و سوف أساعدك على ذلك و لكن تتظاهر بأنك لا تعرفني و عندما تتأكد و قتها تحكم على فعل الأميرة التي هي زوجتكم ...
وقف الملك فرحا و قال أحسنت أيها الخادم إنها لفكرة رائعة إذن من الغد سنبدأ في بدء تنفيذ ها و سأحاول البحث عن والدتي التي تعيش في الغابة القبلية هكذا قالوا لي أيام كنت شابا و عندما عرفت حقيقة اختطافي عندما كنت صبيا ...و أتمنى أن أجدها و أراها
ثم أمر مسنود بالانصراف و كتمان السر...
انصرف مسنود في حال سبيله يحمد الله أن أمره لم ينكشف... في حين ظل مسنود يفكر ليلا نهارا و هو الوحيد الذي يمكنه أن يتعرف على أم الملك لأنها تحمل وشما في يدها الأيسر...
و بقي الملك ينتظر زوجته سوسنة و ما أن دخلت إلى قاعة العرش حتى وقف الملك مبتسما مرحبا بحبيبة قلبه قائلا لها : أهلا و سهلا حبيبتي تعالى و اجلسي على كرسي العرش فأنت امرأة وفية و مخلصة تستحقين كل خير...
تعجبت الأميرة من كلام الملك و قالت في نفسها : ما دهاه فمن عادته يستقبلني ببرودة
و لا يدعوني الى الجلوس على كرسي العرش ... ابتسمت له و قالت: شكرا لك يا جلالة الملك يا زوجي الأمين....
بدأ يسرد عليها الفكرة زاعما أنه سيغادر المملكة لوجهة غير بعيدة و أن تنوبه إبان فترة غيابه و تقوم هي بتسيير المملكة .... وافقت و قالت هذا شرف عظيم لي و لكن أين خزانة الحجارة الكريمة ؟... تسمر الملك في مكانه و أخذ العرق يتصبب من جبينه و قال لها و ما حاجتك بخزانة الحجارة الكريمة ؟
و قتها تيقن الملك أنها غير أمينة ...أو إنها تخطط لشيء ما
قالت : في فترة غيابك كيف سأتمكن من تزيين نفسي فانا أميرة و زوجة الملك المطاع
و سأكون ملكة لفترة غيابك فلابد لي من أن ألبس أفخر أنواع اللباس و أزيين رقبتي بأفخر ما لدي من حجارة كريمة و مجوهرات...
رد عليها الملك قائلا و هو متعجب : لا حاجة لك بالخزانة و لا حتى بالحجارة الكريمة فأنت أميرة جميلة لا ينقصك شيء ...
سأتغيب عن المملكة لفترة قصيرة و أرجو أن تقومي بتسيير الحكم في فترة غيابي
و هذا أمر مني فلا ترفضي و اقبلي دون أية شروط .... و حين أعود سأعطيك أحلى ما عندي من مجوهرات ...
قبلت الأميرة عرض زوجها الملك .... و قالت في نفسها علي بخادمه مسنود فهو الوحيد الذي سيدلني على مكان الخزانة و مدي بمفتاح خزانة الأحجار الكريمة ....
لكن مسنود لا علم له بمكان مفتاح صندوق خزانة الأحجار الكريمة ....
انصرف الملك ليبدأ في تنفيذ الخطة و بقيت لوحدها تفكر و هي جالسة على كرسي العرش والتاج على رأسها سعيدة تحلم بالتغيير و مساعدة الناس الضعفاء و المساكين و الفقراء أثناء غياب زوجها الملك و تمنت أن يطول غيابه حتى تنفذ ما عزمت عليه ...
بعد أيام غاب الملك و لم يعد في قصره أخذ حصانا أبيض اللون و ساعده مسنود في تغيير ملابسه و تنكر تماما حتى لا يعرفه احد و أخذ يجول بحصانه أرجاء المملكة و يتحدث مع الناس كتاجر من بلاد مجاورة ... و كان كلما يتحدث معهم يسألهم كيف أحوال مملكتكم و هل لديكم ملك محبوب ؟
وكان الجواب سلبيا و ثمة حتى من قدح في الملك ... ملكنا ظالم مستبد لا يهتم بشعبه و لا يساعد الفقراء ولكن زوجته امرأة فاضلة تحب الخير للآخرين فنصيحتنا لك أن تغادر حتى لا يتفطن الملك بك فيسرق أموالك و يرميك في السجن ... ثم يقطع رأسك ....! ؟..؟
سمع ما لا يرضيه و قرر أن يصلح نفسه و يكسب محبة شعبه أفضل من المال و المجوهرات و الأحجار الكريمة ... و كان في كل مرة يسأل عن امرأة تقطن في الغابة السفلية ...
قال في نفسه ألهذا الحد ،صورتي سيئة لدى شعب مملكتي
و بينما هو مار في طريقه و هو على ظهر حصانه اعترضه ثعبان فقفز الحصان خوفا وسقط الملك على الأرض فأسرع إليه بعض الناس الفقراء ليمسكوه و قتلوا الثعبان
و لولاهم لكان الملك في عداد الأموات فلدغة هذا الثعبان فيها سم قاتل .
تيقين بينه و بين نفسه أنهم أناس أنقذوا حياته و طيبون..
اخذوا الملك إلى بيتهم المتواضع المبني من طوب و سقفه من قصدير و فرشوا على الأرض بساطا بالية و أجلسوه عليه .. ثم أتوا له بكوب من الشاي و ترشفه ثم سألوه : هل أنت شخص غريب عن بلدنا ؟
قال إيه نعم أنا تاجر جئت فقط لأعرف بلادكم .... سمعت عنها الكثير بأنها مملكة الأحجار الكريمة ..
تعجب الناس من كلامه و قالوا له: صحيح إنها مملكة أحجار كريمة و لكن أين هي ؟ نحن تعساء فقراء لا نملك قوت يومنا و لنا ملك قاس لا نقدر أن نقول له أي شيء و هو الوحيد الذي يعيش في خير أما زوجته فهي امرأة تحب الخير للناس و الشعب يحبها كثيرا...
تعجب من كلامهم و قال في نفسه : ما من أحد قال في كلمة طيبة ...
جلبوا له الأكل و الشرب و أكل الملك و حمد الله و استغفره فسألوه انك تستغفر الله قال نعم... إن الله غفور رحيم ... بات ليلته ، و في الصباح الباكر اخذ حصانه وودع هؤلاء الناس متجها إلى مكان آخر من مملكته و بينما هو في طريقه سأل رجلا فلاحا : أين تقع الغابة السفلية ، قطع أميالا و لما وصل و جد عجوز تئن و هي تحت جذع شجرة نزل من على حصانه و اتجه نحوها ليسألها ماذا تفعلين هنا و أنت لوحدك ؟ قالت له: ابحث عن ولدي .. أنا حزينة كان لي ابنا، و سرقوه مني و يقال انه أصبح ملكا و لكني لم أتمكن من الوصول إليه بسبب جهلي و فقري ، ففي كل يوم أجيء لهذه الشجرة علني احصل على ثمرة من ثمارها ... أنا خائفة لأنه سوف لن يعرفني فكما ترى كبرت و أصبحت عجوزا و هو أيضا كبر الآن و صار ملكا قاسيا و لم اعثر عليه في حين انه ابني و أنا اعرفه طيب القلب ...
تعجب الملك و هو الذي أصبح يعرف تماما حالة شعبه الذي يعيش في فقر مدقع و تعاسة ما بعدها و لا قبلها و استغفر ربه فقالت له العجوز : و لما تستغفر الله ؟ قال : إن الله غفور رحيم بعباده .... و سألها و من الذي اختطف ابنك ؟ قالت العجوز : جنود مملكة الأحجار الكريمة ...
فرح الملك كثيرا و قال للعجوز : ان قصتك تنطبق على ما جرى لي ، لقد تم اختطافي و أنا صبي ... انك امي
أنا هو الملك لقمان -
اخذ حصانه و مشى و بقيت العجوز تراقب بنظراتها البائسة ابنها ثم ودعها ووعدها بالعودة لأخذها و سلك طريقه بعد أن ضاقت به السبل،و أصبح نادما على كل ما فعله ... بينما ظلت العجوز تئن و هي تتمتم ابني ابني عد إلي أنا أمك أنا أمك ... العجوز أحست انه ابنها و احساسها صحيح ، و حتى الملك لقمان احس بأنها أمه .
أسرع لقمان إلى مسنود و فور وصوله أمام القصر بقى ينتظـره و ما أن حل صاح في وجه مسنود قائلا : انتظر أنا الملك لقمان ....
قرر لقمان الملك جلب أمه إلى القصر
تسمر مسنود في مكانه مذهولا ثم قال مولاي الملك ما بك ؟
أعتقد انك نجحت في مهمتك ؟
قال: نعم، و لكني عرفت أشياء جعلت قلبي يتألم فالشعب يعيش في قهر و بؤس و فقر
و وجدت أمي و هذا الأهم ...
قررت أن أتوب و استغفر ربي و أوزع كل ما لدي من حجارة كريمة و مال و ذهب على الفقراء و المساكين و احصل على محبة الناس التي لا تقدر بأي ثمن ....
فرح مسنود بتوبة الملك وقال : هيا إذن لندخل على الأميرة و نبشرها بالخبر الجميل
قال الملك : لا تتعجل ....
انتظر الآن جاء دورك يا مسنود أنت الذي ستدخل على الأميرة و تقول لها هناك رجل يريد مقابلتك فقط ...
دخل مسنود إلى زوجة الملك و قال لها: سيدتي ، مولاتي هناك رجل تاجر يريد مقابلتك
قالت دون تردد : أدخله علي ....
دخل الملك متنكرا في هيئة تاجر و انحنى أمامها و قال : أيتها الملكة سمعت أن شعب مملكتك يحبونك كثيرا و أريد أن أسألك ماذا فعلت لهم حتى أحبوك ؟
ابتسمت للرجل و قالت له : لأني أعاملهم معاملة حسنة و أتصدق عليهم بالبعض من مجوهراتي و أحجاري الكريمة حتى يعيشون في خير و تتحسن أحوالهم المعيشية هذا كل ما في الأمر ...
و ماذا عن زوجك : قالت هو رجل طيب و يعاملني بكل لطف و أحبه ، لكن عيبه الوحيد قاس مع شعبه و لذلك هم يكرهونه و لا يحبونه ...
نزل جواب الأميرة على الملك كالصاعقة ، و اكتشف انه كان طاغية فقرر التوبة ..
سألته و لكن لم تقل لي من أنت ؟
ابتسم لزوجته و قال لها أنا الملك لقمان زوجك ...
وقفت الأميرة خائفة مرتبكة ....
فقال لها لقمان الملك : اجلسي فأنت الآن الملكة و قررت أن أكلفك بمهمة توزيع جانب من ثرواتي على شعبنا المسكين.
نادي على مسنود خادمه فحضر، و قال له : سمعا و طاعة يا ملكنا الهمام ...
عرفت الأميرة أن مسنود كان على علم بتنكر زوجها فقالت في نفسها : انه فعلا خادم أمين .. و كاتم سره .
أخرج الملك لقمان من جيبه مفتاح صندوق خزانة " الأحجار الكريمة " و سلمه إلى زوجته سوسنة ، كي تفتح الصندوق ...
أما زوجها الملك فقرر العودة إلى تلك العجوز، التي تركها تحت جذع الشجرة تئن و تنتظر ابنها ..
اصطحبه مسنود و هو لا يعلم أي شيء إلى مكان الشجرة و ما أن وصلا
سأل مسنود الملك لقمان قائلا : و من تكون تلك العجوز ؟
قال لقمان الملك : إنها أمي يا مسنود ...إنها أمي ...
كان مسنود يعرف تماما قصة الملك السابق و كيف تم اختطافه عندما كان صبيا و لكنه لا يعرف العجوز بحكم تقدمها في السن و تغيير ملامح وجهها ...
تذكر أيام صباه عندما كان ضمن رجال الملك الأول ، حين شارك في اختطاف الصبي رأى أن أم لقمان كانت تحمل وشما على ذراعها الأيمن ...
تقدم مسنود نحو العجوز و نظر إلى ذراعها الأيمن ليتأكد من وجود الوشم و عندما وجده صاح مسنود للملك وقال له : أبشر إنها فعلا والدتك أيها الملك الهمام ... و أرجو أن تسامحني ؟
قال الملك : لا بأس إني سامحتك على فعلتك و قد سرقتني و أنا صغير، لكنك حافظت علي إلى أن كبرت و أصبحت ملكا و حافظت على دليل ثابت قادني إلى معرفة أمي .
فقد سامحتك و عفوت عنك ....و سأقدم لك مكافأة مقابل وفاءك يا مسنود .. فلولا الدليل لما عرفت أمي و لما صدقت أنها امي ...
فرح مسنود ولقمان و أخذا العجوز و أركبها على ظهر الحصان متجهين بها إلى القصر عزيزة مكرمة
إلى أن وصلوا فوجدوا كل الناس في استقبالهم و هم يلوحون بأياديهم مرحبا مرحبا بملكنا المحبوب و والدته ....
أصبح الجميع يعيشون في حب و خير عميم و سعادة لا توصف .
العجوز عادت لابنها الملك ، تذكرت مسنود خادمه عندما كان شابا و ضمن الذين خطفوا بنها الملك عندما كان صبيا ...
اقتربت نحو مسنود و همست في أذنه : أنت كنت من بين جنود الملك السابق عندما سرقتم ابني و هو صبي في الكوخ أليس كذلك ... ؟
خاف مسنود ، لاحظ الملك ذلك فسأله : مابك يا مسنود ؟ قال سامحني أيها الملك ، انت تعرف انني كنت من بين رجال الملك لقمان الأول و قد سرقناك من والدتك عندما كنت صبيا ... أرجوك أن تعفو عني .
اعترف مسنود بذنبه ، و من اعترف بذنب ،كمن لا ذنب له و بالخطأ الذي اقترفه في حق ملكه عندما كان صبيا.
قال مسنود للملك : افعل ما تراه مناسبا فأنا أذنبت في حقك يا سيدي ؟
لكن الملك سامحه، لأنه الوحيد الذي يمكنه أن يتعرف على والدته .
عادت والدة الملك إلى القصر، و تم لم شمل الأسرة لقمان و والدته ، سوسنة زوجته و مسنود الخادم الأمين و الشعب .
جاء بالصندوق من خزانة الحجارة الكريمة و سلمت سوسنة المفتاح إلى والدة لقمان لتفتحه ....
و انفتح الصندوق فإذا بالجميع ينبهر لما احتواه من أحجار كريمة لها أسرار ومعان كثيرة ... مثل الياقوت والزمرد والعقيق والزفير أحجار كريمة وثمينة كانت بمثابة سمفونية متناغمة من الألوان الطبيعية الرائعة .... هو حجر السعادة مرتبط بالقناعة....
و قدم الملك لزوجته سوسنة ياقوتة لونها أزرق كلون البحر ولون السماء وارتبطت بارتقاء فكرة لقمان لحبيبته وزوجته التي يتغير لونها من الأزرق نهارا إلى البنفسجي ليلا .
جزاء جوهرة الياقوت اختبار إخلاصها ووفائها....
و قدم لوالدته الجمشت و هو حجر كريم لونه ارجواني أو بنفسجي يرتبط بسبب لونه بطبقة النبلاء واستخدم غالبا بتطعيم تيجان الملوك والمجوهرات الخاصة بأفراد العائلة المالكة وطبقة الأثرياء
كما قدم لقمان الزمرد بلونه الأخضر الذي ارتبط بلون الطبيعة وجودة النظر لكل الحاضرين من شعبه .
أما مسنود فقد قدم له العقيق اليشب و هو الذي يماثل بخطوطه الجميلة شكل العينين... و صار الشعب يحب الملك لقمان و الملكة سوسنة ....وخادمهما مسنود وأصبح الكل يعيش في أمان و هناء ...
هكذا يا أصدقاء تنتهي الأقصوصة ... إن لم الشمل في الأسرة أفضل بكثير من لم المجوهرات و الأموال و الحياة ليست في المال و الجاه و السلطان و إنما الحياة في حب الناس للناس الآخرين و مساعدة الضعفاء و المساكين ..
مع تحيات الكاتب رضا سالم الصامت
© China Radio International.CRI. All Rights Reserved. 16A Shijingshan Road, Beijing, China. 100040 |