CRI Online

كلمة وزير الإعلام د. محسن بلال بمناسبة معرض شانغهاي العالمي

cri       (GMT+08:00) 2010-03-31 10:31:14


السيد محسن بلال وزير الإعلام السوري

كل ما في الصين مثير للاهتمام، الجغرافيا والتاريخ والتراث والتجارب «الفردية والكلية» للشعب الصيني، منذ الثورة والمسيرة الكبرى وحتى اليوم جسدت الصين الدولة والأمة خياراتها الذاتية على أحسن وجه، وتعاملت مع من حولها لا بل مع العالم كله كنموذج رائد يمكن تقليده والاقتباس منه والقياس عليه.. ويعزز هذا القول لغة الأرقام التي تثبت أن الصين أنجزت واقعاً كبيراً وهي تتطلع إلى تجاوز ما تنتجه نحو الأفضل دائماً، خاصة أنها أصبحت إحدى الدول المهمة في مجموعة العشرين التي ستقود الاقتصاد العالمي في المرحلة القادمة، والصين مؤهلة لذلك بقوة بعد أن بلغ إجمالي ناتجها القومي أكثر من أربعة آلاف مليار دولار لتحتل بذلك المرتبة الثالثة في العالم وليصل حجم تجارتها الخارجية إلى أكثر من 2500 مليار دولار. ويتوقع وفق المعدلات الجارية للنمو الاقتصادي أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة بحلول عام 2015 حيث تشير الدراسات إلى إمكانية أن يصل الناتج المحلي الصيني في ذلك العام إلى 12 تريليون دولار مقابل 11 تريليون دولار للولايات المتحدة الأميركية .

وبطبيعة الحال فإن هذا النموذج الذي حافظ على طابعه الإنساني، وقيمه الأخلاقية، وعلى الهوية، كان في الوقت ذاته يسعى إلى تحريض العالم كله لاحترام البعد الإنساني في كل إنجاز مادي، مزاوجاً بينهما في صور يلمسها المرء حيث تطلعت عيناه في هذا البلد الجميل..

فالصين ومع دخول القرن الجديد طرحت مفهوماً يتمثل في التناسق بين الانسان والطبيعة وتحقيق تنمية متوازنة بين الانسان والمجتمع وبين المدن والأرياف والانسجام بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية. وحسب المؤتمر الوطني السادس عشر للحزب الشيوعي الصيني المنعقد عام 2002 فان الهدف القادم للصين هو تحقيق مجتمع الرفاهية بصورة شاملة بحلول عام 2020 .

إن ريادة التجربة الصينية على مدار أكثر من نصف قرن من الزمن أثبتت أن الإبداع الفردي والتنظيم الجماعي والإدارة الحازمة والتفكير المتجدد يمكنها أن تحول العيوب إلى محاسن، والخطأ إلى صواب والتصورات الذهنية إلى وقائع مادية. كما حولت فعلاً الصحارى إلى أراض زراعية وكما بنت كل هذه السدود العظيمة، وولّدت كل هذه الطاقة الكهربائية وكل هذه المجمعات الصناعية الضخمة، وكل تلك الاحتفاليات المبهرة، وهذا المعرض الذي يجتمع معظم العالم في رحابه اليوم.

فالصين إحدى أقوى الدول النامية، بدأت تأخذ موقع الريادة عالمياً في الكثير من المجالات.. حيث تشير الاحصاءات إلى أنها رابع قوة صناعية عالمية وفي الزراعة تحتل المراكز الثلاثة الأولى حسب المنتجات، وكذلك في مصادر الطاقة فهي من الدول الأولى في الثروات إنتاجاً واستهلاكاً.

ولذلك فإن تقديم أعلى درجات الاحترام والتقدير لأولئك الذين صنعوا وأنجزوا كل ذلك يعتبر واجباً، كما يعتبر واجباً أيضاً الاستفادة من هذه التجربة والاطلاع عليها قبلاً، وكذلك العمل معها من أجل المصلحة البشرية العليا، التي تفيد بأن الإنسان في كل مكان يجب أن يبقى هدف التنمية ومناطَ كل حراك اقتصادي، وكل نشاط منتج.

إننا في سورية نخوض منذ سنوات طويلة تجربة وطنية ذاتية في بناء اقتصاد وطني، وتجاوز التحديات المختلفة ضمن إطار الاستفادة القصوى من الإمكانيات الذاتية المتوفرة، والاطلاع على تجارب الآخرين والاستفادة منها، وفي مقدمتها التجربة الصينية الرائدة، وقد حققت الجهود السورية تقدماً نوعياً في الاعتماد على الذات، في كثير من المجالات، والاكتفاء الذاتي في بعض المجالات الأخرى, وهذا بطبيعة الحال مصدر فخر لسورية وللسوريين بشكل عام، وبمناسبة معرض اكسبو 2010 نتقدم إلى المنظمين المبدعين، الذين يرغبون بوضع كل نتاجات الحضارة وثقافات المجتمع في خدمة المدنية والإنسان، بالتقدير الذي يلائم ويناسب هذا الإنجاز الضخم، سواء لجهة التنظيم أو لعدد المشاركين من الدول والشركات، أو لجهة الفعاليات المرافقة أو لجهة الجهود الكبيرة التي بذلت في التحضير الذي شمل قطاعات رئيسية امتدت من البنى التحتية، وحتى كل صغيرة وكبيرة أسهمت في إظهار هذا المشهد الاقتصادي والصناعي والإبداعي الرائع الذي نُظم تحت شعار: (مدينة أفضل حياة أفضل) والتي نتوقع لها كل نجاح لأنها تستحقه ولأن الأعمال العظيمة والأيدي الماهرة التي وقفت خلف هذا الإنجاز أيضاً تستحق التكريم والإشادة بها..

وإضافة لذلك نؤكد على الدور الكبير والمهم الذي تقوم به شنغهاي ليس على صعيد تطوير الاقتصاد الصيني فحسب، ولكن أيضا العالمي، فهذه المدينة الرائعة أصبحت أهم قاعدة صناعية، وأحد أكبر الموانئ الصينية لتنقل بصناعاتها المتنوعة رسائل التعاون والمحبة الى أقاصي العالم..

إن العالم وهو يعيش أزماته الاقتصادية بحاجة إلى اجتراح أساليب جديدة وأدوات جديدة ترفع من مستواه المعيشي والاقتصادي وتمكنه من تجاوز ما نجم عن هذه الأزمة التي أنهكت شعوباً ودولاً كثيرة، ويئن من وطأتها مئات ملايين الفقراء في العالم، وهذا يستدعي بالضرورة مناقشة البعد الإنساني والأخلاقي في كل إجراء اقتصادي أو مالي والتأكد من أن البحث عن حلول الأزمة الاقتصادية العالمية لن يفضي إلى إنتاج أزمات جزئية هنا وهناك يمكن أن تشكل نواة لكوارث إنسانية لا يمكن تداركها..

إنني أسجل هنا تقديرنا الكبير لما شاهدناه، ولكل هذه التجارب الإنسانية الحية، لهذا النموذج الخلاق، الذي تصنعه دولتكم الصديقة. ونؤكد أن بوسع أصحاب التجارب الخلاقة من المجتمعات والدول أن يكونوا نواة التحول الكبير نحو عالم أكثر استقراراً وعدالة وازدهاراً..

المصدر: موقع معرض شانغهاي العالمي

تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي