متحف وان شيو سي الفني ببكين

كما تعرفون أن بكين مدينة ثقافية قديمة ذات تاريخ عريق، وفيها الكثير من الآثار التاريخية القديمة ، منها معبد قديم يسمى معبد وان شو سي بحي هاديان غربي المدينة، حيث يرجع تاريخه إلى 430 سنة، وكان معروفا ب" قصر الامبراطور الصغير" بصفته قصرا خاصا لإقامة بعض الاحتفالات الامبراطورية في عهد أسرتي مينغ وتشينغ الملكيتين الصينيتين. لذا، تحفظ فيه حتى الآن مجموعة كبيرة من الرسومات والكتابات و المطرزات والأدوات الفخارية والخزفية وغيرها من الأعمال الفنية التي تتمتع بالجودة والروعة، وتجذب الزوار من داخل البلاد وخارجها إلي المعبد للزيارة .

كان السيد كونغ شيانغ لي خبيرا معروفا في دراسة تاريخ معبد وانغ شو سي منذ مدة طويلة ، وشرح لنا بكل دقة تاريخ وتطور معبد وان شيو سي. إن معبد وان شيو سي تم بناؤه في عام 1577 ، وكانت له علاقات عميقة مع إمبراطورة لأسرة مينغ الملكية الصينية حسب السجلات التاريخية.

ويقال إن أم الامبراطور وان لي كانت تعتنق الديانة البوذية ، وطلبت من إبنها الامبراطور أن يسمح لها ببناء معبد خاص للحفاظ على الكتب البوذية، وبعد موافقة الامبراطور على ذلك ، قدمت الامبراطورة أيضا بعض أموالها الشخصية لاستخدامها في بناء هذا المعبد . وأخيرا، نقلت الكتابات البوذية المحفوظة في مكان آخر إلي هذا المعبد وان شو سي . وبعدها ظلت الامبراطورة ومرافقوها يزورونه دائما للصلاة والقراءة ، وصار المعبد متنزها امبراطوريا آخر بالمدينة.

وأضاف السيد كون شيانغ لي أن معبد وان شو سي قد شهد عدة إصلاحات واسعة برعاية أباطرة الأسر الملكية في تاريخ الصين ، وأصبح بعد ذلك معبدا موسعا وقصرا امبراطوريا وحديقة جميلة في آن واحد. حيث ينقسم المعبد إلى جزئين رئيسيين، الجزء الشرقي ، هو حي السكن والمعيشة للرهبان، حيث تبرز خصائص البساطة والتواضع والهدوء البالغ، وكل ما فيه يعكس تعبد الرهبان وتنسكهم . أما الحي الغربي، فهو مكان خاص لتنزه الامبراطور وأقاربه، حيث توجد القصور الجميلة والصالات الفاخرة والجواسق التقليدية على مختلف الأشكال .

وتحدثت عاملة بمعبد سون شيو شي قائلة إن معبد وان شو سي يعد من أهم مجموعة البنايات الامبراطورية القديمة لأسرتي مينغ وتشينغ الملكيتين الصينيتين بمدينة بكين ، وعادة لا يدخله إلا الأباطرة وأقاربهم وبعض كبار الموظفين الحكوميين لتقديم القرابين وحرق البخور للآلهة. أما عامة الناس، فيمكنهم زيارة هذا المعبد فقط في أيام قليلة بمناسبة عيد ميلاد الآلهة طلبا للرخاء والعمر المديد .

هنا توجد صالة أولية كبيرة في معبد وان شيو سي ، إنها أهم البنايات القديمة بالمعبد، وأمام بوابتها نصبان حجريان منقوش عليهما شعر قديم كتبه الامبراطور تشيان لونغ لأمه بصورة خاصة بمناسبة الاحتفال بعيد ميلادها المائة . و خلف هذه الصالة، توجد ثلاث صخور كبيرة الحجم وموجودة هنا منذ بناء المعبد، كأنها جبال صناعية جميلة، وبنيت عليها القصور الصغيرة والجواسق التقليدية ، ويفصلها بعض الأخاديد وجداول المياه، ثم تتصل بها عدة جسور حجرية صغيرة من الطراز التقليدي الصيني، وتنمو حول هذه الصخور الثلاث الكبيرة كثير من أشجار الصنوبر والمشمش الفضي، ومنها شجرتان قديمتان قد تجاوز عمرهما ثلاثمائة سنة .

قالت سائحة قادمة من تايوان إنها لم تفكر في أن هذا المعبد كبير وعميق وهادئ للغاية مع أنه يقع وسط العمارات الحديثة العالية، إنها سمعت أنه معروف "بقصر الامبراطور الصغير" في مدينة بكين ، لذلك، جاءت إلى هنا خصيصا لزيارته ولمست هنا حقا عبق التاريخ .

حاليا، أصبح معبد وان شو سي متحف بكين الفني للحفاظ على الأعمال الفنية الجميلة لأسرتي مينغ وتشينغ الصينيتين بشكل رئيسي . وبعد ترميم وتوسيع بنائه من جديد، وصلت مساحة المعبد المعمارية إلى ثلاثين ألف متر مربع، ويحتوي المتحف على معارض متعددة خاصة لأعمال الدين البوذي الفنية وأعمال الأدوات الخزفية والأعمال الفنية اليدوية والرسومات والكتابات التقليدية الفنية وغيرها من الفنون المميزة لعهد أسرتي مينغ وتشينغ ، وبلغ عدد الأعمال الفنية أكثر من سبعين ألف قطعة تحتوى على الكتب والمؤلفات والرسومات والأدوات الفخارية والأثاث المصنوعة من الأخشاب القديمة النادرة وغير ذلك .  وتحدثت مشرفة المعارض عن هذا الأمر قائلة إن الأدوات الخزفية المعروضة هنا نادرة ونفيسة تعكس بكاملها روعة فنونها ودقة صنعها وتصاميمها الجميلة في عهد أسرتي مينغ وتشينغ . مثلا هذا الصحن الخزفي الجميل مرسومة عليه ثمانية خوخات ملونة بإنتظام، ألوانها متغيرة بشكل طبيعي كأنها ثمار خوخ حقيقية. والخوخ في نظر الصينيين يرمز إلى السعادة والعمر المديد . لذلك، هذا العمل الفني رائع و جميل في التصميم والصنع ، و من الأعمال الفنية المقدمة لقصر الامبراطور بشكل خاص.